Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

شبح جائحة كوفيد يخيّم على العالم مع ظهور فيروس HMPV

أعلنت السلطات الصينيّة الأسبوع الماضي إنّها ستضع نظام مراقبة للالتهابات الرئويّة من أصل غير معروف لمحاولة التحكّم بانتشار الفيروس واكتشافه. وسيشمل ذلك إجراءات للمختبرات للإبلاغ عن الحالات وللوكالات المعنيّة بمكافحة الأمراض والوقاية منها والتعامل معها…

أعادت عدّة تقارير عن زيادة حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفّسيّ في الصين ذكريات “قاتمة” لبداية جائحة كوفيد-19 قبل خمس سنوات تقريبًا. ولكن على الرغم من أوجه التشابه السطحيّة، فإنّ هذا الوضع يبدو مختلفًا وأقلّ إثارة للقلق، كما يقول الخبراء الطبّيّون.

أفادت التقارير أنّ فيروس التهاب الرئة البشريّ المعروف أيضًا باسم HMPV يتزايد في الصين، ممّا أثار تساؤلات حول ماهيّة المرض وما إذا كان يشكّل مصدر قلق لمنظّمة الصحّة العالميّة.

ولم يؤكّد المسؤولون الصحّيّون الصينيّون أنّ فيروس التهاب الرئة البشريّ هو السبب وراء زيادة دخول المستشفيات في البلاد، وتشير التقارير الأخيرة من مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الصين إلى أنّ الزيادة قد تكون في الواقع بسبب الأنفلونزا. ولكن مع قلّة المعلومات حول فيروس التهاب الرئة البشريّ، ارتفعت المخاوف من جائحة جديدة محتملة، على الرغم من تصريح الخبراء بأن لا شيء يدعو للقلق.

بدورها لم تعرب منظّمة الصحّة العالميّة عن أيّ قلق. واستشهدت الدكتورة مارغريت هاريس، المتحدّثة باسم المنظّمة، بتقارير أسبوعيّة من السلطات الصينيّة أظهرت ارتفاع “متوقّع” في الحالات، وقالت “كما هو متوقّع في هذا الوقت من العام خلال شتاء نصف الكرة الشماليّ، هناك زيادة شهريّة في الالتهابات التنفّسيّة الحادّة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسميّة وفيروس الجهاز التنفّسيّ المخلوي والفيروس الرئويّ البشريّ”.

ما هو فيروس HMPV

في البلدان الّتي تشهد شهورًا من الطقس البارد، يمكن أن يكون لفيروسات الجهاز التنفّسيّ البشريّة موسم سنويّ، تمامًا مثل الأنفلونزا، بينما في الأماكن الأقرب إلى خطّ الاستواء تنتشر بمستويات أقلّ طوال العام. وفيروسات الجهاز التنفّسيّ البشريّة فيروس معروف بشكل أفضل في الولايات المتّحدة وهو الفيروس المخلويّ التنفّسيّ أو RSV. ويسبّب الفيروس أعراضًا تشبه إلى حدّ كبير تلك المرتبطة بالإنفلونزا وكوفيد، بما في ذلك السعال والحمّى واحتقان الأنف.

معظم حالات عدوى فيروسات الجهاز التنفّسيّ البشريّة خفيفة، تشبه نزلات البرد الشائعة. لكنّ الحالات الشديدة يمكن أن تؤدّي إلى التهاب الشعب الهوائيّة أو الالتهاب الرئويّ، وخاصّة بين الرضّع وكبار السنّ والأشخاص الّذين يعانون ضعف المناعة. المرضى الّذين يعانون حالات الرئة الموجودة مسبقًا، مثل الربو أو مرض الانسداد الرئويّ المزمن أو انتفاخ الرئة، هم أكثر عرضة لأعراض شديدة.

وتشير التقارير إلى أنّه في حين أنّ الفيروس نادرًا ما يكون مميتًا في البلدان ذات الدخل المرتفع، إلّا أنّه قد يشكّل مشاكل وأعباء صحّيّة في البلدان النامية ذات الدخل المنخفض، وتكون الوفيات أكثر شيوعًا بسبب النظم الصحّيّة الضعيفة وغير المتطوّرة.

قال الدكتور لي هوارد، الأستاذ المشارك في أمراض الأطفال المعدية في المركز الطبّيّ بجامعة فاندربيلت في ولاية تينيسي، إنّ الفيروس المنتشر حاليًّا ليس بالجديد كلّيًّا، فقد تمّ التعرّف عليه أوّل مرّة في عام 2001. لكن يشير الباحثون إلى أنّ الفيروس منتشر بين البشر منذ 60 عامًا على الأقلّ. وعلى الرغم من أنّه ليس جديدًا، إلّا أنّه ليس معروفًا مثل فيروسات الإنفلونزا أو كوفيد أو حتّى الفيروس المخلوي التنفّسيّ.

ويضيف الدكتور هوارد “من الصعب التمييز بين السمات السريريّة للمرض بالمقارنة مع الأمراض الفيروسيّة الأخرى، ولا نختبر بشكل روتينيّ فيروسات الجهاز التنفّسيّ البشريّ بالطريقة الّتي نفعلها لكوفيد أو الإنفلونزا أو الفيروس المخلويّ التنفّسيّ. لذلك لا يتمّ التعرّف على معظم الإصابات، وتشخص كأمراض أخرى تصيب الجهاز التنفّسيّ”.

