عودة مشروطة لأهالي خربة زنوتة جنوب الضفة
“ليفي زعم في مقابلة مع الأسوشيتدبرس أن الأرض كانت ملكه واعترف بالمشاركة في طرد الفلسطينيين، رغم أنه نفى القيام بذلك بعنف”.
(خربة زنوتة / جنوب مدينة الخليل/ تصوير شاشة)
في الخريف الماضي، “مجتمع فلسطيني بأكمله” طُرد من قريته الصغيرة، خربة زنوتة، الواقعة على بعد 20 كم جنوب مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية المحتلة، بعد اعتداءات وتهديدات متكررة من المستوطنين بحماية جيش الاحتلال، وبعد حصار فرضه الأخير على القرية منذ 7 أكتوبر العام الماضي، وحرمان من الماء والكهرباء منذ عام 2019.
تغطية متواصلة على قناة موقع “عرب 48” في “تليغرام”
وفي “قرار نادر”، قضت المحكمة العليا الإسرائيلية، هذا الصيف، بحق الأهالي الـ250 المهجرين من خربة زنوتة في “العودة” إليها، مع “اشتراطات من الحكومة الإسرائيلية بعدم القيام بأعمال بناء وترميم لمنازلهم”، كما أوضح رئيس مجلس القرية، في تقرير لوكالة “أسوشيتد برس”.
عودة “حلوة ومرة”
في الفترة التي اضطر فيها الأهالي لمغادرة القرية، تحت وطأة الاعتداءات الدموية والتهديدات من المستوطنين، تم تدمير جميع المنازل تقريبًا، بالإضافة إلى عيادة صحية ومدرسة، إلى جانب “تدمير شعور المجتمع بالأمن في الأراضي الصحراوية النائية حيث كانوا يزرعون ويرعون الأغنام لعقود من الزمن”، يقول التقرير.
ويتابع: “اختار حوالي 40 بالمائة من سكان المنطقة السابقين عدم العودة، حتى الآن، وينام نحو 150 شخصًا عادوا إلى القرية خارج ركام وأنقاض منازلهم القديمة المهدمة”.
إرهاب المستوطنين عاد
لطالما عانى أهالي قرية خربة زنوتة من مضايقات وعنف من قبل المستوطنين وقوات الاحتلال بهدف إجبارهم على مغادرة القرية، وزادت هذه الضغوطات بعد السابع من أكتوبر/تشرين أول، وبات الأهالي يتلقون “تهديدات صريحة بالقتل من مستوطنين في موقع غير مرخص أعلى التل يسمى “مزرعة ميتاريم”.
وهذه البؤرة الاستيطانية، يديرها، ينون ليفي، الذي فرضت عليه الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا عقوبات “بسبب تهديده لجيرانه الفلسطينيين”، يلفت التقرير.
كما وينقل على الأهالي قولهم إنهم “أبلغوا الشرطة الإسرائيلية بالتهديدات والاعتداءات، لكنهم لم يحصلوا على حماية أو مساعدة”، وتحت وطأة الاعتداءات والتهديدات المتزايدة، وخوفًا على حياتهم وحياة أبنائهم، اضطروا، أواخر أكتوبر/ تشرين أول إلى “جمع ما استطاعوا حمله وغادروا” البلدة.
ويلفت التقرير إلى أن “عنف المستوطنين كان في تصاعد حتى قبل الحرب على غزة، ولكنه اشتد وتصاعد أكثر منذ السابع من أكتوبر”.
وفقًا للأمم المتحدة، أجبر أكثر من 1500 فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة على “النزوح” بسبب عنف المستوطنين منذ ذلك الحين، ولم يعد سوى عدد قليل منهم إلى ديارهم. ومن غير الواضح، يتابع التقرير، “ما إذا كانت أي جماعة نازحة أخرى حصلت على إذن من المحكمة بالعودة منذ بداية الحرب”.
ورغم قرار “أعلى محكمة في إسرائيل”، يوضح التقرير، فإن الأهالي “لا يزالون مضطرين لمواجهة ليفي وغيره من الشباب المستوطنين من بؤرة مزرعة ميتاريم الاستيطانية الذين يحاولون ترهيبهم”.
ظروف خطيرة
الراعي، فايز فارس السمارحة (57 عامًا)، يوضّح، في التقرير المشار إليه أعلاه، أنه عاد إلى خربة زنوتة قبل أسبوعين ليجد منزله قد هدمه المستوطنون بالجرافات.
ويضيف أن “رجال عائلته انضموا إليه في إعادة قطعان الماشية، لكن الظروف في القرية خطيرة”، مشددًا على أن المستوطنين “يأتون إلى القرية كل يوم جمعة وسبت، ويقومون بتصوير المواطنين”، وترهيبهم.
وتظهر مقاطع مصورة التقطها نشطاء حقوق الإنسان وحصلت عليها “الأسوشيتدبرس”، مستوطنين يتجولون في خربة زنوتة الشهر الماضي، ويلتقطون صورًا للسكان برفقة الشرطة الإسرائيلية.
يستولون على مساحات شاسعة
جماعات حقوق الإنسان، ينقل التقرير عنها دون أن يسميها، تؤكد أن المستوطنين في الضفة الغربية، “مثل ليفي، من خلال تهجير القرى البدوية الصغيرة، قادرون على تجميع مساحات شاسعة من الأراضي، وإعادة تشكيل خريطة الأراضي المحتلة التي يأمل الفلسطينيون في تضمينها في وطنهم كجزء من أي حل قائم على الدولتين”.
و”محنة خربة زنوتة تشكل أيضا مثالاً على الفعالية المحدودة للعقوبات الدولية كوسيلة للحد من عنف المستوطنين في الضفة الغربية” المحتلة.
عقوبات غير مجدية
وقد فرضت الولايات المتحدة مؤخرًا عقوبات على منظمة “هاشومير يوش”، وهي منظمة تمولها الحكومة الإسرائيلية، وترسل متطوعين للعمل في مزارع الضفة الغربية، سواء كانت قانونية أو غير قانونية.
وأرسلت منظمة “هاشومير يوش” متطوعين إلى موقع ليفي الاستيطاني، بحسب منشور على فيسبوك في 13 تشرين ثان/ نوفمبر.
كما وينقل التقرير عن المتحدث باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، قوله، الأسبوع الماضي، إنه “بعد أن أجبر جميع سكان خربة زنوتة الفلسطينيين البالغ عددهم 250 شخصًا على المغادرة، قام متطوعو منظمة “هاشومير يوش” بنصب سياج حول القرية لمنع السكان من العودة”.
“ولم تستجب المنظمة ولا ليفي لطلب التعليق على عمليات الاقتحام للقرية منذ عودة السكان”، يوضح التقرير، ويضيف أن “ليفي زعم في مقابلة مع الأسوشيتدبرس في يونيو/حزيران أن الأرض كانت ملكه، واعترف بالمشاركة في طرد الفلسطينيين، رغم أنه نفى القيام بذلك بعنف”.
المصدر: عرب 48