قانون تجريم مشاهدة “محتوى مؤيد للإرهاب” إشكالي ويعطي صفة فضفاضة للجريمة
المحامية موراني: “نرى في القانون إشكالية كبيرة، وهذا ينافي القانون الجنائي الذي حدد أن العقوبة على الفعل، وهنا يعاقب القانون بدون فعل أو حتى تخطيط، ولا حتى على نوايا وأفكار، وإنما في مرحلة ما قبل النوايا والأفكار إن وجدت أصلا”.
توضيحية (Getty Images)
أَقَرَّ الكنيست الإسرائيلي، يوم 8 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، قانون تجريم مشاهدة مواعد إعلامية مصدرها منظمات إرهابية، وفقا لتصنيف المنظمات في القانون الإسرائيلي، والمعدة لمكافحة المواد الإعلامية التي تنتجها حركة “حماس”.
وبموجب القانون الجديد فإن مشاهدة متواترة لمواد إعلامية صادرة عن منظمة إرهابية تعد مخالفة جنائية يعاقب عليها بالحبس الفعلي لمدة عام، وتصنف هذه المواد بمواد تدعو أو تشجع الإرهاب أو توثيق أعمال إرهابية وفقا للقانون الإسرائيلي، ولا يعد استهلاك عابر أو لهدف شرعي مخالفة للقانون، ويشكل القانون تحديا كبيرا للقانون الجنائي ذاته، إذ أن التجريم وفقا للقانون الجنائي الإسرائيلي بعد ممارسة فعل بذاته، أما في حالة القانون هذا فقد تجاوز الفعل والنية أيضا ليبلغ التجريم على المشاهدة.
عن قانون تجريم مشاهدة “محتوى مؤيد للإرهاب”، قالت المحامية في المركز القانوني لحماية حقوق الأقلية العربية “عدالة”، ميسانة موراني، في حديثها لـ”عرب 48” إن “القانون تمت المصادقة عليه في الأسبوع الماضي، وبمجرد نشره يكون ساريا المفعول، وهو يتطرق لمشاهدة مستمرة وممنهجة لمنشورات نشرها تنظيم إرهابي مُعّرف في القانون كتنظيم إرهابي (حماس) و(داعش)، وهذه المنشورات إما فيها دعوة مباشرة للقيام بعمل إرهابي أو التماثل وتشجيع عمل إرهابي، أو حتى مشاهدة توثيق عمل إرهابي، واستهلاك هذه المواد بطريقة ممنهجة في ظروف تظهر تماثلا مع المنظمة يشكل الفعل جريمة، وهذا القانون يعطي صفة فضفاضة للغاية للجريمة، ولا يوجد تعريف للاستهلاك الممنهج وحدودها واسعة جدا، لذا نرى في القانون إشكالية كبيرة، وهذا ينافي القانون الجنائي الذي حدد أن العقوبة على الفعل، وهنا يعاقب القانون بدون فعل أو حتى تخطيط، ولا حتى على نوايا وأفكار، وإنما في مرحلة ما قبل النوايا والأفكار إن وجدت أصلا، وبالتالي نرى في القانون إشكالا كبيرا”.
“عرب 48”: هل هناك نية للتصدي للقانون والتوجه للقضاء؟
موراني: نعم، هناك نية للتوجه إلى المحكمة العليا ضد القانون، باشرنا بمراسلات خلال مداولة القانون في لجنة الدستور بالكنيست، ونكمل مراسلات مع المستشار القضائي حول القانون، وبمجرد وصول جواب المستشار القضائي سيتم التوجه للمحكمة العليا، بسبب الإشكالات التي سبق وذكرتها في القانون.
“عرب 48”: هل يمكن التعويل على المحكمة العليا في ظل هذه الأجواء المحمومة؟
موراني: صحيح أنه في الوضع الحالي هناك تعامل مختلف في المحاكم لكل موضوع الاعتقالات، ولكن في هذه الحالة لدينا قانون وسياق دستوري يفحص دستورية القانون. نحن في سياق الحديث عن جريمة يعاقب عليها القانون، وبتصوري سيكون تجاوب من قبل المحكمة العليا مع الادعاءات الدستورية ضد القانون. ونأخذ بعين الاعتبار أن الالتماسات المماثلة تتطلب وقتا لحين وصول رد المستشار القضائي وأيضا ريثما تعيّن المحكمة جلسة وتستمع إلى الادعاءات في الملف، لذلك أرى أن الأجواء العامة ستتغير لغاية ذلك الوقت.
“عرب 48”: هل تعلمون عن قانون مماثل أو شبيه في أي دولة بالعالم؟
موراني: للحقيقة لا معلومات لدينا عن أي قانون شبيه في العالم، حتى إنه في إحدى جلسات الكنيست ذُكر أنه جرت محاولة شبيهة لسن قانون فقط في فرنسا والمحكمة الفرنسية ألغت القانون مرتين وأوضحت للحكومة أن هذا القانون لا يصلح أن يكون ساري المفعول، ومن الواضح أن هذا القانون لا يوجد مثيل له في العالم، حتى بناء على أمور كتبها مكتب الاستشارة القضائية للجنة الكنيست.
“عرب 48”: كيف يتقي الشباب الوقوع تحت طائلة عقوبات القانون، كما هو معلوم نحن في فترة أي شرطي يوقف أي شاب عربي حتى لتحرير مخالفة مرور يقوم بتفتيش هاتفه أولا؟
موراني: على الرغم من عدم وضوح تعريفات الجريمة نحن نتحدث عن استهلاك ممنهج ومستمر لمنشورات لمنظمة إرهابية، فمن شاهد منشورا لا يعد ضمن هذا التعريف، وعلى الشرطة إثبات استهلاك ممنهج ومستمر، بالإضافة إلى ذلك القانون يستثني من تطبيقه حالات فيها استهلاك المنشورات بنية صادقة مثل تبليغ إخباري أو أسباب بحثية. في كل حال من الواضح أن القانون يطرح إشكاليات أخرى حول كيفية التطبيق على أرض الواقع، كيف تفحص الشرطة من يستهلك بطريقة ممنهجة ومستمرة، وهذا يفتح باب تخوف كبير بأن يؤدي القانون لاستعمال صلاحيات واسعة جدا للشرطة للمراقبة والتجسس على المواطنين وهواتفهم واستهلاكهم للإنترنت.
المصدر: عرب 48