سامح فايز يكتب: لهذا أحب حسن كمال (1) – كتاب الرأي
بكى المدرب الإسباني ألنيو أليسويدو أمام لاعبة التايكوندو هداية ملاك متأثرا بفرحتها، وانحنى أمامها بعد حصولها على الميدالية البرونزية في منافسات وزن 57 كيلوجراما في لعبة التايكوندو في أولمبياد «ريو دي جانيرو» 2016، صورة إنسانية التقطتها العدسات سريعا، وفي خلفية الصورة شاب مصري يصفق بسعادة بالغة لتصبع سعادته «تريند» شغل المتابعين على منصات التواصل الاجتماعي، دون أن نعرف أن ذلك الشاب المبتسم هو الطبيب «حسن كمال»، رئيس البعثات الطبية المرافقة للبعثات الأولمبية المصرية المشاركة في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016، والذي سيصبح لاحقا الشخصية الأبرز التي نتابعها لمعرفة تفاصيل مشاركة اللاعبين المصريين فى الأولمبياد المختلفة؛ سواء «أولمبياد الشباب» أو «أولمبياد طوكيو» 2021.
عرف المتابعون «حسن كمال» طبيبا رياضيا، لكنني عرفته أيضا كاتبا مثابرا منذ العام 2008 عندما فازت مجموعته القصصية «كشري مصر» بجائزة ساويرس الأدبية. نجاحات «حسن كمال» الأدبية استمرت حتى عاد بعد ستة عشر عاما من الجائزة الأولى ليُتوَّج بالترشح ضمن القائمة الطويلة للجائزة العالمية فى الرواية العربية «بوكر» عن الدورة الحالية برواية «الرواية المسروقة».
وبين هذه وتلك أعوام من المثابرة أصدر فيها «حسن كمال» العديد من المجموعات القصصية والروايات، واجه خلالها محاولات سوق شرسة لبيع وتوزيع الكتاب معاييره لا تناسب كمال؛ الكاتب المؤمن بما يكتب، المستمتع بتفاصيل كتابته، الرافض لأي تنازلات في شكل كتابته حتى يُرضى غرور أصحاب رؤوس الأموال في شركات النشر لمداعبة قراء Generation Z وميلهم للكتابات الخفيفة والقصص ذات الطابع السطحي والسريع، ورغم تميزه في كتابة أدب الجريمة برواية «المرحوم» التي حققت العديد من الطبعات، إلا أنه احتفظ بالشكل الفني للرواية ولم يتنازل عن المستوى الذي يفضله، سواء من ناحية الشكل أو المضمون في اللغة والمتن المكتوب.
لاحقا يُصدر كمال رواية «الأسياد» التي وضع فيها ثقله في الكتابة، فجاءت مفارقة للسائد من كتابات الشباب، أتبعها برواية «نسيت كلمة السر» وقصة عذبة شديدة الإنسانية يسرد فيها بطولات وآلام أبطال مصر في رياضات ألعاب القوى من خلال قصة حقيقية لأحد أشهر أبطالها في التايكوندو.
ويغيب كمال سنوات عن كتابة الرواية منشغلا بدوره المهم رئيسا للبعثات الطبية المرافقة للبعثات الأولمبية المصرية المشاركة في أولمبياد ريو دي جانيرو ثم طوكيو، سبقهما برواية «نسيت كلمة السر» وأتبعهما بـ«الرواية المسروقة»، وبينهما أحلام أبطال الأولمبياد المصريين يسردها كمال بقلمه الرشيق على صفحته الشخصية بمنصة التواصل الاجتماعي فيس بوك التي تحولت في ليلة وضحاها منبرا نطمئن منه على أبطال البعثة في الأولمبياد، متناسيا وبتجرد شديد أنه هو الآخر بطل في مضمار الكتابة يسابق الزمن حتى تصل معزوفته الأدبية لما تستحقه، متناسيا كل محاولات الانقضاض على مشروعه وتعطيل مسيرته في الكتابة تحت دعوى متطلبات السوق وذائقة القارئ، تلك الأكذوبة التي عشنا فيها سنوات مخدوعين بالفهم الخاطئ لذائقة القارئ، وكأن تلك الذائقة لا تعرف سبيلا سوى الأعمال السيئة والسطحية.
وفي «الرواية المسروقة» يقرر كمال أن يستخدم كل أسلحته في مواجهة الوسط الثقافي والأدبي متحررا للمرة الأولى من سلميته المعهودة وابتسامته التي اشتهر بها، لكنه تحرر أبطال الأولمبياد في اللحظات المصيرية التى تستدعى قوة لا مفر منها تحقيقا للانتصار، مبدعا شخصية روائية جمعت بين الضعف الإنساني الناتج عن مجتمع يجهل كيفية التعامل مع أبنائه، وبين قوة ولّدتها لحظة انتصرت فيها الإنسانية لبطلة الرواية عندما وضعت في طريقها معلمتها في المدرسة والتي أعطتها النصيحة التي بدّلت حياتها؛ كوني أنت ولا ترضخي لابتزاز العالم من حولك، وأخرجي قوتك الكامنة في وجوههم يتبدلون ضعفا أمامك. لتبدأ رحلتها مع فكرة رواية تقرر من خلالها أن تجسد جميع الشخصيات السيئة التي حاولت تدمير حياتها وقتل إنسانيتها، كاشفة عن زيف الوسط الأدبي الذي تخترقه من أجل استكمال روايتها ونشرها!
المصدر: اخبار الوطن