مبادرة لبنانيّة لإكساء المحتاجين بعيد الميلاد
يأتي عيد الميلاد في لبنان هذا العام بعد أسابيع من دخول اتّفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و”حزب اللّه” حيّز التنفيذ، بينما أسفر العدوان الإسرائيليّ عن 4 آلاف و61 شهيدًا و16 ألفًا و662 جريحًا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء
آثار الدمار الذي خلفه القصف الإسرائيلي في الضاحية الجنوبيّة لبيروت (Getty)
تعيش بلدة كفرشيما في محافظة جبل لبنان شرقيّ البلاد أجواء الاستعداد لعيد الميلاد، على وقع تداعيات العدوان الإسرائيليّ الّذي توقّف بعد دخول اتّفاق وقف إطلاق النار بين تلّ أبيب و”حزب اللّه” حيّز التنفيذ في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
وما بين مشاعر الفرح والحزن، يخيّم المشهد الإنسانيّ على البلدة الّتي استعادت قسطًا من عافيتها، إذ تشهد مبادرة إنسانيّة أطلقتها جمعيّة “كفرشيما كوميونيتي” (محلّيّة) بمناسبة عيد الميلاد، لجمع أكبر عدد من الملابس والحصص الغذائيّة لتقديمها للأشخاص الأكثر حاجة في القرية.
المبادرة الّتي تحمل اسم “دفي بيتو من بيتك” تتزامن مع مظاهر الاحتفال بعيد الميلاد ومبادرات إنسانيّة أخرى في عشرات القرى والبلدات اللبنانيّة، من أجل بثّ روح الفرح والعطاء في قلوب الجميع.
القرية ولبنان على موعد مع ليلة عيد الميلاد في 24 ديسمبر/ كانون الأوّل الجاري، لا سيّما الطوائف المسيحيّة الّتي تتبع التقويم الشرقيّ والغربيّ معًا، إلّا أنّ مظاهر الاحتفالات تبدأ عادة منذ مطلع الشهر.
ملابس صوفيّة
وقالت ريتا عبدو، عضو الجمعيّة المنظّمة للمبادرة، إنّ “هدف الجمعيّة مساعدة أصحاب المشاريع الصغيرة في البلدة، مهما كان نوعها، لتطوير مشروعهم وتسويقه، وذلك من خلال صفحة عبر فيسبوك تضمّ أكثر من 7000 شخص من سكّان البلدة والمغتربين”.
وأضافت عبدو، أنّه “ضمن النشاطات الّتي تحضرها الجمعيّة نشاطات عيد الميلاد، إلّا أنّنا قرّرنا هذا العام جرّاء الظروف الصعبة الّتي عشناها بسبب الحرب الإسرائيليّة، خصوصًا وأنّ منطقتنا قريبة من مناطق القصف الإسرائيليّ، السير بحملة جديدة”.
وكفرشيما بلدة قريبة من الضاحية الجنوبيّة لبيروت الّتي شهدت قصفًا إسرائيليًّا مكثّفًا إبّان العدوان الأخير، وتضرّر عدد كبير من زجاج منازل البلدة خلال القصف الإسرائيليّ جرّاء قرب بعض الضربات منها (أقلّ من 300 متر)، كما نزح إليها آلاف الأشخاص كونها تعدّ منطقة آمنة، ولا نفوذ لـ”حزب اللّه” فيها.
وعن المبادرة، قالت عبدو: “كان لدينا إصرار على المضيّ بحملة دفي بيتو من بيتك لندخل الفرح إلى قلوب أشخاص منسيّين، ولا يشعرون بفرحة العيد”.
وأضافت: “أطلقنا نداء أوّليًّا للسيّدات اللّواتي يحكن الصوف في منازلهنّ من أجل تحضير قبّعات وشالات صوفيّة، كما فتحنا المجال لأيّ شخص يريد أن يقدّم أيّ قطع صوفيّة، لنجمعها بدورنا ونقدّمها لأشخاص بحاجة لها للتدفئة خلال فصل الشتاء”.
وفيما يتعلّق بالتفاعل مع تلك النداءات، أكّدت عبدو أنّه “كان كبيرًا، فالكثير من السيّدات وأهالي المنطقة تشجّعوا وقدّموا عشرات القطع الصوفيّة، بالإضافة لذلك استطعنا تجميع نحو 20 حصّة غذائيّة وزّعت على المحتاجين”.
وأشارت في هذا السياق، إلى أنّه “بالإضافة لسكّان المنطقة، تشجّع عدد من المغتربين للمساعدة، ودعموا الحملة من خلال تقديم المساعدات”.
تفاعل مع المبادرة
من جانبها، قالت كريستيان شهوان، إحدى العاملات بمجال الأشغال اليدويّة، إنّها قرّرت التبرّع بقطع صوفيّة، وأشارت إلى أنّ “الشتاء بدأ مصحوبًا بالبرد القارس، لذا أحببت المشاركة بحملة دفي بيتو من بيتك من خلال حياكة شال وقبّعة لمساعدة كلّ محتاج”.
أمّا السيّدة دولسا، فقامت بحياكة شالّات وقدّمتها لصالح المبادرة، وقالت للأناضول، إنّ “العيد اقترب وأحبّ وضع يدي بيد الجمعيّة لمساعدة بعضنا من خلال تقديم هذه القطع الصوفيّة”.
ولفتت إلى أنّ “هذه ليست المرّة الأولى الّتي نقوم بها بحملة في عيد الميلاد في كفرشيما، لكنّها تأتي وسط ظروف صعبة (جرّاء العدوان الإسرائيليّ الأخير)”.
وعن التجارب السابقة، تابعت: “في العامين الماضيين أطلقنا حملة: زيّن بيتو من بيتك، وكنّا نطلب من الأشخاص الّذين لديهم زينة ميلاديّة فائضة التبرّع بها، وكنّا نزيّن منازل عائلات لديها أطفال أو كبار سنّ لإشراكهم بفرحة العيد”.
ويأتي عيد الميلاد في لبنان هذا العام بعد أسابيع من دخول اتّفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و”حزب اللّه” حيّز التنفيذ، بينما أسفر العدوان الإسرائيليّ عن 4 آلاف و61 شهيدًا و16 ألفًا و662 جريحًا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص، وتمّ تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد تصعيد العدوان في 23 سبتمبر/ أيلول الماضي.
إلّا أنّ إسرائيل خرقت الاتّفاق أكثر من 248 مرّة منذ دخوله حيّز التنفيذ، ما أوقع إجمالًا 30 قتيلًا و37 جريحًا، وفق إحصائيّة للأناضول استنادًا إلى إعلانات وزارة الصحّة ووكالة الأنباء اللبنانيّتين حتّى مساء الأربعاء.
المصدر: عرب 48