سقوط صواريخ يعيد ذكريات 2006 وغياب الملاجئ يحصد أرواح الأبرياء
تعيش مجد الكروم حالة من الصدمة بعد مقتل الشابة أرجوان منّاع والشاب حسن سواعد، مما أعاد الأهالي إلى ذكريات مأساوية من عام 2006. البلدة تعاني من نقص حاد في الملاجئ،ما يظهر فشل السلطات في توفير الحماية للسكان العرب في الجليل.
الموقع المتضرر في مجد الكروم (“عرب 48”)
أعاد مقتل الشابة أرجوان منّاع من بلدة مجد الكروم والشاب حسن سواعد من بلدة البعنة، نتيجة سقوط صواريخ، أمس الجمعة، الأهالي إلى عام 2006، بعد مقتل شابين نتيجة سقوط صواريخ في البلدة، بفعل الحرب آنذاك بين إسرائيل وحزب الله، حيث لا تزال تعاني بلدة مجد الكروم وقرى الشاغور من ذات الظروف التي كانت تعانيها قبل قرابة 18، في ظل السياسات الإسرائيلية الممنهجة تجاه العرب في منطقة الجليل تحديدا، بشأن الاستعدادات للحرب وبناء الملاجئ.
تغطية متواصلة على قناة موقع “عرب 48” في “تليغرام”
وتعيش بلدة مجد الكروم حالة من الصدمة بعد سقوط صواريخ، ومقتل اثنين من السكان في الشاغور وإصابة قرابة 10 أشخاص بجروح، بالإضافة إلى حالات الهلع التي أصابت المواطنين، بعد سقوط صواريخ في مناطق مكتظة وحيوية بشكل عام.
ويسكن في بلدات الشاغور قرابة 55 ألف مواطن، وعدد المباني المحصنة التي خصصت لهم من قبل السلطات الإسرائيلية لا يتجاوز عددها 5 ملاجئ، يتسع الواحد منها لقرابة 10 أشخاص، في حين خصصت السلطات لمدينة كرمئيل المحاذية، والتي يصل عدد سكانها إلى قرابة 53 ألف مواطن، أكثر من 126 مبنى محصنا تتوزع على أحياء وشوارع المدينة.
وتصل نسبة المنازل التي لا تتوفر فيها ملاجئ في بلدة مجد الكروم إلى قرابة 70% من المنازل، وفقًا لضابط الأمن والأمان في مجلس مجد الكروم، أحمد خلايلة.
مقتل أرجوان صدمة
وقال عم المرحومة أرجوان منّاع، ممدوح منّاع، لـ”عرب 48” إنه “في البداية قيل لنا أن إصابة أرجوان طفيفة، لم نتوقع أن الإصابة كانت بالغة لهذا الحد، توجهت إلى المستشفى، وإذ بالجميع يبكي في المستشفى، لم نكن نتوقع أن أرجوان توفيت، ولكن الحمد الله رب العالمين ولا اعتراض على حكم الله”.
وعن ابنة شقيقه، أرجوان، قال إن” كل من عرف أرجوان يعرفها دائمة الابتسامة، لا تختفي الابتسامة عن وجهها، الجميع يعرف أرجوان التي تفرح للجميع وتجدها مع الجميع تعطي من قلبها، هذه الشابة كانت ملاكا على هيئة إنسان، ولا تقصر بحق أحد ابدًا”.
السيناريو يتكرر: أحداث 2006 تعود من جديد
واستذكر منّاع فقدان صديق له في حرب تموز 2006 بسبب سقوط صواريخ في مجد الكروم، وقال: “في عام 2006 فقدنا شابين في مجد الكروم، ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن لم يتم إنشاء أي ملاجئ في البلدة. من غير المعقول أنه على مدار كل هذه السنوات لم يبادر أي رئيس سلطة محلية في مجد الكروم ببناء ملاجئ، رغم معرفتهم بالمخاطر المتكررة منذ 2006. لذلك، من الضروري اتخاذ خطوات استباقية لتجنب المصائب، فنحن مررنا بتجربة مماثلة في السابق”.
وأضاف منّاع: “أوجه ندائي إلى جميع الأهالي في البلدة وخارجها بعدم التهاون بمخاطر الصواريخ. عندما نسمع التنبيهات والتحذيرات بوجود خطر، علينا توخي الحيطة واتباع تعليمات السلامة بجدية، فالالتزام بإجراءات السلامة البسيطة قد يكون الفرق بين الحياة والموت”.
عدم الاستهتار
وقال الشاب بهاء خلايلة من مجد الكروم، حيث وقع الانفجار بالقرب من منزله، لـ”عرب 48“: “كنت داخل المنزل عند وقوع الانفجار، وعندما خرجت لرؤية ما جرى وجدت الأهالي متجمعين في الساحة وسط صرخات عالية. دخلت إلى المبنى وشاهدت إصابات بالغة في المكان. ما حدث كان محزنًا ومخيفًا، والوضع الذي تمر به البلدة مرعب بالفعل”.
وعن مدى توفر الملاجئ أو الأماكن الآمنة في البلدة، أوضح أنه “لا تتوفر في المنطقة مناطق آمنة أو محمية، وما حصل كان نتيجة عدم توفر الملاجئ، بالإضافة إلى ذلك سقوط الصواريخ حصل خلال اللحظات الأولى لدوي صافرات الإنذار، إذ لم يتوفر الوقت للأهالي حتى يتمكنوا من دخول المناطق الآمنة”.
عدم توفر ملاجئ سبب ما حصل
وقال أسامة سلامة الذي تعرض منزله لضرر نتيجة القصف وأصيبت زوجته بجروح نتيجة الشظايا لـ”عرب 48“، إن “ما حصل لم يصدق، حيث أن صوت الانفجار كان قويا جدًا وليس كالصواريخ التي اعتدنا عليها من قبل، حصلت أضرار في المنزل، بالإضافة إلى ذلك أصيبت زوجتي نتيجة الشظايا، نقلناها إلى المستشفى، ونحمد الله أن إصابتها طفيفة وجرى تسريحها من المستشفى”.
وأشار إلى أن “معظم منازل مجد الكروم تفتقر إلى الملاجئ، بينما تكاد لا تخلو أي منازل في البلدات اليهودية من ملاجئ. ويعود ذلك إلى أن غالبية المباني في البلدات العربية قديمة نسبيًا، ولا تحتوي على تجهيزات الحماية اللازمة، وهذا يشمل معظم منازل مجد الكروم، مما يزيد من مخاوفنا من تكرار ما حدث بالأمس”.
منذ أشهر لم يتم توفير مبان محصنة
وقال محمد سرحان من بلدة مجد الكروم، في حديث لـ”عرب 48“، إن “الأوضاع مأساوية في البلدة، نتعرض منذ أشهر لذات الأحداث التي تعرضنا لها في حرب 2006، حيث قتل شابين نتيجة الحرب، ومنذ أشهر لم يتم توفير ملاجئ مناسبة في قرى الشاغور، التي تقع بها الصواريخ منذ بداية الحرب دون إيجاد أي حلول”.
وأوضح أن “قرى الشاغور، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 55 ألف نسمة، لا تحتوي إلا على ثلاثة ملاجئ عامة موزعة على الشوارع الرئيسية. في المقابل، نجد في مدينة كرميئيل، التي لا يتجاوز عدد سكانها 53 ألف نسمة، أكثر من 126 ملجأ عامًا. وهذا التفاوت يعكس بوضوح التمييز والعنصرية التي نعاني منها في القرى العربية”.
سياسات عنصرية بالملاجئ
وفي ما يتعلق بالملاجئ في مجد الكروم، التي هي في الواقع أنابيب إسمنتية ضخمة تستخدم عادةً للصرف الصحي، قال: “بصراحة، ما يُسمى ملاجئ هنا هو استهتار بحياة الناس؛ فمثل هذه الأماكن لا توفر الحماية من صاروخ بزنة متفجرات تصل إلى مئات الكيلوغرامات. هذا الحل ليس حماية للمواطن، بل هو تجاهل لسلامته”.
ودعا سرحان إلى “إيجاد حلول فورية، رغم أن هذه الإجراءات كان يجب تنفيذها منذ زمن لتفادي الأضرار، حيث يكون الضرر الأكبر في البلدات العربية. يجب أن تكون الحلول ملائمة للواقع وتضمن حماية المواطن، لا أن تكون استهتارًا بحياته”.
من جانبه، أوضح ضابط الأمن والسلامة في مجلس مجد الكروم المحلي، أحمد خلايلة، لـ”عرب 48” أن “عددًا من الإصابات سجلت أمس في مجد الكروم نتيجة القصف، حيث فقدنا شابين، شاب وشابة في ريعان الشباب. بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك إصابات أخرى بسبب شظايا الصواريخ التي سقطت، فضلاً عن بعض حالات الهلع التي تعاملنا معها في قسم الخدمة النفسية بالمجلس”.
تسريح جميع المصابين
وبشأن الإصابات، أوضح أن “جميع المصابين نتيجة الشظايا تم تسريحهم من المستشفيات بحمد الله، حيث كان مجموعة من الإصابات بين الطفيفة والمتوسطة، والجميع يتواجد اليوم في المنزل”.
وعن مدى توفر الملاجئ في مجد الكروم، أعرب عن قلقه قائلًا: “حقيقةً، عدد المنازل التي تحتوي على ملاجئ في مجد الكروم قليل جدًا، حيث تصل نسبة المنازل التي تفتقر إلى ملاجئ إلى حوالي 70%، وهذه نسبة كبيرة ومقلقة تعرض حياة المواطنين للخطر”.
وبخصوص الغرف المحصنة في مجد الكروم، أضاف: “طالبنا الجبهة الداخلية بتوفير ملاجئ، ولكن تم إحضار كمية أقل مما طلبنا. في ظل نقص المباني المحصنة، ابتكرنا فكرة تحويل أنابيب مياه الصرف الصحي الكبيرة إلى مناطق آمنة، في محاولة لحماية أهلنا في الأماكن العامة من شظايا الصواريخ. ومع ذلك، فإن الغرف المحصنة لا توفر حماية كاملة من الإصابات المباشرة، بل تحمي فقط من الشظايا التي أودت بحياة الشابة أرجوان منّاع والشاب حسن سواعد”.
المصدر: عرب 48