ماذا نعرف عن مؤسسة القرض الحسن وارتباطها المزعوم بحزب الله؟
اكتسبت المؤسسة شعبية لمنحها قروضا بدون فوائد بحسب الشريعة التي تحرم الربا، في بلد يعاني منذ خمس سنوات من انهيار اقتصادي متماد، وتوقّفت فيه البنوك التقليدية تقريبا عن العمل، بعدما احتجزت أموال اللبنانيين الذين فقدوا ثقتهم بها.
لبنانيّون أمام فرع لـ”القرض الحسن” في مدينة صور (Getty Images)
شكّلت جمعية القرض الحسن المالية هدفا لغارات إسرائيلية، مكثّفة، الأحد، بزعم صلتها بحزب الله والتمويل المفترض لأنشطته، لكن في بلد لا يزال يرزح تحت أزمة اقتصادية خانقة، تتمتع القروض والخدمات المصرفية التي توفّرها الجمعية بشعبية كبيرة.
وتخضع المؤسسة لعقوبات أميركية منذ سنوات عدة، إذ تتهمها واشنطن بأنها تشكل غطاء لأنشطة حزب الله المالية. وللجمعية نحو ثلاثين فرعا في بيروت والكثير من المناطق الأخرى، وهي مسجّلة لدى السلطات، منذ الثمانينيات.
وقرر وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، اعتبار جمعية القرض الحسن، “منظمة إرهابية وذراعا لمنظمة حزب الله”، وفق بيان صدر عن وزارة الأمن الإسرائيلية، الإثنين.
وذكر البيان أن غالانت قد “وقّع اليوم على إضافة جمعية القرض الحسن إلى قائمة المنظمات الإرهابية المعلنة في دولة إسرائيل، وذلك في إطار الحملة الاقتصادية التي تقوم بها المنظومة الأمنية ضد حزب الله”.
وزعم البيان أن توقيع غالانت “مبنيّ على آراء استخباراتية وقانونية وعملياتية، وبناء على توصية رئيس الأركان ورئيس الشاباك، لإعلان الجمعية منظمة إرهابية، وذلك بسبب تمويل الإرهاب الذي تقوم به من خلال شراء الذخيرة، ودفع رواتب مخرّبين، وتخزين أموال التنظيم”، على حدّ وصف البيان.
ونقلت “وول ستريت جورنال” عن مصدر مقرب من مؤسسة القرض الحسن، أن “جميع المدخرات آمنة عقب الضربات الإسرائيلية”.
واكتسبت المؤسسة شعبية لمنحها قروضا بدون فوائد بحسب الشريعة التي تحرم الربا، في بلد يعاني منذ خمس سنوات من انهيار اقتصادي متماد، وتوقّفت فيه البنوك التقليدية تقريبا عن العمل، بعدما احتجزت أموال اللبنانيين الذين فقدوا ثقتهم بها.
واستهدفت ضربات إسرائيلية، مساء الأحد، فروعا لجمعية القرض الحسن في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، وكذلك في مدن في جنوب البلاد مثل صور أو في البقاع شرقا.
في طلب إخلاء قبيل قصف فروعها، وصف الجيش الإسرائيلي المؤسسة بأنها “تشارك في تمويل النشاطات الإرهابية لمنظمة حزب الله ضد إسرائيل”.
وكان مسؤول كبير في الاستخبارات الاسرائيلية، قد قال الأحد صراحة، إن “الهدف الرئيسي هو إضعاف الثقة بين حزب الله، وجزء كبير من المجتمع الشيعي الذي يستخدم” جمعية القرض الحسن كمصرف.
وتشكّل “القرض الحسن” جزءا من شبكة جمعيات ومدارس ومستشفيات وتعاونيات، أنشأها الحزب لتوفر الخدمات، ما عزز شعبيته داخل المجتمع.
وتقدم جمعية القرض الحسن قروضا بسيطة لأصحاب الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة الزراعية أو الصناعية. وفي بلد يعاني من انقطاع متكرر للكهرباء، توفر الجمعية أيضا قروضا للأفراد والبلديات لشراء الألواح الشمسية لتوليد الطاقة.
وفي شباط/ فبراير 2023، نشرت الجمعية عبر مواقع التواصل الاجتماعي إعلانا قالت فيه، إنها توفّر “قروضا بالليرة اللبنانية بضمانة ذهب”.
وعندما علّقت المصارف في لبنان منح القروض بسبب الانهيار الاقتصادي، كانت جمعية القرض الحسن تؤكد منح 212000 قرض بقيمة إجمالية بلغت 553 مليون دولار “رغم الأزمة” في العامين 2020 و2021.
وتقول الجمعية إنها تعطي القروض “لكل اللبنانيين”. وأكّد زبائن عدة في لبنان، ومن طوائف مختلفة، أنهم لجأوا إلى خدمات الجمعية التي فتحت مكاتب لها خارج المعاقل التقليدية لحزب الله.
ونقلت “فرانس برس” عن أحد زبائنها القول: “تودع ذهبا، ويمنحونك مالا بقيمته، ثم تسدّد بدون فائدة”.
وتشرح الأستاذة المحاضرة في جامعة كارديف البريطانية والخبيرة في شؤون حزب الله، أمل سعد في منشور على “إكس” بأن القرض الحسن شكّلت “قارب نجاة لأكثر من 300 ألف لبناني، أودعوا مدخراتهم فيها ويعتمدون على المنظمة غير الحكومية للحصول على قروض بدون فوائد”.
وساعدت إيران في إنشاء الجمعية في ثمانينيات القرن الماضي، لكنها أصبحت الآن تمول نفسها ذاتيا، بشكل رئيسي من قبل المجتمع الشيعي اللبناني، وفق سعد، إذ إن 85 في المئة من زبائنها هم من الشيعة.
وتعتبر سعد أن استهداف القرض الحسن يأتي في إطار “عقاب جماعي” للطائفة الشيعية، إذ أن “اسرائيل تستهدف القرض الحسن في إطار إستراتيجيتها الهادفة لإفقار بيئة” فاقم النزوح جراء الحرب مشقّاتها.
وترى سعد أن الضربات تجسّد “إخفاق إسرائيل التي لم تنجح في القيام بتوغلات كبيرة في جنوب لبنان (…) ولجأت إلى مهاجمة مؤسسات مدنية لا قيمة لها من الناحية العسكرية”، بحسب ما نقلت عنها “فرانس برس”.
في لبنان، ينتقد مناهضو حزب الله مؤسسة القرض الحسن لأنها غير خاضعة لرقابة النظام المصرفي في البلاد. وتقدم المؤسسة نفسها كمنظمة غير حكومية، بموجب ترخيص ممنوح من وزارة الداخلية.
وفي العام 2007، جمّدت الخزانة الأميركية أصول الجمعية، وفرضت في العام 2021 عقوبات جديدة على عدد من الشخصيات المرتبطة بها.
واتهمت وزارة الخزانة الأميركية الجمعية بأنها “تستخدم من قبل حزب الله كغطاء لإدارة أنشطته المالية”، وليتمكّن من “الوصول إلى النظام المالي الدولي”.
واتهمت وزارة الخزانة أيضا جمعية القرض الحسن “بتجميع” العملات الأجنبية لـ”تمكين حزب الله من بناء قاعدة داعمة له”.
وتزعم الخزانة أن الجمعية “وفي حين أنها تدعي خدمة الشعب اللبناني، فإنها في الواقع تقوم بتحويل الأموال بشكل غير قانوني عبر حسابات وهمية ووسطاء، ما يعرض المؤسسات المالية اللبنانية لعقوبات محتملة”.
المصدر: عرب 48