عن طريق الخطأ: إدارة ترامب تُطلع صحافيًّا على خطّة عسكريّة سريّة لضرب الحوثيّين

وجد صحافي أميركي نفسه، نتيجة خطأ ناجم عن خرق أمني فاضح، وقد أصبح عضوًا في مجموعة مراسلة عبر الهاتف تضمّ عددًا من كبار المسؤولين في إدارة الرئيس دونالد ترامب، حيث اطّلع على خطة عسكرية سرّية للغاية لضرب الحوثيين في اليمن.
وردًّا على سؤال بشأن هذا الخرق الأمني الفاضح الذي هزّ واشنطن الإثنين، قال ترامب: "لا أعرف شيئًا عن هذا الأمر. أسمع به منكم للمرة الأولى".
وانفجرت الفضيحة حين نشر رئيس تحرير مجلة "ذا أتلانتيك"، جيفري غولدبرغ، مقالًا كشف فيه أنّ إدارة ترامب ضمّته عن طريق الخطأ إلى مجموعة مراسلة عبر تطبيق "سيغنال" تباحث خلالها كبار المسؤولين الأميركيين في تفاصيل خطة لشنّ غارات جوية ضد الحوثيين.
وأكد البيت الأبيض صحّة ما أورده رئيس تحرير المجلة المرموقة، التي يكنّ لها ترامب الكثير من العداء بسبب انتقاداتها لسياساته.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، براين هيوز: "يبدو في هذا الوقت أن سلسلة الرسائل المذكورة في المقال أصلية، ونحن نحقّق في الطريقة التي أُضيف بها الرقم عن طريق الخطأ إلى مجموعة الدردشة".
ولاحقًا، شدّد البيت الأبيض على أن ترامب ما زال داعمًا لفريقه لشؤون الأمن القومي.
وقالت المتحدثة باسم الرئاسة، كارولاين ليفيت، في بيان: "ما زال لدى الرئيس ترامب ملء الثقة بفريقه للأمن القومي، لا سيّما مستشار الأمن القومي مايك والتز".
في المقابل، سارعت المعارضة الديمقراطية إلى الانقضاض على الإدارة الجمهورية بسبب هذه التسريبات الخطرة.
وقال زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر: "إنه واحد من أكثر تسريبات الاستخبارات العسكرية إثارةً للذهول"، داعيًا إلى إجراء "تحقيق كامل".
وكان من الممكن أن يكون التسريب ضارًّا للغاية لو نشر غولدبرغ تفاصيل الخطة مسبقًا، لكنه لم يفعل ذلك حتى بعد بدء الغارات في 15 آذار/مارس.
وفي مقاله، قال غولدبرغ: "قادة الأمن القومي الأميركي ضمّوني إلى محادثة جماعية حول الضربات العسكرية المقبلة في اليمن. لم أكن أعتقد أن ذلك قد يكون حقيقيًّا، ثم بدأت القنابل بالتساقط".
وأضاف أن وزير الدفاع الأميركي، بيت هيغسيث، أرسل على مجموعة المراسلة معلومات عن الضربات، بما في ذلك "الأهداف، والأسلحة التي ستنشرها الولايات المتحدة، وتسلسل الهجمات".
وتابع: "وفقًا لرسالة هيغسيث الطويلة، سيتم الشعور بأولى الانفجارات في اليمن بعد ساعتين، الساعة 1:45 مساءً بالتوقيت الشرقي"، وهو ما تأكد لاحقًا على أرض الواقع في اليمن.
وقال غولدبرغ إن القصة بدأت في 11 آذار/مارس بمبادرة من والتز، الذي أضافه إلى هذه الدردشة الجماعية عبر تطبيق "سيغنال"، الذي يُعتبر استخدامه شائعًا بين المراسلين والسياسيين بفضل السريّة التي يتمتّع بها.
وأوضح أن مجموعة المراسلة ضمّت ما مجموعه 18 مسؤولًا كبيرًا جدًّا، من بينهم وزير الخارجية ماركو روبيو، ونائب الرئيس جاي دي فانس، ووزير الدفاع بيت هيغسيث، ورئيس وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) جون راتكليف.
وبحسب مقال غولدبرغ، قال فانس في 14 آذار/مارس عبر مجموعة المراسلة إن شنّ هذه الغارات سيكون "خطأ" لأنه يكره "إنقاذ أوروبا مرة أخرى"، كون دولها أكثر تضررًا من بلاده من هجمات الحوثيين على السفن.
وتعليقًا على موقف فانس، قال مستشار الأمن القومي، مايك والتز، ووزير الدفاع، بيت هيغسيث، إن واشنطن وحدها قادرة على تنفيذ المهمة.
ووفقًا للمقال، كتب نائب الرئيس مخاطبًا وزير الدفاع: "إذا كنت تعتقد أن الأمر ضروري، فلنفعله. أنا أكره أن أساعد الأوروبيين مرة أخرى"، ليجيب هيغسيث: "أوافقك الرأي تمامًا. أكره سلوك الأوروبيين الاستغلالي. إنه أمرٌ مثير للشفقة"، قبل أن يبرّر ضرورة شنّ الهجوم بوجوب "إعادة فتح الممرات البحرية".
وبعد انتهاء الغارات، هنّأ أعضاء مجموعة الدردشة بعضهم بعضًا بنجاح العملية، مستخدمين عددًا كبيرًا من الرموز التعبيرية (إيموجي)، وفقًا للمقال.
وفي مقاله، قال غولدبرغ: "لم أصدّق أن مجلس الأمن القومي الرئاسي سيكون متهوّرًا لدرجة إشراكه رئيس تحرير مجلة أتلانتيك في مجموعة المراسلة هذه".
من جهته، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي إن هذه المحادثة "تشكّل دليلًا على التنسيق العميق والمدروس بين كبار المسؤولين".
لكن المعارضة لم تشاطره هذا الرأي.
وكتب بيت بوتيدجيدج، الوزير السابق والشخصية البارزة في الحزب الديمقراطي، على منصة "إكس": "من منظور أمني تشغيلي، يُعدّ هذا أكبر فشل ممكن".
وأضاف: "هؤلاء الأشخاص ليسوا قادرين على حفظ أمن أميركا".
بدورها، كتبت على "إكس" هيلاري كلينتون، المرشحة الديمقراطية التي خسرت الانتخابات الرئاسية أمام ترامب في 2016، والتي هاجمها الجمهوريون بلا هوادة بسبب استخدامها حسابًا بريديًّا خاصًّا لإرسال رسائل رسمية عندما كانت وزيرة للخارجية: "قولوا لي إنها مزحة!".
وأرفقت كلينتون تعليقها برابط لمقال "ذا أتلانتيك"، وقد أصبح هذا التعليق من بين الأكثر تداولًا بهذا الشأن.
وفي أعقاب اندلاع حرب الإبادة الجماعيّة على قطاع قطاع غزة، شنّ الحوثيون، إسنادًا لغزّة، عشرات الهجمات الصاروخية على إسرائيل وعلى سفن اتّهموها بأنها مرتبطة بالدولة العبرية.
وتوقّفت هجمات الحوثيين، المدعومين من إيران، مع بدء سريان الهدنة في غزة في 19 كانون الثاني/يناير، لكنهم استأنفوها مع خرق الهدنة، وتوعّدوا بتكثيفها طالما استمرّت إسرائيل في ضرباتها على القطاع المدمّر.
المصدر: عرب 48