Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

قائد الجيش يُصبح رئيسا للبنان… من هو جوزيف عون؟

بعد شغور دام أكثر من عامين جراء خلافات سياسية، انتخب البرلمان اللبناني، اليوم الخميس، قائد الجيش جوزيف عون، رئيسا للبلاد.

ولم يتولَّ عون مناصب سياسية من قبل، إنما يستمدّ سمعته من قيادته للمؤسسة العسكرية التي تحظى باحترام واسع في لبنان في خضم أزمات متلاحقة سياسية وأمنية واقتصادية عصفت بالبلاد.

ويحظى عون بدعم خارجي من دول عدة، على رأسها الولايات المتحدة والسعودية التي عادت مؤخرا إلى المشهد السياسي في لبنان، بعد انكفاء طويل اعتراضا على ما ترى أنه تحكّم من قِبل حزب الله بالقرار اللبناني.

انتخابه رئيسا

وفي الدورة الثانية للتصويت، خلال جلسة حضرها جميع النواب الـ128، حصل عون على 99 صوتا، مقابل 9 أوراق بيضاء، و18 ورقة ملغاة، وصوتين لشخصين.

جوزيف عون رئيسا للجمهورية اللبنانية (Getty Images)

وجاء انتخاب عون بعد حراك دبلوماسي دوليّ مكثّف، شهده لبنان في الساعات الأخيرة، تجلى في الحضور اللافت لمبعوثين من السعودية وفرنسا والولايات المتحدة في العاصمة، بيروت، ضمن مساعي التوفيق بين الفرقاء السياسيين في لبنان، لإنهاء أزمة الفراغ الرئاسي.

مع العلم أن أطول فترة شغور رئاسي عاشها لبنان، هي تلك التي سبقت انتخاب سلفه ميشال عون، حيث استمر الفراغ نحو سنتين ونصف السنة.

وبعد انتهاء ولاية ميشال عون، وجرّاء خلافات بين القوى السياسية، أخفق البرلمان في انتخاب رئيس جديد عبر 12 جلسة دعا إليها على مدى عامين، آخرها في 14 حزيران/ يونيو 2023، ما أدخل البلاد في شغور رئاسي هو السادس في تاريخ لبنان الحديث.

أثناء التصويت على انتخاب جوزيف عون رئيسا (Getty Images)

ومن أبرز الأسماء التي كانت مطروحة على الساحة السياسية للمنصب إلى جانب عون، رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع (انسحب لصالح عون في الساعات الأخيرة)، ورئيس تيار المردة حليف “حزب الله” النائب والوزير السابق سليمان فرنجية الذي انسحب في الساعات الأخيرة داعما لعون.

وجاءت هذه الانتخابات في ظل تعهد “حزب الله” بالمساهمة في اكتمال عقد المؤسسات الدستورية، وعلى رأسها “انتخاب رئيس للجمهورية”.

والنصاب القانوني المطلوب في جلسة انتخاب رئيس البلاد هو ثلثا عدد أعضاء مجلس النواب في دورة التصويت الأولى (86 نائبا) وهو الرقم نفسه المطلوب للفوز من دورة التصويت الأولى، فيما يُكتفى بالغالبية المطلقة (النصف +1) في دورات التصويت التالية (65 نائبا من 128).

لبنانيون يحتفلون بانتخاب عون رئيسا للبلاد (Getty Images)

وبحسب العرف السياسي السائد في لبنان، يجب أن يكون رئيس الجمهورية مسيحيا من الطائفة المارونية، بينما يعود منصب رئيس الحكومة للطائفة السنيّة، ورئيس مجلس النواب للطائفة الشيعية.

وتستمر ولاية رئيس الجمهورية 6 سنوات، ولا يجوز إعادة انتخابه، إلا بعد مرور 6 سنوات على انتهاء ولايته.

ويُعدّ رئيس الجمهورية رمز وحدة الوطن وحامي الدستور، وله دور في توقيع القوانين، وتعيين رئيس الوزراء، بالتشاور مع مجلس النواب.

