العاهل الأردني يواجه اختبارًا حاسمًا أمام طرح ترامب لتهجير الفلسطينيين
![](https://khaleejeyes.com/wp-content/uploads/2025/02/20250212054618.jpg)
يجد العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، نفسه أمام تحدٍ غير مسبوق بعد طرح الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بشأن تهجير الفلسطينيين من غزة، في خطوة تضع المملكة أمام ضغط غير مسبوق من حليفها التقليدي.
تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"
وبينما يتعامل الملك بدبلوماسية لتجنب المواجهة المباشرة، أكد بوضوح رفضه القاطع لهذا المخطط، مشددًا على أن مصلحة الأردن واستقراره فوق أي اعتبار، مستعينًا بدعم عربي موحد لمواجهة الضغوط المتزايدة.
ويستعين العاهل الأردني بالدبلوماسية وبمحاولة حشد دعم عربي للتأكيد على موقف بلاده الثابت بالنسبة إلى القضية الفلسطينية، رفضا لاقتراح ترامب. لكن لا شك في أن زيارته الثلاثاء إلى البيت الأبيض كانت اختبارا شديد الصعوبة.
وفي هذا السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي لبيب قمحاوي، إن "الملك قد يكون في أكثر المواقف تعقيدا خلال فترة حكمه" التي تجاوزت 25 عاما. ويضيف أنه، رغم ذلك، "سعى للتعامل مع ترامب بتروٍّ وعدم الاصطدام المباشر مع دولة يفترض أنها حليفة".
وأشار إلى أن الملك الأردني شدد على "موقف عربي موحّد يرفض التهجير وقال إنه سيعمل لما هو مصلحة الأردن وشعبه، والتهجير ليس في مصلحة الأردن". كذلك اعتبر أستاذ العلاقات الدولية في جامعة قطر، حسن البراري، أن "الملك كان دبلوماسيا ومحنكا في التعامل مع اندفاع ترامب (…) من دون تقديم أي تنازل".
فأمام عدسات الكاميرات في المؤتمر الصحافي المشترك مع ترامب، بدا بوضوح أن الملك عبدالله يعمل جاهدا على إظهار أكبر قدر من التماسك، علما بأنه معروف بلياقته ودبلوماسيته. وكانت أجوبته مختصرة، وركّزت على الثوابت بالنسبة إلى الأردن، في وقت لم يتردّد ترامب في الردّ على سؤال صحافي بالقول تكرارا أمام الملك، إن أحد الأمكنة التي سيرحّل إليها الفلسطينيون من قطاع غزة سيكون "قطعة أرض في الأردن".
ولم يتخلّ الملك الأردني عن دبلوماسيته بعد اللقاء، لكنه بدا أكثر حزما ووضوحا، فكتب على منصّة "إكس" أن لقاءه مع الرئيس الأميركي كان "بناء"، إلا أنه أردف أنّه أبلغ ترامب "معارضته الشديدة لتهجير الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية" المحتلة، مضيفا "شدّدت على أنّ التزامي الأول هو الأردن واستقراره ورفاه الأردنيين".
وصور اللقاء بين ترامب والملك عبدالله الذي رافقه في زيارته نجله ولي العهد الحسين بن عبدالله، تتناقض بشكل صارخ مع صور العاهل الأردني برفقة ابنه قبل سنة من اليوم مع الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، الذي رحّب بالملك الأردني وزوجته رانيا ونجلهما بحرارة، مثنيا على جهود الأردن في مساعدة قطاع غزة منذ بدء الحرب.
وزار عبدالله البيت الأبيض مرة أخرى خلال الحرب للقاء بايدن في أيار/ مايو 2024 ليستقبل بالحفاوة نفسها. وقال البراري إن الملك "في موقف صعب لا شك"، مضيفا "صعب أن تصطدم مع الحليف الإستراتيجي الأول لك في هذا العالم وهو الولايات المتحدة، وأن تقول له لا".
لكنه عبّر عن ثقته بأن الأردن "قادر على تجاوز هذه المحنة"، موضحا "قال الأردن لا في موضوع صفقة القرن، ولم يحدث شيء. كان هناك استياء أميركي وتقارير تنتقد الملك في الصحافة الأميركية"، لكن "كلفة أن تقول لا، وتحمّل نتائجها أقلّ بكثير من النعم".
خلال ولايته الرئاسية الأولى، كان ترامب تقدّم بطرح لتصفية القضية الفلسطينية عرف لاحقا بـ"صفقة القرن"، ونصّ على وضع معظم الضفة الغربية تحت السيطرة الإسرائيلية وضم الكتل الاستيطانية الضخمة في الضفة إلى دولة إسرائيل وبقاء مدينة القدس المحتلة موحدة تحت السيادة الإسرائيلية. وبرزت مخاوف آنذاك أيضا من تهجير فلسطيني إلى الأردن.
وعلى صدر صفحتها الأولى، عنونت صحيفة "الرأي" الحكومية الأردنية، الأربعاء، بخط أحمر عريض "الملك لترامب: لا للتهجير… ومصلحة الأردن فوق كل اعتبار". وأبرزت صحيفة "الغد" المستقلة قول الملك "سأفعل الأفضل لبلادي… والرد على خطة ترامب سيكون عربيا موحدا".
وقال قمحاوي إن "الأردن بلد صغير وضعيف ولا يستطيع أن يقف في هذه العاصفة لوحده، ولا الملك يستطيع ذلك، لهذا كان كلامه واضحا في واشنطن، فقد استعان بالعروبة"، وتحديدا بمصر والسعودية، البلدين النافذين اللذين رفضا بقوة أي تهجير للفلسطينيين، بينما دعت جامعة الدول العربية إلى قمة طارئة نهاية الشهر الجاري لبحث الموضوع.
وأثار اقتراح ترامب تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الأردن ومصر، على أن يصبح القطاع الفلسطيني تحت سيطرة الولايات المتحدة التي ستحوّله إلى منتجع، غضبا بين الفلسطينيين والأردنيين والشعوب العربية في المنطقة.
ويتحدّر نحو نصف سكان الأردن البالغ عددهم نحو 11 مليونا، من أصول فلسطينية، وبينهم الملكة رانيا نفسها التي تحظى بشعبية واسعة في المملكة.
وفي سوق في وسط عمان، قال الثمانيني خالد القيسي الذي يبيع ملابس تراثية أردنية وفلسطينية عن ترامب: "هذا الرجل يقول كلاما فارغا، ليأخذ اليهود إلى بلده فهذا سيكون أفضل له ولنا، الأردن بلدنا نحن، ويكفينا ما استقبلنا من لاجئين". وأضاف "ترامب يريد أن يقيم وطنا بديلا للفلسطينيين هنا… وهذا كلام لا الشعب الأردني يقبله ولا الفلسطيني".
المصدر: عرب 48