رامي نصر الله ضحية القتلة وروايتهم… فما المطلوب؟
بإصرار من عائلة الضحية رامي نصرالله من قلنسوة على تبيان الحقيقة والحق، تبيّن من مداولات محكمة تل أبيب المركزية أن اصطدام الشاحنة التي قادها الشاب رامي نصرالله على الطريق الساحلي بحافلة خاصة كانت تقلّ الركاب في مفرق غليلوت، كان حادث طرق وليس عملية. بناء عليه، أعادت مركزية تل أبيب إلى محكمة الصلح النظر في طلب العائلة تحرير جثمان ابنها المحتجز ليتسنى إكرامه بدفنه.
صرح كل من وزير الأمن القومي والمفتش العام للشرطة الموالي له، وفور وقوع الحادث يوم 27 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، باعتبار الحادث عملية، وتباهى الوزير بأهمية مشروعه في تسليح الإسرائيليين الذين قاموا بإعدام السائق ميدانيا. على الرغم اعتراض قائد شرطة تل أبيب على حسم الوزير وقائد الشرطة العام، بل شكك في روايتهما السياسية وليست الأمنية حتى، إلا أن الرواية السائدة إسرائيليا هي وقوع عملية وبات مطلقو النار على رامي نصر الله أبطالا في الرواية الملفقة.
تلقف الإعلام الإسرائيلي الحادث وحزم موقفه بالمجمل بأنه عملية نوعية، والبعض كان يذكر على هامش التقارير بأن التحقيقات لا تزال جارية، وقامت جوقة “خبراء الذهنية العربية” بربط الأمور تارة مع حماس وأخرى مع إيران، وبدأت محطات التلفزة تنشر الحادث لحظة بلحظة، وتعالت الأصوات الداعية إلى التسريع في سن قانون طرد عائلات مرتكبي العمليات من الداخل والقدس إلى غزة، وهدم بيوتهم، وبلغ الأمر لدى رئيس الموساد السابق، داني ياتوم، باعتبار الحادث جبهة حرب يفتحها فلسطينيو الداخل على دولة إسرائيل ضمن حرب وجودية متعددة الجبهات وبتوجيهات خارجية، وناشد الشاباك بالتحرك.
لقد أسس الإعلام الإسرائيلي روايته باعتبار الحادث جرى قرب قاعدة غليلوت، وبأن وجهة ركاب الحافلة وفقا للإعلام الإسرائيلي هي زيارة متحف الاستخبارات في القاعدة. إلا أن التيار المركزي في الإعلام الإسرائيلي اعتبر سائق الشاحنة قاتلا مع سبق الإصرار، واعتبر كل الجماهير العربية الفلسطينية مسؤولة عن العملية.
للأسف المتكرر، فقد سارعت بعض الفضائيات العربية إلى تبني رواية بن غفير وقائد الشرطة، بعضها دون سماع صوت العائلة والمنطق، ودون أي تشكيك في صحة ما تأتي به القنوات الإسرائيلية، وبعضها قد امتهن تصديق الرواية الإسرائيلية الرسمية، فيما أن بعض الفضائيات العربية فعلت ذلك لإضفاء طابع العملية النوعية نتيجة لموقع الحادث، ولإضفاء طابع المقاومة وخطاب البطولة والشهادة على السائق ضحية حادث الطرق وضحية القتلة العنصريين، وراحت بعض القنوات تتحدث عن مقتل ضابط اسرائيلي كبير، وقامت جهات فلسطينية بالإشادة بالعملية التي لم تكن.
تدلل هذه الحيثيات على ضرورة فتح ملفات كثيرة جرى فيها قتل الفلسطينيين، ومن ملفاتها البارزة المقدسي إياد الحلاق، ومن الداخل محمد العصيبي ومصطفى يونس والقائمة طويلة.
بات ضروريا وملحا إقامة هيئة وطنية في إطار لجنة المتابعة تعنى بهذه الملفات التي تتكرر من دون أية محاسبة، أو تحمل مسؤولية، أو حتى الاعتذار.
كما حان الوقت ونتيجة لتراكم قدرات معرفية وحقوقية نوعية وممتازة بين جماهير شعبنا، للمبادرة إلى إقامة لجنة تحقيق شعبية من حقوقيين وذوي وذوات الخبرات ذات الصلة من الداخل الفلسطيني، ومنظمات حقوقية دولية وإسرائيلية معنية، تقوم بفتح ملف سياسة التصفيات تحت مسمى الأمن الإسرائيلي، ومجمل مسألة التسليح والسياسات والتشريعات التي تتيح ذلك.
المصدر: عرب 48