وينتشر الفيروس بالدرجة الأولى من خلال الرذاذ أو الهواء الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال الاتّصال المباشر مع شخص مصاب، أو من خلال التعرّض للأسطح الملوّثة، وهي ذات الطرق الّتي يصاب بها الناس بنزلات البرد والإنفلونزا وكوفيد. ويشير الخبراء إلى أنّه حتّى اللحظة لا يوجد لقاح ضدّ فيروس HMPV ولكن نظرًا لتشابه الفيروس الجديد مع فيروس الجهاز التنفّسيّ المخلوي، يجري البحث حاليًّا لإيجاد لقاح يمكنه الحماية من كلا الفيروسين بجرعة واحدة، نظرًا لتشابههما.

الصين تحاول احتواء الفيروس

بدورها، أقرّت السلطات الصينيّة بارتفاع حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفّسيّ البشريّ HMPV، لكنّها أكّدت أنّ الفيروس معروف لديهم ولا يشكّل مصدر قلق كبير. وشدّدت السلطات الصينيّة أنّه على عكس فيروس HMPV فإن فيروس كورونا المسبّب لوباء كوفيد-19 كان مسبّبًا “جديد” للأمراض، لذا لم تتمكّن أجهزة المناعة لدى الناس من بناء دفاعات ضدّه.

وفي مؤتمر صحفيّ عقده مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الصين في 27 كانون الأوّل/ديسمبر، قال كان بياو، مدير معهد الأمراض المعدية التابع للمركز، إنّ حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفّسيّ البشريّ آخذة في الارتفاع بين الأطفال الّذين تبلغ أعمارهم 14 عامًا أو أقلّ. وقال إنّ الزيادة كانت ملحوظة بشكل خاصّ في شمال الصين، وأضاف أنّ حالات الأنفلونزا زادت أيضًا.

وقال إنّ الحالات قد ترتفع خلال عطلة رأس السنة القمريّة الجديدة، في نهاية كانون الثاني/يناير عندما يسافر العديد من الناس وتحدث تجمّعات كبيرة واختلاط بين الناس؛ ممّا يؤدّي إلى زيادة حالات العدوى. واختتم بياو المؤتمر الصحفيّ بالتشديد على أنّ الوضع حاليًّا تحت السيطرة، وقال “بالحكم على الوضع الحاليّ، فإنّ نطاق وشدّة انتشار الأمراض المعدية التنفّسيّة هذا العام سيكون أقلّ من العام الماضي”.

وحسب وكالة أنباء شينخوا الرسميّة الصينيّة، أظهرت البيانات الصينيّة الرسميّة أنّ حالات فيروس التهاب الرئة البشريّ كانت في ارتفاع منذ منتصف كانون الأوّل/ديسمبر، سواء في العيادات الخارجيّة، أو في حالات الطوارئ. وقالت الوكالة إنّ بعض الآباء ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعيّ لم يكونوا على دراية بالفيروس، وكانوا يطلبون المشورة عبر الإنترنت، وحثّت السلطات الصينيّة على اتّخاذ الاحتياطات الهادئة والعاديّة مثل غسل اليدين بشكل متكرّر وتجنّب الأماكن المزدحمة.

وأعلنت السلطات الصينيّة الأسبوع الماضي إنّها ستضع نظام مراقبة للالتهابات الرئويّة من أصل غير معروف لمحاولة التحكّم بانتشار الفيروس واكتشافه. وسيشمل ذلك إجراءات للمختبرات للإبلاغ عن الحالات وللوكالات المعنيّة بمكافحة الأمراض والوقاية منها والتعامل معها، حسبما ذكرت هيئة الإذاعة والتلفزيون الصينيّة.

هل يتكرّر سيناريو كوفيد؟

لا شكّ في أنّ الذاكرة ما زالت مليئة بالأحداث المرتبطة بجائحة كوفيد، مثل أعداد الحالات الّتي ارتفعت بشكل جنونيّ يوميًّا، ومن ثمّ الإغلاقات وحظر السفر والأخبار عن شبه انهيار للنظام الصحّيّ في بعض الدول وعدد الوفيات الّذي كان يرتفع يومًا بعد يوم. بالطبع، يوجد شبه بين التقارير الواردة من الصين حاليًّا، وتلك التقارير الّتي وردت في الأيّام الأولى المربكة لجائحة كوفيد.

لكنّ الوضع الحاليّ مختلف في جوانب رئيسيّة، حسب الخبراء. أوّلًا، كوفيد كان فيروس انتقل إلى البشر من الحيوانات، ولم يكن معروفًا من قبل. أمّا بالنسبة للفيروس المنتشر حاليًّا، فيشير الخبراء إلى أنّه تمّت دراسته جيّدًا، وهناك قدرة واسعة النطاق لاختباره. ثانيًا، هناك مناعة منتشرة وواسعة بين الناس لهذا الفيروس على مستوى العالم بالمقارنة مع كوفيد الّذي لم يكن لدى الناس أيّ مناعة له حين انتشاره قبل خمس سنوات.

ومع ذلك، يشدّد الخبراء على أهمّيّة أن تشارك الصين بياناتها ولا تقارير حول هذا التفشّي في الوقت المناسب. وقال الدكتور سانجايا سينانياكي، المتخصّص في الأمراض المعدية وأستاذ مشارك في الطبّ في الجامعة الوطنيّة الأستراليّة. “يتضمّن هذا بيانات وبائيّة حول من يصاب بالعدوى. وسنحتاج أيضًا إلى بيانات جينوميّة تؤكّد أنّ فيروس HMPV هو السبب، وأنّه لا توجد أيّ طفرات كبيرة مثيرة للقلق”.


المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *