ضغوط غربية على الجنائية الدولية لثنيها عن إصدار أوامر اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين
واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون ينضمون إلى الحملة الدبلوماسية التي أطلقتها تل أبيب في محاولة لإحباط فرصة إصدار المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد كبار مسؤوليها السياسيين والعسكريين على خلفية حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة.
صعّدت الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها الغربيون، الضغوط الممارسة على المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، في محاولة لمنعها من إصدار أوامر اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين بتهم تتعلق بالحرب على قطاع غزة المحاصر المتواصلة منذ 206 أيام والتي أسفرت عن استشهاد وإصابة وفقدان أكثر من 115 ألف مدني فلسطيني.
تغطية متواصلة على قناة موقع “عرب 48” في “تليغرام”
وحذّر الفريق القانوني الإسرائيلي الذي يتولى الدعاوى القضائية الدولية ضد تل أبيب من إمكانية إقدام المحكمة الجنائية الدولية على إصدار أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين سرا أو دون الإعلان عن ذلك، ويخشون من أن يتفاجأ كبار المسؤولين الإسرائيليين بأوامر الاعتقال ضدهم دون سابق إنذار عندما يكونون في الخارج.
ونقلت وكالة “بلومبرغ” عن مصادر وصفتها بـ”المطلعة” قولها إن “الولايات المتحدة وحلفاءها يشعرون بالقلق من إمكانية إقدام المحكمة الجنائية الدولية على إصدار أوامر اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين في وقت تقترب المفاوضات من التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة حماس، مما قد يعرض الاتفاق للخطر”.
وأفاد التقرير أن “القلق هو أن إسرائيل ستنسحب من الهدنة إذا واصلت المحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر الاعتقال”، وفقًا لما أوردته الوكالة الأميركية نقلا عن مصدرين طلبا عدم الكشف عن هويتهما، وقالت المصادر إن دول “مجموعة السبع بدأت جهدًا دبلوماسيًا هادئًا لنقل هذه الرسالة إلى المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقرا لها”.
وتحقق المحكمة الجنائية الدولية، التي يمكنها توجيه اتهامات للأفراد بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية، في الهجوم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، والحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة.
أوامر اعتقال سرية تباغت المسؤولين الإسرائيليين في الخارج؟
وحذّر أحد أعضاء الوفد القانوني الإسرائيلي الذي يتولى الدعاوى الدولية ضد جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين، في تصريحات للموقع الإلكتروني لصحيفة “يديعوت أحرونوت” (واينت)، من أن مذكرات الاعتقال بحق المسؤولين الإسرائيليين قد تصدر سرا، ما يعرضهم لـ”خطر الاعتقال دون سابق إنذار” عند وصولهم إلى دول أوروبية.
ويتعزز الاعتقاد لدى مسؤولين إسرائيليين أنّ المحكمة الجنائية الدولية تستعدّ لإصدار مذكرات اعتقال بحق مسؤولين حكوميين كبار، بتهم تتعلّق بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وفق ما أكده خمسة مسؤولين إسرائيليين وأجانب لصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية؛ وعبروا عن قلقهم من التداعيات المحتملة لمثل هذه القضية.
ولا يستبعد المسؤولون الذين تحدثوا لـ”نيويورك تايمز” أن يكون رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، من بين الأشخاص الذين قد يتمّ ذكر أسمائهم في مذكرة الاعتقال؛ فيما يشعر المسؤولون الإسرائيليون بقلق من احتمال أن تصدر المحكمة أوامر اعتقال بحق مسؤولين سياسيين وعسكريين كبار بسبب انتهاكات للقانون الإنساني الدولي في غزة.
وبحسب “واينت”، فإن مقربين من رئيس الحكومة الإسرائيلية، يمارسون حملة ضغط تستهدف المدعي العام الدولي، كريم خان، أو كما قال الموقع: “يهددونه ويدفعونه إلى الزاوية”، في محاولة لثنيه عن هذه الخطوة؛ وأفاد التقرير بأن أوامر الاعتقال قد تصدر على خلفية تهديدات المسؤولين الإسرائيليين بتجويع سكان قطاع غزة ومنع المساعدات عن القطاع.
وفي رد فعل على إمكانية إصدار المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال بحق مسؤولين حكوميين وعسكريين إسرائيليين كبار، حذر وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أمس الأحد، السفارات والممثليات الإسرائيلية في الخارج من خطر مواجهة “موجة شديدة من معاداة السامية” مطالبا بتعزيز إجراءاتها الأمنية.
أوامر الاعتقال مقدمة لعقوبات لاحقة
بدورها، ذكرت صحيفة “هآرتس” أن خبراء إسرائيليين في مجال القانون الدولي يحذرون من أنّ صدور أوامر الاعتقال بحق المسؤولين قد يتبعه صدور عقوبات على إسرائيل، مثل فرض حظر على تزويدها بالسلاح وعقوبات اقتصادية أخرى. وأشارت إلى جهود حثيثة بذلتها وزارة القضاء الإسرائيلية بهدف ثني المحكمة عن إصدار أوامر الاعتقال.
وأوضح المحاضر في القانون الدولي بجامعة “إسيكس” بإنجلترا، ماثيو جيليت، إنه لن يتمكن أي شخص تصدر بحقه مذكرة اعتقال من السفر لأكثر من 120 دولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية، بما في ذلك معظم الدول الأوروبية واليابان وأستراليا، وإلا يمكن احتجازه.
وأضاف أنه إذا صدرت أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين فقد تتخذ بعض الدول الحليفة لإسرائيل إجراءات مثل تقليص عمليات نقل الأسلحة أو تقليص الزيارات الدبلوماسية، مما يزيد من عزلة إسرائيل على الصعيد الدولي. وشدد على أن ذلك سيجعل “من الصعب بشكل أكبر على الديمقراطيات الليبرالية الغربية التعامل مع إسرائيل”.
وترجّح الأوساط الإسرائيلية أن تصدر أوامر الاعتقال خلال الفترة القريبة المقبلة، وذهبت تقارير إلى أنها قد تصدر خلال الأسبوع الجاري أو الأسبوع المقبل، وقد تشمل كلا من نتنياهو، ووزير الأمن، يوآف غالانت، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هليفي، وغيرهم من المسؤولين السياسيين والعسكريين.
والقضية المنظورة أمام المحكمة الجنائية الدولية منفصلة عن قضية الإبادة الجماعية المرفوعة ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، ومقرها لاهاي أيضا؛ وتسببت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في نزوح معظم سكان القطاع الفلسطيني المحاصر وعددهم 2.4 مليون نسمة؛ وبلغت حصيلة الضحايا في غزة 34,488 شهيدا و77,643 جريحا معظمهم من المدنيين.
المصدر: عرب 48