“ما الهدف من حياتنا؟” فيلسوف يجيب عن أسئلة الأطفال الوجودية
يتحفنا الأطفال بأسئلتهم المحيرة عن الميتافيزيقا والأخلاق، لكن معظم البالغين في حياتهم لا يلاحظونهم، أو أنهم يثبطون عزيمتهم، ويردّونهم عن السؤال. أنا فيلسوف وأب. لدي طفلان: ريكس وهانك. وقد تابعتهما وهما يسألان الأسئلة الفلسفية منذ فترة طويلة، كما أنهما كانا يحاولان إجابة الأسئلة إياها. شاهدتهما يُعيدان إيجاد الحجج القديمة، وارتجال حجج جديدة تمامًا، وكلما حدّثت أحدهم بهذا، شكّ فيّ وأعتقد بأني أكذب، ويقول، “بالتأكيد سيتفلسف أطفالك، فأنت فيلسوف. معظم الأطفال ليسوا كذلك”.
إلا أن اعتقادهم بأن الأطفال عامة ليسوا كذلك اعتقاداً خاطئاً. كل طفل فيلسوف بالفطرة. لأن الأطفال يعيشون في حيرة من العالم ويحاولون حل هذه الحيرة عبر الأسئلة. ويتقن الأطفال لعبة التساؤل. كل طفل هو مفكر ذكي وشجاع بالضرورة. يمكن للكبار في الواقع، أن يتعلموا الكثير من الاستماع إليهم والتفكير معهم.
إذا كان الله قد خلق كل شيء، فمن الذي خلق الله؟ ليها، 7 سنوات
سؤال في محله يا ليها. أعتقد أن أكبر لغز حول العالم هو سبب وجوده المُطلق. يعتقد بعض الناس أن الجواب هو أن إلهًا قد خلقه. لكن هذه الإجابة لا تجيب عن تساؤلنا، لأنها تُحيل إلى سؤالٍ آخر: لماذا يوجد الإله؟
يعتقد أغلب المتدينيين بغياب خالقٍ للإله. يعتقدون أن الإله واجد وموجود، ويتوقف التفكير هنا. ويعتقد البعض أن الإله يجب أن يكون موجودًا.
حاول القديس أنسلم منذ وقت طويل، إثبات ضرورة وجود الإله، وقال إن الإله هو أجل “شخص” يمكن أن نتخيله، وبما أن الوجود الفعلي يزيد من جلالة الواجد، فيجب أن يكون الإله موجودًا، وإلا كنا تخيلنا وجود شخصٍ أجلّ منه. (وهذا ما يسمى بالحجة الأنطولوجيا، لأن الفلاسفة يحبون إعطاء الأمور أسماء منمقة).
لا أعتقد بسداد هذه الحجة، ويشاركني راهب اسمه غوانيلو الرأي. تخيل الراهب أعظم جزيرة ممكنة، أعظم جزيرة يمكن أن توجد على وجه البسيطة. وقال إنه إذا كانت حجة أنسلم صحيحة، فيجب أن توجد تلك الجزيرة بالفعل في مكان ما. وإلا فلن تكون الجزيرة الأعظم. لكن هذا ليس إلا محض ادعاء سخيف. حقيقة أنه يمكننا التفكير في شيء ما لا يجعله حقيقيًا.
هل الله موجود؟ لا أعرف، لكني متشكك. وسؤالك يشير إلى أحد أسباب ذلك. تخيل وجود إله لا يساعدنا في شرح أي شيء. وإنما يثير أسئلة جديدة فحسب، وهي أسئلة غامضة أيضًا مثل سابقاتها.
أشعر أحيانًا أنني الشخص الحقيقي الوحيد، وكل شخص آخر هو إنسان آلي. كيف يمكنني التأكد من صحة ذلك؟ أورسولا، 8 سنوات
هل تفحصت عائلك وأصدقاءك بحثًا عن دوائر كهربائية أو صناديق صمامات فيهم؟ كنت سأتمعن النظر فيهم لو كنت مكانك لأرى ما إذا كانوا يتصرفون مثل الروبوتات.
أمزح معك. لأنهم إذا كانوا روبوتات كاملة، فلن تتمكني من معرفة أنهم كذلك، إلا لو اضطررتِ إلى جرحهم، أو قطعهم ولا تفعلي ذلك، لأنهم سيتأذون إذا كانت فرضيتك خاطئة، ومن المرجح أنها خاطئة. لا أستطيع الجزم. لأنه من الصعب قول أي أمرٍ على وجه اليقين. حاول فيلسوف يدعى ديكارت ذات مرة أن يتخيل أن كل ما يعتقده خطأ. لم يفترض أن الناس من حوله كانوا روبوتات، لأنهم لم يُخترعوا. تخيل ديكارت بدلاً من ذلك أن شيطانًا شريرًا كان يملأ رأسه بالأكاذيب، وعليهِ ألغى اعتقاده بوجود كل الناس والأمور التي اعتقد ذات مرة بوجودها.
ولكن، حتى لو كان الشيطان يحاول خداعه، اعتقد ديكارت بوجود شيءً واحد على الأقل، وهو وجوده هُو. بعد كل شيء، كان يفكر في احتمال أن يكون الشيطان يحاول خداعه. ولكي تفكر، عليك أن تكون موجودا أو كما قال ديكارت: “أنا أفكر، إذن أنا موجود”.
أنتِ الآن في الموقف نفسه، حيث تعرفين أنك حقيقية، لكن ماذا عن الآخرين؟ عندما يقلقني هذا السؤال، أذكر أنه لا يوجد سبب للاعتقاد بأنني مميز. أنا مجرد رجل ولد خارج أتلانتا عام 1976، فلماذا يجب أن أكون الشخص الحقيقي الوحيد في العالم؟ لماذا يصنع شخص ما كل هذه الروبوتات لمجرد خداعي؟
اسألي نفسك السؤال نفسه يا أورسولا. هل ثمة ما يدعو للاعتقاد بأنك وحدك الحقيقية؟ على الأغلب لا. إلا إذا كنت الشخصية الرئيسة في فيلم وأنا مجرد روبوت آخر يحاول خداعك…
لماذا توجد أرقام؟ سهيل، 5 سنوات
تجادل الفلاسفة كثيرًا حول هذا الموضوع يا سهيل. يعتقد البعض أننا اخترعنا الأرقام لمساعدتنا في حل المشكلات (الكلمة المنمقة لهذا المبدأ: التخيلية، لأن الفكرة هي أننا نروي قصصًا عن الأرقام) إذا اخترعنا الأرقام، فقد فعلنا ذلك لأنها بدت فكرة سديدة في لحظة ما. الأرقام مذهلة، فهي تفيدنا فعل الكثير من الأمور. نستخدمها للعب مباريات ولخبز الكعك وللتأكد من وجهة سفن الفضاء.
يعتقد فلاسفة آخرون أننا اكتشفنا الأرقام تمامًا مثلما اكتشفنا الجاذبية والكهرباء (وهذا يسمى بالأفلاطونية، على اسم الفيلسوف أفلاطون)، ويرى هؤلاء أن الأرقام موجودة، حتى لو لم نكن موجودين. وأعقتد برجاحة حجّتهم. فالأنماط الرياضية تملأ الطبيعة. تحتوي الكثير من الأزهار عدد معين من البتلات: 3 أو 5 أو 8 أو 13 بتلة. تظهر هذه الأرقام في تسلسل فيبوناتشي، وهي مجموعة خاصة من الأرقام سُميت على اسم عالم رياضيات إيطالي. لم يكن فيبوناتشي أول من لاحظ تلك المجموعة من الأرقام، فقد وصفها علماء الرياضيات في الهند قبل وقت طويل من وصفه، ولكن في الحالتين، كانت الزهور موجودة قبل العلماء. لذلك أعتقد أن الأرقام جزء من العالم الذي اكتشفناه، على الرغم من أننا لا نستطيع رؤيتها أو شمها أو تذوقها أو لمسها.
أين كنت قبل ولادتي وقبل أن أتشكل في بطنك؟ ميليا، 4 سنوات
لدي خبر سيئ لك يا ميليا: لم تكوني يومًا في بطني. ولكنك لست أول من يسأل عن وجوده قبل الولادة…
أين كنتُ قبل مجيئي إلى هنا؟ جوش، 3 سنوات.
