Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

حوار | الهدم والتهجير في القدس والضفة الغربية.. وجه آخر لحرب الإبادة في قطاع غزة

تواصل إسرائيل تنفيذ سياسة تطهير عرقي ممنهجة في الضفة الغربية والقدس الشرقية، بهدف تفريغ الأرض من أصحابها الأصليين، عبر هدم المنازل والمنشآت، وتهجير السكان قسرا، ومصادرة الأراضي، وتوسيع الاستيطان بوتيرة غير مسبوقة.

تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"… سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات

هذه الممارسات المتصاعدة في ظل صمت عرب إسلامي ودولي، لا تهدف فقط إلى تقويض الحضور الفلسطيني، بل تسعى لإعادة تشكيل الجغرافيا والديموغرافيا وفق رؤية استعمارية، تضرب بعرض الحائط القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.

في الشهر الحالي وحده، وثّق المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان 15 عملية هدم طالت 24 منزلا و58 منشأة وخيمة، وأسفرت عن تهجير مئات الفلسطينيين، بينهم نساء وأطفال، فيما شهدت مناطق مثل جنين وطولكرم ترحيل آلاف الفلسطينيين من المخيمات، وشهدت سلفيت والقدس تصعيدا خطيرا يشير إلى مشروع واسع لفرض واقع جديد على الأرض.

خليل التفكجي

لفهم أبعاد السياسة الإسرائيلية، وأدواتها، ومخططاتها بعيدة المدى، حاورنا مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية سابقا، والخبير في شؤون الاستيطان الإسرائيلي، د. خليل التفكجي.

"عرب 48": رصد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان تنفيذ الاحتلال 15 عملية هدم منذ مطلع نيسان 2025، ومنذ مطلع العام هدم الاحتلال مئات المنازل والمنشآت في الضفة والقدس.. ما تفسيركم لتسارع وتيرة الهدم في الآونة الأخيرة، وهل هذا محاولة لفرض واقع جديد على الأرض؟

التفكجي: هذا السؤال ينقسم إلى قسمين، لأن المخططات المتعلقة بالقدس تختلف عن الضفة الغربية، فيما يتعلق بالهدم في القدس هو نتيجة للسياسة الإسرائيلية الواضحة التي وضعت في العام 1973، بناء على توصيات لجنة أرنون غيفني في عهد رئيسة الحكومة غولدا مئير، وحضرت مجموعة قوانين وبنود بهدف أن تكون في مدينة القدس أغلبية يهودية والقصد القدس الغربية والشرقية، والهدف محاصرة السكان العرب في نسبة 25%، ومحاصرة العرب على أقل ما يمكن من الأرض، لذا اتبعت سياسة مصادرة الأراضي وقضايا التنظيم والبناء والهدم وعدم منح تراخيص، فالعملية في القدس منذ ذلك الحين وحتى اليوم تمكنت من حسم القضية الجغرافية في القدس لصالح الجانب الإسرائيلي، وصادروا أكثر من 87% من مساحة القدس التي احتُلت عام 1967، ولم يتبق للفلسطينيين من الأراضي غير 13%، لكن السكان ارتفع عددهم من 70 ألف فلسطيني عام 1967 إلى 345 ألفا اليوم، أي 39% من إجمالي عدد السكان في القدس الغربية والشرقية. ووفقا للدراسات الإسرائيلية في عام 2040 ستكون نسبة الفلسطينيين 55%، وهذا أدى إلى إضاءة ضوء أحمر أمام الجانب الإسرائيلي الذي ابتدع قضية جدار الفصل والذي أخرج بموجبه 150 ألف فلسطيني خارج جدار منطقة القدس، وأدخلوا قضية القدس الكبرى عبر ضم الكتل الاستيطانية لتغيير الميزان الديموغرافي إلى 88% يهود و12% عرب.

هدم المنازل في القدس يهدف إلى تحقيق هدف سياسة أقلية عربية في مدينة القدس، والحجة الامتناع عن منح التراخيص والمناطق الخضراء وغيرها، وازدادت هذه السياسة عنفا نتيجة الظروف المواتية للجانب الإسرائيلي، فلا توجد إدانة او أي نقد دولي لما تفعله إسرائيل، وتتسارع الأحداث إلى إذابة القدس الشرقية بشكل كامل داخل القدس الغربية وعدم تمكين جعل القدس عاصمة لأي دولة فلسطينية محتملة، ومن ضمن هذه المشاريع وادي السيليكوم (مشروع استيطاني في القدس الشرقية) وأيضا إقامة المؤسسات السيادية في القدس الشرقية مثل وزارة الداخلية، ووزارة الشؤون الاجتماعية، والقيادة القطرية للشرطة، ومؤسسة التأمين الوطني، هذه هي السياسة التي باتت واضحة جدا، ومنذ بداية الحرب على غزة شهدت عمليات الهدم تسارعا كبيرا.

في الضفة الغربية هناك مجموعة من المشاريع الإسرائيلية، بدأت منذ العام 1970، مشروع ألون، ثم تطور إلى مشروع شارون، البؤر الاستيطانية، ثم إلى مشروع متتياهو دروبليس 1979 الذي ينص على مليون مستوطن في الضفة الغربية، واليوم المشروع هو فرض الأمر الواقع على الأرض وبسط السيطرة على المنطقة المعرفة "ج" حسب اتفاقيات أوسلو، وهي عملية تطهير عرقي تهدف إلى طرد السكان من منطقة ج التي تشكل حوالي 60% من الضفة الغربية لأنها كانت عقبة أمام أي مشروع إسرائيلي، والهدف إخراج هؤلاء السكان واجلائهم، ونحن نتحدث عن 400 ألف فلسطيني يسكنون هذه المناطق، والإحصاء الإسرائيلي يتحدث عن 150 ألفا، وهذه السياسة تتمثل في هدم القرى الفلسطينية، وهدم البيوت، وعمليات ترحيل، والمستوطن الإسرائيلي والراعي اليهودي الذي بدأ يظهر مؤخرا، والذي سيطر على حوالي 800 ألف دونم حسب الإحصاءات الإسرائيلية، وكانت آخر بؤرة استيطانية أقيمت يوم 4 نيسان/ أبريل الجاري، في منطقة الخان الأحمر، وهي سياسة إسرائيلية للسيطرة على أكبر مساحة من الأرض مع أقل ما يمكن من السكان، لذا تُخلى هذه الأراضي من السكان وهي عملية تطهير عرقي تهدف إلى فرض السيادة على هذه الأراضي بدون سكان، وفي حال تواجد سكان فيها فهم أقلية.

"عرب 48": شهدنا عمليات هدم واسعة في المخيمات الفلسطينية شمالي الضفة الغربية، مخيم جنين وطولكرم، وتهجير آلالاف المواطنين، بينهم نساء وأطفال، وبلغ عدد المهجرين قسرا نحو 40 ألف مواطن. ما الأثر الإنساني والاجتماعي لهذه الأعداد، وهل يعكس هذا سياسة ممنهجة للتطهير العرقي؟

التفكجي: ما يجري في المخيمات الفلسطينية في جنين وطولكرم هو شيء آخر غير هذه السياسة، فهي عملية سياسية بامتياز للقضاء على حق العودة والقرار الأممي 194، ومنها أيضا إغلاق وكالة الغوث "الأونروا" كونها عنوان للنكبة الفلسطينية، وما يحدث في المخيمات هو محاولة صهر هذه المخيمات وإنهائها وإنهاء القضية الفلسطينية بشكل عام، واعتبار هذه المخيمات حارات وأحياء أو ترحيل سكانها ودمجهم في المدن الفلسطينية، فالذي يحدث في المخيمات مختلف عن التطهير العرقي الذي يحدث في الأغوار ومنطقة الخليل مثل مسافر يطا ومناطق أخرى، لأن المخيمات رمز لقضية النكبة، وإسرائيل تريد القضاء على النكبة، وما يحدث أيضا من تدمير في غزة وتدمير المخيمات بشكل كامل بما فيها 15 مخيما في الضفة تريد إسرائيل إزالتها بالكامل، وألا يبقى أي شيء اسمه مخيم جنين مثلا، كما تندرج عملية اعتبار وكالة الأونروا منظمة إرهابية وإغلاق مدارسها ومنع ممارسة عملها ضمن هذه السياسة، لأنها وكالة أقيمت بموجب قرار الأمم المتحدة في أعقاب النكبة للاهتمام في شؤون اللاجئين الذي تم إخراجهم من فلسطين عام 1948.

"عرب 48": ترى أن ما يحدث في الأغوار من هدم واعتداءات وتهجير ضمن مخططات بسط السيطرة على مناطق مصنفة ج، والتي تشكل أكثر من 60% من مساحة الضفة الغربية. كيف تسهم سياسة الهدم في هذه المناطق تحديدا في تعزيز المشروع الاستيطاني؟

التفكجي: ما يحدث في الأغوار من جنوب بيسان حتى منطقة الخليل هو عملية تطهير عرقي، وإزالة سكان وتجمعات سكنية بالكامل من شمال الأغوار إلى جنوبها، وترحيل السكان البدو في المنطقة وتجميعهم في منطقة واحدة، لأن عملية ضم هذه المناطق تتطلب مناطق خالية لا يريدون عربا فيها، وتم تجميع السكان في مناطق معينة، وعليه تجري عمليات الهدم للبيوت والمنشآت في هذه المناطق، وهي خطة ألون مع تعديل ألا يكون عرب في المنطقة. في السابق كانوا يستخدمون الذرائع الأمنية، واليوم لا توجد هذه الذرائع، ولكن يوجد برنامج سياسي واضح لمنع إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية، وهذه السياسة سببت محاصرة قرى فلسطينية ووضع بوابات لتحويل كل الضفة الغربية إلى سجون أو تطبيق مشروع مردخاي كيدار (2005) وهو تفكيك السلطة الفلسطينية وإقامة دولة العشائر والقبائل، والحديث عن تطبيق في الخليل أولا.

"عرب 48": تُبرر إسرائيل معظم عمليات الهدم بحجج مثل "البناء غير المرخص" أو "البناء على أراضي دولة"، في حين أن الحصول على التراخيص للفلسطينيين شبه مستحيل. كيف يمكن مواجهة هذه السياسة في السبل القانونية، محليا ودوليا؟

التفكجي: في القدس تحديدا يستخدم الفلسطينيون السبل القانونية، ولكن يمكن فقط تأجيل عمليات الهدم سنة أو سنتين أو غيرها، ولكن في النهاية يتم الهدم، وهو استنزاف مالي كبير للفلسطينيين عندما يقع أمام المحاكم الإسرائيلية، وفي النهاية يتم هدم المنزل إما ذاتيا أو بواسطة آلات الهدم البلدية، هذا من حيث القوانين الإسرائيلية. فيما يتعلق بالمواجهة وفقا للقانون الدولي، إسرائيل تضرب بعرض الحائط كل القوانين والقرارات الدولية، مثلا مشروع الخان الأحمر تمكنا كفلسطينيين من تحويل هذه القضية إلى قضية رأي عام وتم تجميد إخلاء وهدم الخان الأحمر، لكن في 4 نيسان 2025 أقاموا أول بؤرة استيطانية في الخان الأحمر، متسلحين بأن ترامب معهم وأوروبا معهم والعالم العربي والإسلامي في صمت مطبق.

"عرب 48": التهجير القسري وتدمير الممتلكات في ظل الاحتلال جريمة حرب، وفقا لاتفاقية جنيف الرابعة. هل ترى أن ما يجري في الضفة الغربية والقدس جرائم حرب؟

التفكجي: إسرائيل كما قلت ضاربة بعرض الحائط جميع القوانين والقرارات الدولية، حتى محكمة الجنايات الدولية التي شكلتها إسرائيل نفسها من أجل محاكمة النازيين بدأت تنسحب منها وتهاجمها، وترامب أيضا يهاجم محكمة الجنايات الدولية. الحقيقة أن القوانين الدولية سارية، ولكن ميزان التطبيق يسري على بعض الدول ولا يسري على أخرى، فالقوانين تسري على العراق ولا تسري على إسرائيل، لأن الولايات المتحدة داعمة لإسرائيل في جميع النواحي، في عام 1995 مثلت فلسطين في مجلس الأمن الدولي مع د. ناصر القدوة، وكانت عمليات مصادرة أراضي أثناء عملية السلام، وبعد مداولات كنا على وشك الحصول على قرار من مجلس الأمن الدولي، وكانت تمثل أميركا في حينه مدلين أولبرايت واستخدمت حق النقض.

"عرب 48": محكمة العدل الدولية أقرت في تموز 2024 بعدم شرعية الاحتلال، ودعت إلى إنهائه فورا ووقف النشاطات الاستيطانية. كيف يرى الفلسطينيون هذه القرارات، وهل يمكن التعويل على المؤسسات الدولية بعد الذي شاهدناه من استهتار إسرائيلي أميركي بهذه القرارات؟

التفكجي: يؤسفني القول إن القوانين الدولية والقرارات الدولية صيغت لحماية القوي وليس لحماية الضعيف، أقصد الضعيف تسري عليه كافة القرارات والقوانين، وكما ذكرت في عام 2003 اتُخذت في مجلس الأمن عدة قرارات ضد العراق ونُفذّت جميعها، ولكن ضد إسرائيل لا يمكن تنفيذ أية قرار حتى عندما تحصل على قرار من مجلس الأمن أو من المؤسسات الدولية الأخرى.

الفلسطينيون يرون بالأمم المتحدة مؤسسة لخدمة القوي، وحتى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريتش، اعترف أنه لا يمكن فعل شيء، وحتى وكالة الغوث التي أقيمت بقرار الأمم المتحدة منعتها إسرائيل من العمل وأغلقت مكاتبها في القدس، ولم تستطع الأمم المتحدة فعل شيء.

اقرأ/ي أيضًا | حوار مع خليل التفكجي | مخططات الاستيطان في قلب أحياء القدس المحتلة

المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *