ما الفرق بين ابتلاء الرضا وابتلاء الغضب وعلامة كل منهما؟.. «الإفتاء» تجيب – أخبار مصر
يقع الكثير من الناس في بعض المحن والأزمات الحياتية التي تجعلهم يخيمون بأنها ابتلاء من الله سبحانه وتعالى لقياس درجة صبرهم وتساءل البعض ما الفرق بين ابتلاء الرضا وابتلاء الغضب وعلامة كلٍّ منهما.
ما الفرق بين ابتلاء الرضا وابتلاء الغضب وعلامة كلٍّ منهما
وتسرد الوطن خلال السطور الأتية الفرق بين ابتلاء الرضا وابتلاء الغضب وعلامة كلٍّ منهما وفقا لما نشرته دار الإفتاء عبر موقعها الإلكتروني الابتلاء من أقدار الله تعالى ورحمته، يجعل في طياته اللطف، ويسوق في مجرياته العطف، والمحن تحمل المنح، فكلُّ ما يصيب الإنسان من ابتلاءات هي في حقيقتها رفعة في درجة المؤمن وزيادة ثوابه ورفع عقابه، حتى الشوكة تُصيبه؛ فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ شَوْكَةٍ فَمَا فَوْقَهَا إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ بِهَا دَرَجَةً، أَوْ حَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً» أخرجه الإمام مسلم في “صحيحه”.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في “فتح الباري” (10/ 105، ط. دار المعرفة): [وهذا يقتضي حصول الأمرين معًا: حصول الثواب، ورفع العقاب] اهـ.
والابتلاء أمارة من أمارات محبة الله للعبد، ويدل على ذلك ما رواه ابن مسعود وغيره من الصحابة رضي الله عنهم أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذا أحَبَّ الله عبدًا ابتلاهُ لِيَسْمَعَ تضرُّعَهُ» أخرجه الإمام البيهقي في “شعب الإيمان”، وابن حبان في “المجروحين”، والديلمي في “المسند”، وابن أبي الدنيا في “الصبر والثواب” و”المرض والكفارات”.
وفي رواية أخرى أخرجها الإمام الترمذي في “سننه” عن أنسِ بن مالك رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إنَّ عِظَمَ الجزاء مع عِظَمِ البلاءِ، وإنَّ اللَّه إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم، فمَنْ رضي فله الرضا، ومَن سخط فله السَّخَطُ».
ابتلاء الغضب
وهناك فرقٌ بين ابتلاء الرضا وابتلاء الغضب وهو: أن ابتلاء الرضا هو الذي يُقَابَلُ من العبد بالصبر على البلاء؛ لِيَحْصُل العبد على رضا الله ورحمته؛ فهو علامة لحبِّ الله تعالى له، وليس دليلًا على غضب الله سبحانه وتعالى عليه، أما ابتلاء الغضب فهو الجزع وعدم الرضا بحكم الله تعالى.
قال الإمام ابن الملك في “شرح المصابيح” (2/ 324، ط. إدارة الثقافة الإسلامية): [«وإنَّ اللَّه إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم، فمَنْ رضي»؛ أي: بالبلاء وصبر عليه فله الرضا؛ أي: يحصل له رضاء الله ورحمته، «وَمَنْ سَخِطَ»؛ أي: كره البلاء وجزع ولم يرضَ بحكم الله، فعليه السخط من الله والغضب عليه، والرضاء والسخط يتعلقان بالقلب لا باللسان، فكثير ممَّن له أنينٌ من وجعٍ وشدةِ مرضٍ مع أن في قلبه الرضاءَ والتسليم بأمر الله تعالى] اهـ.
وقال الملا علي القاري في “مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح” (3/ 1142، ط. دار الفكر): [نزول البلاء علامة المحبة، فمن رضي بالبلاء صار محبوبًا حقيقيًّا له تعالى، ومن سخط صار مسخوطًا عليه] اهـ.
ويفترق ابتلاء الرضا عن ابتلاء الغضب بوجه آخر، وهو أنَّ ابتلاء الغضب باب من العقوبة والمقابلة، وعلامته عدم الصبر والجزع والشكوى إلى الخلق، وابتلاء الرضا يكون تكفيرًا وتمحيصًا للخطيئات؛ وعلامته وجود الصبر الجميل من غير شكوى ولا جزع، ويكون أيضًا لرفع الدرجات؛ وعلامته الرضا وطمأنينة النفس والسكون لأمر الله.
قال الشيخ عبد القادر الجيلاني في “فتوح الغيب” (ص: 113، ط. دار الكتب العلمية): [علامة الابتلاء على وجه العقوبة والمقابلة: عدم الصبر عند وجوده، والجزع والشكوى إلى الخليقة والبريات.
وعلامة الابتلاء تكفيرًا وتمحيصًا للخطيات: وجود الصبر الجميل من غير شكوى وإظهار الجزع إلى الأصدقاء والجيران والتضجر بأداء الأوامر والطاعات.
وعلامة الابتلاء لارتفاع الدرجات: وجود الرضا والموافقة، وطمأنينة النفس، والسكون بفعل إله الأرض والسماوات، والفناء فيها إلى حين الانكشاف بمرور الأيام والساعات] اهـ. ومما سبق يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال
المصدر: اخبار الوطن