الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

أدلى الناخبون الصوماليون بأصواتهم يوم الخميس في انتخابات محلية تاريخية، شهدت إقبالاً متفاوتًا وتعتبر الأولى من نوعها في البلاد منذ عقود. تجري هذه الانتخابات بنظام الصوت الواحد المباشر، وهو ما يمثل تحولاً كبيراً في العملية السياسية الصومالية التي طالما اعتمدت على نظام العشائر والانتخابات غير المباشرة. وقد بدأت عملية التصويت في العديد من المناطق في الساعة 8:00 صباحًا بالتوقيت المحلي، ومن المتوقع أن تستمر حتى المساء. تأتي هذه الخطوة في إطار جهود الحكومة الصومالية لتعزيز الديمقراطية والاستقرار في البلاد.
الانتخابات تشمل انتخابات مجالس بلدية ومحلية في مناطق مختلفة من الصومال، بما في ذلك العاصمة مقديشو. تعتبر هذه الانتخابات مهمة بشكل خاص لأنها تهدف إلى تمكين المجتمعات المحلية من اختيار ممثليها بشكل مباشر، مما يعزز المساءلة والشفافية. وقد واجهت العملية الانتخابية تحديات لوجستية وأمنية كبيرة، خاصة في المناطق التي لا تزال تحت سيطرة حركة الشباب.
أهمية الانتخابات المحلية في الصومال
تكمن أهمية هذه الانتخابات المحلية في كونها خطوة حاسمة نحو بناء نظام حكم ديمقراطي في الصومال. فمنذ انهيار الدولة المركزية في عام 1991، مرت الصومال بسنوات طويلة من الصراع والفوضى، واعتمدت على نظام سياسي تقليدي يعتمد على العشائر. تهدف هذه الانتخابات إلى الانتقال بنظام الحكم نحو نموذج أكثر حداثة وتمثيلاً.
التحديات التي واجهت العملية الانتخابية
واجهت المفوضية الوطنية للانتخابات في الصومال العديد من التحديات في التحضير لهذه الانتخابات. وتضمنت هذه التحديات نقص التمويل، وصعوبة الوصول إلى بعض المناطق بسبب الوضع الأمني، بالإضافة إلى الحاجة إلى تدريب عدد كبير من الموظفين والناخبين على نظام التصويت الجديد. وقد تلقت المفوضية دعمًا من المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، لمساعدتها في التغلب على هذه التحديات.
بالإضافة إلى ذلك، أثار تأجيل الانتخابات لعدة مرات مخاوف بشأن التزام الحكومة الصومالية بإجراء انتخابات حرة ونزيهة. وقد اتهمت بعض المعارضة الحكومة بمحاولة التلاعب بالعملية الانتخابية لضمان فوز مرشحيها. لكن الحكومة نفت هذه الاتهامات وأكدت التزامها بإجراء انتخابات شفافة.
الإقبال على التصويت والوضع الأمني
تباين الإقبال على التصويت في مختلف المناطق الصومالية. ففي بعض المناطق، شهدت مراكز الاقتراع إقبالاً كثيفًا من الناخبين، بينما كانت المشاركة أقل في مناطق أخرى. وقد يعزى هذا التباين إلى عوامل مختلفة، مثل الوعي بأهمية الانتخابات، والوضع الأمني، وسهولة الوصول إلى مراكز الاقتراع.
وقد اتخذت السلطات الأمنية إجراءات مشددة لتأمين مراكز الاقتراع وحماية الناخبين. إلا أن حركة الشباب أعلنت مسؤوليتها عن عدة هجمات استهدفت مراكز الاقتراع ومسؤولين انتخابيين. وقد أدت هذه الهجمات إلى تأخير التصويت في بعض المناطق وإثارة مخاوف بشأن سلامة العملية الانتخابية.
خلفية عن النظام السياسي الصومالي
شهد النظام السياسي الصومالي تحولات كبيرة على مر السنين. فبعد الاستقلال في عام 1960، تبنى الصومال نظامًا ديمقراطيًا برلمانيًا. ولكن هذا النظام لم يستمر طويلاً، حيث أطاح به انقلاب عسكري في عام 1969. ومنذ ذلك الحين، مرت الصومال بسنوات طويلة من الحكم العسكري والفوضى.
في عام 2006، تم تشكيل حكومة اتحادية انتقالية بدعم من المجتمع الدولي. وقد عملت هذه الحكومة على إعادة بناء مؤسسات الدولة وتعزيز الاستقرار. ولكنها واجهت تحديات كبيرة، بما في ذلك صعود حركة الشباب وتفشي الفساد.
في عام 2016، أجريت انتخابات رئاسية غير مباشرة، أسفرت عن فوز محمد عبد الله فرماجو بمنصب الرئيس. وقد تعهد فرماجو بإجراء انتخابات عامة في عام 2020، ولكن هذه الانتخابات لم تتم بسبب الخلافات السياسية والوضع الأمني.
تعتبر العملية الانتخابية الحالية جزءًا من خارطة طريق أوسع تهدف إلى تحقيق الاستقرار الدائم في الصومال. وتشمل هذه الخارطة الطريق تعزيز المؤسسات الديمقراطية، ومكافحة الإرهاب، وتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي.
بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الانتخابات تأتي في وقت يشهد فيه الصومال أزمة إنسانية حادة بسبب الجفاف والنزاعات. وقد أدى الجفاف إلى تشريد مئات الآلاف من الأشخاص ونقص حاد في الغذاء والماء.
الخطوات التالية والآفاق المستقبلية
بعد انتهاء عملية التصويت، ستبدأ المفوضية الوطنية للانتخابات في فرز الأصوات وإعلان النتائج. ومن المتوقع أن تستغرق هذه العملية عدة أيام أو أسابيع.
بعد إعلان النتائج، سيبدأ تشكيل المجالس المحلية والبلدية الجديدة. وستكون هذه المجالس مسؤولة عن إدارة الشؤون المحلية وتقديم الخدمات للمواطنين.
تعتبر هذه الانتخابات خطوة أولى نحو إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية عامة في المستقبل. ولكن لا يزال هناك العديد من التحديات التي يجب التغلب عليها قبل أن يتمكن الصومال من تحقيق هذا الهدف. من بين هذه التحديات الحاجة إلى تعديل الدستور، وتوفير التمويل اللازم، وتحسين الوضع الأمني.
من المهم مراقبة التطورات السياسية والأمنية في الصومال في الأشهر والسنوات القادمة. فنجاح هذه الانتخابات يمكن أن يمهد الطريق لمستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا للبلاد، بينما يمكن أن يؤدي فشلها إلى تفاقم الأزمة السياسية والأمنية.
تعتبر المشاركة السياسية الفعالة من قبل المواطنين الصوماليين أمرًا بالغ الأهمية لضمان نجاح هذه العملية الانتقالية.

