حكومات وشركات كبرى تتجسّس على المستخدمين
بحسب خبراء، فإنّ إنّ مخاطر استخدام الشركات لبيانات المستخدم لأغراض التجسّس ليست نظريّة بحتة، إذ كانت هناك العديد من القضايا البارزة في السنوات الأخيرة، حيث تمّ فضح شركات تستخدم معلومات المستخدم للتجسّس
كشف رجل الأعمال والملياردير الأميركيّ، ومالك موقع “تويتر”، إيلون ماسك، أنّ السلطات الأميركيّة كانت تمتلك حقّ الوصول الكامل إلى كلّ ما يحدث في منصّة “تويتر”، بما في ذلك رسائل المستخدمين الخاصّة. وفي مقابلة مع صحافيّ من شبكة “فوكس نيوز”، أشار ماسك إلى أنّ كلّ ما يحدث على مواقع التواصل الاجتماعيّ، تتمّ مراقبته من قبل دوائر حكوميّة مختلفة، وهو ما يثير مخاوف العديد من الخبراء، حول أمن المستخدمين وخصوصيّاتهم في هذه المنصّات، التي تحتوي على مليارات المستخدمين النشطين من حول العالم.
وفي عالم اليوم المتّصل رقميًّا، تقوم الشركات بتكديس كمّيّات هائلة من بيانات المستخدمين، من النشاط عبر الإنترنت إلى المعلومات الشخصيّة، حيث يمكن استخدام هذه البيانات لاستهداف الإعلانات وتحسين الخدمات، ولكن يمكن أيضًا إساءة استخدامها لأغراض شائنة. أحد هذه المخاوف هو احتمال أنّ الشركات الكبيرة قد تستخدم معلومات المستخدم للتجسّس، أو أن تقدّمها للحكومات، للأغراض ذاتها.
ويشير التجسّس إلى فعل الحصول على معلومات سرّيّة أو سرّيّة دون إذن أو سلطة، وعندما تقوم الشركات الكبيرة بجمع بيانات المستخدم، فإنّها تتمتّع بإمكانيّة الوصول إلى ثروة من المعلومات الشخصيّة، بما في ذلك البيانات الماليّة والشخصيّة الحسّاسة، ويمكن استخدام هذه المعلومات للتجسّس على المستخدمين أو المنافسين أو حتّى الدول الأخرى.
وبحسب خبراء، فإنّ إنّ مخاطر استخدام الشركات لبيانات المستخدم لأغراض التجسّس ليست نظريّة بحتة، إذ كانت هناك العديد من القضايا البارزة في السنوات الأخيرة، حيث تمّ فضح شركات تستخدم معلومات المستخدم للتجسّس، ففي عام 2013، على سبيل المثال، تبيّن أنّ وكالة الأمن القوميّ الأمريكيّة (NSA) كانت تستخدم بيانات من شركات التكنولوجيا الكبرى مثل غوغل ومايكروسوفت للتجسّس على الحكومات والأفراد الأجانب. وفي عام 2020، تمّت مقاضاة شركة فيسبوك العملاقة لوسائل التواصل الاجتماعيّ بدعوى استخدام بيانات المستخدم الخاصّة بها للتجسّس على المنافسين، حيث زعمت الدعوى، الّتي رفعتها مجموعة من الشركات الّتي طوّرت تطبيقات لمنصّة فيسبوك، أنّ المنصّة وصلت إلى بيانات المستخدم الخاصّة بهم دون إذن للحصول على ميزة تنافسيّة.
وأجريت إحدى الدراسات الّتي تلقي الضوء على هذه القضيّة من قبل شركة الأبحاث “غرانتر” في عام 2018، حيث استطلعت الشركة أكثر من 200 مؤسّسة لفهم مواقفها تجاه خصوصيّة البيانات وأمانها، ووجدت الدراسة أنّ 57% من المستجيبين كانوا قلقين بشأن احتماليّة إساءة استخدام بياناتهم للتجسّس على الشركات.
ووجدت الدراسة أيضًا أنّ 40% فقط من المنظّمات لديها برنامج رسميّ لمراقبة وكشف تجسّس الشركات، حيث يشير هذا إلى أنّ العديد من الشركات لا تأخذ خطر تجسّس الشركات على محمل الجدّ، ولا تتّخذ الخطوات اللازمة لحماية بيانات مستخدميها.
ووجدت دراسة أخرى، أجرتها شركة الاستشارات “أسنتشر” في عام 2019، أنّ 73% من المستهلكين كانوا قلقين بشأن أمان بياناتهم الشخصيّة، ووجدت الدراسة أنّ 68% من المستهلكين يرغبون في التحوّل إلى منافس إذا لم يثقوا بشركة ما لحماية بياناتهم. وتسلّط هذه الدراسة الضوء على العواقب المحتملة للشركات الّتي تسيء استخدام بيانات المستخدم لأغراض التجسّس، حيث أصبح المستهلكون يدركون بشكل متزايد المخاطر المرتبطة بمشاركة بياناتهم الشخصيّة، ومن المرجّح أن يتحوّلوا إلى منافس إذا شعروا أنّ بياناتهم غير محميّة.
وبحسب خبراء، فإنّ أحد الحلول يتمثّل في وضع قوانين وأنظمة أقوى لخصوصيّة البيانات، ففي الولايات المتّحدة، على سبيل المثال، يوفّر قانون خصوصيّة المستهلك في كاليفورنيا (CCPA) واللائحة العامّة لحماية البيانات (GDPR) في الاتّحاد الأوروبّيّ للمستهلكين تحكّمًا أكبر في بياناتهم الشخصيّة. وتتطلّب هذه اللوائح من الشركات أن تكون شفّافة بشأن البيانات الّتي تجمعها، وكيفيّة استخدامها، ومع من تتمّ مشاركتها، كما أنّها تمنح المستهلكين الحقّ في الوصول إلى بياناتهم الشخصيّة وتصحيحها وحذفها، ويمكن أن تساعد قوانين خصوصيّة البيانات الأقوى في منع الشركات من إساءة استخدام بيانات المستخدم لأغراض التجسّس من خلال توفير قدر أكبر من الرقابة والمساءلة.
وبحسب خبراء، فإنّه يمكن للشركات أيضًا اتّخاذ خطوات لتأمين بياناتها ومنع الوصول إليها من قبل أطراف غير مصرّح لها، يتضمّن ذلك تنفيذ إجراءات أمنيّة قويّة مثل التشفير وجدران الحماية وضوابط الوصول.
المصدر: عرب 48