سفن كسر الحصار جاهزة للانطلاق في أي لحظة من تركيا نحو غزة
يواصل تحالف أسطول الحرية الدولي، الذي يتألف من منظمات مجتمع مدني من 12 دولة، استعداداته للانطلاق من ميناء توزلا التركي في إسطنبول صوب قطاع غزة المحاصر وذلك بمشاركة نحو 1000 شخص، من عدة دول بينها ألمانيا وماليزيا وفلسطين والنرويج والأرجنتين وإسبانيا وكندا وجنوب إفريقيا.
تغطية متواصلة على قناة موقع “عرب 48” في “تليغرام”
وأعلنت الضابطة الأميركية المتقاعدة والدبلوماسية السابقة، آن رايت، في مؤتمر عقد لهذا الغرض، عن افتتاح حملة “أسطول الحرية لغزة”، مشيرة إلى مشاركتها في الحملة عام 2010 عبر سفينة “مافي مرمرة” التي انطلقت برفقة 7 سفن مختلفة وبمشاركة أشخاص من عشرات الدول.
وقالت الناشطة الماليزية، فوزية محمد حسن، إن أسطول الحرية يجري بمشاركة أكثر من 280 شخصية هامة من مختلف أنحاء العالم، من أطباء ومحامين ومهندسين وأساتذة، وأن الدعوة الأهم في هذه المهمة هي ضمان وقف إطلاق النار في المنطقة، فيما قال تورستين دالي، من حركة أسطول الحرية النرويجي، إنه يجب إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة بشكل خاص بعد الإبادة الجماعية والمذبحة التي تشهدها منذ أكثر من 6 أشهر.
وأشارت هويدا عراف، من حركة أسطول الحرية الأميركي، إلى استمرار الاستعدادات للرحلة بدعم من ملايين الأشخاص نكسر الموقف الصامت إزاء المجزرة التي تقع في غزة، داعية إلى وقف إطلاق النار وإنهاء “الإبادة الجماعية” ضد الشعب الفلسطيني.
وحول ما أوردته القناة 12 الإسرائيلية، بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي أجرى تدريبات مكثفة استعدادا لمواجهة مع أسطول الحرية واحتمال السيطرة المسلحة على سفينة “مرمرة 2” كما حدث عام 2010، قالت عراف إن الناشطين الذي سيشاركون في الرحلة يدركون أن إسرائيل يمكن أن تهاجم الأسطول، مشيرة إلى أنه سيتم تدريب المشاركين على “المقاومة غير العنيفة”.
وبهذا الصدد، حاور “عرب 48” المحامية والناشطة الحقوقية، هويدا عراف، لإلقاء مزيد من الضوء حول الموضوع.
“عرب 48”: لا شك أن انطلاق هذا الأسطول يجري في وضع استثنائي وسط حالة الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، مما يجعل المهمة هذه المرة أكثر صعوبة من سابقاتها؟
عراف: نحن ندرك الخطورة التي تواجهنا بالنظر إلى طبيعة إسرائيل وسلوكها السابق، ولكن ما يجري هو ليس حالة حرب لأن ما تقوم به إسرائيل ليس حربا بل هو عدوان على الشعب الفلسطيني وعملية إبادة جماعية، نحن لا ندخل على ساحة حرب بالمعنى المتعارف عليه إنما إلى ميدان جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ومن المؤسف أنه لا يوجد أحد قادر على وقف إسرائيل عند حدها.
إنه وضع أكثر صعوبة بالنسبة لنا وخصوصا أننا نلمس بأن إسرائيل لا تعرف الحدود، فقد كسرت كل القوانين الدولية وهي لا تقيم اعتبار لأحد، ولا يوجد أبلغ من الفيديوهات التي يبثها جنودها متفاخرين بالفظاعات وأعمال التعذيب التي يمارسونها ضد الفلسطينيين.
نعرف أن دولنا وخصوصا أميركا التي وفرت الحصانة لإسرائيل كل هذه السنوات، هي من أوصلت إسرائيل إلى هذا الحد، حيث بات جنودها وقادتها يعتقدون أن باستطاعتهم فعل أي شيء دون أن يمسهم أي ضرر أو يتعرضون لأي عقاب.
ومن ناحيتنا نحن المشاركون لا أحد منا يريد أن يتحول إلى شهيد فلكل واحد منا حياته وعمله وعائلته التي يريد أن يعود إليها، فأنا على سبيل المثال لدي ولدين هما ابنة بعمر تسع سنوات وابن بجيل 11 عاما، وهما بأمس الحاجة إلى والدتهما، لكنهما قالا لي إنهما يتفهمان لماذا أنا ذاهبة، وأهمية أن يفعل الإنسان شيئا يساعد غزة بالذات في هذا الظرف، لكنهما في الوقت نفسه يريدان أن أعود إليهما سالمة.
“عرب 48”: فهمنا أن الاستعدادات اكتملت تقريبا وأنتم بانتظار ساعة الانطلاق؟
عراف: نحن بانتظار الانطلاق في أي لحظة، هناك سفينة شحن تحمل خمسة آلاف طن من المساعدات، وسفن ركاب تحمل مئات المتطوعين من 30 دولة من مختلف أنحاء العالم جاهزين لمرافقتها، بينهم شخصيات وممثلو منظمات مجتمع مدني وأطباء ومهندسين وأساتذة جامعات.
“عرب 48”: هل ستكون منظمة الإغاثة الإنسانية التركية عصب هذا الأسطول كما كانت عام 2010؟
عراف: عام 2010 كانت إسرائيل معنية أن تسبغ الأسطول باللون التركي لأهدافها الخاصة، لتستطيع القول ربما إن الإسلاميين هم من يقفون وراءه وتسهيل تبرير الجريمة التي اقترفتها ضد الناشطين، علما أنها تعرف أسوة بالجميع أننا بدأنا هذه الحركة منذ العام 2008 وأطلقنا أكثر من سفينة، ونجحنا خلال تلك الفترة باختراق الحصار خمس مرات والوصول إلى غزة قبل أن تنضم المؤسسة التركية عام 2010.
“عرب 48”: إسرائيل تصدت للأسطول للمرة الأولى عام 2009؟
عراف: في أواخر العام 2008 إسرائيل ضربت سفينتنا الصغيرة ثلاث مرات حتى كادت أن تغرق لولا أنها لجأت إلى ميناء بيروت، بعدها حاولنا مرتين إرسال سفن وكانت إسرائيل تمنع وصولها بطرق مختلفة، ولذلك فكرنا بتوسيع الحملة لتضم مجموعة سفن، وفي سبيل ذلك ذهبت شخصيا من إيطاليا إلى فرنسا والسويد وجنوب إفريقيا لتجنيد مؤسسات مجتمع مدني لهذا الغرض، وفي العام 2010 تحولنا من مجموعة واحدة إلى “ائتلاف أسطول الحرية” الذي يتكون حاليا من 14 مجموعة منتشرة حول العالم.
“عرب 48”: هل يضم الائتلاف دولا عربية؟
عراف: يوجد نشطاء عرب وتوجد مؤسسات من ماليزيا وتركيا، فمؤسسة الإغاثة الإنسانية التركية “أي هاها” تعمل في 100 دولة ولها باع طويل في تقديم المساعدات الإنسانية لمختلف الدول في الكوارث الطبيعية والنكبات والنزاعات، وتمتلك قدرات أكبر بكثير من قدراتنا، وفي العام 2010 كانت السفينة التركية “مافي مرمرة” السفينة الأكبر في الأسطول، وكانت سفينتان من مجموعة الأميركيين واحدة كانت ترفع العلم الأميركي، وسفينة مشتركة لليونان والسويد وسفينة ماليزية حملت اسم المناضلة الأميركية راشيل كوري التي استشهدت في غزة.
لكن إسرائيل كانت معنية، كما ذكرت، أن تقول إنه نشاط تركي يقف من ورائه إسلاميين وإخوان مسلمين لتسهيل قمعه، علما أن معظم الناشطين لم يكونوا إسلاميين ولا حتى مسلمين.
“عرب 48”: هناك أهمية اليوم لكسر الحصار الذي تحول في ظل حرب الإبادة الى سياسة تجويع متعمدة للفلسطينيين في غزة؟
عراف: نعم الموضوع يكتسب أهمية خاصة ليس فقط لمنع تجويع الشعب الفلسطيني، بل للحفاظ على ما تبقى في هذا العالم من قيم إنسانية أيضا، لأنه من غير المعقول أن يحدث كل ذلك ولا أحد يتحرك، إنها ليست المرة الأولى التي تحدث فيها إبادة جماعية ولكن في عهد الهولوكوست لم تكن هناك تلفزيونات ووسائل تواصل اجتماعي، في حين تحدث هذه الإبادة بالبث المباشر ولا أحد يتحرك لوقفها.
وفي وقت نرى فيه الناس تخرج بالملايين للتعبير عن رفضها بفي مختلف أنحاء العالم، فإن دولهم هي التي تحمي إسرائيل، ما يعني أن الناس ترفض هذا النظام العالمي، ونحن جزء من الناس وجزء من هذا التحرك الذي يملأ الشوارع بالمظاهرات وما نعمله هو تحدي للفعل الإسرائيلي ومحاولة وقفه وكسر الحصار، ونحن جاهزون، خائفون على أرواحنا ولكن جاهزين، كما أننا نعرف أن أي إنسان يناضل من أجل الحرية والعدالة سيواجه من قبل الحكومة والنظام الذي يقف أمامه بالعنف.
“عرب 48”: مثلما حصل في المرة السابقة؟
عراف: في المرة السابقة وعلى مر التاريخ، ونحن نتأمل ونفعل ما بوسعنا لنوضح للعالم ولإسرائيل أننا سندخل المياه الإقليمية التابعة لغزة ونوزع المساعدات وإذا ما ضربتنا إسرائيل وقتلتنا فسيكون ذلك بمثابة استهداف واضح للعالم.
معنا صحافة وبث مباشر والناس أيضا، ونسعى إلى أن يتحرك المجتمع المدني ويضغط على حكوماته بأن تبعث رسالة واضحة لإسرائيل كي لا تضرب الأسطول، وهناك كما ذكرت أيضا تدريب للمشاركين حول السيناريوهات التي نتوقعها وكيف ممكن أن نحمي أنفسنا ونحمي بعض عبر العمل اللاعنفي.
“عرب 48”: هل معكم شخصيات عالمية مرموقة، مثل برلمانيين وكتاب ومشاهير يشكل وجودها بمثابة حماية للمشاركين؟
عراف: معنا أعضاء برلمان من إسبانيا والأردن والجزائر وصحافيين ورجال دولة خدموا في الحكومة والجيش الأميركي سابقا والعديد من الشخصيات وعشرات الصحافيين من مختلف أنحاء العالم والأهم إيماننا بالحرية والعدالة وسنصل إلى شواطئ غزة كما وصلنا في المرة الأولى.
هويدا عراف: محامية وناشطة حقوقية ولدت من أبوين فلسطينيين، والدتها من بيت ساحور في الضفة الغربية ووالدها من معليا في الجليل. انتقل والداها إلي ديترويت بولاية ميشيغان حيث ولدت وما زالت تعيش هناك. حصلت على الدكتوراة في القانون بكلية جامعة واشنطن الأميركية للقانون، وانصب تفكيرها على معرفة حقوق الإنسان الدولية والقانون الدولي، مع رؤية خاصة للدعاوى القضائية الخاصة بجرائم الحرب.
عملت في العيادة القانونية المتخصصة في حقوق الإنسان العالمية بجامعة واشنطن للقانون حيث مثلت العملاء في قضايا تتعلق بحقوق أراضي الشعوب الأصلية وعمليات الخطف عبر الحدود والترحيل الاستثنائي غير النظامي أمام اللجنة الأميركية المشتركة التي تضطلع بمهام حقوق الإنسان.
قامت بتأسيس حركة التضامن العالمية بالاشتراك مع أعضاء من اثنين من المنظمات الفلسطينية ذات أساس دولي من العلاقات والأواصر، وهما منظمة “هولي لاند ترست” ومركز “التقارب”، وعلى الجانب المهني لحركة التضامن العالمية، فقد شاركت عراف في تدريب الآلاف من المتطوعين من مختلف أنحاء العالم في سياسية اللاعنف ومراقبة وإعداد التقارير الخاصة بمجال حقوق الإنسان.
ترأست عراف حركة “غزة الحرة”، التي نظمت سلسلة من السفن التي تقوم بحمل نشطاء مؤيدين للفلسطينيين والتي تم تنظيمها خصيصًا لكسر الحصار البحري الإسرائيلي على قطاع غزة، فكانت على متن قوارب 2008 التابعة لغزة الحرة فضلًا عن أسطول كسر الحصار 2010 الذي هوجم من قبل قوات خاصة إسرائيلية في 31 أيار/ مايو.
المصدر: عرب 48