“لا ملاذ آمنا من القصف”
تقول سمر إن تلك المنطقة “تعرضت لقصف كبير في الأيام الماضية، ونجَونا من عدة غارات إسرائيلية وقعت في المنطقة التي كنا نقيم فيها”.
شرعت المئات من الأسر الفلسطينية في قطاع غزة بالعودة من مناطق جنوب ووسط قطاع غزة إلى الشمال، بعد أن نزحوا إليها في الأيام الأخيرة حفاظا على سلامتهم على خلفية تهديدات الاحتلال بالقصف ومطالبته سكان الشمال بالنزوح إلى الجنوب.
تغطية متواصلة في قناة موقع “عرب 48” في تلغرام
وتأتي عودة النازحين بعد أيام من نزوحهم، وذلك رغم تهديدات الاحتلال وتواصل العدوان والقصف في أنحاء قطاع غزة.
كما جاءت العودة طوعا إثر الأوضاع الأمنية غير المستقرة في الوسط والجنوب أيضا، إذ أن العدوان متواصل في تلك المناطق أيضا، حيث استشهد عدد كبير من النازحين فيها فيما أصيب آخرون بجراح.
وبخصوص استهداف النازحين، لا توجد إحصائية محددة لكن العدد يزيد عن 150 شهيدا وأكثر من 300 جريح، جميعهم أصيبوا إما خلال نزوحهم على الطرقات أو في الأماكن التي وصلوا واستقروا فيها.
إلى ذلك، تأتي حركة النزوح العكسي من جنوب غزة إلى شمالها في اليومين الأخيرين، بسبب عدم توفر أي من متطلبات الحياة في المناطق التي نزحوا إليها.
وأوضح عدد من النازحين في حديث معهم، أن عودة نتيجة طبيعية “في ظل الضغط الموجود على الخدمات في مناطق الوسط والجنوب، حيث لا يوجد مياه ولا كهرباء ولا وقود”.
ولوحظ أنه حتى بعد قيام الاحتلال بضخ المياه في تلك المناطق مساء الأحد، إلا أنه بغياب الكهرباء اللازمة لنقل هذه المياه إلى المناطق السكنية، لا فائدة منها فعليا.
“أفضّل الموت في منزلي”
وقال نزار عبد الكريم (40 عاما)، الذي تتكون أسرته من 5 أفراد، إنهم كانوا يقيمون في منزل في مدينة خانيونس، نزحوا إليه قبل 3 أيام.
ويضيف نزار “عدنا إلى مدينة غزة بسبب قصف مجموعة من المنازل في تلك المنطقة، حيث استُشهد وأصيب عدد من النازحين في منزل بجوارنا”.
وأكد نزار أنه مع عائلته لا يستطيعون العيش هناك، ويقول “فضّلنا العودة إلى منازلنا لأننا هنا ربما نستطيع تدبر أمورنا بما أنه لا يوجد ضغط على الخدمات كما هو الحال في المناطق التي نزحنا إليها”.
ويبيّن نزار أن مناطق النزوح “هي مكتظة أصلا ولا تتوفر فيها خدمات كثيرة، كما هو الحال في مدينة غزة باعتبارها مدينة مركزية”.
ويؤكد “أفضل الموت في منزلي على الحياة هناك بدون أي من متطلبات الحياة، الأطفال لا يستطيعون النوم هناك بسبب عدم توفر الأغطية والفراش، خاصة مع بدء الأجواء الباردة في القطاع”.
وعليه، فقد فضّل العودة إلى منزله مع جميع أفراد أسرته، وأيضا عاد معه أفراد أسرة والده وأشقاؤه.
“أقمنا مع 50 شخصا في شقة من 60 مترا!”
عادت سمر عبد الغفور (38 عاما)، وهي أم لـ3 أطفال مع أسرتها من منطقة دير البلح في وسط قطاع غزة، وهي من المناطق التي من المفترض أنها آمنة وفق ما أعلن جيش الاحتلال عندما دعا إلى النزوح من الشمال.
وتقول إن تلك المنطقة “تعرضت لقصف كبير في الأيام الماضية، ونجَونا من عدة غارات إسرائيلية وقعت في المنطقة التي كنا نقيم فيها”.
وتحدثت سمر عن إصابة أطفالها بحالة من “الرعب والهلع، وبعضهم يعاني من رؤية الكوابيس ليلا” نتيجة ما شاهدوه من أهوال فضلا عن المخاوف التي تلازمهم.
وأكدت أنها عادت إلى منزلها لأن ذلك “أفضل بكثير من الحياة هناك في مناطق النزوح في ظروف غير إنسانية على الإطلاق، إضافة إلى عدم توفر الأمان الذي نزحنا بحثًا عنه”.
وبحسب سمر، فإن مساحة المنزل الذي كانت تقيم فيه مساحته تقريبا 60 مترا مربعا، ويقيم فيه حوالي 50 شخصا تقريبا، ما يعني أنهم لا يوجد لديهم خصوصية ولا أي متّسع للحياة، إضافة إلى عدم توفر المياه والكهرباء والإنترنت ولا أي شيء من مقومات الحياة الأساسية.
علاوة على ذلك، لفتت سمر إلى أن “المواد الغذائية تكاد تنفد في مناطق جنوب غزة، كما هو الحال في القطاع بشكل عام، لكن الاكتظاظ السكاني هناك أكبر حتى قبل وصول الناحين بعشرات ومئات الآلاف، أما بعد النزوح بحثا عن أمان لم يجدوه، فقد باتت أعداد المقيمين في المنطقة تشكل ضغطًا يفوق قدرة الجنوب على استيعابه.
ويعاني سكان قطاع غزة، وهم نحو 2.2 مليون فلسطيني، الذين قطع عنهم الاحتلال المياه والكهرباء والوقود، من أوضاع معيشية متدهورة للغاية؛ جراء حصار إسرائيلي.
ولليوم العاشر على التوالي، يتواصل عدوان الاحتلال والقصف المكثف على غزة، مستهدفا المباني السكنية والمرافق ما أسفر عن استشهاد 2750 شخصا وإصابة 9700 آخرين ونزوح جماعي في القطاع، فضلا عن قطع إمدادات المياه والكهرباء والغذاء والمرافق الأساسية الأخرى عن القطاع.
المصدر: عرب 48