في مواجهة هجمات الاحتلال وقيوده
الظروف الصعبة في غزة، بما في ذلك القصف الإسرائيلي المستمر وارتفاع درجات الحرارة، قد تعرقل جهود التلقيح ضد شلل الأطفال. المنظمات الأممية تخطط لتطعيم 640 ألف طفل، لكن الحملة تواجه تحديات كبيرة بسبب غارات الاحتلال والقيود على دخول المساعدات.
موظف أونروا يقدم لقاح شلل الأطفال في عيادة في دير البلح، يناير الماضي (Getty Images)
يعقد القصف الإسرائيلي المتواصل على أنحاء قطاع غزة وارتفاع درجات الحرارة خطط التلقيح ضد شلل الأطفال القطاع، حيث أعلن الأسبوع الماضي تسجيل أول حالة شلل أطفال منذ 25 عاما في ظل تدهور كبير في الظروف الصحية.
تغطية متواصلة على قناة موقع “عرب 48” في “تليغرام”
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، الجمعة، تسجيل أول إصابة بفيروس شلل الأطفال في مدينة دير البلح في وسط قطاع غزة لدى طفل يبلغ من العمر عشرة شهور ولم يحصل على جرعة تطعيم ضد المرض.
وتقول منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إن لديهما خططا تفصيلية لتطعيم 640 ألف طفل في أنحاء غزة بدءا من نهاية الشهر الجاري.
وأوضحت مديرة الاتصالات في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، جولييت توما، أنه “من الصعب للغاية القيام بحملة تطعيم بهذا الحجم تحت سماء مليئة بالغارات الجوية”.
كما أن هناك قيودا مفروضة على دخول المساعدات، ومن بينها الأدوية، إلى القطاع المحاصر. بينما تزيد درجات الحرارة المرتفعة في فصل الصيف من صعوبة تنفيذ حملة التلقيح.
وينتشر فيروس شلل الأطفال في أغلب الأحيان عن طريق مياه الصرف الصحي والمياه الملوثة، وهو شديد العدوى.
ويمكن أن يسبب تشوّهات وشللا دائما، وقد يصبح مميتا. وهو يصيب بشكل رئيسي الأطفال دون سن الخامسة.
وأفاد ممثل منظمة الصحة العالمية في غزة، ريتشارد بيبيركورن، بأن المنظمة ستشرف على الخطة الرئيسية لحملة التطعيم، مع 2700 عامل صحي موزعين على 708 فرق تعمل في كل بلدية في قطاع غزة.
أما اليونيسيف فتقول على لسان المتحدث باسمها، جوناثان كريكس، إنها مسؤولة عن ضمان سلسلة الإمدادات التي تحتاج إلى تبريد، ليتمّ جلب اللقاحات وتوزيعها في جميع أنحاء غزة.
ومن المتوقع أن تكون الأدوات اللازمة للحفاظ على التبريد، بما في ذلك الثلاجات، بدأت بالوصول الأربعاء إلى مطار اللد، على أن تليها جرعات من اللقاح.
ويضيف كريكس أن اللقاحات عبارة عن قطرات فموية وليست قابلة للحقن، ومن المتوقع أن تدخل غزة يوم الأحد المقبل من مناطق الـ48 عبر معبر كرم أبو سالم بالقرب من الحدود المصرية.
وتمّ تحضير حوالي 1.6 مليون جرعة لتوفير جرعتين لكل طفل من أطفال غزة البالغ عددهم 640 ألفا، مع جرعات فائضة لتغطية ما يمكن فقده بسبب الحرارة.
ويقول المتحدث باسم اليونيسف “يحتوي كل صندوق على رمز يتفاعل مع التغيرات في درجات الحرارة” ويظهر عندما تصبح الجرعات غير قابلة للاستخدام.
ويعتبر إيصال المساعدات والإمدادات عبر نقاط الدخول التي تسيطر عليها إسرائيل قضية مركزية بالنسبة للمنظمات الإنسانية العاملة في غزة التي تشكو من القيود التي تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلية، بما في ذلك القوائم المتغيرة باستمرار للمواد المسموح إدخالها والعقبات الإدارية التي تؤدي إلى التأخير.
وبالتالي، تزداد نسبة النقص في كل شيء في قطاع غزة بدءا من الوقود والمعدات الطبية وصولا إلى الغذاء.
ووفقا لتوما، بمجرد وصول اللقاحات إلى غزة، سيتم الاحتفاظ بها ضمن مكان سلسلة التبريد، وهي مساحة تخزين تابعة للأمم المتحدة في مدينة دير البلح بوسط غزة، قبل بدء حملة التطعيم في 31 آب/ أغسطس.
ويوضح كريكس أن اللقاحات “ستوزّع عن طريق شاحنات التبريد إذا تمكننا من العثور على بعضها، وإلا عن طريق صناديق التبريد” المملوءة بأكياس الثلج، مشيرا إلى أنها ستذهب إلى مرافق وزارة الصحة وملاجئ الأونروا وشركاء.
وتعرّض النظام الصحي في غزة للدمار بسبب حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على القطاع منذ أكثر من عشرة أشهر.
ويشرح كريكس أن “هناك 16 مستشفى فقط من أصل 36 تعمل في قطاع غزة، وبشكل جزئي فقط”.
ومع توقّف محطة توليد الكهرباء الوحيدة وانقطاع إمدادات الكهرباء من إسرائيل، تعتمد المرافق الصحية بشكل كبير على المولدات بينما الوقود شحيح جدا.
وبحسب كريكس، تمّ تحديد 11 منشأة صحية فقط قادرة على الحفاظ على سلسلة التبريد.
ولكن حتى لو نُقلت اللقاحات ووُزّعت بنجاح، فليس هناك ما يضمن أن الناس سيتمكنون من الوصول إليها بأمان.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى هدنة لمدة سبعة أيام للتمكّن من تطعيم الأطفال.
وشدد مدير الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة في غزة، موسى عابد، على أنه “بدون بيئة آمنة لحملة التطعيم، لن نتمكن من الوصول إلى 95% من الأطفال دون سن العاشرة”، وهو الهدف المحدّد للحملة.
ويقول عابد إن العديد من سكان غزة يعيشون في مخيمات مؤقتة أو في مدارس الأونروا التي باتت تستخدم كملاجئ، ما يجعل من الصعب الوصول إليها.
وتقول توما التي عملت ضمن فريق الاستجابة لمنع انتشار شلل الأطفال خلال الحرب في كل من سورية والعراق، إن “عودة شلل الأطفال إلى مكان تمّ القضاء عليه فيه خير تعبير عن الواقع”.
المصدر: عرب 48