قمة القاهرة تفشل في التوافق على بيان ختامي.. مطالبات بـ”وقف فوري” للحرب على غزة
اختلاف “بشكل عنيف” بين وفود الدول العربية ووفود الدول الغربية أفشل إصدار بيان ختامي لقمة القاهرة بشأن الحرب الإسرائيلية على غزة؛ الدول الغربية تشدد على “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها” وتصر على “إدانة حماس”.
في ظل التباين بين الموقفين العربي والغربي من الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة المحاصر عقب العملية المباغتة التي شنتها كتائب القسام في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، فشلت القمة التي تستضيفها مصر، في إصدار بيان ختامي يدعو إلى وقف الحرب، الأمر الذي دفع الرئاسة المصرية إلى إصدار بيان منفصل.
ووافقت البلدان العربية الممثلة في القمة على البيان المصري، بحسب ما أفاد دبلوماسيون عرب، فيما “أراد الغرب إدانة واضحة لحماس وتحميلها مسؤولية التصعيد، وإطلاق سراح المختطفين من قبل الحركة”، وفق المصادر نفسها، الأمر الذي حال دون صدور بيان ختامي.
ونقلت صحيفة “العربي الجديد” عن مصادر مطلعة أن الدول الأوروبية التي شاركت في القمة، أصرت على “إدانة واضحة وصريحة” لحركة حماس في البيان الختامي، بالإضافة إلى التأكيد على “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، في المقابل، رفضت الدول العربية إدراج هذه الجمل الأمر الذي أدى إلى مناقشة حادة بين ممثلي الجانبين، دون التوصل إلى نتيجة نهائية.
ولفتت الصحيفة إلى “اختلاف عنيف” بين وفود الدول العربية من جهة، ووفود الدول الغربية من جهة أخرى، أفشل إصدار بيان توافقي ختامي عن القمة، الأمر الذي يشير إلى حدة التباين بين الموقفين العربي والدولي من الحرب على غزة، في ظل الدعم الرسمي لإسرائيل في مواصلة حربها على القطاع المحاصر.
اختتمت “قمة القاهرة للسلام”، على وقع مطالبات من المشاركين فيها بـ”وقف فوري” للحرب والتي دخلت أسبوعها الثالث. وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قال في افتتاح القمة “نحن أمام أزمة غير مسبوقة تتطلب الانتباه الكامل للحيلولة دون اتساع رقعة الصراع بما يهدد استقرار المنطقة… لذلك وجهت لكم الدعوة اليوم”.
من جانبها، أصدرت الرئاسة المصرية بيانًا صحافيًا في ختام “قمة القاهرة للسلام”، قالت فيه إن مصر سعت من خلال دعوتها لهذه القمة إلى “بناء توافق دولي يدعو إلى وقف الحرب المستمرة والتي أسفرت عن آلاف الضحايا من المدنيين في كل من الجانب الفلسطيني والإسرائيلي”.
وأعربت القاهرة عن تطلعها إلى أن “ينبثق عن المشاركين في القمة نداء عالمي من شأنه أن يؤكد أهمية إعادة تقييم النهج الدولي في التعامل مع القضية الفلسطينية على مر العقود الماضية. وبحيث يتم الخروج من رحم الأزمة الراهنة بروح وإرادة سياسية جديدة تمهد الطريق لإطلاق عملية سلام حقيقية وجادة، تُفضى خلال أمد قريب ومنظور، إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود يونيو/ حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية”.
ولفت البيان الرئاسي المصري إلى أن “اجتماع القاهرة تم بمشاركة قادة ورؤساء حكومات ومبعوثين من دول إقليمية ودول دولية عدة، وجاء هذا الاجتماع بهدف التشاور والنظر في سبل الدفع بجهود احتواء الأزمة المتفاقمة في قطاع غزة، وخفض التصعيد العسكري بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني الذي ذهب ضحيته آلاف القتلى من المدنيين الأبرياء منذ اندلاع المواجهات المسلحة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي”.
وذكر البيان أن مصر شعت من خلال دعوتها لـ “قمة القاهرة للسلام” إلى “بناء توافق دولي شامل يتجاوز الثقافات والجنسيات والأديان والتوجهات السياسية. يتمحور هذا التوافق حول قيم الإنسانية وضمير الجماعة الدولية، وينادي برفض العنف والإرهاب وقتل الأبرياء بلا مبرر. كما يدعو إلى وقف الحرب المستمرة التي أسفرت عن وفاة الآلاف من المدنيين الأبرياء على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، ويعطى أولوية خاصة لنفاذ وضمان تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية وإيصالها إلى مستحقيها من أبناء قطاع غزة، ويحذر من مخاطر امتداد رقعة الصراع الحالى إلى مناطق أخرى في الإقليم”.
