جبارين وخليفة أدليا بشهادات حول ظروف السجن.. “معاناة وأوضاع لا إنسانية”
عدالة: “خليفة وجبارين أدليا بشهادتهما على حدة، وشرحا ظروف الاعتقال واستذكرا أصعب المواقف التي مرا بها، حيث كانت شهادات حادة ومؤلمة حقنت أجواء القاعة بالهدوء المتوتر”.
من محكمة خليفة وجبارين بالأمس (عرب 48)
شهدت جلسة تمديد اعتقال المحامي أحمد خليفة والناشط محمد طاهر جبارين من أم الفحم أمس الخميس، مداولات في قاعة محكمة الصلح في حيفا حول أهلية المعتقلين ومراقبيهما للالتزام بتقييدات الحبس المنزلي، وذلك بناء على تقارير مراقبي سلوك الأحداث لدراسة بدائل الاعتقال التي طلبتها المحكمة في الجلسة السابقة، ورغم أن التقارير كانت جيدة بمجمل توصيفاتها للمعتقلين إلا أن توصية المراقب في نهايتها كانت توصية سلبية؛ حسبما جاء في بيان لمركز “عدالة” الحقوقي.
تغطية متواصلة على قناة موقع “عرب 48” في “تليغرام”
وفي أعقاب ذلك قررت المحكمة تمديد اعتقال خليفة وجبارين حتى يوم الخميس المقبل من أجل فحص بدائل لاعتقالهما حتى نهاية الإجراءات مثل إطلاق سراح مشروط بحبس منزلي ووجود مراقبين إلى جانب تقييدات أخرى؛ وهذا التمديد الثالث من نوعه لسلسلة جلسات تبت فيها المحكمة في إطلاق سراحهما أو إبقائهما قيد الاعتقال حتى انتهاء الإجراءات القانونية بحقهما.
واستمرت الجلسة نحو 3 ساعات طرح خلالها طاقم الدفاع من مركز “عدالة” عدة ادعاءات ضد التقرير وعدم قانونية استمرار الاعتقال، لكن لعل الأمر الأبرز كان شهادات المعتقلين في قاعة المحكمة، إذ أنها المرة الأولى التي يتم إحضارهما إلى قاعة المحكمة منذ اعتقالهما قبل 71 يوما.
وجاء في بيان “عدالة”، أن “خليفة وجبارين أدليا بشهادتهما على حدة، وشرحا ظروف الاعتقال واستذكرا أصعب المواقف التي مرا بها، حيث كانت شهادات حادة ومؤلمة حقنت أجواء القاعة بالهدوء المتوتر”، نستعرض منها في ما يلي وفقا لما نقل طاقم الدفاع عن المعتقلين في المحكمة:
“صحن الأرزّ الذي تمخّض فولدَ فأرًا”
وصفَ المعتقلان ظروف السجن قائلين إنها متدنّية للغاية وإهانة وضرب وتهديد، لا أدوات استحمام، لا فراش ولا ملابس كافية، طعام شحيح وأحيانًا عفن، أجلسهم السجانون على ركبهما دون سبب. وهذه ظروف توالت تفاصيلها إلى سمعنا من قبل، حيث يعيشها الأسرى ضمن سياسة ممنهجة تستمر في مفاقمة قسوتها مع سيطرة بن غفير على مصلحة السجون، لكن ما لم يتوقّع أن يسمعه أحد في القاعة هو خروج فأرٍ من صحن أرزّ قدّم له، ورؤية السجان لذلك دون أن يحرك ساكنا. قال أحدهما إنه كانت هناك كاميرات مراقبة عند وقوع الحدث وبالإمكان فحصها.
