Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

على سكّان شمال تلّ أبيب الإخلاء فورًا

هل هو هذيان! قيل إنّ هناك منشورًا كما يبدو من باب المفارقة والتعامل بالمثل موجّه إلى سكّان تلّ أبيب، بأنّ عليهم إخلاء المدينة فورًا إلى المنطقة الآمنة في النقب، لأنّ تلّ أبيب منطقة قتال خطرة”.

يبدو الأمر بالفعل سخرية سوداء، أو نكتة لدى البعض، أو تهديد ووعيد لدى آخرين، لأنّ هذا بعيد عن الحدوث لتلّ أبيب، العاصمة الفعليّة لإسرائيل، ولأنّ لتل أبيب إضافة إلى قوّتها الذاتيّة ظهراء أقوياء، أميركا وبريطانيا وفرنسا،وألمانيا، وغيرهم، ممّن لن يسمحوا بإهانة التل أبيبيّين.

ثمّ إنّ التهجير والإخلاء لا يمارس إلّا على العرب والفلسطينيّين، منذ بدأ هذا الصراع فما الّذي يمكن أن يكون قد تغيّر.

من همّ الحوثيّون الفقراء شبه المعدمين الحفاة ليتسبّبوا في إخلاء سكّان تلّ أبيب ولو مزاحًا؟!

الحقيقة أنّ الإخلاء حدث في الواقع، في منطقة غلاف غزّة، وفي عشرات المستوطنات في شمال إسرائيل على الحدود المتاخمة للبنان، ويقدّر عددهم بأكثر من مئة وخمسين ألف نازح، طبعًا ظروف نزوحهم ممتازة، ويمكن اعتبارها رحلة ترفيهيّة مقارنة بما يجري في قطاع غزّة.

ما يحدث على مسافة بضع كيلو مترات من الحدود اللبنانيّة، قابل لأن يحدث في مناطق أبعد وأعمق في حالة توسّعت المواجهة، ليشمل صفد وطبريّة ونهاريا وحتّى عكا.

من المتوقّع أن تردّ إسرائيل على الصاروخ الحوثيّ الّذي وصل تلّ أبيب، وهي قادرة على التسبّب بأذى كبير لليمنيّين كما حدث في آب/ أغسطس الأخير، إذ دمّرت خزّانات الوقود في ميناء الحديدة، نعم قادرة على تدمير الكثير من المنشآت في اليمن، وعلى تدمير بنى تحتيّة وقتل أعداد كبيرة من البشر، وارتكاب جرائم حرب في اليمن كما فعلت وتفعل في قطاع غزّة.

إسرائيل ومن خلال هذه الجولات الحربيّة الّتي تهدّد بتوسيعها، بدأت الانخراط رويدًا رويدًا في مستنقعات حروب المنطقة العربيّة وما وراءها، الّتي ليس لها أوّل ولا آخر، وهي غير مقتصرة على منطقة واحدة أو بلد واحد دون الآخر، هذه الحروب المستمرّة منذ قرون، والأرجح أنّها سوف تستمرّ لقرون أخرى، وهذا يعني ببساطة أنّ مصير إمبراطوريّة إسرائيل، ليس مضمونًا، ولا يوجد أيّ سبب لأن يكون مختلفًا عن مصير إمبراطوريّات سابقة.

ليس بالضرورة انهيار إسرائيل، ولكن بتوسيع الحرب سوف تصبح مكانًا غير صالح لمعيشة البشر الطبيعيّة، وهذا سوف يترجم إلى هجرة واسعة إلى أماكن أفضل وأقلّ خطورة في هذا العالم.

انتقلت إسرائيل من دولة قادرة على خوض حروب سريعة “حرب البرق” الّتي تبدأ مباغتة، وتنتهي بسرعة بعد سحق “العدوّ”، إلى دولة تخوض حروب استنزاف مزمنة قد تستمرّ عقودًا.

من ناحيته، يعلن حزب اللّه والحوثيّون وإيران، أنّهم سيوقفون النار بمجرّد وقف الحرب في قطاع غزّة وعقد الصفقة، إلّا أنّ عنجهيّة نتنياهو وقيادة دولة الاحتلال ترفض هذا، وتصرّ على العيش في الماضي المجيد، من أيّام النكبة والنكسة وحصار بيروت، وفرض شروط الاستسلام على المقاومة، وتعلن أنّها ستنقل الثقل إلى الجبهة الشماليّة، ما يعني توسيع المواجهة الّتي لن تنتهي لأشهر أو حتّى لسنوات، وبتكلفة عالية للأطراف المتورّطة، بالأرواح والأموال.

لا أحد يستطيع أن يتنبّأ بتداعيات حرب شاملة، ولا من يمكن أن يتورّطوا فيها مستقبلًا، فحتّى الأمس القريب لم يكن أحد يتوقّع أنّ الحوثيّين في اليمن قد يشكّلون مصدر قلق لإسرائيل!

من كان يظنّ بقدرتهم وإرادتهم على شلّ الملاحة المتّجهة إلى إسرائيل، من طريق البحر الأحمر!

يرفض أصحاب القرار في إسرائيل الإقرار بوجود واقع جديد في المنطقة، وبأنّ الدنيا تغيّرت، وأنّهم لم يعودوا قادرين على بثّ الرعب والتنكيل بشعوب المنطقة، وأن يبقوا سالمين! يرفضون تذويت حقيقة نهاية العصر الذهبيّ للحركة الصهيونيّة، وأنّ بريقها وجبروتها الّذي جاء على حساب ضعف العرب وتشتّتهم، بدأ في التآكل، ومن المستحيل استعادته.

إصرار قادة دولة الاحتلال على استعادة الأمجاد والانتصارات السريعة، وسحق الأعداء، لم يعد واقعيًّا، وصار يعني الحروب الطويلة على عدّة جبهات، وقد يتورّط فيها في أتونها آخرون غير متوقّعين، وإلى أجل غير مسمّى، وإلى نهايات غير سعيدة لجميع المتورّطين فيها، وعلى رأسهم الشعب الإسرائيليّ الّذي اعتاد الرفاهية والدلال والانتصارات السهلة الّتي لم تعد واقعيّة، وذهبت إلى غير رجعة.


المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *