Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

كيف يقوم فيسبوك ببيعنا وشرائنا طواعية؟

يتساءل البعض عن الكلفة الحقيقيّة لاستخدام تلك المواقع، وبينما يصرّ فيسبوك على مجانيّته، فإنّ بعض الآراء تقول إنّ الثمن الّذي ندفعه طواعية هو “الصحّة النفسيّة”، وفي تلك الحالة، فإنّ عبارة “لا شيء بالمجّان” صحيحة تمامًا…

منذ مطلع الألفيّة الأولى في القرن الحاليّ، بدأ صعود مواقع التواصل الاجتماعيّ مع اختراع فيسبوك. الأمر كان مثيرًا للدهشة في بادئ الأمر. رسائل سريعة تصل في الوقت نفسه، مشاركة صور ومقاطع صوتيّة ومقاطع فيديو مع العائلة والأصدقاء حول العالم، وكلّ ذلك بالمجّان. الموقع الّذي يعدّ حجر أساس في عالم السوشيال ميديا، قام مؤخّرًا، مدفوعًا بالذكاء الاصطناعيّ، بتحديث الخوارزميّة لتعمل حسب اهتمامات المستخدم فقط، وهو ما ضيّق المجال أمام اكتشاف الرأي الآخر والاختلافات بين الثقافات.

ترتيب زمنيّ: شريط حياة فيسبوك

البداية كانت في عام 2004 عندما كتب مارك زوكربيرج المسوّدة الأولى للموقع. في ذلك الحين لم يتعدّ انتشار الموقع بعض الجامعات في الولايات المتّحدة، وبعد فترة قصيرة انتشر في العالم. ومع انتشار الموقع، وعندما أصبح الأمر “جدّيًّا” تمّ تطوير ما يعرف بالـ “نيوز فيد” News Feed، وهو ما يراه المستخدم على الشاشة. في ذلك الوقت كانت تلك الميزة تعمل على إظهار المنشورات المتعلّقة بقائمة الأصدقاء فقط.

في العام 2007 تمّ إدراج أوائل الأدوات الّتي تعمل على إفراز هرمون الدوبامين لدى المستخدمين، والاعتماد عليه بشكل يوميّ للإحساس بالمكافأة والأهمّيّة. الميزة المهمّة كانت زرّ “أعجبني” الّتي شكّلت بداية ثورة التواصل الاجتماعيّ و”الإدمان” حسب الخبراء. “كنت أفكّر في التسهيل على المستخدمين التعبير عن إعجابهم في شيء ما ببذل القليل من الجهد” يقول جاستن روزنتين، مخترع زرّ أعجبني. منذ تلك اللحظة أتيح للمستخدمين استخدام تلك الميزة للتعبير عن إعجابهم في منشور أو صورة أو فيديو دون التعبير عن ذلك في تعليق. والمفارقة في هذا السياق أنّ مخترع زرّ أعجبني، في مرحلة لاحقة، لم يعد يعجبه هذا الزرّ.

تطوّر الأمر مع زيادة المستخدمين بأعداد خياليّة، فتمّت الاستعانة فيما يسمّى اليوم بالخوارزميّة في عام 2007، وحسب التعريف فإنّ الخوارزميّة هي مجموعة من التعليمات الدقيقة والواضحة والمحدّدة والمحكومة رياضيًّا، والّتي يراد بها الوصول إلى هدف معيّن، أي أنّ هذه التعليمات تأخذ مدخلات واضحة، تعالجها، وتنتهي بمخرجات واضحة أيضًا. الخوارزميّة الّتي نتحدّث عنها كانت نظام الفرز Sorting Order، ومن هنا، أصبح الأمر يرتكز على محتوى المنشور بشكل مساو للمستخدم، فأصبح العامل الرئيسيّ ليس من ينشر، وإنّما ما يُنشر.

ولأنّ التغيير هو الثابت الوحيد في مواقع التواصل، فقد تتابع التطوير والتغيير في الموقع. في عام 2015، أدرجت ميزة See First، والّتي تعتمد بدورها على الخوارزميّة البدائيّة للفرز، فأصبحت المنشورات تفرز ويتلقّى المستخدم ما يريد أن يرى بمعزل عن العالم الافتراضيّ.

في العام الّذي يليه، أدرجت أداة جديدة في التحليل، وهي الوقت. الموضوع ببساطة يرتكز على المدّة الزمنيّة الّتي يحتاجها المستخدم عند التفاعل مع منشور معيّن، وكلّما قضى المستخدم وقتًا أكثر، فإنّ الخوارزميّة تفسّر ذلك على أنّه اهتمام. وبما أنّ الخوارزميّة مجموعة تعليمات دقيقة تعتمد على المدخلات، فإنّ المقاربة واضحة: كلّما ازدادت دقّة المدخلات ازدادت دقّة المخرجات، وبناء على ذلك المنطق، أُخرِجت “ردود الأفعال” في عام 2017. لم يبق الأمر في حدود زرّ “اللايك”، بل تطوّر إلى التعبير عن مشاعر قويّة تتخطّى الإعجاب، مثل الحبّ والكره والحزن والغضب والمفاجأة والضحك، ولان تحليل الأشخاص يعتمد بشكل كبير على فهم ردود أفعالهم، فقد اعتمدت الخوارزميّة على المشاعر الأساسيّة للإنسان، الغضب والقرف والخوف والسعادة والحزن والمفاجئة، كما عبّر عنها عالم النفس الأميركيّ بول إيكمان. فأصبحت ردود الأفعال الّتي تصفها الخوارزميّة بـردود الأفعال “ذات المعنى” مقياسًا أساسيًّا ليرى المستخدم ما يريد رؤيته.

(getty)

ولكنّ الأمر لم يتوقّف عند ذلك، ففي عام 2018 تمّ تطوير الخوارزميّة للتركيز على المنشورات الّتي تحظى بردود أفعال كثيرة، والأهمّ من ذلك، التعليقات. المنشور الّذي يحظى بتعليقات أكثر يبرز بشكل أكبر، وبالتّالي يراه مستخدمون أكثر. بعد هذا التحديث، بدأ المستخدمون بفهم طريقة عمل الخوارزميّة، والتركيز على كمّ التعليقات، دون تحليل محتواها بشكل أساسيّ، وهو ما دفع المستخدمين للنشر تحت عنوان “ارفعوا البوست” أو “علق بنقطة” لرفع عدد التعليقات؛ ومن ثمّ دفع المنشور ليصبح أكثر تميّزًا بين آلاف المنشورات اليوميّة.

اكتملت صورة الخوارزميّة الفعّالة في العام 2019، حيث أدرجت ميزة “لماذا أرى هذا المنشور؟” وتلك ميزة تتيح التواصل بين المستخدم والخوارزميّة بشكل مباشر. وتعمل تلك الميزة على شرح أسباب ظهور هذا المؤشّر عدا عن غيره للمستخدم حصرًا. وتعمل تلك الميزة بنظام بسيط: سلوك المستخدم واهتماماته وردود أفعاله، وكم الوقت الّذي يقضيه عند تعاطيه مع المنشورات في السابق، وهو ما يحدّد المنشورات الّتي يراها حاليًّا. الماضي يصنع الحاضر والحاضر يصنع المستقبل، ببساطة، أصبحت الصورة واضحة للجميع والأمر لم يعد معقّدًا، فأصبحت الخوارزميّة سلسلة مدخلات يتمّ تحليلها بالاعتماد على المشاعر الإنسانيّة الأساسيّة، والّتي تحدّد أفعالنا وردود أفعالنا، وبناء على تلك التحليلات تظهر لنا الخوارزميّة ما نريد رؤيته، وما نريد رؤيته فقط!

“فيسبوك مجّانيّ، وسيكون دائمًا كذلك”

كان الشعار الّذي نراه عند محاولة تسجيل الدخول إلى موقع فيسبوك هو “فيسبوك مجّانيّ، وسيبقى دائمًا كذلك”. بقي ذلك الشعار منذ بداية تأسيس فيسبوك حتّى العام 2019 عندما تغيّر الشعار إلى “فيسبوك سهل وسريع” في إشارة إلى أنّ استخدام المنصّة مجّانيّ، ولا يكلّف شيئًا. ولكنّ فيسبوك، كغيره من المنصّات والمواقع الإلكترونيّة، شركة ربحيّة في نهاية الأمر. وإذا كان “لا شيء يأتي بالمجّان” فإنّ السؤال الأهمّ: ما الّذي يجعل الموقع شركة ربحيّة؟

الجواب الواضح الّذي يتبادر للجميع هي الإعلانات، فمنذ اكتشاف الطباعة في القرن الخامس عشر ميلادي، ولد مفهوم الإعلانات والتسويق، وفي القرن السابع عشر بدأت الجرائد الأسبوعيّة في لندن نشر إعلانات مدفوعة واستمرّ الحال حتّى القرن الّذي يليه حين ازدهر نشر الإعلانات مقابل الأجر.

يناقش الخبراء أنّ المستخدم في حالة فيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعيّ عادة هو المنتج؛ فالمنطق هنا يحتّم أنّ العلاقة التجاريّة تكون عادة بين البائع والمشتري حسب المصلحة المشتركة، لكن في حالة مواقع التواصل الاجتماعيّ، فإنّ المشتري هو شركة الإعلان أو الشركات التجاريّة والأفراد المهتمّين بالإعلان عن سلع أو خدمات، وعلى الطرف الآخر، فإنّ البائع هو مواقع التواصل الاجتماعيّ؛ لأنّها الجهات الّتي تتلقّى تلك المبالغ. وفي المنتصف يوجد مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعيّ كمنتج تبيعه تلك الشركات للمهتمّين، والمهتمّون في تلك الحالة ليسوا مجرّد شركات إعلان، بل من الممكن أن يكونوا أنظمة سياسيّة أو منظّمات أو شركات. يتركّز نموذج العمل في تلك المنصّات على بيع مجموعة من بيانات المستخدمين مثل الموقع الجغرافيّ، الجنس، العمر والاهتمامات.

في العام 2018 تصدّرت فضيحة “كيمبريدج أناليتيكا” عناوين الصحف. ولمن لا يعلم، فإنّ تلك الشركة كانت قد جمعت بيانات الملايين من المستخدمين عن طريق فيسبوك، بنيّة جمعها لغايات أكاديميّة، وقامت ببيعها لمن يدفع أكثر. في ذلك الحين، حصلت شركة مرتبطة بدعم المرشّح الجمهوريّ دونالد ترامب على بيانات ملايين المستخدمين، وعملت على بناء نماذج للناخبين للتلاعب في الانتخابات الأميركيّة. الفضيحة هزّت شركة فيسبوك، وتطلّب الأمر شهادات المدير التنفيذيّ مارك زوكربيرج أمام مجلس الشيوخ.

تشير التقارير إلى أنّ دخل الشركة العملاقة، ميتا، المالكة لكلّ من فيسبوك وإنستغرام وواتساب وثريدز بـ121.8 مليار دولار أميركيّ في نهاية العام الحاليّ بارتفاع 2.3% عن العام الماضي.

لعبة المشاعر

تعتمد الخوارزميّة على التأثير في المشاعر الأساسيّة للبشر، وذلك يعني أنّ تلك الخوارزميّات لا تقوم بفرز المنشورات فقط، بل تقوم بالتلاعب بتلك المشاعر للتأكّد من قضاء المستخدمين أكبر وقت ممكن أمام الشاشة لاستهلاك المحتوى. وتستخدم الخوارزميّة المحتوى المشحون عاطفيًّا ليضرب على أوتار حسّاسة لدى المستخدمين، وكلّما كان المحتوى مشحونًا عاطفيًّا أكثر كلّما ازدادت التفاعلات وردود الأفعال، وذلك يتطلّب قضاء وقت أكبر في استخدام مواقع التواصل، وخلال ذلك الوقت تقوم الخوارزميّة بفهم شخصيّة المستخدم بشكل أكبر عن طريق الحصول على المعلومات؛ وبالتالي “فلترة” المحتوى بما يناسب اهتمامات المستخدم.