“حرامٌ عليك أن تبتسم، الفرح جريمة يعاقب عليها السّجان”
روى أحد المعتقلين أنه قاسمَ زنزانته مع شابٍّ يكاد يكون قاصرًا، أخطأ هذا الصّبي وظنّ أن بإمكانه الابتسام داخل الحبس. أمسك به سجانٌ مارّ متلبّسًا، سأله: لم تبتسم؟ أجابه الفتى: “أنا مبسوط”. استشاط السّجان غضبًا لمجرّد أنه تجرأ على الإجابة، وقال: “قلت لي مبسوط، ها؟”. أخرجه من زنزانته إلى منطقة معزولة في السّجن، وانهال عليه بالضرب المبرح، قاموا بالدعس على رأسه وصدره بأقدامهم، بحسب شهادة المعتقل، وعندما أعادوه إلى زنزانته قال إنّه فحص له رأسه ليطمئن أن كل شيءٍ على ما يرام. كان هو والصّبي في ما يسمّى “غرفة مراقبة”، توجد فيها ثلاث كاميرات وقال إنه بالإمكان فحصها للتأكد من صحّة الرواية.
“شهادةٌ سَمعية على الاستشهاد البطيء أو الإهمال المميت”
لعل الشّهادة الأكثر ترويعًا هي وصف أحد المعتقلين صراخ واستنجاد أسير في الزنزانة المحاذية له لأيّام، قالوا إنّه “تشاجر مع أحد السّجانين” وأبرحوه ضربًا، ثمّ ألقوه في هذه الزنزانة. شكا الأسير لثلاثة أيام باستمرار من آلام حادة في بطنه وأمعائه وقوبلت بالتجاهل والإسكات من السّجانين. قال المعتقل إنهم عندما أخرجوه أخيرًا من زنزانته ظن للحظة أنهم أخذوه ليتلقّى العلاج، ليتّضح أنهم عزلوه بالحبس الانفرادي حتى فارق الحياة ومن ثم طلبوا له الإسعاف.
“الانتقام من الأسرى والمعتقلين من خلال وضعهم في ظروف لا إنسانية”
وصف المعتقلان ظروف اعتقالهما القاسية ويفصّلانها، ذكرا شُحّ الأكل والملبس، التجويع وتوسيخ وجباتهما برفسها إلى داخل الزنزانة خاصةً الأرز، وقالا إن البيض هو المفضل على الباقي لأنه “لا يمكن إدخال أجسام غريبة إليه”، كما ذكرا أنهما قضيا غالبية وقتهما في نفس الملابس الصيفية، وأنه كان عليهما طلب إدخال لباس من خلال محاميهما، وأنهم تلقيا سترًا شتوية ليقيا بها أنفسهما شرّ البرد فقط قبل أيام. كما ذكرا أنهما عند مشيهما في الطابور كان السجانون يطلقون أصوات تستعمل لسياق الدواب والحيوانات. عند الضرب والشتم أيضًا قالوا لهما إنهما “إرهابيان”، وأنهم يريدون قتل الرجال والنساء ولا فرق عندهم.
انتهى المعتقلان من إدلاء شهاداتهما وتبع ذلك جوا ثقيلا ومشحونا في قاعة المحكمة، طالبت فيه القاضية مصلحة السجون والمحامي الذي يمثل النيابة العامة بالردّ على هذه الادعاءات والتحقيق في ظروف اعتقالهما حتى موعد الجلسة القادم، ودراسة إمكانية إطلاق سراح المعتقلين مع تقييدات كبدائل عن اعتقالهم الفعلي.
ويقبع المعتقلان في سجن “مجدو” منذ التاسع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر عقب اعتقالهما في مظاهرة نظمت في مدينة أم الفحم تنديدًا بالحرب على قطاع غزة، ووجهت إليهما تهم “التحريض على الإرهاب” و”التماثل مع منظمة إرهابية” لهتافات أطلقاها خلال المظاهرة.
ويمثل كل من د. حسن جبارين وميسانة موراني عن مركز “عدالة”، والمحامية أفنان خليفة المعتقلين. من جانبه، عقب مركز “عدالة” على الشهادات بالقول “منذ بداية الحرب قامت السلطات الإسرائيلية بمنع زيارات الأهل وتقييد زيارات المحامين للأسرى ليتسنى لهم المس بالأسرى دون أي رقيب وذلك تماشيًا مع سياسات بن غفير. الشهادات التي سمعناها بالأمس في المحكمة بالنسبة لظروف الاعتقال تمثل فقط جزءا من معاناة الأسرى التي أسفرت عن استشهاد 6 أسرى بينهم اثنان في سجن مجدو”.
المصدر: عرب 48