لا أصدّق أنّ غرفتي زنزانة
أعيش في غرفةٍ
فيها نافذةٌ تطلّ على داخل البيت
وأخرى على خارجه
وبابٌ يأخذكَ إلى داخل البيت
وآخرُ إلى خارجه.
مع الأيّام
تحوّل جسدي إلى أدراج
وتحوّلتْ أطرافي إلى رفوف
في الأدراج، تجثم مقتنياتٌ أدّعي أنّي صنعتُها،
على الرفوف، تجثم كتبٌ أدّعي أنّي ألّفتُها.
يمسح الغبار عنها آثار بصماتي
فأطارده يومًا وأتناساه أيّامًا كثيرة.
تخذلني الأشياء
إلى أن أتوقّف عن مجاراتها
تمامًا كما يحدث مع الأصدقاء
كلّما خذلوكَ تغبّروا.
في الشتاء
أنظر مِنَ النافذة كلّ صباح
فلا أرى الشمس
أبقي عليها مغلقةً وأقول:
لا سماءَ مسموحٌ لها بالدخول اليوم
لا أمطارَ ولا رياح
ولا أطفالَ الشوارع.
وإذا أمسيتُ بمزاجٍ سيّءٍ
أسدل عليها الستائر وأقول:
علّ الملائكة تفهم الإشارة
فلا تيقظني غدًا.
مؤسفٌ
ألّا يسعني القفز مِنَ النافذة وقتما شئتُ
نافذتي مسيّجةٌ بمربّعاتٍ
تكفي لأمرّر يدي خلالها
ولا تكفي لأمدّ رأسي
لكنّها مربّعاتٌ واسعةٌ بما يكفي
كي لا أصدّق أنّ غرفتي زنزانة.
مِنْ غرفتي في الطابق الأرضيّ
لَنْ تعني قفزتي شيئًا للحياة
رغم ذلك، لا تترك لي النافذة شرف المحاولة.
في غرفتي، لا أحدَ يسبح مع صوتي
ليس لكلماتي فرصةُ أن ترى نفسها في أيّ مرآة
ليس لكلماتي فرصةٌ لتصير لكماتٍ في وجه أحدٍ
كلماتي ترقص في العتمة
على أرضٍ عوجاء.
عبر النافذتين
أسمع أصوات إخوتي
محض خناجرٍ اعتدتُ عليها
لكنّي حين أسمع أصوات أطفالهم
هذه دغدغاتٌ لا يمكن لأحدٍ أن يعتادها
لكنّها إذ تُضْحِكُني، بُعْدُها يدميني.
كم كان صعبًا أن تخلد إلى النوم البارحة؟
كم هو صعبٌ أن تقرّر متى تأكل اليوم؟
أشياءٌ لا يسألني عنها أحد
لم تشبع الحرب مِنْ نومي بعد
ولم يشبع الفقد مِنْ أكلي.
كم هو صعبٌ
أن أجد سببًا مقنعًا لأخرج مِنَ الغرفة؟
العالم سوقٌ أمامي
لكنّي لا أرغب أن أحضره وأتسوّق.
أفضّل أن تفوتني الأشياء
مثلما يفوّت العالم الورديّ البعيد
مواعيد الطائرات والقطارات.
شاعر فلسطينيّ من غزّة. حصل على الزمالة الفخريّة في الكتابة من «جامعة آيوا» (2022). صدر له «لهذا ريان يمشي هكذا» (قصّة أطفال، 2021)، الفائزة بـ «جائزة الملتقى العربيّ لكتب الأطفال» (2022)، و«أنتَ نافذة هم غيوم» (2018)، بالإضافة إلى إصدارات مشتركة. تُرْجِمَت قصائده إلى لغات عدّة.
المصدر: عرب 48