رئيس كوريا الجنوبية يعلن الأحكام العرفية والبرلمان يصوّت ضدها… بكين وواشنطن تراقبان
أعلن الرئيس الكوري الجنوبي، يون سوك يول، اليوم الثلاثاء، فرض الأحكام العرفية، متهما المعارضة بأنها “قوى مناهضة للدولة”، في خطوة رفضها خصومه معتبرين أنها غير دستورية وباطلة، فيما صوّتت الجمعية الوطنية (البرلمان) على رفعها.
تغطية متواصلة على قناة موقع “عرب 48” في “تليغرام”
وأكد مسؤولون عسكريون أن الجيش الكوري الجنوبي سيواصل تطبيق الأحكام العرفية إلى أن يقرر الرئيس رفعها، رغم تصويت الجمعية الوطنية على قرار بهذا الشأن، بحسب ما أوردت وسائل إعلام محلية منها شبكة “واي تي أن” التلفزيونية.
وتجمع مئات الكوريين الجنوبيين احتجاجا أمام مبنى البرلمان الذي أغلق ليل الثلاثاء، وحطت مروحيات على سقفه. وتولى قائد الجيش الكوري الجنوبي، الجنرال بارك آن-سو، مسؤولية تنفيذ قانون الأحكام العرفية، وأصدر مرسوما بحظر “كل النشاطات السياسية”.
ودخل جنود ملثمون إلى البرلمان لفترة وجيزة، بينما تواجه المئات خارجه مع قوات الأمن المكلفة حماية المبنى وهم يهتفون “أوقفوا يون سوك يول” الذي يبدو أنه يفرض حكما عسكريا في كوريا الجنوبية.
وتعد كوريا الجنوبية ذات النظام السياسي الديمقراطي حليفا رئيسيا في آسيا للولايات المتحدة التي تنشر آلاف الجنود على أراضيها. وأبدى مسؤول أميركي “قلق” واشنطن من التطورات، آملا بأن تحترم سيول “سيادة القانون”.
وأتت الخطوة المفاجئة، وهي الأولى من نوعها في كوريا الجنوبية منذ أكثر من 40 عاما، وسط أزمة سياسية بين الرئيس يون سوك يول، وحزبه من جهة، والمعارضة من جهة أخرى، بسبب الميزانية العامة.
وقال يون في خطاب متلفز للأمة “من أجل حماية كوريا الجنوبية الليبرالية من التهديدات التي تمثّلها القوات الشيوعية، والقضاء على العناصر المناهضة للدولة التي تنهب حرية الناس وسعادتهم، أعلن بموجب هذا الأحكام العرفية الطارئة”.
ولم يقدم يون تفاصيل بشأن تهديدات محددة من بيونغ يانغ المسلحة نوويا، علما بأن البلدين لا يزالان في حالة حرب رسميا منذ نهاية النزاع في شبه الجزيرة الكورية عام 1953.
وأضاف الرئيس الكوري الجنوبي: “من دون أي اعتبار لحياة الناس، قام حزب المعارضة بشلّ الحكم لغرض إجراءات العزل (السياسي) والتحقيقات الخاصة وحماية قائدهم من القضاء”.
وشدد يون على أن “جمعيتنا الوطنية أصبحت ملاذا للمجرمين، وكرا للديكتاتورية التشريعية التي تسعى إلى شلّ النظم القضائية والإدارية وقلب نظامنا الديموقراطي الليبرالي”.
بدوره، ندد زعيم المعارضة لي جاي-ميونغ بفرض الرئيس يون سوك يول الأحكام العرفية، معتبرا أن هذه الخطوة “غير دستورية وباطلة وغير قانونية”.
وأفادت وكالة يونهاب الرسمية بأنه على إثر فرض الأحكام العرفية، صدرت الأوامر لكل الوحدات العسكرية في البلاد لتعزيز مستوى تأهبها للطوارئ وجاهزيتها العملانية.
وتمكن نحو 190 نائب (من أصل 300) من دخول مبنى البرلمان بعد منتصف ليل الثلاثاء الأربعاء بالتوقيت المحلي، وصوّتوا بالاجماع لصالح وقف فرض قانون الأحكام العرفية والمطالبة برفعه.
وبموجب الدستور، يجب أن ترفع الأحكام العرفية متى طالبت بذلك غالبية برلمانية، إلا أنه لم يتضح على الفور ما إذا كان سيتمّ احترام ذلك.
وبعد تصويت الجمعية الوطنية، أفادت وسائل إعلام كورية جنوبية بأن الجيش سيبقي على الأحكام العرفية الى أن يقرر رئيس الجمهورية رفعها. وأعربت واشنطن عن “قلقها العميق” ودعت سيول إلى احترام “سيادة القانون”.
