صفقات أسلحة وقاعدة للموساد ضد إيران
تقرير: 92 طائرة شحن أذرية هبطت في مطار “عوفدا” قرب إيلات، الذي يسمح بنقل مواد متفجرة منه فقط، وآخرها يوم الخميس الماضي. وإسرائيل مسؤولة عن 70% من أسلحة أذربيجان رغم حظر دولي يمنع بيعها أسلحة
تظاهرة في تل أبيب ضد صفقات الأسلحة مع أذربيجان، أواخر العام 2020 (Getty Images)
أفاد تحقيق صحافي نشرته صحيفة “هآرتس” اليوم، الأحد، بأن 92 طائرة شحن تابعة لشركة “سيلكواي” (Silkway) الأذربيجانية هبطت في قاعدة “عوفدا” التابعة لسلاح الجو قرب مدينة إيلات في جنوب إسرائيل، وهو المطار الوحيد في إسرائيل الذي يُسمح بنقل مواد متفجرة منه وإليه.
وكانت آخر هذه الطائرات، من طراز “إليوشين-76″، قد هبطت في “عوفدا” يوم الخميس الماضي، ثم أقلعت بهد ساعتين وحلقت فوق وسط إسرائيل واتجها شمالا نحو الأجواء التركية ومنها اتجهت شرقا إلى قاعدتها الدائمة في عاصمة أذربيجان، باكو.
وأشارت الصحيفة إلى وجود حلف إستراتيجي بين إسرائيل وأذربيجان، منذ عقدين، وفي إطاره تبيع إسرائيل لأذربيجان أسلحة بمليارات الدولارات، وفي المقابل تزودها أذربيجان بالنفط وممرا للوصول إلى إيران التي لديها حدود طويلة مع أذربيجان.
وسمحت أذربيجان للموساد بإقامة مقر أمامي له من أجل التجسس على إيران، وأقامت مطارا بهدف مساعدة إسرائيل في حال قررت مهاجمة المنشآت النووية في إيران. ونسبت الصحيفة هذه المعلومات حول نشاط الموساد إلى “تقارير أجنبية”، لأن إسرائيل لا تعترف رسميا بذلك. وغالبا ما تكون إسرائيل نفسها مصدر “التقارير الأجنبية” من خلال تسريب معلومات أمنية وعسكرية.
وذكرت تقارير قبل سنتين، أن عملاء الموساد الذين سرقوا الأرشيف النووي الإيراني، نقلوه إلى إسرائيل عبر الأراضي الأذربيجانية. ووفقا لتقارير أذربيجانية رسمية، فإن إسرائيل باعت أذربيجان أسلحة متطورة للغاية، وبينها صواريخ بالستية ومنظومات دفاع جوي وقتال إلكتروني، وطائرات مسيرة انتحارية وغيرها من الأسلحة.
وتعتبر شركة “سيلكواي” إحدى أكبر شركات الشحن الجوي في آسيا. وتدل وثائق رسمية على أنها متعهد ثانوي لوزارات دفاع عديدة في العالم. وتُسيّر هذه الشركة ثلاث رحلات أسبوعية بين باكو ومطار بن غوريون في اللد، مستخدمة طائرات شحن من طراز “بوينغ 747”. وخلال العام الماضي، كان “سيلكواي” ثالث أكبر شركة أجنبية من حيث حجم الشحنات التي نُقلت إلى مطار بن غوريون.
ويعتبر هبوط 92 طائرة تابعة لشركة “سيلكواي”، من طراز IL-76، في مطار “عوفدا”، منذ العام 2016، أمرا غير مألوف لطائرات شحن مدنية. و”سيلكواي” هي واحدة من الشركات القليلة جدا التي تهبط طائراتها في هذا المطار. وطوال سنين عديدة، عبطت فيه طائرات معدودة لشركات أخرى من أوروبا الشرقية ومن إسرائيل أيضا والتي نقلت مواد متفجرة.
ونشرت وسائل إعلام تشيكية، في العام 2018، تقارير حول أسلحة محظور بيعها لأذربيجان، لكن تم نقلها رغم الحظر، في أعقاب صفقة التفافية بواسطة إسرائيل.
وأضافت الصحيفة أنه تزايد عدد طائرات “سيلكواي” التي هبطت في “عوفدا” بمنتصف العام 2016 وأواخر العام 2020 ونهاية العام 2021، بالتزامن مع الجولات القتالية بين أذربيجان وأرمينيا في إقليم ناغورنو قره باغ. وقسم من هذه الطائرات هبطت رسميا باسم “وزارة الدفاع الأذرية”. ومنحت السلطات الإسرائيلية في العام 2016 تصريحا آخر لشركة “سيلكواي” للهبوط في “عوفدا”، بالرغم من تجاوزها أنظمة الضجيج، من أجل مواصلة نقل الأسلحة. وفرضت الولايات المتحدة ودول أوروبية قيودا على أذربيجان وأرمينيا في أعقاب هذه الجولات القتالية.
إلا أن هذه العقوبات “فتحت فرصة تجارية وإستراتيجية” أمام إسرائيل، وفقا للصحيفة. “وحقيقة أن كلتا الدولتين (أذربيجان وإسرائيل) تنظران إلى إيران كتهديد مباشر عززت العلاقات بينهما”. وكانت إسرائيل من أوائل الدول التي اعترفت بأذربيجان بعد استقلالها، عام 1991، في أعقاب انهيار الاتحاد السوفييتي، وفتحت سفارة في باكو، في العام 1993.
وكتب رئيس الدائرة السياسية والاقتصادية في السفارة الأميركية في باكو، روب فربريك، في برقية من العام 2009، كشفها موقع “ويكيليكس”، أن “علاقات أذربيجان وإسرائيل سرية وقريبة. وكل واحدة منهما تتماثل مع المصاعب الجيوسياسية للأخرى، وكلتاهما تصفان إيران كتهديد أمني وجودي. والصناعات الأمنية الإسرائيلية، الرائدة عالميا في هذا المجال وذات نهج متساهل للوصول إلى قواعد زبائنها، تستجيب بشكل مثالي للاحتياجات الأمنية الأذربيجانية الكبيرة، التي بقيت غالبيها بدون استجابة من جانب الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا”.
وكانت أذربيجان وأرمينيا تعتمدان بعد استقلالهما على ترسانة أسلحة سوفييتية، لكن منذ العام 2016 أصبحت إسرائيل مسؤولة عن تزويد 70% من أسلحة أذربيجان، وفق تقرير للمعهد الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم (SIPRI).
وصدرت إسرائيل أنواع أسلحة كثيرة إلى أذربيجان، بينها بنادق أوتوماتيكية من طراز “طابور” وأنظمة متطورة جدا، بينها رادارات، قذائف مضادة للمدرعات، صواريخ بالستية، قوارب وأنواع عديدة من الطائرات بدون طيار التي تستخدم للتجسس والهجوم وبضمنها طائرات انتحارية استخدمت ضد القوات الأرمينية.
كذلك زودت شركات إسرائيلية أذربيجان بمنظومات سايبر متطورة، وبضمنها برمجيات تجسس لشركتي “فرينت” وبرنامج “بيغاسوس” الذي طورته NSO والتي استخدمتها الحكومة الأذربيجانية ضد صحافيين وناشطي حقوق إنسان.
ووقعت إسرائيل وأذربيجان على أول صفقة أسلحة في العام 2007، وفي العام 2011 تطورت العلاقات ووقعت الدولتان على صفقة أسلحة بمبلغ 1.6 مليار دولار. وفي العام 2014، حصلت أذربيجان على أول 100 طائرة انتحارية بدون طيار من صنع إسرائيل، وبعد سنتين اشترت 250 طائرة انتحارية أخرى من طراز SkyStriker من صنع شركة “إلبيت” الإسرائيلية. وخلال زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلى باكو في العام 2016، كشف الرئيس الأذربيجاني، إلهام علييف، عن أنه تم توقيع صفقات بين الدولتين لشراء “عتاد دفاعي” بحوالي 5 مليارات دولار.
المصدر: عرب 48