كيف تؤثّر العلامات التجاريّة في طريقة تفكير المستهلكين؟
للعلامات التجاريّة تأثير كبير على نموّ الأطفال، وقد استكشفت العديد من الدراسات العلاقة بين العلامات التجاريّة وسلوك الأطفال ومواقفهم ومعتقداتهم
تنتشر العلامات التجاريّة في كلّ مكان في حياتنا اليوميّة، وتأثيرها واضح في طريقة تفكيرنا وتصرّفنا واتّخاذنا للقرارات، إذ إنّها تعدّ جانبًا أساسيًّا من جوانب التسويق الحديث، وقد تمّت دراسة قدرتها على تشكيل تصوّر الناس ومواقفهم تجاه المنتجات والخدمات والأفكار على نطاق واسع من قبل الباحثين في مجالات علم النفس والتسويق وسلوك المستهلك.
وتعتبر العلامات التجاريّة أكثر بكثير من مجرّد أسماء أو شعارات؛ بل إنّها تمثّل مجموعة من القيم والمعتقدات والجمعيّات الّتي يربطها المستهلكون بمنتج أو خدمة، حيث يمكن لهذه العلامات التجاريّة إثارة المشاعر، وخلق شعور بالهويّة والانتماء، والتأثير على قرارات الشراء لدى الناس، ووفقًا لدراسة أجرتها McKinsey، تعتمد 70% من تجارب الشراء على شعور العميل بمعاملته، حيث تلعب العواطف المرتبطة بالعلامة التجاريّة دورًا مهمًّا في تشكيل هذه التجارب.
وتؤثّر العلامات التجاريّة أيضًا على سلوك الناس من خلال آليّات نفسيّة مختلفة، وإحدى هذه الآليّات هي مبدأ الإثبات الاجتماعيّ، حيث يميل الناس إلى اتّباع أفعال وآراء الآخرين في مجموعتهم الاجتماعيّة، وغالبًا ما تستخدم العلامات التجاريّة موافقات المشاهير أو المؤثّرين على وسائل التواصل الاجتماعيّ لخلق شعور بالدليل الاجتماعيّ وإقناع الناس بشراء منتجاتهم.
وكانت دراسة قد أجرتها شركة Nielsen أنّ 92% من المستهلكين يثقون في توصيات الأصدقاء والعائلة على أشكال الإعلانات الأخرى.
آليّة نفسيّة أخرى تستخدمها العلامات التجاريّة للتأثير على الناس هي مبدأ التنافر المعرفيّ، ويشير هذا المبدأ إلى أنّ الناس يميلون إلى السعي وراء الاتّساق بين معتقداتهم ومواقفهم وسلوكيّاتهم، ويمكن للعلامات التجاريّة أن تخلق تنافرًا معرفيًّا من خلال خلق فجوة بين الحالة الحاليّة للأشخاص وحالتهم المرجوّة، فمن خلال تسليط الضوء على فوائد منتج أو خدمة، يمكن للعلامة التجاريّة أن تخلق رغبة أو حاجة إليها، والّتي قد يسعى الناس إلى إرضائها عن طريق الشراء.
وللعلامات التجاريّة تأثير كبير على نموّ الأطفال أيضًا، وقد استكشفت العديد من الدراسات العلاقة بين العلامات التجاريّة وسلوك الأطفال ومواقفهم ومعتقداتهم؛ فوفقًا لدراسة أجرتها جمعيّة علم النفس الأمريكيّة، فإنّ الأطفال دون سنّ الثامنة غير قادرين على فهم القصد المقنع للإعلان، وبالتالي فهم عرضة لتأثيرها، وتستخدم العلامات التجاريّة أساليب مختلفة لجذب الأطفال، بما في ذلك الشخصيّات الكرتونيّة والألوان الزاهية والأناشيد الجذّابة، حيث يمكن أن تخلق هذه الأساليب ارتباطات إيجابيّة مع المنتجات، وتجعل الأطفال أكثر عرضة لمطالبة والديهم بشرائها.
كما وجدت دراسة أجرتها مؤسّسة القلب البريطانيّة أنّ الأطفال الّذين تعرّضوا لإعلانات الأطعمة غير الصحّيّة كانوا أكثر عرضة لاستهلاك الأطعمة ذات السعرات الحراريّة العالية والمنخفضة المغذّيات، وخلصت دراسة أخرى أجراها مركز رود لسياسة الغذاء والسمنة، أنّ الأطفال الّذين تعرّضوا للإعلانات الغذائيّة كانوا أكثر ميلًا إلى تفضيل الأطعمة والمشروبات غير الصحّيّة على الأطعمة والمشروبات الصحّيّة، وتشير هذه الدراسات إلى أنّ العلامات التجاريّة لها تأثير كبير على الخيارات الغذائيّة للأطفال، ويمكن أن تسهم في ارتفاع معدّلات السمنة لدى الأطفال.
وخلصت دراسة أخرى أجرتها جامعة تكساس، إلى أنّ الأشخاص الّذين يتعرّفون بقوّة على علامة تجاريّة معيّنة كانوا أكثر عرضة للانخراط في استهلاك واضح والتباهي بثروتهم ومكانتهم من خلال شراء السلع الكماليّة.
وتستخدم بعض العلامات التجاريّة تأثيرها للترويج للسلوكيّات الضارّة أو غير الأخلاقيّة. مثل شركات التبغ، والّتي اشتهرت منذ فترة طويلة بتكتيكاتهم التسويقيّة والعلامات التجاريّة العدوانيّة، والّتي ساهمت في ارتفاع معدّلات الأمراض والوفيات المرتبطة بالتدخين، ووجدت دراسة أجرتها منظّمة الصحّة العالميّة أنّ الإعلان عن التبغ والترويج له يزيد من استهلاك التبغ، وهناك صلة واضحة بين الإعلان عن التبغ وبدء الشباب في التدخين.
وبالمثل، فإنّ العلامات التجاريّة للكحوليّات تستخدم تأثيرها للترويج لثقافة الإفراط في الشرب، ممّا قد يؤدّي إلى مجموعة من المشكلات الصحّيّة والاجتماعيّة، ووجدت دراسة أجراها المعهد الوطنيّ لتعاطي الكحول وإدمانه في الولايات المتّحدة، أنّ الإعلان عن الكحول يزيد من احتماليّة شرب الكحول بكثرة بين البالغين.
المصدر: عرب 48