Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

تدمير إسرائيل لقدرات سورية العسكرية يشير إلى أنها تريد العرب بلا حول ولا قوة

قيام إسرائيل باستغلال الفراغ السلطوي الذي خلفه سقوط نظام بشار الأسد لتدمير القدرات العسكرية للدولة السورية واحتلال ما تسمى بالمنطقة العازلة وصولا إلى قمة جبل الشيخ الإستراتيجية، لا يعكس العقلية العدوانية التوسعية الكامنة في صلب الفكرة الاستعمارية الصهيونية التي تحكم الدولة العبرية فحسب، بل يكشف أيضا عن دورها الإقليمي، كذراع إمبريالي ضارب، في الإمساك بعنق تطور شعوب المنطقة العربية وأقطارها واحتجاز أفق نموها الاقتصادي واستقلالها السياسي المشترك، وكل على حدة.

وما الصمت الدولي على جريمة أخرى لإسرائيل بقيامها بشكل تعسفي بتدمير القدرات العسكرية والإستراتيجية السورية وانتهاك سيادتها والتوغل واحتلال جزء أساسي من أراضيها، إلا دليل آخر على تواطؤ دوله النافذة مع الدور الإسرائيلي العدواني تجاه دول المنطقة وشعوبها، والذي برز جليا خلال أكثر من سنة من حرب الإبادة على غزة.

جنرالات الإعلام الإسرائيلي الذين رافقوا القوات الإسرائيلية المتوغلة في عمق الأراضي السورية، والذين شبههم أحد الكتاب الإسرائيليين بـ”جواسيس يهوشوع”، لم يخفوا فرحتهم وانفعالهم وهم ينقلون “الحدث التاريخي” الذي وقع في غفلة من الزمن، وشهد رفع علم إسرائيل على قمة جبل الشيخ السورية ودخول دباباتها لمدينة القنيطرة، في وقت كان يجري بواسطة القصف الجوي والبحري تدمير سلاح الطيران السوري، الأسطول السوري، منظومات الدفاع الجوي ومنظومة الأبحاث الأمنية، في عملية عسكرية وصفت بأنها الأوسع منذ حرب 67 .

وعودة إلى “جواسيس يهوشوع” فإن الرواية التوراتية تتحدث عن أن يهوشوع بن نون أرسل جاسوسين إلى أرض كنعان ليستطلعوا الأوضاع هناك، وعندما قطع الجاسوسان نهر الأردن وصولا إلى أريحا ودخلا بيت راحاب الزانية، كشف أمرهما ملك أريحا وأرسل حراسه للقبض عليهما، فخبأتهما راحاب الزانية في بيتها وقامت بتضليل الحراس، بالمقابل أخذت راحاب الزانية وعدا منهما بإنقاذها هي وأبناء عائلتها، وعاد الجاسوسان لينقلا ليهوشوع الرأي الإيجابي الذي قالته راحاب الزانية حول خوف الشعوب من إسرائيل.

وإن كان نتنياهو ليس يهوشوع بن نون، وهو المتورط في قضايا الفساد حتى أذنيه ويحاول استغلال أي حدث يمكنه من إطالة أمد الحرب وفتح جبهات أخرى، للنجاة بنفسه وبحكمه من ملفات الفساد السابقة والتهرب من لجنة التحقيق الرسمية حول فشل السابع من أكتوبر فإنه كما يقول محرر “هآرتس” ألوف بن، يواصل منذ السابع من أكتوبر باستغلال ميزات الحرب الأبدية في توسيع حدود الدولة من غزة في الجنوب وحتى سورية والجولان في الشمال، وتحقيق نبوءة أرض إسرائيل الكبرى من “نيتسريم” وحتى قمة جبل الشيخ، وهو يعطي لنفسه صك اعتماد على إسقاط نظام الأسد ويعلن في اليوم التالي عن انهيار اتفاق فض الاشتباك الذي وقع مع سورية عام 1974 .

انهيار نظام الأسد، وفق نتنياهو، هو ليس مجرد ضربة حظ اندرجت في سياق الحرب الطويلة على غزة ولبنان لتعزز “الانتصار المطلق” الذي سخر منه الكثيرون في البداية، فلدى نتنياهو باستثناء الحدث الهامشي الذي وقع في السابع من أكتوبر، كما يقول ساخرا محلل الشؤون العربية في “هآرتس” تسفي برئيل، كل شيء مخطط له بدقة، بدءا من دخول غزة ومن ثم دخول رفح والسيطرة على محور فيلادلفيا وانتهاء باغتيال السنوار.

طريقة المراحل، لاقت تعبيرها المتكامل عند نتنياهو في لبنان أيضا، بالحرب الصغيرة أولا لتليها خديعة تفجير “البايجرز” التي فجرت بنية حزب الله، وأفضت في النهاية إلى مقتل أمينه العام حسن نصر الله، وخلال كل تلك الفترة كما يقول برئيل بسخرية مرة، بقيت في سورية قوات أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع) بانتظار انتهاء العملية الإسرائيلية الناجحة في لبنان للحصول على الضوء الأخضر لشن هجومها وإسقاط بشار الأسد!

الكاتب ب. ميخائيل لديه تفسير آخر وهو يدعي أن يد الله لا بد أن تكون ضالعة في الموضوع، لأن جلالته فقط هو من يستطيع توخي مثل هذه الدقة في التوقيت، يوم واحد قبل موعد شهادة نتنياهو في المحكمة، بضعة أيام بعد إعلان منظمة العفو الدولية عن ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية في غزة، الأيام التي يجري الحديث فيها عن صفقة تبادل من شأنها أن تثير حفيظة سموتريتش وبن غفير، هذا هو بالضبط التوقيت المناسب لنتنياهو لإسقاط بشار الأسد.

وفي غضون ذلك، “قمنا حتى الآن باحتلال جبل الشيخ السوري، هو ليس سوريا بعد”، يقول ميخائيل، وسيتبع ذلك “التلفريك” و”الكشك” والتذاكر والمستوطنة الأولى والجيش الذي سيحرسه والحزام الأمني الذي سيلفه… وخلال 24 ساعة فقط بدأت تظهر في وسائل التواصل الاجتماعي خرائط حدود “الوعد السماوي”، لأنه طالما يمكن تمرير مثل هذه الخطوة الجنونية، فلماذا الاكتفاء بقمة جبل الشيخ السورية، خاصة وأن النصوص التوراتية تفيد بأن الله وعد إبراهيم بأكثر من ذلك!

ويلفت ميخائيل ساخرا، إلى أنه في هذه المنطقة بالذات الواقعة بين جبل الشيخ السوري ومزارع شبعا”، حسب الأسطورة اليهودية، “تجلى الله سبحانه تعالى لإبراهيم ووعده بإمبراطورية واسعة، تمتد من البحر المتوسط على طول نهر النيل حتى أسوان، ومن هناك نحو السعودية بخط مستقيم إلى الخليج الفارسي، ومن هناك على طول نهر الفرات حتى تركيا، بما يشمل أقساما واسعة من العراق وسورية وجزءا من الكويت وكل لبنان”.


المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *