حرس قوميّ تحت إمرة بن غفير… تَمدُّد حالة الفصل العنصريّ إلى أجهزة الأمن
أعلن حزب “عوتسما يهوديت”، نهاية آذار/ مارس المنصرم، عن موافقته على إرجاء سَنّ قوانين التعديلات القضائيّة التي أثارت موجة احتجاجات كبيرة كان آخرها الإضراب العامّ في المَرافق الاقتصاديّة في 27/3/2023، إلى ما بعد عطلة الكنيست الشتويّة، مقابل التزام موقَّع من قِبل رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو بتأسيس وحدة “حرس قوميّ” تحت إدارة وزارة الأمن القوميّ التي يرأسها إيتمار بن غفير. وقد أقرّت الحكومة هذا الاتّفاق خلال جلستها في بداية نيسان/ أبريل، دون أن توضّح تفاصيل واستحقاقات تأسيس هذه القوّة الأمنيّة الجديدة، ومنها -على سبيل المثال- التعديلات القانونيّة المطلوبة، بل أرجأت ذلك لغاية حصولها على توصيات لجنة خاصّة ستُنشَأ لهذا الغرض، تُعْرَض على الحكومة خلال ستّين يومًا.
تتناول ورقة الموقف هذه معاني وإسقاطات تشكيل قوّة “الحرس القوميّ” على المجتمع العربيّ، وردود المنظومة السياسيّة والأمنيّة على هذا القرار، وترى أنّ الهدف الأساسيّ من تشكيلها هو إنشاء جهاز أمنيّ خاصّ للتعامل مع المجتمع العربيّ، ولا سيّما سكّان المدن الساحليّة المختلطة والسكّان العرب البدو في النقب. بِذا سيكون ثمّة جهاز شرطة عامّ للسكّان اليهود، وقوّة حرس قوميّ للتعامل مع المجتمع العربيّ. هذه خطوة إضافيّة في اتّجاه توسيع حالة الفصل العنصريّ إلى مؤسَّسات الأمن الداخليّ.
على الرغم من خطورة تشكيل “الحرس القوميّ”، ترى ورقة الموقف هذه أنّ ردود فعل الأحزاب الإسرائيليّة لم تتطرّق إلى مخاطر هذا القرار على المجتمع العربيّ، وأنّ موقف أحزاب المعارَضة جاءت بالأساس من منطلقات أمنيّة، وعبّرت عن مخاوف من إسقاطات سلبيّة على جهاز الشرطة وعمله، وبسبب خضوع الحرس الوطنيّ لسيطرة بن غفـير، دون معارضة مبدئيّة للمشروع أو تطرُّق إلى أهدافه المعلَنة بالتعامل مع المجتمع العربيّ في إسرائيل. كذلك عارضت الشرطة وأجهزة الأمن الأخرى قرار إقامة الحرس القوميّ منطلقة من دوافع إداريّة ونفعيّة؛ إذ لا يريد جهاز الشرطة جسمًا جديدًا ينافسه، ولا سيّما أنّ معالم وصلاحيَات الجهاز الجديد غير واضحة، بينما عارضت وانتقدت الأحزاب العربيّة هذا القرار كونه يستهدف المواطنين العرب حصرًا، ناهيك عن أنّ هذا الجهاز سيكون تحت إمرة الوزير العنصريّ بن غفير.
حول إقرار تشكيل الحرس القوميّ وأهدافه
عرض وزير الأمن القوميّ بن غفـير في شهر كانون الثاني/ يناير خطّة لتشكيل حرس قوميّ، ابتغاء تعزيز الحَوْكمة والأمن الشخصيّ، تستند إلى خطّة قدّمها الوزير السابق عومر بار ليـف (حزب العمل) بالتعاون مع رئيس الحكومة الأسبق، نفتالي بينيت، وأقرّتها الحكومة السابقة في حزيران/ يونيو المنصرم (2022). وفقًا لخطّة بار ليف، من المفروض أن يكون الحرس القوميّ جزءًا من جهاز الشرطة، ويستند إلى قوّات حرس الحدود.[1] وقال بن غفـير، خلال مؤتمر صحافيّ مشترَك مع القائد العامّ للشرطة عُقِدَ لعرض الخطّة، إنّ قيادات وزارة الأمن القوميّ، يتوقّعون حدوث “حارس الأسوار 2” (نسبة إلى هبّة الكرامة، عام 2021)، ولذا من الواجب تقوية جهاز الشرطة، ومضاعفة قدراته البشريّة، مع زيادة أجور عناصر الشرطة.
في نهاية آذار/ مارس المنصرم (2023)، اتّفق بن غفـير ورئيس الحكومة نتنياهو على تشكيل حرس قوميّ، مقابل موافَقة حزب “عوتسما يهوديت” على تأجيل إقرار خطّة التعديلات القضائيّة. في بداية نيسان/ أبريل الجاري (2023)، أقرّت الحكومة “اقتراح قرار” لتشكيل “حرس قوميّ” يَكون جهازًا جديدًا تحت سلطة مباشرة لوزارة الأمن القوميّ، ومُوازيًا لجهاز الشرطة، ومستقلًّا عنها. وفقًا للقرار، سيشكِّل وزير الأمن القوميّ لجنة خاصّة لتقديم توصيات للحكومة بشأن تأسيس “قوّة الحرس القوميّ”، خلال ستّين يومًا من قرار الحكومة.[2] وقد وافقت الحكومة على تخصيص ميزانيّة بقيمة مليار شيكل لهذا الأمر.[3]
وفقًا لنصّ اقتراح القرار، سيكون “الحرس القوميّ” قوّة ذات أهداف محدَّدة، مموَّلة ومدرَّبة للتعامل مع حالات طوارئ متنوّعة، من بينها الإجرام القوميّ، ومواجهة الإرهاب، وتعزيز الحَوْكمة وسلطة الدولة أينما احتاج الوضع ذلك، وكلّ هذا يقع حاليًّا ضمن المهامّ المَنُوطة بالشرطة.[4] إلى جانب ذلك، “يكلَّف وزير الأمن القوميّ بتشكيل لجنة برئاسة المدير العامّ لوزارة الأمن القوميّ، وبمشاركة ممثّلين من عدّة وزارات، لتقديم توصيات لوزير الأمن القوميّ خلال ستّين يومًا من تاريخ تشكيل اللجنة، في ما يخصّ طريقة تنفيذ القرار، بما في ذلك تحديد مهامّ الحرس الوطنيّ، وصلاحيَات الحرس القوميّ وأفراده […] وإخضاعه لسلطة وزير الأمن القوميّ، وسلطة إصدار أوامر التجنيد الاحتياطيّ لأفراد الحرس القوميّ في حالات الطوارئ”. معنى هذا أنّه ستكون لبن غفير سلطة وتأثير مباشران وجدّيّان على بناء هذه المنظومة وتحديد صلاحيَاتها وإدارتها، ووضع سياسات وأهداف القوّات، وآليّات عملها.
وزير التراث، عميحاي إلياهو (“عوتسما يهوديت”)، أوضح في تغريدة على حسابه في “تويتر” أنّ “الجسم المقرَّر إنشاؤه تحت إمرة وزير الأمن القوميّ يجب أن يتركّز في مواطني الدولة الذين يتماثلون مع أعداء الدولة. على سبيل المثال: ما حصل في أحداث حارس الأسوار، والإتاوة القوميّة، والإرهاب الزراعيّ، وتحرُّشات جنسيّة على خلفيّة قوميّة”.[5] وأضاف إلياهو أنّ تقسيم المهامّ بين أجهزة الأمن يجب أن يكون واضحًا، “بموازاة عمل الحرس القوميّ، تتعامل الشرطة مع الجريمة العاديّة وحفظ النظام العامّ لدى المواطنين العاديّين، وعلى الجيش التعامل مع الأعداء الذين من الخارج”.