لم تكن موجودًا. كان الكون موجودًا منذ مليارات السنين، لكنك لم تدخل إلى حيز الوجود إلا قبل وقت قريبٍ للغاية. لم أكن أنا موجودًا أيضًا، على الرغم من وجودي هنا لفترة أطول منك.
هل سبق لك أن صنعت شيئًا جديدًا، مثل رسم لوحة؟ لم تكن تلك اللوحة موجودة قبل رسمك إياها. وينطبق الأمر عليك تمامًا. لم تكن موجودًا قبل أن ينجبك أهلك.
أين نذهب عندما نموت؟ هومر، 7 سنوات
من الصعب الجزم بذلك على وجه اليقين، حيث لا يمكن لأي شخص ميت أن يخبرنا. بعض الناس يؤمنون بالحياة الآخرة، ويعتقدون أننا قد نذهب إلى الجنة إذا كنا محظوظين، لكني أعتقد أننا ببساطة نتوقف عن الوجود، ولا نعود موجودين في أي مكان، وتصيب هذه الفكرة بعض الناس بالحزن. سيتسمر الكون موجودًا لبلايين أو تريليونات السنين بعد غيابنا. نعي نحن فقط فترة قصيرة منه. تثيرني فكرة وصولي إلى هذه الوجود بالدهشة، وأخذ بها لاستكشاف العالم والاستمتاع به. لذا استمتع به يا هومر، ولا تقلق كثيرًا بشأن الموت.
ما شكل الموت؟ آرثر، 8 سنوات
الأمر نفسه ينطبق على سؤالك يا آرثر. فنحن لا نعرف على وجه اليقين شكل الموت. ولكني أعتقد أن الإجابة الصحيحة: ليس كمثلهِ شيء. قبل أن تولد، لم يكن من تجربة تشبه تجربة ميلادك، لأنك لم تكن موجودًا. والأمر نفسه يتحقق لحظة موتك. لن تشبه التجربة أي تجربة أخرى، لأنك لن تعود موجودًا لتعرف. وهذا أمر طبيعي، وخبر سعيد بالمناسبة، إذ أنك لن تنزعج عند موتك. لأنك لن تعرف أنك ميت أصلًا.
ما الهدف من حياتنا؟ كاسبر، 5 سنوات
حياتنا لنا يا كاسبر! يريد الكثير من الناس معرفة معنى الحياة. ويبحثون عن أمرٍ من شأنه أن يُعينهم على فهم وجودهم هنا، عن أمرٍ ربنا يخبرنا كيف نعيش، ولكني أعتقد أنهم يرتكبون خطأ. فالكون لا يهتم بنا. لأن اتساع الكون يبلغ مليارات ومليارات السنين الضوئية، ويحشد بمليارات النجوم، ومليارات الكواكب، ولا توجد أي خصوصية لمكان وجودنا لو وجدت الحياة على أية كواكب أخرى، وأنا شخصيًا لا أصدق أن ثمة من خلقنا بهدفٍ على هذا الكوكب.
لكننا هنا، ويجب أن نهتم ببعضنا البعض، حتى لو كان الكون لا يهتم بنا. قد لا يوجد معنى لحياتنا. ولكن يمكننا أن نجد معنى في حياتنا من خلال ملئها بالعائلة والأصدقاء والمتعة والمشاريع التي تجعل العالم مكانًا أفضل. عليك أن تقرر الهدف من حياتك بنفسك يا كاسبر، واختر لنفسك هدفًا مرومًا.
لو كان لدينا أب وأم وطفل، ولكن بعد فترة مات الطفل، هل سيبقى الأب والأم، أبًا وأمًا؟ زهراء، 5 سنوات
هذا سؤال صعب حقًا يا زهرة. لقد فكرت كثيرا في ذلك لأنني أنجبت طفلين توأمين ماتا قبل ولادتهما مباشرة. كان أتعس يوم في حياتي. ودخلت بعدها في دوامة طويلة من التفكير حول ما إذا كنت أبًا أم لا. وعندما كان يسألني الناس ما إذا كنت قد رزقتٍ بأطفال، لم أكن أرغب في زرع الحزن في نفوسهم، وكنت أجيب بالنفي. وهذا أحزنني، لأني كنت أشعر بأني أنسى التوأمين.
إليك ما أصدق بهِ. كنت أبًا لتينك التوأمين. تلك كانت علاقتي بهما. ولكن، ولأنهما ماتا، لم أتمكن من أن أكون أبًا لهما، بمعنى ما. لم يتح لي تأدية دور الأب. لم يتح لي وضعهما في الفراش ليلًا، أو أن أخبرهما نكاتًا سخيفة. وهذا يحزنني حتى هذه اللحظة، حتى مع وجود أخوين للتوأمين الآن، ريكس وهانك، ومتاح لي أن أضعهما في الفراش كل ليلة.
إذا عرفتِ شخصًا مات ابنه يا زهراء، حنّي عليه بحضن. فالأحضان تُعينه على الحياة.
لماذا من السيء أن أحصل على كل ما أريد؟ أبراهام، 4 سنوات
لا أدري ما إذا كان الأمر سيئًا يا أبراهام، حيث أعتقد أنه يعتمد على ما تريد حقًا. إذا كان كل ما تريده هو السلام على الأرض، فسيكون عظيمًا أن تحقق كل ما تريد. ولكني أعتقد أنك ترغب بالكثير من الألعاب والحلويات. وهذا أمر طبيعي، وأنا أرغب في الأمر ذاته.
ولكن الحصول على كل الألعاب والحلويات التي تريدها يُعد أمرًا إشكاليًا. لأن الأشياء التي نرغب بها، أحيانًا، تكون سيئة لنا. فلو أكلتُ كل الشوكولاة التي أرغب بهما، سأصاب بآلام المُعدة. وسيكون من الصواب أن أكتفي بالقليل المناسب.
مشكلة أخرى تتبدّى في أن الآخرين يريدون أحيانًا الأمور نفسها التي نريدها. ولو لم يوجد كفاية مما نريد، تكون المشاركة خيارًا فعَّالًا.
أخيرًا، توجد أغنية لفرقة رولينغ ستونز بعنوان “لن تحصل على ما تريد دائمًا”. وهذه حقيقة، وعليك أن تتعلم كيف تشعر بخيبة أمل، دون أن تصيب نفسك، ومن حولك بالبؤس.
لماذا يفعل الناس أمورًا لا يرغبون بها؟ سارانج، 4 سنوات
لكثير من الأسباب يا سارانج. أحيانًا نخوض في أمورٍ؛ لأننا نشعر أنّ علينا القيام بها، حتى لو لم نرغب بها. وهذه هي حقيقة شعوري حيال تنظيف أسناني بالخيط. فأنا لا أريد تنظيف أسناني بالخيط، ولكني أشعر أن علي فعل ذلك، لأني أعتقد أن الأمر لصالحي.
نقوم أحيانًا بأمورٍ كيلا نجرح مشاعر أناس آخرين. فمثلًا، أنا لا أحب الكرز. ولكن ذات مرة خبزت لي صديقة فطيرة الكرز وأكلت معها، لأنها تعبت في إعدادها. لم أكن أريدها أن تشعر بالسوء.
نقوم في أحيان أخرى بأمور لا نريد القيام بها؛ لأن شخصًا ما يجبرنا على القيام بها. هل أجبرك أحد من قبل على فعل أي أمر؟ أعلم أن هذا ليس شعورًا جيدًا، خصوصًا عندما يكون الشخص الذي يجبرك لئيمًا. ولكن في بعض الأحيان، يكون الشخص الذي يجبرنا على فعل أمر ما يُساعدنا، لأن الأمر قد يكون فيه خير لنا، مثل التوجه إلى الفراش، أو إلى الطبيب لأخذ حقنة. يجب على الآباء فعل ذلك كثيرًا، لأن الأطفال لا يعرفون دائمًا مصلحتهم.
ثمة سبب آخر أكثر تعقيدا قليلًا: أريد أن آكل الحلوى؛ وأعرف أنني لا أرغب في تناول الكثير من الحلويات، لأنني أعلم أن هذا ليس لصالحي. أحيانًا، أُكثر في أكلها لأنها لذيذة. يسمى الفلاسفة هذا بضعف الإرادة. تضعف إرادة الناس في بعض الأحيان. قد نرغب في القيام بالأمر الصائب في موقف ما، لكننا نريد أيضًا أن نستمتع ونستلذ، وأحيانًا تفوز المتعة على الصواب، على الرغم من أننا نتمنى عدم حدوث ذلك. الخبر السار هو أن قدرتك على اتخاذ القرار الصحيح ستتحسن مع الممارسة..
هل احتياجات الأغلبية تتفوق على احتياجات القلة، أم أن احتياجات القلة تتفوق على احتياجات الأغلبية؟ آرثر، 7 سنوات
هل ساعدك أحد في طرح هذا السؤال يا آرثر؟ أنا متشكك في أن هذا سؤالك حقًا، ولكني سأجيبك على كل حال. يعتمد ذلك على ماهية الاحتياجات، وما إذا كانت احتياجات حقا، وليس مجرد رغبات. تتفوق أحيانًا احتياجات الأغلبية على احتياجات القلة، وأحيانًا العكس.
يجب إيضاح الأمر كما يلي: ليست الاحتياجات والرغبات مهمة بكليتها عندما نقرر ما يجب القيام به. فالحقوق تتفوق عليها. فكر في القصة التالية (التي يسميها الفلاسفة معضلة الزرع). أنت تعمل في مستشفى، ولديك خمسة مرضى سيموتون إذا لم يحصلوا على عمليات زرع أعضاء. يحتاج كل مريض إلى عضو مختلف، لكن لا يوجد أي متبرعين. وفي تلك اللحظة، يدخل المستشفى شخص بذراع مكسورة. وهذا الشخص ليس على حياته خطر، ولكن تخطر على بالك فكرة: لو قتلته، فسيكون بإمكانك الاستفادة من أعضائه لإنقاذ الخمسة الآخرين. وبهذه الحالة سيعيش خمسة أشخاص، ويموت شخص واحد.
هل ستقتل الرجل؟ عن نفسي، لن أقتله. أعتقد أنه يجب علينا احترام حقه في الحياة، حتى لو كان ذلك يعني أن الآخرين سيموتون. قد ينتصر حق شخص واحد في الحياة على احتياجات كثير من الناس.
هل خيالنا يتكون من ذارت؟ هوزيه، 7 سنوات
حسناً يا هوزيه، هذا واحد من أصعب الأسئلة التي يفكر بها الفلاسفة، وقد احتجت إلى مساعدة ابني هانك في الإجابة عليه (عمره 9 سنوات، ويجيد طرح أسئلة شبيهة). يقول هناك إن الأمر الذي يشكل مساحة لخيالك (دماغك)، يتكون من ذرات، أما خيالك نفسه، فلا.
هل هانك محق؟ هذا يعتمد على ما تعنيه بخيالك. إذا كنت تقصد الآلية في دماغك التي تسمح لك بتخيل الأشياء فالإجابة هنا نعم، تمامًا كما قال هانك. لكن إذا كنت تقصد الأشياء التي تتخيلها مثل التنانين أو الجنيات فالأمر متروك لك حقًا لتفكر ما إذا كانت الأفكار نفسها مصنوعة من الذرات. يمكنك تخيل أي شيء، حتى تخيل تنانين مصنوعة من غبار الجنيات.
السؤال الأصعب هو ما إذا كانت فكرة تلك التنانين في عقلك مصنوعة من الذرات؟ يعتقد بعض الفلاسفة أن عقولنا ليست سوى أدمغة (وهذا ما يسمى المادية، لأن الفكرة هي أن العقل مصنوع من مادة)، وإذا كان هذا صحيحًا، فكل شيء في عقلك مصنوع من الذرات بما في ذلك أفكارك. لكن يشكك فلاسفة آخرين في أن كل شيء في عقولنا يمكن تفسيره بترتيب الذرات في أدمغتنا (وهذا ما يسمى بالمثنوية، والتي تقول إن العقل والدماغ أمران منفصلان)، وأنا هنا لم أتخذ موقفًا حاسمًا بعد. الأمر معقد، ويشغل الفلاسفة والعلماء أنفسهم بهذا السؤال كثيرًا محاولين فهمه. قد تساعدهم أنت في الوصول إلى إجابة في يومٍ من الأيام.
المصدر: عرب 48