تفاؤل بالمستقبل وتطلّع للمشاركة في بناء الوطن
أوضحت السحوي أنّ “الشعب السوريّ يمتلك اليوم حقّ التظاهر للتعبير عن مطالبه، ويمتلك فرصة مهمّة لاختيار ممثّليه في مؤسّسات السلطتين التشريعيّة والتنفيذيّة” في البلاد، الأمر الّذي يجعلها “متفائلة بالمستقبل”…
بعد الإطاحة بنظام بشّار الأسد وتشكيل حكومة مؤقّتة، أصبحت النساء في سورية أكثر تفاؤلًا بمستقبل بلادهنّ، ويتطلّعن للمساهمة بإعادة البناء والمشاركة في الإدارة الجديدة للبلاد.
وقالت أنجيلا السحوي (24 عامًا)، إنّها استعادت حرّيّتها بعد سقوط نظام البعث في سورية.
وأضافت: “الآن يمكنني التعبير عن نفسي من خلال الفنّ، يمكنني قول كلّ ما كان يجوب في داخلي منذ سنوات الطفولة، وكذلك قول كلّ ما أراد والدي قوله”.
وأوضحت السحوي أنّها كانت في الـ11 من عمرها عند بدء الانتفاضة الشعبيّة ضدّ نظام بشّار الأسد في سورية في مارس/ آذار 2011، إلّا أنّها كانت تدرك أنّ هناك “خطبًا ما” في البلاد.
وأضافت: “لم يكن بإمكان عائلتي التحدّث عن أيّ شيء. لم نكن نستطيع البوح بمشكلاتنا. كنّا نسمع يوميًّا أصوات القصف وإطلاق النار. كنّا نعرف الأشخاص المفقودين، لكن لم نستطع التحدّث عنهم. ولم نستطع عيش حياة طبيعيّة”.
أموات فوق الأرض
وأشارت السحوي، والّتي تدرس حاليًّا بكلّيّة الفنون الجميلة، وتتلقّى تعليمًا في الصحافة عبر التعليم المفتوح، إلى أنّها التحقت بالجامعة لتصبح رسّامة، لكنّها وجدت أنّ الفنّانين أيضًا كانوا محرومين من الحرّيّة.
وأضافت: “كنّا نواجه صعوبات كبيرة في التعبير عمّا نفكّر فيه وما نريد قوله حقًّا. كنّا نخشى دائمًا من التغييب القسريّ والإخفاء في معتقلات الأسد”.
وأكّدت السحوي أنّها لم تشعر يومًا بأنّها مواطنة حقيقيّة، ووصفت ذلك الشعور بأنّه “من أكثر الأمور إذلالًا”.
وقالت: “لم نكن نستطيع التصويت في الانتخابات، لم نكن قادرين على اتّخاذ قرارات بشأن مستقبلنا، وكنّا مضطرّين للسير كالأموات في المدينة الّتي نعشقها”.
المشاركة في إعادة البناء
وشدّدت على أنّ نساء سورية يدركن حاليًّا حجم المسؤوليّات على عاتقهنّ، ويتطلّعن للمشاركة بفعاليّة من أجل إعادة بناء البلاد من الصفر، معتبرة تلك المشاركة “مصدر فخر كبير”.
وأوضحت السحوي أنّ “الشعب السوريّ يمتلك اليوم حقّ التظاهر للتعبير عن مطالبه، ويمتلك فرصة مهمّة لاختيار ممثّليه في مؤسّسات السلطتين التشريعيّة والتنفيذيّة” في البلاد، الأمر الّذي يجعلها “متفائلة بالمستقبل”.
وقالت: “السوريّون قادرون على إدارة المرحلة الانتقاليّة في البلاد، ولسنا بحاجة إلى موافقة الغرب. نحن نعرف ما يجب علينا فعله. قبل نظام الأسد، كانت سورية دولة متقدّمة للغاية”.
وأضافت أنّ السوريّين يدركون مسؤوليّتهم تجاه وطنهم ويحبّونه، مؤكّدة: “حتّى لو لم يؤمن بنا العالم كلّه، سنعمل من أجل سورية”.
وأعربت السحوي أيضًا عن ثقتها بأنّ المجتمعات ذات أنماط الحياة المختلفة في سورية يمكنها العيش معًا.
وقالت: “جرى اسكاتنا لـ 15 عامًا، لم نتحدّث مع بعضنا البعض. كنّا نخاف من بعضنا. آليّة عمل النظام كانت تركّز على إسكات الجميع، لكن حاليًّا يمكننا العيش معًا”.
دعوة للتحقيق في المقابر الجماعيّة
ودعت السحوي المجتمع الدوليّ إلى الوفاء بوعوده والعثور على السوريّين المفقودين، قائلة إنّ “هناك مقابر جماعيّة ينبغي على المجتمع الدوليّ التحقيق فيها. النظام سقط. ماذا تنتظرون؟ نريد من الخبراء أن يأتوا ويحقّقوا في تلك الجرائم”.
وتابعت: “نحن بحاجة إلى العثور على جثث الأشخاص الّذين قتلهم النظام. يجب أن نعرف مصيرهم. نحتاج إلى فرصة للحزن عليهم، والبكاء من أجلهم، ومعرفة أسماء من قتل على يد النظام”.
وأشارت السحوي إلى أنّ “الجميع في سورية كان لهم دور في إسقاط النظام”.
وأردفت: “قدّمنا دماءنا وجهدنا لجعل هذا البلد مكانًا أفضل؛ قدّمنا أطفالنا وإخوتنا وأصدقاءنا على مذبح الحرّيّة. لذلك، لدينا الحقّ اليوم أن نكون أصحاب قرار”.
وزادت: “أنا سعيدة، لكن يجب أن نجلب الأسد إلى هنا ونحاسبه على ما اقترف من جرائم”.
“لم نعامل كبشر”
بدورها، أشارت الناشطة السوريّة سيلين قاسم إلى أن “عدد الأقلّيّات العرقيّة والدينيّة والطائفيّة في سورية لا يحصى”. وتابعت: “لكن علينا اليوم تجاوز كلّ ذلك، لأنّنا جميعًا في النهاية سوريّون، ونؤمن بأنّ واجبنا هو الاتّحاد لإعادة بناء البلد من الصفر بعد ما مرّ به من أحداث ومآسي”.
وأضافت “أعتقد أنّ أسوأ ما مرّ به السوريّون خلال السنوات الـ14 الماضية هو تجريدهم من إنسانيّتهم؛ فلم نعامل كبشر، بل تحوّلنا إلى أرقام وإحصائيّات، وإلى مواضيع لقصص يكتبها الآخرون، أو مشاهد تعرض للمتفرّجين”.
وعبرت سيلين عن تفاؤلها بالوضع الجديد في سورية قائلة: “لا أعرف ما الّذي يمكن أن يكون أسوأ من الأسد. لا أعتقد أنّ هناك شيئًا أو شخصًا أسوأ من نظام الأسد، الّذي حكمنا بالحديد والنار وأساليب تعذيب لم تسمع حتّى في العصور الوسطى”.
حياة مدنيّة
وأوضحت الناشطة أنّ نساء سورية يتطلّعن للمشاركة في إعادة بناء بلدهنّ الّذي لم يشهد تطوّرًا منذ سنوات طويلة، والمشاركة في الحكم وكتابة دستور البلاد.
وقالت: “مهمّتنا اليوم هي بناء وطننا الّذي نفخر بالانتماء إليه، ونسعد بالعودة إليه من جميع أنحاء العالم”.
وأكّدت سيلين أنّ الشعب السوريّ عاش أسوأ 14 عامًا في حياته، مضيفة: “نتطلّع جميعًا إلى حياة مدنيّة توفّر احتياجاتنا الإنسانيّة الأساسيّة مثل المياه والكهرباء والبنية التحتيّة”.
وتابعت: “علينا أن نبني كلّ شيء من الصفر. أيّ تقدّم أو تحسين ينجز في هذه الأرض وهذا البلد هو خطوة إلى الأمام، وحجر على طريق هدفنا التالي”.
وأشارت الناشطة قاسم إلى أنّ “الجميع متفائل وسعيد بسقوط أسوأ دكتاتور في التاريخ”.
وقالت: “أنا شركسيّة. جاء أجدادي من القوقاز إلى سورية، واستقرّوا هنا في مرتفعات الجولان، ثمّ جرى تهجيرهم إلى دمشق عام 1967”.
المصدر: عرب 48