سيرة ذاتية

عون ليس قائد الجيش الوحيد الذي يصل لسدة الرئاسة اللبنانية، فهو الخامس بعد فؤاد شهاب، وإميل لحود، وميشال سليمان، وميشال عون.

(Getty Images)

ولد جوزيف عون في 10 كانون الثاني/ يناير 1964 في منطقة سن الفيل في قضاء المتن شرقي لبنان.

عون حائز على إجازة في العلوم السياسية، اختصاص شؤون دولية، واجازة جامعية في العلوم العسكرية، ويتقن اللغتين الفرنسية والإنجليزية.

الرئيس اللبناني الجديد متأهل من نعمت نعمه ولديهما ولدان خليل ونور.

وتطوّع في الجيش بصفة تلميذ ضابط والتحق بالكلية الحربية، بدءا من عام 1983، وخلال مسيرته العسكرية، رُقّي إلى رتب عدة، حتى عين قائدا للجيش في آذار/ مارس 2017.

عون حينما كان قائدا للجيش (Getty Images)

وشارك عون في دورات عسكرية عدة داخل لبنان وخارجه، خصوصا في الولايات المتحدة، وآخرها كان عام 2009.

وعون حائز على أكثر من 15 وسامًا، بينها: وسام الحرب 3 مرات، ووسام الوحدة الوطنية، ووسام الأرز الوطني من رتبة فارس، ووسام الأرز الوطني من رتبة ضابط، ووسام مكافحة الإرهاب، ووسام الفخر العسكري من الدرجة الفضية، وغيرها.

انتشار الجيش في الجنوب

وبعد بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و”حزب الله”، باشر الجيش اللبناني بقيادة عون بتنفيذ مهماته بالجنوب والبقاع وضاحية بيروت، وتعزيز انتشاره جنوب نهر الليطاني جنوب لبنان، كما أن الجيش هو أول من يدخل القرى اللبنانية الجنوبية، بعد خروج القوات الإسرائيلية منها.

ومنذ 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، يسود وقف هشّ لإطلاق النار أنهى قصفا متبادلا بين إسرائيل و”حزب الله” بدأ في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ثم تحول إلى حرب واسعة في 23 أيلول/ سبتمبر الماضي.

(Getty Images)

ومن أبرز بنود اتفاق وقف إطلاق النار، انسحاب إسرائيل تدريجيا إلى جنوب الخط الأزرق الفاصل مع لبنان خلال 60 يوما، وانتشار قوات الجيش والأمن اللبنانية على طول الحدود ونقاط العبور، والمنطقة الجنوبية.

وبموجب الاتفاق، سيكون الجيش اللبناني الجهة الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح في جنوب البلاد، مع تفكيك البنى التحتية والمواقع العسكرية، ومصادرة الأسلحة غير المصرح بها، تحت إشراف لجنة دولية.

وأسفر العدوان الإسرائيلي على لبنان عن نحو 4 آلاف شهيد و16 ألفا و520 جريحا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص، وتم تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد تصعيد العدوان في 23 أيلول/ سبتمبر الماضي، وفق أرقام رسمية.

عملية لطرد عناصر “داعش”

وفي 19 آب/ أغسطس 2017، أطلق الجيش اللبناني بقيادة جوزيف عون عملية “فجر الجرود”، لطرد عناصر في تنظيمي “جبهة النصرة” و”داعش”، من معاقلهم الحدودية الشرقية مع سورية.

وبعد انتهاء العملية، قال عون لجنوده إنه “بعد أن أنهيتم عملية ’فجر الجرود’ التي حققتم فيها انتصارا حاسما على الإرهاب، بطرده من جرود بلدتي رأس بعلبك والقاع، تعود هذه المنطقة العزيزة إلى كنف السيادة الوطنية، معمّدةً بدماء رفاقكم الشهداء والجرحى، وبعرق جباهكم الشامخة”.

الدور المطلوب من الجيش مُقبلا رجّح كفة عون

وكان يفترض أن يتقاعد عون (60 عاما) في كانون الثاني/ يناير 2024، بعد أن تولّى قيادة الجيش منذ العام 2017. ولكن تمّ التمديد له مرتين، على وقع الأزمات السياسية والأمنية التي يشهدها لبنان منذ سنوات، ولتجنّب فراغ في السلطة العسكرية.

(Getty Images)

ويحظى الجيش إجمالا في لبنان بالاحترام على نطاق واسع، ويحافظ على وحدته منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990) في بلد يعاني انقسامات سياسية وطائفية.

ويرى متابعون ومحلّلون أنّ الدور المطلوب من الجيش في المرحلة المقبلة لتنفيذ وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، شكّل عنصرا حاسما في ترجيح كفّة قائد الجيش.

وبدأ الجيش الذي يضم نحو 80 ألف جندي، خلال الأسابيع الماضية، تعزيز انتشاره في جنوب لبنان كجزء من الاتفاق الذي دخل حيز التنفيذ في 27 تشرين الثاني/نوفمبر.

وسيكون على الجيش التحقّق من انسحابه، وهي مهمة صعبة بالتأكيد في منطقة تعتبر من أبرز معاقل حزب الله، وقد تهدّد التوازن الاجتماعي الهشّ في البلاد المشوب حاليا بتوترات مرتبطة بالدمار وتداعيات الضربات الإسرائيلية التي أضعفت حزب الله في الداخل أيضا، بعدما كان القوة العسكرية والسياسية الأكثر نفوذا.

“التزام بالمصلحة الوطنية”

ويقول الباحث في العلاقات الدولية في جامعة القديس يوسف في بيروت، كريم بيطار، إن عون “يتمتع بسمعة طيبة من حيث النزاهة الشخصية”.

ويضيف أنه “داخل الجيش اللبناني، يُنظر إليه على أنه شخص ملتزم بالمصلحة الوطنية. كان يحاول تعزيز هذه المؤسسة، وهي آخر مؤسسة غير طائفية لا تزال ثابتة في البلاد”، بحسب ما نقلت عنه وكالة “فرانس برس” للأنباء.

ويتمتع عون بعلاقات جيدة مع مجموعات سياسية مختلفة الانتماءات، بما فيها حزب الله، علما بأن الحزب كان يعارض ترشيحه إلى الرئاسة.

(Getty Images)

كما له علاقات جيدة مع دول أجنبية، بينها الولايات المتحدة التي تُعد من أبرز داعمي الجيش اللبناني ماليا.

ويتلقّى الجيش أيضا دعما من دول أخرى بينها فرنسا والسعودية وقطر.

وفي العام 2021 وفي خضم الانهيار الاقتصادي، أدلى عون بكلمة أمام ضباط في مقرّ قيادة الجيش، ردّ فيها على انتقادات لقبوله مساعدات أميركية، فقال إن “الشعب جاع… والعسكري أيضا يعاني ويجوع”. وتابع “لولا المساعدات لكان الوضع أسوأ بكثير”.

وتضرّر الجيش بشدّة من الأزمة الاقتصادية التي بدأت عام 2019، وتراجعت قيمة رواتب أفراده إلى حدّ كبير.

“سياسي؟”

ولم يعلّق جوزاف عون يوما على التداول باسمه مرشّحا، لا سيما أن الدستور اللبناني لا يفرض على المرشحين إلى الرئاسة إعلان ترشيحهم.

كما لم يدل يوما بمواقف سياسية من الأحداث الكبرى التي شهدها لبنان والمنطقة. وهو عرف يلتزم به إجمالا قادة الجيش في لبنان، للتأكيد على حيادهم.

ويقول دبلوماسي غربي، إن “الجميع يقرّون بسجل عون على رأس الجيش (…)، لكن السؤال هو: هل يستطيع أن يتحوّل إلى سياسي؟”، بحسب ما نقلت عنه “فرانس برس”.


المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *