Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

عام على الحرب على غزة: تضييق على فلسطينيي الداخل

وسّعت السلطات الإسرائيلية دائرة التضييقات على الفلسطينيين في أراضي 48، وقمعت حرية التعبير بكافة أشكالها، سواء في المظاهرات الاحتجاجية المناهضة للحرب أو وسائل التواصل الاجتماعي.

الشرطة تقمع تظاهرة ضد الحرب على غزة في حيفا (أرشيف عرب 48)

بعد مرور أكثر من عام على اندلاع الحرب الإسرائيلية بعد أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، لا تزال إسرائيل تنتهج سياسات القمع والتضييق ضد المواطنين الفلسطينيين في الداخل، والتي ارتفعت وتيرتها وتعددت أشكالها.

تغطية متواصلة على قناة موقع “عرب 48” في “تليغرام”

مارست السلطات الإسرائيلية خلال هذا العام القمع لكل أشكال حرية التعبير في الداخل الفلسطيني، سواء في المظاهرات الاحتجاجية المناهضة للحرب أو في وسائل التواصل الاجتماعي.

انعكست تصريحات رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وعدد كبير من الوزراء والسياسيين الإسرائيليين، على ممارسات السلطات وأذرعها المختلفة مثل، الشرطة والقضاء والجامعات والنقابات على الفلسطينيين منذ اليوم الأول للحرب.

وبالإضافة إلى قمع تام لأي نشاط أو فعالية ضد الحرب على غزة، نفذت السلطات حملة غير مسبوقة من الاعتقالات على خلفية منشورات فُسّرت بأنها داعمة لغزة، فضلا عن عمل المجتمع الإسرائيلي سواء الأفراد أو المؤسسات وأبرزها الجامعات على تعقب ومراقبة أي فعل للعرب قد يُفسّر على أنه “تحريض” أو “تماثل مع منظمة إرهابية”.

يقول مدير مركز عدالة الحقوقي، د. حسن جبارين لـ”عرب 48″ إننا “عمليا مررنا وعبرنا حروبا وعمليات عسكرية كثيرة منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2000 واجتياح إسرائيل الضفة الغربية ومحاصرة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات عام 2002، وبعدها حرب لبنان الثانية عام 2006، تليها الحروب على غزة 2008 و2009 و2014، بعد ذلك كانت مسيرات العودة عام 2018، وعقبتها أحداث هبة الكرامة في أيار/ مايو 2021 والحرب على غزة، وبعد كل هذه المحطات، أستطيع القول إن نتائج هذه المرحلة، حرب الإبادة، تختلف بشكل جذري عن كل ما سبق”.

ويضيف جبارين أنه “خلال كل هذه المحطات التي ذكرتها كانت لدينا هنا في الداخل إمكانية التظاهر، لم تكن هناك حرب أو حملة عسكرية ضد شعبنا إن كان في الضفة الغربية أو غزة أو في لبنان التي لم يتخللها تظاهرات للفلسطينيين في الداخل ضد الحرب، تظاهرات ضد المجازر، تظاهرات من أجل وقف إطلاق النار، لكن الحرب الحالية هي الأولى المغايرة لما سبق، لأول مرة بعد إلغاء الحكم العسكري عام 1966 تضع السلطات الإسرائيلية الفلسطينيين في الداخل في وضعية طوارئ دون أن تعلن ذلك بقرار رسمي أو قانون. عمليا نحن كنا وما زلنا تقريبا في حالة طوارئ، فهناك تكاتف بين السلطة التنفيذية القضائية والنائب العام والمستشارة القضائية للحكومة، لخلق وضعية قانونية جديدة دون أن يتغير القانون، لذلك لم تكن هناك حاجة اعتقالات إدارية”.

مؤشرات بدء مرحلة جديدة

عند بداية الحرب وفي أول خطاب له حدد نتنياهو أربع جبهات، جبهة غزة، وجبهة الضفة الغربية، وجبهة الشمال مع لبنان وإيران، وجبهة الداخل، ويلفت مدير عدالة إلى أنه “عندما قال نتنياهو جبهة الداخل كان واضحا للجميع إنه يتعامل مع الفلسطينيين في الداخل بأنهم عدو، ومباشرة كان قرار من شرطة إسرائيل في منعنا من إمكانية التظاهر أو حتى منع وقفات احتجاجية التي لا تحتاج إلى ترخيص، وقمعت الشرطة كل محاولات التظاهر”.

حسن جبارين

لأول مرة في تاريخ الحروب بعد الحكم العسكري يمنع الفلسطينيون في الداخل من حق التظاهر، ويقول جبارين إنه “لأول مرة منذ ثلاثين عاما تقر المحكمة العليا الإسرائيلية منع التظاهر، وبدورنا توجهنا للمحكمة وأقرت موقف الشرطة بمنع التظاهر في أم الفحم وسخنين، وزعمت أنه لا يوجد قوات شرطية كافية من أجل حماية النظام العام”.

لوحظت ثمة تغيرات تحصل في المجتمع الإسرائيلي، رصدها جبارين، “نضيف لهذه المؤشرات، التغير الذي طرأ على المجتمع المدني الإسرائيلي، إذ إن أقوى جسمين في المجتمع المدني الإسرائيلي هما الجامعات ونقابة المحامين، لأول مرة تقدم الجامعات لوائح اتهام تأديبية ضد طالبات طلاب عرب بخصوص منشورات لا تخص شؤون التعليم والدراسة وفي فترة عطلة دراسية، ولأول مرة أيضا تتخذ نقابة المحامين إجراءات ضد محامين عرب بسبب منشورات في وسائل التواصل الاجتماعي لا علاقة لها بمهنة المحاماة، بالمقابل، لم يتخذوا أية إجراء ضد طالب أو محام يهودي”.

حالة طوارئ غير معلنة

في سياق بدء تكشّف شكل المرحلة الجديدة، لأول مرة نشهدد عددا كهذا للوائح الاتهام التي قدمت ضد الفلسطينيين في الداخل في تهم “دعم الإرهاب” و”التماهي مع منظمات إرهابية”، يؤكد مدير عدالة أنه “خلال الثلاثة أشهر الأولى للحرب، كان مجموع عدد لوائح الاتهام التي قدمت يفوق عدد اللوائح التي قدمت في آخر خمس سنوات معا، كل هذه النقاط تشير إلى حالة الطوارئ دون الإعلان عنها، عمليا نحن المجموعة الوحيدة في العالم التي لم تستطع أن تتماثل وتتظاهر تضامنا مع شعبها، نحن الوحيدون في العالم الذين لا نملك حتى إمكانية قانونية للتضامن مع أهلنا بغزة”.

من أبرز انكشافات شكل هذه المرحلة تمثل بمنع الشرطة لأي وقفة أو مظاهرة، عن ذلك يقول جبارين إن “هذه السياسة من قِبل الشرطة هي نفسها غير قانونية، لكنها تأخذ غطاء المحكمة العليا والنيابة العامة، وقفة احتجاجية تُرفع فيها شعارات دون أن تتحرك أو تسير في الشوارع لا تحتاج لترخيص، وكانت هناك محاولة من قيادة لجنة المتابعة العليا لتنظيم وقفة احتجاجية، لكن قامت الشرطة بتوقيف عدد منهم قبل أن يصلوا لمكان التظاهر، فاعتقلت رئيس لجنة المتابعة محمد بركة، ورئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي سامي أبو شحادة، وحنين زعبي، ويوسف طاطور، ومحمود مواسي، ويعد هذا التوقيف مخالفا للقانون ولا توجد أي خلفية قانونية له”.

ما حدث يعمق سياسة قمع حرية التعبير في الداخل، ويشدد جبارين على أنه “بعد هذا الحدث، توجهنا للمحكمة العليا وطلبنا منها أن تمنع الشرطة من تصرفها غير القانوني بقمع الوقفات التي لا تحتاج لترخيص أساسا، وظننا أن النيابة ستوافق على مطلبنا دون التداول في القضية، لكن كانت مداولة ورفضت العليا الالتماس، بعد هذه القضية كان هناك إدراك بما لا يجعل مجالا للشك أن كل الجهاز القضائي في هذه المرحلة تبنى موقفا واحدا داعما لشرطة بن غفير”.

يوضح أنه “شهدنا خلال بداية الحرب ظواهر جديدة، أن يتم اعتقال شابة لنشرها صورة أثناء طبخها للشكشوكة في السابع من أكتوبر، واعتقال نساء ورجال كتبوا ‘صباح الخير غزة’، وآخرين لأنهم نشروا آيات قرآنية أو بسبب كتابة دعاء عادي، لذلك نحن لم ننصدم من اعتقال المعلمة انتصار حجازي من طمرة مؤخرا، فيما تقدمت الجامعات الإسرائيلية بلوائح اتهام تأديبية ضد نحو 160 طالبا جامعيا بسبب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، وعندما سألنا الجامعات لماذا لا يتم تقديم لوائح اتهام ضد الطلاب اليهود الذين يكتبون منشورات عنصرية، قالوا إنهم يقدموا لوائح اتهام فقط ضد من يدعمون الإرهاب، أي فقط ضد الطلاب العرب لأن فقط الطلاب العرب هم من سيعبّرون عن دعمهم لغزة، ويتم تفسير هذا الدعم بأنه دعم للإرهاب”.

ويشير إلى أنه “نلاحظ أن المستشارة القضائية للحكومة وقفت بشكل جدي بقضايا تخص الشأن اليهودي الداخلي وعارضت الحكومة، لكن عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين في الداخل، فقد أعطت الضوء الأخضر لوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ودافعت عن موقف الشرطة أمام المحكمة، كذا دفعنا نحن ثمن مواقفها المعارضة لسياسات نتنياهو الداخلية بإرضاء المستشارة القضائية للحكومة اليمينية بسكوتها عن الإبادة والقتل والتهجير والهدم في غزة ودعم الشرطة ضدنا”.

احتجاز جثامين شهداء من أراضي 48

منذ بداية الحرب، وسّعت السلطات الإسرائيلية سياستها في احتجاز جثامين الفلسطينيين كورقة مساومة، يسلط جبارين الضوء على هذه القضية، ويقول إنه “برز بشكل واضح التعامل مع المواطن كمواطن عدو بمسألة استرجاع جثامين الشهداء. في الماضي، تعاملنا مع قضايا أصعب بكثير من قضية الشهيد وليد دقة، مثل جثامين الشبان الثلاثة من أم الفحم الذين نفذوا عملية في الأقصى عام 2017، فقد أقرت المحكمة العليا حينها أنه لا توجد صلاحية للشرطة باحتجاز جثامين مواطنين، ونجحنا أيضا باسترجاع جثامين الشاب من رهط والشاب ومن أم الفحم، اللذين نفذا عمليتين في بئر السبع والخضيرة. لكن خلال هذه الحرب الأمر اختلف دون تغيير بالقانون، فقد استغلها بن غفير بداية واحتجز جثمان الشهيد وليد دقة، وظننا أننا سننجح بتحرير جثمانه إذ لا توجد هناك صلاحية قانونية، لكن المحكمة العليا رفضت التماسنا لأجل استخدام الجثمان في صفقة التبادل مع حماس مشيرة إلى أن هذه حالة خاصة. هذه حالة أولى لإقرار احتجاز جثمان مواطن”.

يوضح مدير عدالة أن “دولة إسرائيل تتعامل معنا كأعداء وطابور خامس، لم نكتشف ذلك مؤخرا، لكن أن يكون هذا الشيء رسميا معلنا هو الشيء الجديد، في الماضي كنا نشعر بهذا الشيء من خلال السياسات، لكن سلطة القانون كانت تحدث توازنا في كثير من الأحيان، أما الآن فهذه السياسات ذاتها أصبحت فوق سلطة القانون”.

الصفقة في بداية الحرب بين حماس وإسرائيل

في بداية الحرب بين حماس وإسرائيل بدت بعض الأمور دون تفسير. في قراءته للصفقة يبيّن جبارين أنه “لاحظنا شيئا مهما في بداية الحرب لم نجد له أية تفسير، حيث كان عدد المعتقلات النساء أكبر من المعتقلين الرجال! وهذا أمر لم نشهده في تاريخ المنطقة ككل، لاحقا تبين أن كثرة هذه الاعتقالات كانت من أجل تبادل الأسرى مع حماس، حيث كانت الصفقة في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، تتضمن تحرير فلسطينيات مقابل تحرير إسرائيليات، دون تحديد الأسماء، على الرغم من أن الشابات من الداخل اعتقلن بسبب منشورات فقط ولا توجد أدلة تدينهن، وأدرجت إسرائيل أسماء الشابات ضمن الصفقة دون موافقتهن ودون موافقة ذويهن أو موافقة محامي الدفاع عنهن. تبين لنا أن السبب وراء ذلك هو كي لا تحرر إسرائيل نساء أخريات يقبعن بالسجون لفترات طويلة، هذا التبادل أثر عليهن لاحقا كما توقعنا، حيث تظاهر طلاب يهود ضد طالبات عربيات في معهد ‘التخنيون’ وفي جامعة حيفا وحرضوا ضدهن تحريضا دمويا لأنهن حُررن ‘مجرمات’ بصفقة مع حماس، وفي إحدى الحالات قررت طالبة منهن ألا تعود لمقاعد الدراسة”.

المرحلة الحالية والمستقبل

من الصعب أن نعرف كيف سيكون شكل المستقبل خصوصا أننا ما زلنا في خضم الحرب المتواصلة في قطاع غزة ولبنان، يختم مدير عدالة بالقول إن “هذه حرب الإبادة ستحدث تغييرات عديدة وقد أحدثت، الخوف لدينا أن نفقد الإنجازات التي حققناها كجماهير بواسطة نضالات طويلة الأمد بعد فترة إنهاء الحكم العسكري والنضال منذ سبعينيات القرن الماضي لغاية الحرب الأخيرة، حيث استطاعت جماهيرنا ترسيخ حقها بحرية التظاهر، والسؤال الآن كيف لنا أن نحافظ على هذه الإنجازات أو نعيدها، إذا لم نستطع المحافظة عليها، فسنعود عمليا لفترة الحكم العسكري تحت خطر قوانين سحب المواطنة”.


المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *