صراع مستمرّ بين الشركات الكبرى
أدت ربحية وسائل التواصل الاجتماعي إلى ظهور منافسة شديدة بين الشركات الكبرى التي تتنافس على الهيمنة على السوق، وتدرك هذه الشركات أنه كلما زاد عدد المستخدمين الذين تجتذبهم وتحتفظ بهمً، زادت قيمة منصاتهم للمعلنين
إيلون ماسك ومارك زوكربرغ (Getty)
احتدّت المنافسة بين الرئيس التنفيذيّ لشركة “ميتا”، مارك زوكربرغ، والرئيس التنفيذي لمنصّة “تويتر” إيلون ماسك. وأطلقت شركة “ميتا” تطبيقًا جديدًا للتدوينات تحت اسم “ثريدز” لمنافسة “تويتر”، وذلك بعد أيّام من إعلان إيلون ماسك فرض قيود على منصّة تويتر، تتعلّق بعدد التغريدات التي يمكن للمستخدمين قراءتها على المنصّة.
وكانت “ميتا” قد كشفت عن أنّ تطبيق “ثريدز” سيكون تابعًا لإنستغرام، وسيتيح للمستخدمين متابعة الحسابات التي يتابعونها على المنصّة، والاحتفاظ بالاسم نفسه”.
مع وجود ملايين المستخدمين النشطين في جميع أنحاء العالم على وسائل التواصل الاجتماعي، تحولت هذه المنصات إلى صناعات مربحةً، مما أدى إلى تحقيق إيرادات كبيرة للشركات التي تقف وراءها. وعلى مدار العقد الماضيً، شهدت وسائل التواصل الاجتماعي نموًا هائلاً من حيث عدد المستخدمين والمشاركة والإيرادات، ووفقًا لآخر إحصائيّات هذه المواقع منذ عام ٢٠٢٢، هناك ما يقرب من 4.33 مليار مستخدم في جميع أنحاء العالمً، يمثلون أكثر من نصف سكان العالم، حيثأدى هذا التبني الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي إلى إنشاء قاعدة مستخدمين ضخمة للشركات لاستهدافها وتحقيق الدخل منها.
ويلعب الإعلان دورًا مهمًا في ربحية منصات التواصل الاجتماعي، حيث توفر هذه المنصات بيئة مثالية للإعلان المستهدف نظرًا للكم الهائل من بيانات المستخدم التي تجمعها، ويمكن للشركات استخدام هذه البيانات لتخصيص الإعلانات لتناسب خصائص ديموغرافية واهتمامات وسلوكيات محددةً، مما يزيد من فعالية حملاتهم التسويقية، نتيجة لذلكً، أصبح الإعلان المصدر الأساسي لإيرادات شركات التواصل الاجتماعي.
ويعد موقع “فيسبوك”ً، أكبر منصة وسائط اجتماعيةً، مثالاً ممتازًا على ربحية الإعلانات، ففي عام 2020ً، حققت المنصّة أرباحًا مذهلة بلغت 84.17 مليار دولار أمريكيً، وهو ما يمثل حوالي 98٪ من إجمالي إيراداته، وكانت قدرة النظام الأساسي على استهداف الإعلانات الدقيقة لمستخدميه النشطين البالغ عددهم 2.8 مليار مستخدم قد جعلته قوة مهيمنة في مجال الإعلان الرقمي.
وحسب تقارير، فقد أدت ربحية وسائل التواصل الاجتماعي إلى ظهور منافسة شديدة بين الشركات الكبرى التي تتنافس على الهيمنة على السوق، وتدرك هذه الشركات أنه كلما زاد عدد المستخدمين الذين تجتذبهم وتحتفظ بهمً، زادت قيمة منصاتهم للمعلنين، وبالتاليً، فإنهم يستخدمون استراتيجيات مختلفة لزيادة قاعدة المستخدمين ومقاييس التفاعل، وتتمثل إحدى هذه الإستراتيجيات في الاستحواذ على منصات وسائط اجتماعية أصغر، وذلك من خلال الحصول على شركات ناشئة واعدة أو منصات منافسةً، يمكن للشركات الكبرى القضاء على التهديدات المحتملة وتوسيع قاعدة مستخدميها. على سبيل المثالً، سمح استحواذ “فيسبوك” على “إنستغرام” و “واتساب” للشركة باستيعاب قواعد المستخدمين الخاصة بهم ودمج ميزاتهم في نظامها الإيكولوجيً، مما زاد من ترسيخ هيمنتها في صناعة وسائل التواصل الاجتماعي.
وتستثمر الشركات باستمرار في البحث والتطوير لإنشاء ميزات جديدة تجذب المستخدمين وتحافظ على مشاركتهم، من ساعد إدخال ميزات مثل بث الفيديو المباشر والقصص وفلاتر الواقع المعزز وغيرها، كما ظهر التسويق المؤثر كاستراتيجية قوية لتحقيق الدخل في صناعة وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يشترك المؤثرونً، الذين حصدوا عددًا كبيرًا من المتابعين على منصات مثل ” إنستغرام” و”يوتيوب” و”تيك توك” مع العلامات التجارية للترويج لمنتجاتهم أو خدماتهم. يسمح هذا النوع من التسويق للشركات بالاستفادة من مصداقية المؤثرين والوصول إلى جمهورهم المستهدف بشكل فعال.
وعلى الرغم من ربحيتهاً، تواجه صناعة وسائل التواصل الاجتماعي العديد من التحديات والجدل، ويتمثل أحد هذه التحديات في الحاجة إلى الموازنة بين خصوصية المستخدم والإعلانات المستهدفة، حيث تعرضت شركات وسائل التواصل الاجتماعي للتدقيق بسبب تعاملها مع بيانات المستخدمً، مما أدى إلى مناقشات حول لوائح الخصوصية والمخاوف بشأن انتهاكات البيانات.
كما أثار إصدار المعلومات المضللة والأخبار المزيفة على منصات التواصل الاجتماعي مخاوف واسعة النطاق، حيث يمكن أن يكون لنشر معلومات كاذبة عواقب مجتمعية كبيرةً، مثل التأثير على الانتخابات أو التحريض على العنف أو نشر الخوف والذعر، كما ينشر تواجه الشركات الكبيرة في صناعة وسائل التواصل الاجتماعي تحديًا يتمثل في مكافحة المعلومات المضللة مع ضمان حرية التعبير والحفاظ على ثقة المستخدم.
المصدر: عرب 48