غزة.. مسحراتي يعيد "بهجة رمضان" في خانيونس

من قلب الدمار في مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، خرج الشاب، محمد ماجد زاقوت، بزي المسحراتي التقليدي ليعلن قدرة أهل القطاع على الصمود والبقاء رغم كل محاولات الإبادة التي شنتها إسرائيل ضدهم على مدار أكثر من عام ونصف.
تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"
في أولى ليالي شهر الصيام، تجول زاقوت متزينًا بالكوفية الفلسطينية وزي المسحراتي، وبرفقته عدد من أصدقائه وسط أحياء خانيونس، سعيًا منه لإعادة خلق بهجة رمضان ورونقه في نفوس أبناء المدينة التي لم تسلم من وحشية القصف الإسرائيلي.
زاقوت كغيره من أبناء قطاع غزة، شاب في مقتبل العمر واجه ويلات الحرب والنزوح، فخلال عام ونصف فقط من حياته نزح 9 مرات إلى مناطق مختلفة بحثًا عن الأمان.
بيد أن هذه المعاناة لم تجعله يستسلم بل خرج ليقولها علنًا "لن نركع ولن نلين، وغصبًا عن نتنياهو سنحتفل برمضان".
وكالة "الأناضول" التقت زاقوت بينما كان يتجول في شوارع المدنية عشية أولى ليالي رمضان لإيقاظ الناس وتذكيرهم بفضل هذا الشهر الكريم وبهجته في النفوس.
يقول: "خلال الحرب، مررنا بظروف أصعب من الصعاب، وأجواء رمضان لم تعد كما كانت من قبل، ولذلك من الضروري إحياؤها"، في إشارة منه إلى عودة الهدوء ولو مؤقتًا إلى القطاع بفضل اتفاق وقف إطلاق النار.
وشدد على أن المسحراتي هو "بهجة رمضان وهو من يصنع ابتسامة الأطفال"، لافتًا إلى أنه هذا العام يتجول بين المنازل المدمرة لممارسة هذا الطقس الرمضاني بعدما أجبرته الحرب العام الماضي عن التخلي عنه، ربما ممارسته جزئيًا في مدينة رفح، التي كانت تحت القصف الإسرائيلي أيضًا.
نؤخر أناشيد الشداء كي لا يحزن ذويهم
اختار زاقوت التجول كمسحراتي في شوارع خانيونس هذا العام، كونها من المناطق القليلة التي لا يزال سكانها يعيشون في منازل حيث شردت الحرب أبناء باقي المناطق وجعلتهم يختبئون داخل الخيام التي تجعلهم بطبيعة الحال مستيقظين، فلا يحتاجون لمن يأتي ويوقظهم في رمضان أو يعيد تذكيرهم بقسوم واقعهم.
وتابع: "هذا العام أعمل في منطقة خانيونس، لأن منطقتي كلها مدمرة والناس هناك تعيش في خيام وليس منازل، لذلك هم أصلا مستيقظون، ووجود المسحراتي في ظل الدمار سيعيد لهم ذكريات قديمة سيحزنون عليها".
وعن حياته قبل الحرب حيث كان من سكان مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة يقول "كانت أياما حلوة، وكانت الناس تحبنا، وكنا يد واحدة، لكن مع الحرب تشردنا واختلفت الأمور".
"لا نركع ولا نلين"
وبسبب الحرب اختلفت الأناشيد والأهازيج التي يرددها زاقوت خلال ساعات ما قبل الفجر، فبات ينشد للمقاومة الفلسطينية وعائلات الشهداء لكنه يحاول ألا يكون مصدرًا للحزن فيؤخر عملية استذكار الشهداء حتى الثلث الأخير من شهر رمضان.
وأوضح: "ننشد ابتهالات ومواويل مرتبطة برمضان، وأحيانا نتكلم عن الشهداء في آخر 10 أيام من الشهر، كي لا يحزن أهلهم من بدء حلول رمضان".
ويعمل زقوت مسحّراتيًا منذ عام 2008، حيث بدأ مزاولة هذه المهنة في مخيم الشاطئ، وينشد أهازيج بينها "مساجد مساجد.. يا راكع وساجد، و"اصحى يا نايم قوم وحّد الدائم، وعشنا سنين وسنين.. لا نركع ولا نلين".
ومساء اليوم السبت، تنتهي المرحلة الأولى (42 يومًا) من اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة وتبادل الأسرى منذ بدء سريانها في 19 كانون الثاني/ يناير الماضي، دون اتفاق على دخول المرحلة الثانية.
اقرأ/ي أيضًا | تعثر المفاوضات.. ما هو مصير اتفاق وقف إطلاق النار بغزة؟
المصدر: عرب 48