“صيانة الاحتلال أصبحت مهمة صعبة ونازفة أكثر”
حسب المحللين الإسرائيليين، فإن الجيش الإسرائيلي يتحفظ من ضغوط الحكومة، التي يسيطر المستوطنون عليها، بشن عملية عسكرية واسعة بالضفة، وبين الأسباب ضعف “نسيج جيش الشعب” بعد خطة إضعاف القضاء
موقع عملية إطلاق النار، أمس (أ.ب.)
رجح محللون في الصحف الإسرائيلية اليوم، الأربعاء، أن الجيش الإسرائيلي لن ينفذ عملية عسكرية واسعة وعميقة، في أعقاب عملية إطلاق النار في مستوطنة “عيلي”، أمس، التي أسفرت عن استشهاد فلسطينيين ومقتل أربعة مستوطنين.
إلا أن التحليلات أشارت إلى أن الجيش الإسرائيلية سينفذ عملية عسكرية في شمال الضفة الغربية المحتلة، وستكون محدودة “بهدف تهدئة الوضع الميداني مؤقتا” إلى جانب “تهدئة” الدعوات المنفلتة في اليمين، وبضمنه الحكومة الإسرائيلية، الذي يمارس ضغوطا من أجل شن عملية عسكرية كبيرة.
وأشار الباحث في “معهد أبحاث الأمن القومي” في جامعة تل أبيب، عوفر شيلح، وهو الرئيس السابق للجنة الخارجية والأمن في الكنيست، إلى أنه يتوقع أن تقرب عملية إطلاق النار عملية واسعة للجيش الإسرائيلي في شمال الضفة، بالرغم من أن موقع العملية وهوية منفذيها يطرح شكاكا حيال العلاقة بين وبين جنين.
وأضاف شيلح في مقال في صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن الضغوط لشن عملية عسكرية واسعة لم تأت من جانب قيادة المستوطنين فقط. والشاباك، المسؤول عن إحباط العمليات، يرى كيف نشأت منطقة مستباحة في شمال الضفة، يدير التنظيم المسلح فيها ما يشبه حكما ذاتيا. “والعملية أمس تدل على أن المرض ينتشر بعيدا ما بعد جنين”.
وبحسب شيلح، فإن موقف الجيش الإسرائيلي “منضبط أكثر حتى الآن، لأن قادته يترددون حيال ما سيحدث لاحقا. ماذا سنفعل بعد الخسائر في الجانبين؟ هل نبقى في قلب مخيمات اللاجئين؟ ننفذ عمليات عسكرية مشابهة في مدن فلسطينية أخرى، توجد فيها مناطق مستباحة آخذة بالتطور؟ نخاطر باشتعال الوضع في غزة وربها لمناطق أخرى؟”.
ولفت شيلح إلى “مسألة مزعجة، لن يعبر عنها أحد بالعلن: في الوضع السياسي الحالي في إسرائيل، وفيما دوافع الحكومة الحالية ورئيسها مشتبهين مسبقا بنظر قسم كبير من الجمهور، ونشطاء الاحتجاجات (ضد إضعاف القضاء) لم يترددوا بالتهديد برفض الخدمة العسكرية، فماذا ستفعل عملية عسكرية كهذه بنسيج جيش الشعب الذي أخذ يضعف؟”.
وأضاف شيلح أن إسرائيل ترفض أي خطوة سياسية تجاه الفلسطينيين بادعاء أنه “لا يوجد شريك”، والحكومة الحالية “تتطلع بشكل معلن إلى القضاء على الحل السياسي وترسيخ وضع ميداني لا يمكن تغييره. والمسؤولون فيها والدائرة المؤثرة فيها يدفعون باتجاه عملية عسكرية كبيرة ليس من أجل ’اجتثاث الإرهاب’ بالضرورة، وإنما من أجل تحقيق ما تصفه القيادة الأمنية بأنه سيناريو الرعب، وهو انهيار السلطة الفلسطينية بالكامل”.
وأشار إلى أنه لا توجد في إسرائيل معارضة لهذا الموقف، “والذين يتحدثون عن ’إدارة الصراع’ أو عن ’تقليصه’ يؤيدون عمليا استمرار غياب السياسة الذي يؤدي بالضرورة إلى النتيجة نفسها”.
استهدفت عملية إطلاق النار، أمس، “نقطة الضعف الإسرائيلية في الضفة، وهي حركة المواطنين في الشوارع”، وفقا للمحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل. وأضاف أن المستوطنات نفسها آمنة نسبيا بسبب إحاطة الكثير منها بجدران وقسم من البؤر الاستيطانية العشوائية بلا جدران، “لكن الشوارع مشتركة لكلتا المجموعتين السكانيتين، ولا صعوبة أمام خلية مسلحة، تعرف المنطقة، برصد هدف مدني لتنفيذ عملية مسلحة في أحد الشوارع والفرار بسرعة من المكان.
ورأى هرئيل أن عمليات إطلاق النار ستتكرر والجيش الإسرائيلي سينفذ عملية عسكرية لن تؤثر كثير على الوضع الحالي، وربما تؤدي إلى تهدئة مؤقتة، “إثر ضغوط المستوطنين الذين يسيطرون على الحكومة. وضعف السلطة الفلسطينية، خاصة في شمال الضفة. وهذا وضع لا يمكن أن يؤدي إلى استقرار”.
وأضاف أن “صيانة الاحتلال تتحول إلى مهمة صعبة ونازفة أكثر، بعد فترة طويلة، وعمليا منذ نهاية الانتفاضة الثانية، خُيّل فيها أن بإمكان إسرائيل الحفاظ على الوضع القائم بثمن متدن”.
وأشار المحلل العسكري في صحيفة “معاريف”، طال ليف رام، إلى “تقوض الشعور بالأمن” لدى عدد كبير من المستوطنين إثر الوضع الأمني، وتصاعد العمليات الفلسطينية المسلحة في الضفة، في السنة الأخيرة، “وهذا سبب الانتقادات الشديدة للحكومة وجهاز الأمن”.
المصدر: عرب 48