وشدد البيان على “أهمية احترام قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني”، وأكد على “ضرورة حماية المدنيين ومنع تعريضهم للمخاطر والتهديدات”. وأفاد بأن الأولوية القصوى هي ضمان وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى المستحقين في قطاع غزة.
وحذر البيان من خطورة امتداد النزاع الحالي إلى مناطق أخرى في الإقليم. وأشار إلى أن “المجتمع الدولي كشف عن نقص كبير في السعي لإيجاد حلًا عادلًا ودائمًا للقضية الفلسطينية. فقد تم التركيز على إدارة النزاع بدلاً من حله نهائيًا، مع تقديم حلًا مؤقتًا ومسكنات غير كافية لتلبية تطلعات الشعب الفلسطيني الذي عانى لأكثر من ثمانين عامًا من الاحتلال ومحاولات طمس هويته وفقدان الأمل”.
وأوضح البيان أن “الأحداث الجارية أظهرت أيضًا تلاعبًا في قيم المجتمع الدولي في مواجهة الأزمات، حيث تجد التنديد السريع بقتل الأبرياء في مكان ما بينما يكون هناك تردد غير مبرر في إدانة نفس الأعمال الوحشية في مكان آخر. وقد تمت محاولات تبرير هذه الجرائم، وكأن حياة الإنسان الفلسطيني أقل أهمية من حياة أي شخص آخر”.
وأكد البيان أن “الأوضاع الراهنة تتطلب من المجتمع الدولي استجابة ملائمة نظرًا للأرواح التي تفقد يوميًا في هذه الأزمة، والنساء والأطفال الذين يعيشون تحت وطأة القصف الجوي المستمر على مدار الساعة. إن هذه الأوضاع تجعل من الضروري أن تكون ردود الأفعال الدولية متناسبة مع خطورة الأحداث. ويجب أن يحظى الشعب الفلسطيني بحماية واحترام حقوقه كما ينص عليها القانون الدولي الإنساني واتفاقيات حقوق الإنسان الدولية”.
وأضاف أن “على الشعب الفلسطيني أن يتمتع بجميع الحقوق المتاحة لباقي شعوب العالم، مثل الحق في الحياة والمأوى الآمن والرعاية الصحية الكريمة والتعليم لأبنائه. ويجب عليه أيضًا أن يكون لديه دولة تمثل هويته ويفتخر بانتمائه إليها قبل كل شيء”.
وأضاف البيان أن “مصر تتجه نحو تحقيق هذه الأهداف النبيلة، ولن تقبل أبدًا بأي محاولة لتصفية القضية الفلسطينية على حساب أي دولة في المنطقة. ولن تتردد في الدفاع عن سيادتها وأمنها القومي في وجه التحديات والتهديدات المتزايدة. وستعتمد في ذلك على القوة الإلهية وإرادة شعبها وعزيمته”.
عباس يبحث المستجدات الفلسطينية مع مسؤولين دوليين
هذا وبحث الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، السبت، مع عدد من القادة والمسؤولين الدوليين، مستجدات الساحة الفلسطينية، وذلك خلال سلسلة لقاءات عقدها على هامش قمة “القاهرة للسلام 2023”.
واجتمع عباس مع كل من رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، الذي ترأس بلاده الاتحاد الأوروبي حتى نهاية 2023، ورئيسة الحكومة الإيطالية، جيورجيا ميلوني، ووزيرة خارجية اليابان، يوكو كاميكاوا، ورئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، وفق وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية “وفا”.
وبحث عباس في لقاءاته “آخر التطورات على الساحة الفلسطينية، وآخر مستجدات الجهود الجارية لوقف العدوان على شعبنا، وتجنيب المدنيين ويلات الحرب، وأهمية إدخال المواد الإغاثية الطبية والغذائية وتوفير المياه والكهرباء بأسرع وقت ممكن”، وفق وكالة “وفا”.
وجدد رفض بلاده “القاطع لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة أو من الضفة أو القدس”. وقال إن “السلام والأمن يتحققان من خلال تنفيذ حل الدولتين المستند لقرارات الشرعية الدولية”.
المصدر: عرب 48