حان الوقت لتحويل “الإنجاز العسكري” في لبنان لخطة سياسية
تقرير: “إسرائيل شنت حربا على لبنان من دون الإعلان عنها، وهي موجودة الآن في نقطة إستراتيجية مقابل حزب الله، ومقابل المحور الشيعي عموما. وقطعنا ذراعين لإيران، حماس وحزب الله. ولم تعد هناك إنجازات هامة بالإمكان تحقيقها”
دمار في بيروت في أعقاب غارات إسرائيلية، اليوم (Getty Images)
غيرت إسرائيل خطتها الأصلية للحرب على لبنان، واتخذت قيادتها السياسية والعسكرية هذا القرار أثناء الحرب، بذريعة “تحقيق سلسلة نجاحات متتالية ضد حزب الله”، حسبما اعتبر المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، يوسي يهوشواع، اليوم الجمعة.
وحسب يهوشواع، فإنه لم يكن يفترض أن تبدأ إسرائيل الحرب على لبنان بشكل تدريجي وإنما “بهجوم شديد للغاية”، والانتقال إلى اجتياح بري، “وفي نهاية الأمر التوصل إلى اتفاق”. لكن إسرائيل غيرت الخطة وعملت، من خلال حِيَل كثيرة جدا “ودخلت إلى الحرب بصورة متدرجة مع الكثير من المعلومات الاستخباراتية وإطلاق نار دقيق”.
وفي المرحلة الأولى، أقدمت إسرائيل على اغتيال القيادي العسكري في حزب الله، فؤاد شكر، فيما كانت تتوقع رد فعل كبير من جانب حزب الله. وأشار يهوشواع إلى أن إسرائيل لجمت ردا كهذا بواسطة “ضربة استباقية ودفاع جوي قوي”.
وأضاف أنه بعد ذلك اتخذت إسرائيل القرار “بشن الحرب من دون الإعلان عن ذلك، وبالأساس من دون جعل الجانب الآخر يدرك أننا، وهو أيضا، أصبحنا في داخلها بشكل عميق”. ونقل يهوشواع عن قائد شعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي، عوديد بسيوك، ادعاءه أنه حتى في اليوم الذي اغتيل فيه أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، “لم يدرك نصر الله نفسه أننا في ذروة الحرب وليس في تدهور آخر لها”.
وصعّد الجيش الإسرائيلي غاراته على لبنان، منذ 24 آب/أغسطس، وأنه “بدأ بإضعاف قدرات حزب الله على إطلاق الصواريخ، وليس فقط في المنطقة حتى نهر الليطاني، التي تخضع لقيادة المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، وإنما في منطقة شمال الليطاني التي تخضع لمسؤولية هيئة الأركان العامة الإسرائيلية”، حسب يهوشواع.
وأشار إلى أنه في هيئة الأركان العامة الإسرائيلية فوجئوا من أن نصر الله “حافظ على حدود الجبهة” وأن الحرب بقيت محصورة، وأنه خلال هذه الفترة “فقد حزب الله جزءا كبيرا من قدراته على إطلاق الصواريخ”.
وحسب يهوشواع، فإن خطة تفجير آلاف أجهزة “البيجر” وأجهزة الاتصالات كان يفترض تنفيذها “في ضربة بداية الحرب”، وتم تفجيرها قبل ذلك بعد أن اكتشف حزب الله أن قد تكون مفخخة.
والمرحلة التالي في خطة الحرب الإسرائيلية كانت اغتيال القيادي العسكري في حزب الله، إبراهيم عقيل، “مع قيادة الرضوان بالكامل”، حسب ادعاء يهوشواع، وتلا ذلك هجمات إسرائيلية شديدة ضد القذائف الصاروخية والصواريخ الدقيقة لدة حزب الله، فيما الجيش الإسرائيلي لم يطالب السكان بالنزوح عن جنوب لبنان وإنما بمغادرة بيوت تتواجد فيها أسلحة، “كي يُحدث الشعور بأن هذه ليست حربا شاملة”.
وأشار يهوشواع إلى أن قرار اغتيال نصر الله اتخذه المستوى السياسي الإسرائيلي، أي بالأساس رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن يوآف غالانت، وبتأييد قيادة الجيش، بادعاء أن “نصر الله أدار المعركة بنفسه”.
وبحسبه، فإن الجيش الإسرائيلي شن بعد ذلك عملية عسكرية استهدفت أهدافا لحزب الله وبضمنها قياديين بمستوى متوسط، بادعاء أن الأماكن التي سيلجؤون إليها كانت معروفة مسبقا للجيش الإسرائيلي وهاجمها بالتزامن من الجو، كما شن هجمات “استهدفت مواقع إنتاج أسلحة في بيروت”، وفي موازاة ذلك فرض “إغلاقا غير رسمي على لبنان عند الحدود مع سورية بواسطة هجمات في سورية ومنع نقل طائرات الشحن من إيران إلى سورية”.
وبعد أن قدم يهوشواع هذا الاستعراض الدرامي، أشار إلى أن قيادة الجيش الإسرائيلي تدعو إلى استغلال “الإنجاز العسكري، من خلال خطة سياسية وفيما نحن متفوقون، وعدم إضعاف الإنجازات في قتال بلا هدف. وليس هناك إنجاز دراماتيكي آخر بإمكان الجيش تحقيقه، ومن الجهة الأخرى بإمكان حزب الله دائما أن يطلق قذائف صاروخية واستدراجنا إلى حرب استنزاف تتعارض مع مصلحة الجيش الإسرائيلي”.
وأضاف أن “حزب الله لا يطلق النيران باتجاه عمق إسرائيل، لكن في جعبته قذائف صاروخية وصواريخ، أقل بكثير مما يعتقد، ولكن أكثر بكثير من حماس”.
ونقل يهوشواع عن مصادر في قيادة الجيش الإسرائيلي قولها إن “إسرائيل موجودة الآن في نقطة إستراتيجية مقابل حزب الله، ومقابل المحور الشيعي عموما. وقطعنا ذراعين لإيران، حماس وحزب الله. ولم تعد هناك إنجازات هامة. وثمة ما ينبغي فعله، لكنه قليل”.
وأضافت المصادر ذاتها أنه “من الصواب أن يتم الآن إحضار اتفاق جيد يشمل إبعاد قوات الرضوان؛ وإنفاذ إسرائيلي بمنع تسليح حزب الله، وإذا اقتضت الحاجة تنفيذ توغلات برية إسرائيلية ضد بنية تحتية (عسكرية) عند خط التماس، إلى جانب التوصل إلى اتفاق مخطوفين (تبادل أسرى) في غزة. ورغم أن حزب الله لا يزال موجودا، لكنه أصبح منظمة أخرى. ونحن أيضا لم نكن نؤمن بأنه سنحقق هذا الإنجاز، كما أن الإيرانيين في حالة هلع بسبب فقدانه”.
وأشار يهوشواع إلى أنه “بعد الرضا الحالي (في الجيش)، ينبغي انتظار الهجوم الإسرائيلي في إيران، وبعده انتظار الرد الإيراني بشكل خاص. ومن شأن تبادل ضربات كهذا أن يؤدي إلى توسيع الحرب الإقليمية، ولكن لن يؤدي أيضا إلى تقليص الإنجاز مقابل حزب الله”.
المصدر: عرب 48