كيف تستثمر المعارضة التركية إحالة أوغلو للسجن؟

علّقت الحكومة التركية مهام رئيس بلدية إسطنبول المعارض، أكرم إمام أوغلو، مع إيداعه السجن، الأحد، بتهمة "الفساد"، بعدما أثار توقيفه، الأربعاء، موجة واسعة من الاحتجاجات لم تشهد تركيا مثيلًا لها منذ 12 عامًا.
تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"… سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات
ونُقل إمام أوغلو، الذي يُعدّ المعارض الأبرز للرئيس رجب طيب إردوغان، إلى سجن مرمرة، الذي يُعرف أيضًا باسم سيليفري، غرب إسطنبول، مع عدد من المتهمين، حسبما أفاد حزب الشعب الجمهوري، الذي ينتمي إليه، ووسائل إعلام تركية.
كذلك، أعلنت السلطات تعليق مهام رئيس البلدية، الذي ندّد باتهامات "غير أخلاقية ولا أساس لها".
وتعهّد إمام أوغلو عدم الرضوخ، وفي رسالة نشرها عبر محاميه على منصة "إكس"، دعا أنصاره إلى "عدم فقدان الأمل" و"عدم الإصابة بالإحباط"، وقال: "سنمحو، يدًا بيد، وصمة العار السوداء هذه عن ديمقراطيتنا"، مضيفًا: "لن أرضخ، والأمور ستكون على ما يرام".

في وقت سابق من الأحد، أمر قاضٍ بسجن رئيس بلدية إسطنبول بتهمة "الفساد"، وندّد حزب الشعب الجمهوري، حزب المعارضة الرئيسي، بـ"انقلاب سياسي".
وجاء ذلك فيما رفض القضاء التركي طلب احتجازه بتهمة "الإرهاب"، على ما أفاد أحد محاميه وناطق باسم بلدية إسطنبول لوكالة "فرانس برس". وأعلن محاموه أنه سيتم استئناف قرار سجنه.
وقال رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل، إن "أكرم إمام أوغلو في طريقه إلى السجن، ولكنه أيضًا في طريقه إلى الرئاسة".
وجاء ذلك فيما يُجري حزب الشعب الجمهوري انتخابات تمهيدية، من المتوقع أن تجعل من إمام أوغلو مرشّحًا للانتخابات الرئاسية المقبلة، التي من المقرّر أن تُجرى في العام 2028.
ودعا الحزب جميع الأتراك، حتى أولئك غير المسجّلين لديه، إلى المشاركة في الانتخابات التمهيدية.
في ظل التعبئة الواسعة، قرّر حزب الشعب الجمهوري، الذي أعلن أنّ "ملايين الأشخاص" شاركوا في التصويت، تمديد عمليات الاقتراع حتى الساعة الثامنة والنصف ليلًا (17:30 ت.غ)، بدلًا من الساعة الخامسة كما كان مُقررًا.
وقالت قدرية سيفيم، التي شاركت في الانتخابات التمهيدية، لفرانس برس: "لقد جئنا لدعم رئيس بلديتنا، ما زلنا ندعمه".
ودعا حزب الشعب الجمهوري، مجددًا، سكان إسطنبول إلى التجمّع أمام مبنى بلدية العاصمة الاقتصادية، مساء الأحد، لليوم الخامس على التوالي.
ومنذ الأربعاء، يتجمّع عشرات الآلاف من الأشخاص، كلّ ليلة، أمام المبنى لدعم إمام أوغلو.
في محاولة لتفادي وقوع اضطرابات، مدّدت سلطات ولاية إسطنبول حظر التجمّعات حتى مساء الأربعاء، وأعلنت قيودًا على الدخول إلى المدينة على الأشخاص الذين يُحتمل أن يشاركوا في التجمّعات، من دون أن تُحدّد كيف ستنفّذها.
وتوسّعت موجة الاحتجاجات، التي أثارها توقيف إمام أوغلو، في أنحاء تركيا، وبلغت نطاقًا غير مسبوق منذ حركة احتجاجات غيزي الحاشدة، عام 2013، والتي انطلقت من ساحة تقسيم في إسطنبول.
وخرجت تظاهرات في 55 محافظة على الأقل من أصل 81 في تركيا، بحسب تعداد أجرته وكالة فرانس برس، وشهدت صدامات مع شرطة مكافحة الشغب.
وأسفرت المواجهات عن توقيف مئات الأشخاص في تسع مدن على الأقل، وفقًا للسلطات.
وقالت الصيدلانية، آيتن أوكتاي (63 عامًا)، لوكالة فرانس برس في إسطنبول: "ستستمر الاحتجاجات… الأمة صامدة، ولن تنحني". وشهدت إسطنبول تعليق مهام اثنين من رؤساء البلديات المحليين، الذين اعتُقلوا في الوقت ذاته مع أكرم إمام أوغلو، بتهمة "الفساد" و"الإرهاب".
وأعلنت محافظة إسطنبول أن مجلس بلدية المدينة سينتخب نائبًا للرئيس، الأربعاء.
من جانبه، أكّد إركان باشال، وهو معالج نفسي (53 عامًا) في أنقرة: "سنواصل النضال"، وحثّ الحكومة على "التراجع عن هذا الخطأ".
ورَدًّا على الاحتجاجات، تعهّد إردوغان، الذي كان رئيسًا لبلدية إسطنبول في التسعينات، عدم الاستسلام لـ"إرهاب الشوارع".
على الصعيد الدولي، نددت باريس وبرلين، بالإضافة إلى رؤساء بلديات العديد من المدن الأوروبية الكبرى، بتوقيف إمام أوغلو، الأربعاء.
وأصبح أكرم إمام أوغلو (53 عامًا) رئيسًا لبلدية العاصمة الاقتصادية للبلاد في عام 2019، بعد فوزه على مرشّح حزب العدالة والتنمية، الذي قاد بلدية إسطنبول على مدى 25 عامًا.
المصدر: عرب 48