زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمّد الجولاني يستخدم اسمه الحقيقي للمرة الأولى… ماذا نعرف عنه؟
برز الجولاني وجبهة النصرة باعتبارهما الأقوى بين فصائل المعارضة التي ظهر العديد منها في الأيام الأولى للثورة ضد الأسد، قبل أكثر من عقد من الزمن. وقبل تأسيس جبهة النصرة، قاتل مع تنظيم القاعدة بالعراق، حيث قضى خمس سنوات بسجن أميركي.
زعيم “هيئة تحرير الشام” عند قلعة حلب (Getty Images)
استخدم زعيم “هيئة تحرير الشام” أبو محمّد الجولاني، الخميس، للمرة الأولى اسمه الحقيقيّ أحمد الشرع، في منشور عبر “تليغرام”، تزامَن مع سيطرة قواته على مدينة حماة في وسط سورية.
ونشر حساب قيادة الفصائل المعارضة التي تشنّ هجوما على قوات النظام السوريّ منذ أكثر من اسبوع، تمكّنت خلاله من السيطرة على مدينة حلب، ثاني أكبر المدن السورية وعدد من المناطق المجاورة، ثم على مدينة حماة اليوم، صورة للجولاني مرفقة بعبارة “نبارك لأهل حماة النصر”، وجاء تحتها عبارة “القائد أحمد الشرع”.
وتمّ تأسيس الحساب بعد يومين من بدء هجوم الفصائل في شمال سورية في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر، وينشر بانتظام بيانات الجولاني.
وارتبط اسم الجولاني المولود في العام 1982، بجبهة النصرة التي كان زعيمها منذ عام 2012، والتي سيطرت وفصائل معارضة على محافظة إدلب عام 2015، وكانت تابعة لتنظيم القاعدة.
وفي تموز/ يوليو 2016، ظهر الجولاني علنا للمرة الأولى، ليعلن فك ارتباط جبهة النصرة مع تنظيم القاعدة وتغيير اسمها إلى “جبهة فتح الشام” التي تحوّلت بعد اندماج فصائل إسلامية ومعارضة معها في العام 2017 إلى “هيئة تحرير الشام”، وتولّى الجولاني قيادتها العامة.
ويقول خبراء إن هيئة تحرير الشام تسعى منذ سنوات إلى تعديل صورتها، منذ إعلان قطع علاقاتها مع تنظيم القاعدة، ثم تشكيلها مؤسسات مدنية لإدارة شؤون مناطقها في محافظة إدلب، ومحيطها.
وسبق لزعيم هيئة تحرير الشام أن أكد في مقابلة مع شبكة “بي بي أس” الأميركية في العام 2021 أن اسمه الحقيقي أحمد الشرع.
وقال إن لقبه الجولاني مرتبط بأصول عائلته من هضبة الجولان السورية التي تحتلها إسرائيل.
ويقود الشرع هجوما غير مسبوق للفصائل ضد القوات الحكومية التي باتت خارج مدينتين من كبرى مدن البلاد في غضون أيام.
وظهر الجولاني والمقلّ بظهوره العامّ، الأربعاء، بثياب مدنية عند قلعة حلب التاريخية، بعد خروج المدينة بالكامل عن سيطرة قوات النظام للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع عام 2011.
وعندما كان زعيما لفرع تنظيم القاعدة خلال الحرب الأهلية السورية، لم تكن شخصية أبو محمد الجولاني الغامضة معروفة، وظل متواريا عن الأنظار حتى عندما أصبح فصيله هو الأقوى في محاربة رئيس النظام السوري، بشار الأسد.
واليوم، أصبح أبرز قيادي في المعارضة المسلحة في سورية، بعد أن دخل تدريجيّا دائرة الضوء منذ أن قطع علاقاته بالقاعدة في 2016، وغيّر اسم جماعته وتوجهها، وأصبح الحاكم الفعلي لمنطقة خاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة في شمال غرب سورية.
وبات هذا التحوّل جليا بعد أن سيطرت هيئة تحرير الشام، التي يتزعمها الجولاني، على حلب الأسبوع الماضي.
وظهر الجولاني أكثر من مرة وهو يبعث برسائل تهدف لطمأنة الأقليات في سورية التي تخشى الجماعات المتشددة منذ زمن بعيد.
وكانت هيئة تحرير الشام تُعرف باسم جبهة النُصرة سابقا عندما كانت فرعا لتنظيم القاعدة المتشدد في سورية.
ولدى دخول عناصر فصائل المعارضة السورية حلب، أكبر مدينة سورية قبل الحرب، ظهر الجولاني في تسجيل فيديو في زي عسكريّ، وهو يصدر أوامر عبر الهاتف، ويذكر المقاتلين بإرشادات لحماية الناس ويمنعهم من دخول البيوت.
وأظهر مقطع فيديو آخر الجولاني وهو في زيارة يوم الأربعاء، لقلعة حلب برفقة مقاتل يلوح بعلم الثورة السورية، والذي رفضته من قبل جبهة النصرة باعتباره “رمزا إلحاديا”، لكن الجولاني تقبله في الآونة الأخيرة في لفتة للمعارضة السورية الأوسع نطاقا.
وقال جوشوا لانديس الخبير في الشأن السوري ورئيس مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما، إن “الجولاني أكثر ذكاء من الأسد. غير أدواته وغير مظهره العام وعقد تحالفات جديدة وأطلق رسالته المتوددة” للأقليات، بحسب ما أوردت وكالة “رويترز” للأنباء نقلا عنه.
ويقول آرون لوند الباحث في مركز “سينتشوري إنترناشونال” للأبحاث إن الجولاني وهيئة تحرير الشام، تغيرا بشكل ملحوظ، لكنه أشار إلى أنه والفصيل المسلّح ظلّا “على نهج التشدّد إلى حد ما”.
وتابع: “إنها حملة علاقات عامة، لكن حقيقة أنهم يبذلون هذا النوع من الجهد أصلا تظهر أنهم لم يعودوا بذات التشدد الذي كانوا عليه. الحرس القديم من القاعدة أو (تنظيم) داعش لم يكن ليفعل ذلك أبدا”.
وبرز الجولاني وجبهة النصرة باعتبارهما الأقوى بين فصائل المعارضة التي ظهر العديد منها في الأيام الأولى للثورة ضد الأسد، قبل أكثر من عقد من الزمن. وقبل تأسيس جبهة النصرة، قاتل الجولاني مع تنظيم القاعدة في العراق، حيث قضى خمس سنوات في سجن أميركي.
وأرسله زعيم تنظيم “داعش” في العراق في ذلك الوقت، أبو عمر البغدادي، إلى سورية بمجرد بدء النزاع، ليضع موطئ قدم للتنظيم هناك.
وأدرجت الولايات المتحدة الجولاني على قائمة الإرهابيين في عام 2013، وقالت إن تنظيم القاعدة في العراق، كلفه بالإطاحة بنظام الأسد وفرض الشريعة الإسلامية في سورية، وإن جبهة النصرة نفذت هجمات انتحارية، أسفرت عن مقتل مدنيين، وتبنت رؤية طائفية عنيفة.
وصنّفت تركيا، التي تدعم فصائل معارضة في سورية، هيئة تحرير الشام جماعة إرهابية رغم أنها تدعم بعض الفصائل الأخرى التي تقاتل في شمال غرب سورية.
المصدر: عرب 48