الشرح المُرافِق للقرار يوضّح جليًّا أنّ أهداف تشكيل الحرس القوميّ هي تشكيل قوّة شُرطيّة خاصّة للتعامل مع المجتمع العربيّ، وعلى وجه التحديد في حالات الاحتجاج السياسيّ ومحاربة العنف كما تدّعي الحكومة. جاء في الشرح المُرافِق للقرار، أنّ تشكيل الحرس القوميّ هو بمثابة جزء من استخلاص العبر من أحداث ما يسمّى حمْلة “حارس الأسوار”، الذي وضّح أنّ ثمّة حاجة إلى إنشاء قوّة ذات أهداف ومهامّ خاصّة، تستطيع أن تنفّذ مهامّها في عدّة مناطق بالتوازي، وتتعامل مع أحداث شغب وحالات طوارئ. ستتيح “قوّة الحرس القوميّ” للشرطة الاستمرار في أداء مَهامّها العاديّة كذلك في أوقات الطوارئ. هذا يعني تشكيل قوّة شُرطيّة شبه عسكريّة، على غرار حرس الحدود، مخصَّصة للتعامل مع المواطنين العرب فقط، وما هذا إلّا نوع من أنواع الفصل العنصريّ.
نجَمَ عن قرار الحكومة ردود فعل سلبيّة وانتقادات عديدة، من أطراف سياسيّة ومن جهاز الشرطة نفسه وأجهزة أمنيّة أخرى، وكذلك من قِبل الأحزاب العربيّة والمؤسّسات العربيّة الجَمعيّة. مراجعة مواقف هذه الأطراف توضّح وجود فروق في دوافع وأسباب معارضتها للقرار.
ردود قيادات الشرطة
في الجملة، عارضت قيادات الشرطة والمؤسّسة الأمنيّة تشكيل حرس قوميّ بصيغته المقترَحة. منطلقات المعارَضة تناولت الجوانب الإداريّة والقياديّة والتنسيق بين الجسم الجديد وجهاز الشرطة، لكنّها لم تتطرّق بتاتًا إلى إسقاطات تشكيل وعمل هذه القوّة على الحرّيّات عامّة، ولا إلى هدفها الأساسيّ في قمع المواطنين العرب على نحوٍ خاصّ.
قبل اجتماع الحكومة لإقرار تشكيل الحرس القوميّ، عبّر المفتش العامّ للشرطة، يعقوب شبتاي، ورئيس الشاباك، رونين بار، والمستشارة القضائيّة للحكومة، غالي بهاراف – ميارا، عن معارضتهم لخطّة بن غفـير.[6] وقال شبتاي إنّ “الحرس القوميّ” الذي يسعى وزير الأمن القوميّ إلى تشكيله ويخضع لوزارته هو “خطوة غير ضروريّة مقرونة بأثمان باهظة قد تصل إلى درجة المسّ بأمن المواطنين الشخصيّ”، بسبب احتمال تراجُع موارد الشرطة أو التناقض في العمل الميدانيّ بين الشرطة وقوّات الحرس القوميّ. وأضاف أنّ دوافع تشكيل هذا “الحرس” ليست واضحة، لكن من شأنه أن “يُلحِق ضررًا بالغًا بقدرة تفعيل منظومات الأمن الداخليّ في الدولة”. وأضاف شبتاي أنّه ممنوع أن ينشأ وضع يكون فيه جهازا شرطة اثنان.[7] كذلك عبّر رئيس الشاباك عن معارضته لتشكيل “الحرس القوميّ” على خلفيّة عدم وجود عمل منظَّم ومشترَك حول الموضوع، وقال إنّه “لا يُعْقَل أن يكون في منطقة واحدة جهازا شرطة اثنان”.[8]
وورد في صحيفة “هآرتس” على لسان ضبّاط كبار في قيادة الشرطة، أنّ التحليل الموضوعيّ والمعمَّق لقرار إنشاء حرس قوميّ يُفْضي إلى أنّ الخطوة المقترَحة ستُلحِق بالغ الضرر بالشرطة وتُضعِف قدرتها على التعامل مع جميع مَهامّها. وذاك سيكون مكْلِفًا ومرهِقًا، وسيخلق عقبات تنظيميّة وتشغيليّة عديدة ستضرّ بالشرطة والحرس القوميّ نفسه، فضلًا عن هيئات الأمن والإنفاذ الأخرى، بما في ذلك الجيش. وفقًا لضبّاط الشرطة، إن تشكيل الحرس القوميّ أمر صحيح، لكن تنفيذه بالطريقة الحاليّة هو خطوة إشكاليّة، وفصلُهُ عن الشرطة ليس ضروريًّا، ولا يخدم الحاجات العمليّاتيّة.
ردود المعارَضة البرلمانيّة
رئيس المعارَضة يائير لبـيد قال تعقيبًا على قرار الحكومة: “إنّنا نعطي ميليشيا خاصّة لمهرّج تيكتوك خطير لم يخدم دقيقة واحدة في الجيش”.[9] رئيس “المعسكر الوطنيّ”، عضو الكنيست بيني غانتس، هاجم قرار تشكيل الحرس القوميّ ووجّه إلى نتنياهو انتقاداته، إذ قال في فـيديو نُشِرَ على حسابه في تويتر إنّ نتنياهو يخضع لوزير الأمن القوميّ بن غفير، واتّهمه بـِ”تفكيك النظام الأمنيّ”. وقال غانتس: “في ذروة التوتُّرات الأمنيّة، يواصل نتنياهو كسر التسلسل القياديّ في الأجهزة الأمنيّة. انقسام قوّة شرطة، وتمزيق وزارة الأمن، والآن إنشاء الحرس القوميّ الذي سيفكّك الشرطة”.[10]
وثمّة انتقادات بشأن تشكيل حرس قوميّ وجّهتها قيادات وأحزاب المعارضة، جاءت بالأساس لأنّ هذا الجهاز يخضع للوزير بن غفـير العنصريّ المتّهَم بالانتماء إلى منظّمة إرهابيّة، لا إلى جهاز الشرطة، وبدافع الخشية من استخدام الحرس القوميّ للقيام بقمع سياسيّ للمحتجّين الإسرائيليّين على السياسات الحكوميّة، وبسبب عدم وضوح صلاحيَاته أمام الشرطة وإسقاطاته السلبيّة على منظومة الأمن الإسرائيليّة تحت قيادة بن غفـير.[11] لم تكن الانتقادات مبدئيّة (إذ كانت الحكومة السابقة بشراكة يائير لبيد قد أقرّت تشكيل حرس قوميّ تحت قيادة جهاز الشرطة) أو نتيجة استهدافه مجتمعًا عينيًّا (المجتمع الفلسطينيّ في إسرائيل)؛ فالمعارضة الإسرائيليّة غير مكترثة بالأهداف الحقيقيّة من وراء تشكيل الحرس القوميّ، ولا بكونه ذراعًا لسلطة سياسيّة يبتغي على وجه الخصوص قمع المواطنين الفلسطينيّين، وعلى وجه التحديد قمع احتجاجهم السياسيّ.
ردود الأحزاب العربيّة
تمحورت ردود الأحزاب العربيّة تجاه قرار تشكيل حرس قوميّ في تأثير هذا القرار على المجتمع العربيّ، والمَخاطر المتوقَّعة. التجمّع الوطنيّ الديمقراطيّ قال: “إنّ توافُق رؤساء الائتلاف والمعارضة في إسرائيل على الشروع بحِوار للمصادقة على التعديلات القضائيّة، يأتي بعد خضوع نتنياهو لابتزازات بن غفير، وأهمّها إقامة ميلشيات شرطة خاصّة تخضع لأوامره، بهدف معلَن منذ حملته الانتخابيّة وهو تسليح المواطنين اليهود لمحاربة الفلسطينيّين، وتنفيذ إعدامات ميدانيّة وترهيب العرب في المدن المختلطة، على إثر هبّة الكرامة وما تبعها من أحداث، وهو ما يُعتبَر عصابة لكنْ وَفقًا للقانون وتحت وصاية ورعاية وزير مُدان بالإرهاب في السابق”. وحذّر التجمّع من “مغبّة تنفيذ مخطَّط ميلشيات بن غفـير الخطير على أمن وسلامة المواطنين العرب من اعتداءات تحت ذريعة ما سُمِّيَ الحرس القوميّ”.[12]
الجبهة الديمقراطيّة للسلام والمساواة، قالت إن “هذه العصابات بقيادة المُدان بدعم الإرهاب بن غفير، ستَستهدف أوّل ما تَستهدف المواطنين العرب، لكنّها لن تكتفي بذلك وستصل كلَّ من يجرؤ على التفكير بشكل نقديّ. بالتالي فإنّ هذه الاتّفاقيّة لا تقلّ خطورة عن التشريعات التي جُمِّدت مؤقّتًا. الآن، بعدما اتّضح أكثر من أيّ وقت مضى أنّ حكومة اليمين تحاول الهروب من الأزمة على حساب الشعب الفلسطينيّ والجماهير العربيّة في إسرائيل، صار من الضروريّ تطوير خطاب الحركة الاحتجاجيّة لترفع صوتًا مجلجلًا ضدّ الفوقيّة اليهوديّة، الاحتلال والعنصريّة ومن أجل السلام والمساواة اعتمادًا على تغيير بنيويّ جذريّ في نظام الحكم القائم في إسرائيل”.[13]
النائب وليد الهواشلة (القائمة الموحَّدة) قال إنّ ميليشيا بن غفـير المسلَّحة لن تجلب إلّا دمارًا وخرابًا. وأضاف: “أقلّ ما يمكنني قوله عن موافقة رئيس الحكومة على تشكيل ميليشيا ما يسمّى ’الحرس القوميّ’ تحت تصرّف ومسؤوليّة وزير الأمن القوميّ إيتمار بن غفـير، أنّها كارثيّة وغير مسؤولة، وأنّ نتنياهو شخصيًّا يتحمّل تداعيات هذا القرار، وكلّ ما سينجم عنه من صراعات ونزاعات قوميّة وعِرقيّة في البلاد. هذا القرار سيكون له تبعات سيّئة جدًّا على المجتمع الإسرائيليّ عمومًا، وعلى المجتمع العربيّ بصورة خاصّة، ولا سيّما المجتمع العربيّ البدويّ في النقب”.[14]
رئيس لجنة المتابعة، محمّد بركة، حذّر في بيان خاصّ بمناسبة ذكرى يوم الأرض من خطورة الاتّفاق بين نتنياهو وبن غفـير لإقامة ميليشيات فاشيّة تأتمر بأوامر الوزير الفاشيّ، ومدى خطورتها الكارثيّة على الجماهير العربيّة بشكل خاصّ، وعلى المجتمع الإسرائيليّ بعامّة، بوصفها ذروة التصعيد الفاشيّ لهذه الحكومة. وأشار بركة إلى أنّ الاتّفاق بين نتنياهو وبن غفير لإضفاء شرعيّة رسميّة على عصابات مسلَّحة نيو_فاشيّة، هو تهديد وجوديّ مباشر من قِبل إسرائيل للمواطنين بعامّة، وللجماهير العربيّة على وجه الخصوص.[15]
خاتمة
قرار إقامة قوّات حرس قوميّ ليس جديدًا على المشهد الأمنيّ في إسرائيل؛ فقد بادرت إلى ذلك ما سُمّيت حكومة التغيير برئاسة لبيد وبينيت، وحين أشغل منصبَ وزير الأمن الداخليّ عومر بار ليـف (حزب العمل)، وكانت قائمة عربيّة شريكة في التحالف الحكوميّ. الجديد في القرار الحاليّ هو إقامة قوّة أمنيّة منفصلة عن الشرطة تخضع لوزير الأمن القوميّ بن غفـير شخصيًّا، وإقرار ميزانيّة كبيرة لتشكيلها، دون تعريف صلاحيَاتها ومهامّها على نحوٍ واضح. معنى هذا تشكيل قوّات خاصّة هدفها الأساسيّ -كما جاء في القرار والشرح المُرافِق وتصريحات بن غفـير ووزراء من حزبه- هو القمع السياسيّ للمجتمع الفلسطينيّ تحت مسمَّيات مختلفة.
قرار تشكيل الحرس القوميّ، وردودُ فعل أحزاب المعارَضة الإسرائيليّة والأحزاب العربيّة، توضّح مرّة أخرى الفروق بين توجُّهات أحزاب المعارَضة الإسرائيليّة والأحزاب العربيّة للسياسات الحكوميّة وخطورتها، وعدم اهتمام أحزاب المعارَضة الإسرائيليّة بالمجتمع العربيّ وبمخاوفه، ولا بالديمقراطيّة الجوهريّة. هي تعكس قبول أحزاب المعارَضة مبدأ إقامة الحرس القوميّ، لكنّها تعارض الآليّات والتفاصيل وعدم خضوعه لإمرة الشرطة بل لشخص بن غفـير. أمّا الأحزاب العربيّة، فقد عبّرت عن خشية حقيقيّة من مَخاطر هذا القرار، كونها تعي أنّه سيتحوّل إلى أداة للقمع السياسيّ ولملاحقة المجتمع الفلسطينيّ. هذه القوّات مخصَّصة للتعامل مع احتجاجات الفلسطينيّين حصرًا. بِذا، هي انعكاس لتبَنّي المؤسّسة الأمنيّة الصريح لنظام فصل عنصريّ. بَيْدَ أنّ ردود فعل الأحزاب العربيّة والمجتمع العربيّ قد اقتصرت على بيانات انتقاد ورفض للمشروع، دون تحويل ذلك إلى قضيّة سياسيّة نضاليّة مركزيّة.
[1] لِففي، ألون؛ وإلران، مِئير. (2023، 2 نيسان). تأسيس الحرس القوميّ تحت وزارة الأمن القوميّ، خطأ إستراتيجيّ. نظرة على، عدد 1707. معهد دراسات الأمن القوميّ. [بالعبريّة] [2] ليس، يهونتان. (2023، 2 نيسان). صادقت الحكومة على المضيّ قُدُمًا في تشكيل حرس قوميّ بقيادة بن غفير. هآرتس. [بالعبريّة] [3] أيْخْنِر، إيتمار. (2023، 2 نيسان). بعد تقليص أفقيّ: إقرار تشكيل “الحرس القوميّ”، لم يُقَرّ بعد لمن سيتْبع. واينت. [بالعبريّة] [4] نصّ اقتراح قرار تشكيل “الحرس القوميّ لإسرائيل”. كَلْكَليست. [بالعبريّة] [5] براينر، يهوشواع (جوش). (2023، 3 نيسان). الوزير إلياهو: يجب أن يعمل الحرس القوميّ فقط تجاه المواطنين الذين يتماثلون مع العدوّ. هآرتس. [بالعبريّة] [6] عرب 48. (2023، 2 نيسان). الشرطة والشاباك والمستشارة القضائيّة يعارضون إقامة “الحرس القوميّ”. عرب 48. [7] براينر، يهوشواع (جوش). (2023، 28 آذار). شبتاي عارض في لقاءات مغلقة وضع الحرس القوميّ تحت إمرة بن غفـير: ممنوع أن تكون هنالك شرطتان في دولة واحدة. هآرتس. [بالعبريّة] [8] المصدر السابق. [9] كيدون، شارون؛ وَشنراﭪ، شاي. (2023، 28 آذار). لَـﭙـيد لراديو واينت: “الحرس القوميّ؟ ميليشيا خاصّة لمهرّج تيكتوك خطير”. واينت. [بالعبريّة] [10] أزولاي، موران؛ وشومـﭙـلبي، أطيلة. (2023، 2 نيسان). في ردّ ﭼـانتس على تشكيل الحرس القوميّ: ليس فيه شيء باستثناء عصيدة سياسيّة لبن غفير. واينت. [بالعبريّة]
[11]افتتاحيّة العدد. (2023، 29 آذار). ميليشيا خاصّة به. هآرتس. [بالعبريّة] [12] “التجمّع الديمقراطيّ” يستنكر تشكيل مليشيات للمستوطنين بالداخل المحتلّ. (2023، 28 آذار). قدس برس.
[13] عواودة، وديع. (2023، 28 آذار). “الحرس الوطنيّ”… عصابات بن غفير المسلَّحة لإخضاع فلسطينيّي الداخل بالترهيب والإعدامات الميدانيّة. القدس العربيّ. [14] المصدر السابق. [15] عواودة، وديع. (2023، 29 آذار). تشكيل ميليشيا مسلَّحة يعني استعداد نتنياهو لحرب أهليّة.. وَ”لجنة المتابعة” تصفها بالتهديد الوجوديّ المباشر على فلسطينيّي الداخل. القدس العربيّ.
المصدر: عرب 48