هذا وحذرت وزارة الخارجية الإسرائيلية، مساء اليوم، المواطنين من السفر إلى كوريا الجنوبية بعد إعلان الأحكام العرفية وفرض حالة الطوارئ العسكرية في البلاد. وأشارت إلى أنه من المبكر تقييم تداعيات هذا القرار.
وأوصت المواطنين المتواجدين في جنوب كوريا بالبقاء في المنازل أو في الأماكن التي يتواجدون فيها، مع متابعة التطورات عبر وسائل الإعلام. ونصحت الإسرائيليين الذين يخططون للسفر إلى كوريا في الوقت الحالي بإعادة النظر في ضرورة الزيارة.
وأعلن البيت الأبيض، الثلاثاء، أنه يتابع عن كثب التطورات المتعلقة بإعلان الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية “عن كثب”، ويجري اتصالات مع مسؤوليها، بحسب ما جاء في تصريحات صدرت عن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي.
وقال نائب وزير الخارجية الأميركي، كورت كامبل، “نتابع عن قرب التطورات الراهنة في جمهورية كوريا بقلق عميق”، مضيفا “لدينا كل أمل ونتوقع بأن أي خلافات سياسية سيتم حلّها سلميا وبما يتلاءم مع سيادة القانون”.
من جهتها، حضت الصين مواطنيها على التزام أقصى درجات الحيطة والحذر.
وقالت سفارة بكين، في بيان، إنها “تنصح المواطنين الصينيين في كوريا الجنوبية بالتزام الهدوء… وتعزيز يقظتهم في مجال السلامة والحد من التحركات غير الضرورية وتوخي الحذر عند التعبير عن آرائهم السياسية”.
وكان قائد الجيش الكوري الجنوبي قد أعلن في بيان، بعد قرار الرئيس، حظر كل النشاطات السياسية، على أن تصبح كل وسائل الإعلام تحت مراقبة الحكومة.
وقال الجنرال بارك آن-سو إن “كل النشاطات السياسية، بما فيها نشاطات الجمعية الوطنية، والمجالس المحلية، والأحزاب السياسية، والجمعيات السياسية، إضافة الى التجمعات والتظاهرات، محظورة بالكامل”.
وأضاف “وسائل الإعلام والمطبوعات ستصبح تحت قيادة قانون الأحكام العرفية”.
وتتمتع المعارضة بالغالبية في مجلس النواب المؤلف من 300 مقعد. وقد اعتبرها الرئيس يون “قوى مناهضة للدولة عازمة على قلب النظام”.
وشدد الرئيس على أن فرض قانون الأحكام العرفية كان “لا مفر منه لضمان استمرارية كوريا الجنوبية الليبرالية”، مؤكدا أن هذه الخطوة لن تؤثر على السياسة الخارجية للبلاد.
وأضاف: “سأعيد البلاد إلى وضعها الطبيعي من خلال التخلص من القوى المناهضة للدولة في أقرب وقت ممكن”، من دون أن يعلن إجراءات سوى الأحكام العرفية.
واعتبر أن البلاد بلغت “شفير الانهيار، مع جمعية وطنية تتصرف كوحش عازم على إسقاط الديموقراطية الليبرالية”.
وتتباين المواقف بشكل حاد بشأن ميزانية السنة المقبلة بين يون وحزب قوة الشعب الذي يتزعمه، والحزب الديمقراطي المعارض.
وأقر نواب المعارضة في لجنة نيابية الأسبوع الماضي، مقترح ميزانية مخفّضة بشكل كبير. واقتطعت المعارضة نحو 4,1 تريوليونات وون (2,8 مليار دولار) من الميزانية التي اقترحها رئيس الجمهورية، وخفّضت صندوق الاحتياط الحكومي وميزانيات النشاطات لمكتب الرئيس والادعاء والشرطة ووكالة التدقيق التابعة للدولة.
واتهم يون، وهو مدعٍ عام سابق، نواب المعارضة باقتطاع “كل الميزانيات الضرورية لوظائف الدولة الأساسية، مثل مكافحة جرائم المخدرات والحفاظ على السلامة العامة” وبالتالي “تحويل البلاد إلى ملاذ آمن للمخدرات وحال من الفوضى في السلامة العامة”.
وأتى فرض الأحكام العرفية بعدما تراجعت شعبية يون الى 19٪ فقط في أحدث استطلاع لمعهد “غالوب” الأسبوع الماضي، مع إبداء كثيرين عدم رضاهم على إدارته للاقتصاد والجدل المحيط بزوجته كيم كيون هي.
المصدر: عرب 48