ترامب على غلاف الـ”تايم” للمرّة الثانية… ما الذي تغيّر؟
لتوضيح الأحداث الّتي دفعت إلى اختيار ترامب، تقول المجلّة إنّ ترامب قاد البلاد، بعد فوزه بانتخابات 2016، عبر جائحة كورونا وواجه العديد من التقلّبات السياسيّة في ذلك الوقت إلى أن انتهت تلك التقلّبات بمظاهرات أدّت إلى خسارته الانتخابات…
مرّة أخرى، اختارت “مجلّة تايم” Time Magazine الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب شخصيّة العام للمرّة الثانية، بعد اختياره للمرّة الأولى حين فاز في الانتخابات الرئاسيّة في عام 2016. وفي رسالته إلى القرّاء، أشاد رئيس تحرير مجلّة تايم سام جاكوبس بترامب “لتنظيم عودة تاريخيّة” و”قيادة إعادة تشكيل للناخبين الأميركيّين تحدث مرّة واحدة في الجيل” والّتي بدورها أعادت تشكيل الرئاسة الأميركيّة، وغيّرت دور الولايات المتّحدة في العالم.
فاز ترامب بالجائزة بعد أن وصل القائمة القصيرة إلى جانب 10 أشخاص كانت المجلّة رشحتهم لنيل لقب شخصيّة العام، بما في ذلك نائبة الرئيس كامالا هاريس، وأميرة ويلز، والرئيس التنفيذيّ لشركة تسلا إيلون ماسك الّذي أصبح الآن من المقرّبين من ترامب، والّذي من المقرّر أن يقود مجلسًا استشاريًّا يسمّى وزارة كفاءة الحكومة.
وعن وصول ترامب إلى القائمة القصيرة، قالت المجلّة إنّه فاز في انتخابات 2024 “في عودة سياسيّة مذهلة”.
وقرع الرئيس الجمهوريّ المنتخب جرس الافتتاح في بورصة نيويورك يوم الخميس الماضي للاحتفال بهذا التكريم إلى جانب العديد من أفراد عائلته، وتضمّن افتتاح البورصة في التاسعة والنصف صباحًا بتوقيت نيويورك هتافات عديدة طغت عليها هتافات “الولايات المتّحدة الأميركيّة” USA.
في مقابلة مع مجلّة تايم، أعاد ترامب التأكيد على خططه لولايته الثانية. وتعهّد بالنظر في إدانات أنصاره الّذين قاموا بأعمال شغب في مبنى الكابيتول الأميركيّ في كانون الثاني/يناير 2021، بعد أن تعهّد سابقًا بإصدار العفو. ووعد ترامب أيضًا “باقتصاد لم ير أحد مثله من قبل”، وتعهّد بخفض الضرائب “بشكل كبير جدًّا”.
في الحدث السنويّ الذي تنظّمه مجلّة تايم لتقديم الجائزة المرموقة، يعترف التقليد الّذي بدأ في عام 1927 باسم “شخصيّة العام” بشخص أو حركة “بذلت قصارى جهدها للتأثير في أحداث العام، للأفضل أو الأسوأ”. سابقًا، فازت بالجائزة ناشطة تغيّر المناخ جريتا ثونبرج، بالإضافة إلى الرئيس السابق باراك أوباما والرئيس التنفيذيّ لشركة ميتا مارك زوكربيرج والبابا فرانسيس والرئيس الأوكرانيّ فولوديمير زيلينسكي. ويقرّر محرّرو المجلّة في النهاية من سيفوز بالجائزة.
وعن الأسباب الّتي دفعت باتّجاه اختيار ترامب قالت المجلّة “لقد أعاد تشكيل الناخبين الأميركيّين، ونشّط الناخبين الذكور الشباب الّذين دفعوه إلى نصر حاسم شهد فوزه بالتصويت الشعبيّ لأوّل مرّة وتحويل كلّ ولاية متأرجحة إلى اللون الأحمر”، وأضافت “فوزه في عام 2024 تاريخيّ بعدّة طرق، سيكون أكبر رئيس في تاريخ الولايات المتّحدة، وقد أدين في وقت سابق من هذا العام من قبل هيئة محلّفين في نيويورك بـ 34 تهمة احتيال، ممّا جعله أوّل مجرم مدان ينتخب رئيسًا”.
في نيسان/أبريل الماضي أجرت المجلّة مقابلات مع ترامب خلال حملته الانتخابيّة تحدّث خلالها الرئيس المنتخب عن خططه لولايته الثانية، بما في ذلك أهدافه “لإصلاح” نظام الهجرة الأميركيّ وترحيل الملايين من المهاجرين. ولكنّ ذلك لا ينفي وجود علاقة متقلّبة بين ترامب والجائزة. في عام 2015 اشتكى الرئيس الجمهوريّ والملياردير عندما لم يختر لغلاف المجلّة خلال ترشّحه الأوّل لمنصبه، حينها ذهبت الجائزة إلى المستشارة الألمانيّة السابقة أنجيلا ميركل.
ولكن، بعد أن اختير كشخصيّة العام بعد فوزه في الانتخابات 2016، وصف ذلك بأنّه “شرف عظيم”. وقال حينئذ “هذا يعني الكثير بالنسبة لي، وخاصّة أنّني نشأت وأنا أقرأ مجلّة تايم. كما تعلمون، إنّها مجلّة مهمّة للغاية”. ولكنّ ذلك لم يثنه عن انتقاد اختيارات المجلّة للفائزين بالجائزة، بما في ذلك اختيار مغنّية البوب الأميركيّة الشهيرة تايلور سويفت كشخصيّة العام لمجلّة تايم في عام 2023.
إذًا، في ربطة عنقه القرمزيّة المشهورة، والّتي يرتديها في معظم المناسبات، اتّخذ ترامب الوضعيّة المناسبة لالتقاط صورته كشخصيّة العام بعد أشهر من التوتّر الكبير والعمل المضني في حملته الانتخابيّة إلى انتهت به رئيسًا للولايات المتّحدة الأميركيّة بانتظار تنصيبه على نحو رسميّ في 20 كانون الثاني/يناير 2025.
من جهتها، قالت مجلّة تايم في مقالها تحت عنوان “الخيار 2024: دونالد ترامب” قبل ثلاثة أيّام من عيد الشكر، يجلس الرئيس الأميركيّ السابق والمستقبليّ في غرفة الطعام المليئة بأشعّة الشمس في منزله وناديه الخاصّ في فلوريدا، وفي منطقة الاستقبال الفخمة، ينتظر أكثر من اثني عشر شخصًا منذ ما يقرب من ساعتين ظهور دونالد ترمب. ويتجمّع في مكان قريب مرشّحوه لمنصب مستشار الأمن القوميّ والمبعوث الخاصّ إلى الشرق الأوسط ونائب الرئيس ورئيس الأركان. وطوال فترة ما بعد الظهر، يعزف ترمّب الموسيقى في جميع أنحاء العقار المطلّ على المحيط، والّذي يعود تاريخ بنائه إلى عام 1927 من قائمة أغان تضمّ 2000 أغنية يختارها بعناية، منها أغنية “It’s a Man’s World” لمغنّي الفانك الراحل جيمس براون” وأغنية “Nothing Compares 2 U” لسينيد أوكونور، وأغنية “The Winner Takes It All” لفرقة آبا”.
لربّما يعبّر الناس عن فرحهم بالفوز بطرق عديدة، ولكن يبدو أنّ للموسيقى حظًّا كبيرًا من احتفالات ترامب الّتي تتضمّن رسائل للأعداء والأصدقاء على حدّ سواء.
وبالرّغم من صعوبة اختيار الفائز من قبل محرّري المجلّة للجائزة الّتي استمرّت نحو 97 عامًا، يشير المحرّرون أنّ هذه السنة كانت مختلفة “لقد كان هذا الاختيار صعبًا لسنوات عديدة، ولكن في عام 2024 لم يكن كذلك”.
ولتوضيح الأحداث الّتي دفعت إلى اختيار ترامب، تقول المجلّة إنّ ترامب قاد البلاد، بعد فوزه بانتخابات 2016، عبر جائحة كورونا وواجه العديد من التقلّبات السياسيّة في ذلك الوقت إلى أن انتهت تلك التقلّبات بمظاهرات أدّت إلى خسارته الانتخابات بفارق 7 ملايين صوت فقط، والّتي بدورها أيضًا أدّت إلى تظاهرات عنيفة انتهت باقتحام مبنى الكابيتول “إذا كانت تلك اللحظة تمثّل الحضيض الّذي وصل إليه ترامب، فإنّنا نشهد اليوم ذروة مجده. على أعتاب رئاسته الثانية، نعيش جميعًا، من أشدّ أنصاره تعصّبًا إلى أشدّ منتقديه حماسة، في عصر ترامب. لقد هزم منافسيه الجمهوريّين في وقت قياسيّ تقريبًا. لأسابيع، خاض حملته الانتخابيّة من داخل قاعة محكمة نيويورك حيث أدين بـ 34 تهمة جنائيّة. وأدّت مناظرته الوحيدة مع الرئيس جو بايدن في حزيران/يونيو إلى خروج خصمه في النهاية من السباق الرئاسيّ. بعد ستّة عشر يومًا، نجا من محاولة اغتيال في تجمّع انتخابيّ، وفي السباق الّذي أعقب ذلك، تفوّق على نائبة الرئيس كامالا هاريس، واكتسح جميع الولايات السبع المتأرجحة، وخرج من الانتخابات في ذروة شعبيّته. قال ترامب لأنصاره في خطاب النصر ليلة الانتخابات: “انظروا ماذا حدث. أليس هذا جنونًا؟”. كاد لا يصدّق نفسه”.
وتشير المجلّة إلى مصطلح “إعادة تشكيل الناخبين الأميركيّين” وهنا تشرح المجلّة ما نجح فيه ترامب من حيث الفوز والهيمنة على بعض الديموغرافيّات الاجتماعيّة الّتي لم يتوقّعها أحد. فقد فاز ترامب من خلال توسيع قاعدته، والاستفادة من الإحباط بسبب ارتفاع الأسعار والاستفادة من السخط العامّ على الساسة الأميركيّين. واغتنم ترامب تلك الرياح لدفعه حملته إلى الأمام، إذ تشير التقارير إلى فوزه بأكبر نسبة من الأميركيّين السود، ليصنّف كأكبر فوز جمهوريّ بأصوات السود منذ جيرالد فورد، وأكبر فوز جمهوريّ بعدد من الناخبين اللاتينيّين منذ فوز جورج بوش الابن. النساء في الضواحي، اللّواتي كان يعتقد أنّ غضبهنّ من القيود المفروضة على حقوق الإنجاب سيشكّل عائقًا أمام الجمهوريّين تحوّل إلى عائق غير مرئيّ تقريبًا، وتحوّل ترامب ليصبح أوّل جمهوريّ يفوز بأصوات أكثر من الديمقراطيّين منذ 20 عامًا، حيث زاد دعم 9 من 10 مقاطعات أميركيّة لترامب اعتبارًا من عام 2020.
المصدر: عرب 48