حوار مع المحامي عدي منصور من “عدالة” حول الملاحقات والاعتقالات
يجيب المحامي عدي منصور من مركز “عدالة” ومركّز ملفات الطلاب الجامعيين الذين تم طردهم أو إبعادهم عن الجامعات، في حوار مع “عرب 48” عن أسئلة حول الملاحقات والاعتقالات التي يتعرض لها مواطنون عرب، في ظل الحرب الدائرة.
آثار القصف الإسرائيلي لغزة (Getty Images)
اعتقلت الشرطة وأجهزة الأمن الإسرائيلية أكثر من 130 مواطنا عربيا للتحقيق بشبهة نشر مضامين تعتبرها “تحريضية” و”داعمة للإرهاب”، في الحرب على غزة بعد انطلاق عملية “طوفان الأقصى”، يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بالإضافة لاستبعاد العشرات من طلاب الجامعات العرب في الجامعات والكليات الإسرائيلية وملاحقتهم من خلال مدونات ومنشورات على شبكات التواصل الاجتماعي.
“عرب 48” أجرى مقابلة مع المحامي عدي منصور، من مركز “عدالة” ومركّز ملفات الطلاب الجامعيين الذين تم طردهم أو إبعادهم عن الجامعات بشكل تعسفي دون سابق إنذار ودون دعوتهم للمثول أمام لجان الطاعة، في محاولة من إدارات الجامعات منع الطلاب من التعبير عن رأيهم في ظل حالة الحرب.
“عرب 48”: كيف ينبغي على المعتقل التصرف عندما يتم اعتقاله على خلفية ما يسمى “التحريض”؟
منصور: أولا، من المهم أن نعطي خلفية بأنه في الفترة الأخيرة، منذ بدء الحرب، طرأ ارتفاع غير مسبوق على عدد الاعتقالات بسبب مدونات ومنشورات يفهم منها أنها تحريض أو تماثل أو تماه مع منظمات إرهابية وغيره، وفي نهاية المطاف نحن نشهد العديد من الحالات التي هي برأينا تقع ضمن “حرية التعبير”، وعلى الرغم من ذلك فإنهم يواجهون الاعتقال. لذلك فإن الخطوة الأولى يجب أن يطلب المعتقل الحصول على استشارة من محام بناء على الظروف والحيثيات والشبهات التي تنسب للمعتقل.
“عرب 48”: نفهم منك أن عليه أن يلتزم الصمت وألا يتجاوب مع المحققين إلا بعد الحصول على هذه الاستشارة؟
منصور: نعم، هذا صحيح.
“عرب 48”: هناك من لم يتم اعتقالهم، لكن تم فصلهم من الجامعات بدون محاكمة أو مثولهم أمام لجان الطاعة وبدون حتى طلب توضيح منهم حول ما نشروه؟
منصور: نحن نتابع ملفات لعشرات الطلاب الذين تم فصلهم بشكل تعسفي، والأرقام في ازدياد، في الجامعات والكليات المختلفة. البعض تم فصلهم بشكل مباشر، وآخرون تمت دعوتهم للمثول أمام لجنة الطاعة، وهناك حتى من تم إبعادهم عن مساكن الطلاب وإيقافهم عن التعليم إلى حين البت في ملفاتهم. الأغلبية الساحقة من هذه الملفات تقع ضمن إطار حرية التعبير، وهناك أمر في غاية الأهمية ويجب التشديد عليه وهو جزء من التمثيل القانوني لنا في هذه الملفات وهو أنه لا صلاحية للمؤسسات الأكاديمية بالاطلاع على الحسابات الشخصية للطلاب والطالبات، وهذا ادعاء مركزي نستخدمه في دفاعنا عن الطلاب، فهذا هو حيّز خاص للطلاب لا علاقة لإدارة الجامعة فيه.
“عرب 48”: ما هي الآليات التي تستخدمها الجامعات للاطلاع على ما ينشره الطلاب العرب في صفحاتهم الخاصة؟
منصور: هناك حملات واسعة من قبل طلاب يهود إسرائيليين، هدفها التحريض على الطلاب العرب ونقل المعلومات للجان الطاعة في المحاكم وأحيانا الأمر يتجاوز ذلك إلى حد تهديد الطلاب العرب بالقتل، وهذا الأمر يزرع الخوف والرعب في نفوس الطلاب العرب. أضف إلى ذلك أن ما نراه هو أن الجامعات تأخذ على عاتقها وبشكل غير مسبوق ليس فقط قمع حرية التعبير والتصرف وكأنها شرطة أو لجان تحقيق أو نيابة عامة، وإنما هي تمارس نفس السياسة الموجودة لدى المؤسسة الإسرائيلية ومؤسسات الدولة وتطبقها في الجامعات. فهناك عنصرية واضحة في تطبيق قوانين الطاعة داخل هذه المؤسسات ضد الفلسطينيين، وليس ضد الطلاب الإسرائيليين، مع أنهم يقومون بالتحريض ضد الطلاب العرب.
“عرب 48”: هل تظهر بشكل جلي عملية الكيل بمكيالين، بين اليهودي الذي يحرض ويدعو لقتل العرب وبين العربي الذي ينشر آية قرآنية أو دعوة لصلاة الجمعة ويتعرّض للاعتقال والضرب؟
منصور: هناك من بين ملفات الطلاب ما هو أتفه من ذلك بكثير. فأحيانا تتم ملاحقة العرب لمجرد أنهم نشروا صورا من احتفال بخطوبة أو أي مناسبة، ومنهم من يلاحق على نشر آيات قرآنية، والمخيف أنه لا يتم حتى فحص فحوى أو مضمون المدوّنة، أو دراسة أبعادها وتأثيرها على الطالب اليوم وفي المدى البعيد وتجعله مترددا حول الاستمرار بالتعليم أو التوقف عنه. ثانيا، إن هذا التصرف يحمل رسالة مباشرة لطالب المستقبل بأن هذه الجامعات يتعذر عليها أن تستوعبكم أو تحتويكم كطلاب فلسطينيين وكعرب وتمنحكم حرية التعبير. فهي بالتالي تنتهك حق الطلاب بالتعليم العالي وقد يثني الطلاب، اليوم وفي المستقبل، من الالتحاق بهذه الجامعات، وهذا على عكس الرغبة الواضحة لدى الشبان والشابات العرب للالتحاق بالتعليم الجامعي، هذه الرغبة التي نراها في تزايد كبير في السنوات الأخيرة.
“عرب 48”: هل هناك فرق بين مساحة حرية التعبير عن الرأي عندما تكون الدولة في حالة حرب ومساحتها في حالات السلم أو في الحالة الاعتيادية؟
منصور: حرية التعبير مكفولة في القانون، وهي جزء من قوانين الأساس، وأي فحص لانتهاك حرية التعبير أو تقليص حدود حرية التعبير اليوم يتم ليس فقط بناء على معايير محددة، ولكن أيضا يفحص بناء على السياق العام الموجود في الدولة، وهذه هي السياسة القانونية التي تقف وراء قمع حرية التعبير عن الرأي أو تحديد حرية التعبير. بالفعل نحن نرى في حالة الحرب نهجا مختلفا تماما عن النهج الذي كان متبعا، سواء من ناحية قمع الحريات أو من ناحية السيطرة ليس فقط على الخطاب وإنما السيطرة حتى على أي إمكانية للتعبير عن الرأي في المستقبل، فهدف السياسة الحالية هو الردع والتخويف والسيطرة وليس مجرد تحديد مساحة الحرية لأهداف أمنية شرعية، كما تدعي الدولة.
“عرب 48”: ما مدى أهمية توثيق عمليات الاعتقال بالكاميرات.. ففي الظروف الراهنة يتعرّض كل من يقوم بالتوثيق لاعتقال والاعتداء بالضرب من قبل عناصر الشرطة، كما شاهدنا في الأيام الأخيرة؟
منصور: أعتقد أن نموذج الاعتداء على كل من يحاول التوثيق هو مثال مؤسف للغاية، وهذا يظهر مدى همجية الشرطة والاستشراس وسهولة الاعتداء واستخدام العنف ضد العرب الفلسطينيين، وهذا ليس محض صدفة وإنما له خلفية، وهي أن سلطات تطبيق القانون وفي هذه الحالة الشرطة والشاباك لا توجد رقابة عليها من قبل “ماحاش” وهي وحدة التحقيق مع عناصر الشرطة، والتي تقوم بشكل منهجي بإغلاق الملفات المتعلقة بعنف الشرطة، فهذه المنظومة توفر الحصانة لأفراد الشرطة وتعطيهم الضوء الأخضر لكي يتصرفوا كما يحلو لهم، وهذا ليس وليد هذه الفترة، وإنما هو سائد منذ سنوات وأكبر مثال على ذلك “هبّة الكرامة”، فكل الملفات التي قمنا نحن في “عدالة” بتقديمها إلى “ماحاش” بخصوص عنف الشرطة والإفراط باستخدام القوة والقمع بالسلاح وغيرها من الأمور كلها تم إغلاقها، حتى في الحالات التي تعرض فيها مواطنون عرب للقتل، فإنها تسمح لنفسها بانتهاك كافة الحقوق مع أنه لا مانع، بل إنه مشروع جدا توثيق الحالات التي يتم الاعتداء ومخالفة القانون من قبل عناصر الشرطة.
“عرب 48”: بالنسبة للهاتف الخليوي، هل يحق للمحقق أن يطلع على محتويات الهاتف الشخصي، حسب القانون؟
منصور: قد يطلب المحقق من صاحب الهاتف الرقم السري لتصفح محتويات الهاتف الخليوي، وبإمكان صاحب الهاتف أن يرفض، وفي هذه الحالة يستطيع المحقق أن يتوجه للمحكمة ويصدر أمرا يتيح له تصفح الهاتف أو جهاز الكمبيوتر والاطلاع على المحتوى من خلال اختراقه بواسطة أجهزة معينة تستخدمها الشرطة لاختراق الهواتف والحواسيب.
المصدر: عرب 48