توترات جنوبي لبنان.. غياب قسري لأفراح عيد الميلاد
قال مواطنون في قرية مرجعيون، جنوبي لبنان، إنه “نفتقد العيد الحقيقي، وأغلب سكان القرية نزحوا خوفا من القصف الإسرائيلي على المنطقة”.
قصف إسرائيلي لقرية علما الشعب جنوبي لبنان (Getty images)
يحتفل مسيحيو لبنان في 25 كانون الأول/ ديسمبر من كل عام، بعيد الميلاد وفق التقويم الغربي، إلا أن عدة قرى على الحدود الجنوبية تعيش وضعا مختلفا وغيابا قسريا لأفراح العيد بسبب المواجهات المستمرة بين “حزب الله” وإسرائيل منذ اندلاع حرب غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
و”تضامنا مع قطاع غزة”، يتبادل “حزب الله” وفصائل فلسطينية في لبنان مع الجيش الإسرائيلي قصفا يوميا متقطعا منذ 8 تشرين الأول الماضي؛ ما أسفر عن عشرات القتلى والجرحى على طرفي الحدود.
مع إطلالة عيد الميلاد، فإن “مرجعيون” و”دير ميماس” و”القليعة” و”برج الملوك” و”البويضة” و”إبل السقي” و”الخيام”، وغيرها قرى كثيرة على الحدود الجنوبية لن تعيش فرحة العيد في كنائسها وساحاتها وبيوتها هذا العام كما تجري العادة كل عام.
وقبل أيام من العيد، تنطلق في العادة التحضيرات للاحتفال، فتنصب أشجار الميلاد وتعلّق الزينة، ويدخل المسيحيّون في أجواء الفرح بكلّ ما يرافقها من فعاليات ونشاطات تخص الصغار والكبار، على حد سواء.
وفي ظروف التوتر الأمني على الحدود، تحدث مسؤولون ومواطنون في مرجعيون التي تقع على بعد 100 كيلومتر من بيروت ويبلغ عدد سكّانها نحو 5000 مواطن، بحرقة عن احتفالاتهم “شبه الغائبة” هذا العام عن منطقتهم.
من منطقة مرجعيون وحتى العاصمة بيروت، تبدو الطرقات شبه الفارغة من حركة السيارات والناس سوى من بقي ليحرس رزقه، وتسمع أصوات القنابل والقذائف الإسرائيلية التي تتساقط على أطراف البلدة من حين لآخر.
شجرة ميلاد رغم الظروف
بحرقة، عبّر مستشار رئيس بلدية مرجعيون، حسان عبلا، عمّا آلت إليه الأوضاع في المنطقة، قائلا إنه “نأبى إلا أن نضيئ شجرة الميلاد كما كل عام رغم الظروف الصعبة التي تعيشها منطقتنا هذه الأيام”.
وذكر عبلا أنه “اعتدنا على إنارة شجرة الميلاد منذ سنوات عديدة لأنها ترمز للسلام العادل الذي نطمح إليه لكي نريح أبناءنا وأحفادنا، ليعشوا في ظل أمان فقدناه منذ عشرات السنين”.
من جانبه، قال فؤاد رمضان، أحد مخاتير مرجعيون، إن “هذا العيد غير كل الأعياد التي مرت بنا، كله خوف وتوتر أمني، ولا نحس بالأمان بسبب الاشتباكات المستمرة على الحدود”.
رمضان قال إنه “رغم ذلك نتمنى أن يكون العيد القادم عيد خير وبركة على كل الناس، لاسيما أن منطقتنا موصوفة بالتعايش ولا يوجد فرق بين مسلم ومسيحي ودرزي”.
موسم هجرة عكسية
على الرغم من الخوف من القصف المتواصل على محيط مرجعيون قال أحد سكان القرية، عماد ديبة، إن “أملنا كبير بأن تعود الأمور كما كانت، وأتمنى أن تنتهي الحرب ونرجع للسلام وأن يكون جميع الناس سعداء”.
بدورها، قالت نجوى ديبة وهي معلمة لغة فرنسية بالقرية إنه “أتمنى الخير لكل الناس كما أتمنى لنفسي وخاصة بسبب الظروف الصعبة، أولادنا غير موجودين معنا لأول مرة لم نقض العيد مع بعضنا البعض”.
وأضاف بحزن أنه “أتمنى أن يكون الجميع السنة القادمة بإذن الله مجتمعين ونلم الشمل ونسعد كلنا سويا بالعيد”.
صاحب محل تجاري بالبلدة، بول صبحية، قال إنه “كأصحاب مصالح نعتمد على هذا الشهر بدرجة كبيرة وخاصة أن الكثيرين كانوا يأتون من بيروت لقضاء العيد في مرجعيون لكن هذه السنة تغير الأمر كليا، فلم يأت أحد، بل بالعكس 70 بالمئة من سكان مرجعيون نزحوا منها لبيروت جراء القصف والاشتباكات”.
وتابع صبحية بأسى أنه” نفتقد العيد الحقيقي، وضعنا شجرة الميلاد على الشارع ونتمنى هدوء البال، وضع البلدة صعب مع النزوح والخوف من الاشتباكات”.
وأسفر تبادل القصف وإطلاق النار بين “حزب الله” وإسرائيل عن مقتل 26 مدنيا لبنانيا و124 من عناصر “حزب الله”، كما اضطر نحو 65 ألف مدني للنزوح بسبب القصف الإسرائيلي على مناطق جنوبي لبنان.
المصدر: عرب 48