عائلة كاملة “مُسحت من السجل المدنيّ”… “نبحث عن أشلاء”
أحد أقارب ضحايا المجزرة في طولكرم: منذ لحظة القصف ونحن نبحث عن أشلاء، ووجدنا قطعا متناثرة في المقهى والمنزل المجاور؛ قريب آخر: إسرائيل تفعل فيه ما تريد ولا يوجد من يحاسبها، والعالم يتغاضى عن دمنا المستباح.
بحث عن أشلاء شهداء (Getty Images)
بين ركام منزل دمرته غارة إسرائيلية بطائرة حربيّة، يبحث لاجئون بمخيّم طولكرم شمالي الضفة الغربية المحتلة، منذ مساء أمس الخميس، عن أشلاء شهداء المجزرة التي خلفها القصف، ومن ضمنهم عائلة كاملة.
ومساء أمس الخميس، شنّت مقاتِلة إسرائيلية غارة هي الأولى من نوعها بالضفة الغربية منذ الانتفاضة الثانية عام 2000، استشهد فيها 18 شخصا، بينهم عائلة محمد أبو زهرة، الذي استشهد رفقة زوجته سجى، وطفليه كرم وشام.
وبمحيط موقع القصف، تجمع مئات الأهالي بحالة من الصدمة والهلَع، وهم يحاولون رفع الركام، ومواساة بعضهم البعض.
ووصف أهال القصف الإسرائيلي بأنه “مجزرة بمعنى الكلمة، لا تقلّ بشاعة عما يرتكبه الاحتلال في قطاع غزة ولبنان”.
“عائلة باتت من الماضي بقرار إسرائيلي”
بين الركام، يبحث الشاب مصطفى أبو دية، عن أشلاء متناثرة وبعض مقتنيات عائلة أبو زهرة، قائلا: “نعيش مع عدوّ لا يعرف أيّ إنسانيّة، لا يعرف سوى القتل والتدمير، ما ذنب العائلة والأطفال؟!”.
وأضاف: “منذ لحظة القصف ونحن نبحث عن أشلاء، وجدنا قطعا متناثرة في المقهى، والمنزل المجاور”.
وبين الركام وعلى واجهات المنزل الآيل للسقوط خلف مقهى بحارة “الحمام”، تناثرت دماء وأشلاء العائلة.
وتابع الشاب: “نلاحظ آثار القصف في كل مكان، فهنا صاروخ وهناك آخر، وصاروخ ثالث هنا”.
يمسك ببعض ملابس العائلة ويضعها جنبا، بينما يبحث عن أوراق ومستندات وصور قائلا: “العائلة مُسحت من السجل المدني، وبقيت هذه المقتنيات”.
وأبو دية، أحد أقارب الزوجة سجى، التي قال إنها “استشهدت بينما كانت مع عائلتها وشقيقها”.
وتابع: “أحلام ومستقبل عائلة وأطفال صغار كانوا يلهون بجوار والديهم، باتت من الماضي بقرار إسرائيلي”.
“احتلال يفعل ما يريد وعالم يتغاضى”
المسنّ جهاد حريوش، عمّ سجى، قال مستنكرا وهو يجلس أمام المنزل المقصوف بحالة صدمة: “بلحظة واحدة قتلت العائلة كاملة، ما ذنبهم؟!”.
وأضاف: “قتلت ابنة أخي وشقيقها، وطفليها، وزوجها، ومجموعة من الشباب الذين كانوا في المقهى”.
ووصف حريوش القصف بأنه “إجرام، حيث تفعل إسرائيل ما تريد، ولا يوجد من يحاسبها، العالم يتغاضى عن دمنا المستباح”.
محمد خرويش أحد شهود العيان، قال: “في ساعة متأخرة من مساء أمس هزت انفجارات المخيم، وظننا أنه أصيب بزلزال فخرجنا للشوارع، وإذ بقصف إسرائيلي أصاب مقهى وبيت عائلة أبو زهرة، في مشهد صعب للغاية لا يمكن وصفه”.
وأضاف: “دمار كبير حل بالمنزل المكون من عدة طوابق، وبات آيلا للسقوط. الصواريخ وصلت إلى الطابق الأرضي وانفجرت، وقتلت كل من كان بالموقع، وأُصيب من كان بالجوار”.
وأوضح أن الصواريخ اخترقت المبنى، واجتازت ثلاث طوابق، ووصلت إلى الشقة السكنية لعائلة أبو زهرة، والمقهى المجاور.
صدمة… “مسلسل إجرامي”
رئيس اللجنة الشعبية لمخيم طولكرم فيصل سلامة، قال إن “القصف الإسرائيلي على المخيم، يأتي ضمن مسلسل إجرامي، ومجازر ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني”.
وأضاف: “يعيش المخيم اليوم صدمة، والوضع بات أكثر من مأساوي، فالحزن يعم المخيم والمدينة وكل فلسطين”.
وقبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تعرّض مخيم طولكرم لقصف إسرائيلي بطائرات مسيّرة، وعمليات عسكريّة، مصحوبة بجرافات عسكريّة.
وعلى مدار العام، دمر الجيش الإسرائيلي شوارع المخيم وبنيته التحتية، وخلّف دمارا كبيرا في مئات المنازل التي باتت غير صالحة للسكن.
وبموازاة إبادة يرتكبها الجيش الإسرائيلي بقطاع غزة، فقد صعّد عملياته فيما ضاعف المستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية والقدس؛ ما أدى إلى استشهاد 741 شخصا، بينهم 160 طفلا، وإصابة نحو 6 آلاف، و200 واعتقال حوالي 11 ألفا، وفق مصادر رسمية فلسطينية.
وعقب القصف، حمّل متحدث الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، “حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن تداعيات هذه الجريمة البشعة بحق أبناء الشعب الفلسطيني من الأطفال والنساء والشيوخ”.
وقال إن قصف المخيم جاء “استمرارا للحرب الشاملة التي تشنها هذه الحكومة اليمينية (برئاسة بنيامين نتنياهو) بحق شعبنا وأرضنا ومقدساتنا، الأمر الذي جرّ المنطقة إلى مزيد من العنف وعدم الاستقرار”.
وذكر أبو ردينة أن “الإدارة الأميركية تتحمل تبعات هذا العدوان المتواصل والمتصاعد ضد شعبنا منذ نحو عام، وعليها التدخل الفوري لوقف هذه المجازر الإسرائيلية، التي تدعمها بالسلاح والمال والغطاء السياسي”.
المصدر: عرب 48