ويستمرّ المنحنى صعودًا؛ قضاء وقت أكبر يعني ردود أفعال أكثر، والخوارزميّة لا تتوقّف عن تحصيل المعلومات وفلترة المحتوى، ويرتفع السقف شيئًا فشيئًا ليصل إلى حدود قصوى لتشكّل دائرة مفرغة من المشاعر المشحونة الّتي يتّفق الخبراء على تأثيرها السلبيّ على سيكولوجيّة البشر، وبصرف النظر عن ضرر ذلك التعرّض الكبير لتلك المشاعر، فإنّ المنصّة حقّقت الهدف بإبقاء المستخدم أمام الشاشة.

غرف الصدى وتأثير كرة الثلج

مؤخّرًا، ظهر مصطلح جديد يصف عمل مواقع التواصل الاجتماعيّ وهو: غرف صدى الصوت أو Echo Chambers. تلك الغرف هي نتاج مباشر لعمل الخوارزميّات، إذ إنّ المستخدم، ونتيجة تحليلات الخوارزميّة، يجلس في غرفة مغلقة، يسمع صدى صوته، ويرى انعكاس صورته وما يهواه فقط بدون تعرّض، ولو بشكل بسيط لأيّ رأي مخالف.

(getty)

التأثير يطال الجميع؛ من باحثين، وصحفيّين ومستخدمين عاديّين على سبيل المثال. المقالات لا تصل الصحفيّين الّا بما يتناسب مع التوجّه الأيديولوجيّ والثقافيّ، أو حتّى المؤسّسة الّتي يعمل لديها. وعند فهم آليّة عمل الشركات المالكة لمواقع التواصل الاجتماعيّ، فإنّ الأمر يصبح أوضح. تعتمد تلك الشركات على الإعلانات كمصدر دخل رئيسيّ، والإعلانات تحتاج لمن يراها ويتفاعل معها، ولرفع الأرقام وأعداد المشاهدات؛ وبالتالي التفاعل مع تلك الإعلانات يجب على المستخدم أن يقضي وقتًا أكبر في التصفّح.

إذًا السبب المباشر لغرف صدى الصوت هو تأثير “كرة الثلج” أو “كرة الروث” في روايات أخرى. عندما تبدأ كرة الثلج بالتدحرج يكون حجمها صغيرًا وغير مؤثّر، ولكن مع الوقت، فإنّ الكرة تكبر بفعل العوالق، ويصبح الأمر أكثر جدّيّة وذا تأثير كبير، وقد تتحوّل إلى أمر كارثيّ خارج عن السيطرة. المصطلح المجازيّ يصف عمل الخوارزميّات بدقّة، فبمجرّد تسجيل الدخول يتعرّض المستخدم للمحتوى المبنيّ على تفاعلاته السابقة، وكلّما تفاعل أكثر مع نوع معيّن من المحتوى، ازداد هذا المحتوى بشكل أوتوماتيكيّ، ليصل أخيرًا إلى كرة ثلج كبيرة، ويجد المستخدمون أنفسهم في حلقة مفرغة أو كما تسمّى حديثًا، غرفة صدى صوت.

بالطبع، في ذلك المكان، الرأي المخالف ممنوع من الدخول! وقد يثبت ما يسمّى بالانحياز التأكيديّ Confirmation Bias أقدامنا في تلك الغرف. ذلك التحيّز طبيعة بشريّة تجعلنا نبحث بشكل طبيعيّ عمّا يؤكّد وجهات نظرنا واعتقاداتنا.

في العام 2024 وبحسب آخر عمليّات التطوير على الخوارزميّات، فإنّ آليّة العمل كالآتي: أوّلًا تعمل الخوارزميّة على جمع المحتوى الّذي من الـ”ممكن” عرضه للمستخدم، وهو منشورات الأصدقاء والصفحات والمجموعات الّتي يتابعها والإعلانات ذات الصلة. ثانيًا، تصنيف الخوارزميّة ذلك المحتوى حسب آلاف الإشارات الّتي تمّ جمعها في السابق من سلوك المستخدم، أو المستهلك في هذه الحالة، لتحديد وترتيب أهمّيّة هذا المحتوى بالنسبة للمستخدم. تتضمّن هذه العمليّة الوقت الّذي يقضيه المستخدم عند تعرّضه لهذا النوع من المحتوى والجهة الّتي نشرت المحتوى، وفي أيّ وقت تمّ التفاعل، صباحًا أم مساء. ثالثًا، تعمل الخوارزميّة على عمل توقّعات لكلّ مستخدم وما يمكن أن يكون مناسبًا له حسب سلوكه. رابعًا وأخيرًا، تصنّف الخوارزميّة المحتوى حسب نظام نقاط مبنيّة على مدى ارتباط المحتوى بالسلوك، وكلّما كانت النقاط أعلى لمنشور معيّن، فإنّ هذا النوع من المنشورات تعرض بشكل أسرع أمام المستخدمين.

لا شيء مجّانًا

الأمر مخيف، لا شكّ في ذلك. مواقع التواصل الّتي روّج لها في البدايات على أنّها “أدوات” يمكن استخدامها لمصلحتنا، توغّلت وأصبحت وحشًا لا يمكن السيطرة عليه في بعض الحالات. التأثير يطال الأفراد والمنظّمات والشركات وحتّى الدول. أثارت فضيحة “كامبريدج أناليتيكا” الكثير من التساؤلات حول الانتخابات الأميركيّة وحول استفتاء بريطانيا للخروج من الاتّحاد الأوروبّيّ.

تغوّل الخوارزميّة أصبح مدفوعًا بالذكاء الاصطناعيّ، ووصل إلى حدود تخصيص إعلانات مدفوعة لفئة معيّنة بين الناس عن طريق استخدام لغة أو مفردات أو مفاهيم معيّنة تتّسق مع اهتماماتهم. الأمر ليس منوطًا بالجغرافيا، فقد يتلقّى المستخدم في بعض الأحيان إعلانات مختلفة تمامًا عن الشخص الجالس بجانبه، وتأثير تلك المواقع في تشكيل الرأي العامّ واضح أيضًا. فبحسب مجموعة من الدراسات في معهد قطر لبحوث الحوسبة، فقد وجدت ارتباطًا وثيقًا بين الآراء السياسيّة وخيارات الناس في القنوات التلفزيونيّة الّتي يشاهدونها، الطعام، الرياضة، الموسيقى ومواضيع أخرى. ويشير المعهد، مثلًا، إلى أنّ الناس الّذين يحملون مواقف مناوئة للمسلمين بشكل عامّ يحبّون سباقات سيّارات الـ”ناسكار” الأميركيّة، ويفضّلون الموسيقى الريفيّة الأميركيّة “كنتري ميوزيك”.

يتساءل البعض عن الكلفة الحقيقيّة لاستخدام تلك المواقع، وبينما يصرّ فيسبوك على مجانيّته، فإنّ بعض الآراء تقول إنّ الثمن الّذي ندفعه طواعية هو “الصحّة النفسيّة”، وفي تلك الحالة، فإنّ عبارة “لا شيء بالمجّان” صحيحة تمامًا، وعبارة “المستخدم هو المنتج” صحيحة تمامًا أيضًا، فبحسب تلك المواقع أنت تساوي موقعك الجغرافيّ، اهتماماتك، أرائك، عمرك وجنسك وأين من الممكن أن تصرف نقودك!

في الفيلم الوثائقيّ المعضلة الاجتماعيّة “ذا سوشيال ديليما” The Social Dilemma على شبكة “نتفليكس، عبارة لربّما تصف ما آلت إليه مواقع التواصل الاجتماعيّ في السنوات الأخيرة مع تطوّر الخوارزميّات والذكاء الاصطناعيّ في نظام رأسماليّ يقدّم الأرباح والمداخيل على أيّ اعتبارات أخرى. ونظرًا للتلاعب بالكثير من المشاعر المشحونة لدى البشر مثل الغضب والفرح والحزن، وما ينتج عنه من إفراز هرمونات مثل الهرمون المسؤول عن السعادة: الدوبامين، فإنّ الفيلم يختصر الوضع الراهن بالجملة التالية:

“هنالك نوعان من الصناعات الّتي يتمّ وصف العملاء فيها بالمستخدمين؛ المخدّرات والبرمجة”.


المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *