“قرار عنصري سيعقبه شلل وانهيار السلطات المحلية”
أجمع رؤساء سلطات محلية عربية في البلاد على أن قرار وزير المالية الإسرائيلي، سموتريتش، تجميد هبات الموازنة “عنصري من الدرجة الأولى ويهدد بشلل وانهيار السلطات المحلية العربية”.
مبنى بلدية الطيبة (توضيحية – أرشيف عرب 48)
أثار قرار وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، المعروف بمواقفه العنصرية والمتطرّفة تجاه العرب والفلسطينيين، حرمان السلطات المحلية العربية من الميزانيات التي أقرتها الحكومة السابقة، ردود فعل غاضبة على مستوى السلطات المحلية العربية.
ويأتي ذلك بعدما أعلن سموتريتش الأحد رفضه تحويل هبات الموازنة بقيمة 200 مليون شيكل للسلطات المحلية العربية، الأمر الذي اعتبره البعض بدفع مليوني مواطن عربي إلى الزاوية، فيما رأى آخرون بأن القرار نابع من “منطلقات عنصرية متطرفة للوزير سموتريتش تجاه المواطنين العرب”.
تعطيل السلطات المحلية
وقال رئيس مجلس محلي عيلبون سابقا ومدير المركز العربي للتخطيط البديل، د. حنا سويد، لـ”عرب 48“، إنه “باعتقادي إذا تم تنفيذ قرار سموتريتش فإنه يجب إعلان الإضراب وأن يرافقه نشاطات وفعاليات عارمة، وليس فقط إغلاق السلطات المحلية والجلوس وانتظار مكالمة من الوزير لأنها لن تأتي، وإنما يجب التحرك شعبيا في مظاهرات عارمة في كل أنحاء البلاد وفي كل شوارعها وعلى كل المفارق”.
وأضاف “يجب أن نحذو مثلما شهدنا من احتجاجات أبناء الطائفة الدرزية ضد مخطط عنفات الرياح في الجولان، إذ أن الضغط الشعبي على قضية محدودة ومحددة جغرافيا حقق نتائج آنية وجعل الحكومة تتراجع، فالسلطات المحلية العربية وبانعدام مصادر الدخل الذاتي لديها واعتمادها الأساسي على الميزانيات الحكومية فعمليا هذا القرار سيتسبب بتعطيل هذه السلطات كليا”.
وأشار سويد إلى أن “هناك سلطات محلية عربية بالنسبة لها هبات الموازنة وحدها تشكل ما يقارب 20-25% من ميزانياتها بسبب غياب المداخيل المحلية من مناطق صناعية وتجارية تغني صناديق السلطات المحلية، فيبقى اعتماد السلطات المحلية الرئيسي والأساسي على التحويلات من الوزارات المختلفة وكل شيء يذهب إلى هدفه كالتعليم والخدمات الاجتماعية وغيرهما”.
النضال الشعبي
وتابع “بالتالي فإن السلطة المحلية لا تستطيع أن تصرف منها لهدف آخر، أما الخدمات العامة والبنى التحتية وإضاءة الشوارع والتنظيف والخدمات الأخرى فإنها تعتمد فيها على هبات الموازنة والأرنونا (ضريبة المسقفات)، وبما أن الأرنونا عائد ضعيف بحد ذاته ولا يكفي بسبب الوضع الاقتصادي الاجتماعي المتدني للمواطنين العرب، لذلك تبقى هبات الموازنة بالنسبة لهذه السلطات هي الاكسجين والوقود الأساسي، وقرار سموتريتش هذا من شأنه أن يشل السلطات المحلية العربية كليا”.
ونوه سويد إلى أنه “من الخطأ الاكتفاء بإعلان الإضراب في السلطات المحلية والبلدات العربية فقط، لأن هذا الانزواء والجلوس في الزاوية لن يحرك ساكنا ولن يؤثر على السلطة الحاكمة، لذلك فإن الملجأ الأساسي هو نضال شعبي ينعكس تأثيره على أجهزة الدولة وعلى مؤسساتها وشوارعها ومفارقها. غير ذلك فإنه لن يُسمع لنا صوت أبدا”.
اللجوء إلى القضاء
وشدد رئيس مجلس محلي طرعان، مازن عدوي، في حديث لـ”عرب 48“، على ضرورة بحث موضوع التوجه إلى القضاء من أجل تطبيق القرار الحكومي الذي اتخذته الحكومة السابقة، وذلك بالتوازي مع تحرك جماهيري شعبي وإغلاق المفارق التي تعتبر حيوية وشرايين رئيسية في البلاد، وصولا إلى القدس وإقامة خيمة اعتصام أمام مباني الحكومة”.
وأضاف “لسنا متفاجئين من قرار هذه الحكومة العنصرية وزمرة المتطرفين التي تقف على رأس هذه الحكومة، والذين هدفهم الأول هو التضييق على العرب في كل مناحي الحياة سواء إن في محاربة العنف والجريمة أو تجميد الميزانيات”.
وقال “حين قررت الحكومة السابقة منحنا هذه الميزانيات قام كل مجلس ببناء الخطط والبرامج اعتمادا على الميزانيات المقررة، ولم نكن نفكر بأن الأمور ستنقلب على هذا النحو وتأتي حكومة فاشية يكون فيها سموتريتش وبن غفير وأمثالهما في مواقع اتخاذ القرار، وتجميد هذه الميزانيات يعني إدخال السلطات المحلية في عجز مالي يزيد من صعوبة الأوضاع”.
ودعا عدوي إلى تصعيد تدريجي للخطوات الاحتجاجات، على أن تبدأ بخيمة اعتصام يعقبها مظاهرات كبيرة وحاشدة في القدس، مضيفا “أقترح على اللجنة القطرية في الاجتماع المقبل الدعوة إلى تظاهرات وإغلاق مفارق حيوية ورئيسة في منطقة الشمال أولا ومن ثم في البلاد عامة، وهذا يحتاج إلى جهد وتعبئة جماهيرية وإيمان بأن هذا هو الشيء الوحيد الذي يشكل ضغطا على المؤسسة الحاكمة، مشيدا بالموقف الشجاع لأهالي الجولان الذي دفع الحكومة للتراجع عن قرار مصادرة أراضيهم لإقامة مشروع المراوح”.
قرار عنصري يهدد وجود السلطات المحلية
ومن جانبه، وصف رئيس مجلس محلي فسوطة، إدغار دكور، في حديث لـ”عرب 48“، القرار بأنه “عنصري من الدرجة الأولى، وهو قرار يهدد وجود السلطات المحلية في بلدات صغيرة مثل فسوطة”.
ورأى أن “هذا قرار غير مسبوق بسلب ميزانيات قد أقرت ووزارة الداخلية طلبت من السلطات المحلية أن تدرج هذه المبالغ في ميزانياتها العادية، فهذا القرار هو بمثابة خطوة عنصرية قاسية وغير مبررة، وإذا استمرت هذه الخطوات ولم يتراجع عنها سموتريتش فذلك سيهدد بشكل جدي بقاء السلطات المحلية وقدرتها على افتتاح السنة الدراسية والقيام بواجباتها الأساسية تجاه المواطنين”.
وعن كيفية مواجهة هذا القرار الجائر، قال دكور “نحن لن نُخرج من دائرة الاحتمالات الممكنة ولا أي احتمال. لدينا خيمة اعتصام قائمة أمام مبنى رئيس الحكومة، وسندرس إمكانية التوجه للقضاء لأن هناك خرق واضح لقرار حكومي سابق وخرق لاتفاقية مبرمة بين حكومة إسرائيل والسلطات المحلية”.
وعن أهمية هبات الموازنة بالنسبة لمجلس فسوطة تحديدا، إلى أن “السلطات المحلية الصغيرة التي تفتقر إلى المدخولات الذاتية والمناطق الصناعية هي تعتمد بالأساس على هبات الموازنة، وهذه ستكون ضربة قاضية تهدد بانهيار السلطات المحلية”.
تعميق التمييز ضد العرب
وقال رئيس بلدية كفر قاسم، عادل بدير، لـ”عرب 48“، إنه “قرار فيه من الإجحاف والتمييز العنصري بحق البلدات العربية، وهذا دليل واضح على أن وزير المالية يسعى إلى تعميق التمييز ضد العرب”.
وأضاف أن “هناك إجحاف قائم ومستمر أصلا في توزيع الميزانيات، إذ لا تحصل السلطات المحلية العربية على خمس ما تحصل عليه البلدات اليهودية، في حين أن ميزانية الفرد في السلطات المحلية اليهودية تعادل ثلاثة أضعاف ميزانية الفرد في المجتمع العربي، وكذلك الأمر بالنسبة للطالب العربي مقارنة بالطالب اليهودي. لذلك فإن القرار سيكون بمثابة ضربة قاصمة للسلطات المحلية العربية”.
ضربة للسلطات المحلية العربية
وذكر الخبير الاقتصادي ورئيس مجلس كفركنا السابق، د. يوسف عواودة، لـ”عرب 48“، أن “السلطات المحلية العربية تعاني أصلا من عجز كبير في تغطية نفقاتها الجارية لأن دخلها محدود ويعتمد بالأساس على ضريبة الأرنونا وخصوصا أرنونا المساكن، لذلك تضطر الحكومة إلى توفير مبلغ شهري زهيد يضمن لهذه السلطات المحلية أن تبقى ’واقفة على رجليها’ وهو ما يسمى بهبات الموازنة”.
وأوضح أن “مبلغ هذه الهبات تحدده الحكومة بناء على معادلة مجحفة ثم هي لا تلتزم بتحويل كامل المبالغ، لذلك وعلى إثر احتجاجات السلطات المحلية العربية ومطالبتها بتصحيح هذا الوضع السيئ قامت الحكومات في السنوات الأخيرة بتحويل مبلغ إضافي للسلطات المحلية العربية كتعويض جزئي عن تقصيرها في مسألة هبات الموازنة، وكان من المقرر تحويل 200 مليون شيكل للسلطات العربية عن هذه السنة 2023 لتمويل نفقات قامت السلطات العربية بصرفها أصلا وهي تنتظر صرف هذه المبالغ فعليا لتسديد المستحقين من مقاولين ومزودي خدمات، إلا أن الوزير العنصري سموتريتش قرر تجميد هذه الأموال وفحص إمكانية صرفها بأبواب أخرى هو يريدها وفق أجنداته العنصرية”.
وختم عواودة حديثه قائلا “لا شك أن مثل هذا القرار سيشكل ضربة للسلطات العربية التي تعاني أصلا، مما سيزيد الطين بلّة والمرض علّة وسيعاني المواطن العربي من تراجع في مستوى الخدمات ومن كمية المشاريع التي لم تكن يوما بالمستوى الذي يطمح إليه المواطن ويستحقه”.
المصدر: عرب 48