متحور جديد ينتشر في بلادنا يتسبب بـ60% من الأمراض التنفسية والفيروسية
قالت مديرة وحدة الأمراض المُعدية في صندوق المرضى العام، والخبيرة في الأمراض الجرثومية والأوبئة، د. خزيمة خمايسي، إن متحور جديد من فيروس “أوميكرون”، اسمه “غاي إن 1” ينتشر في بلادنا منذ بضعة أسابيع.
توضيحية (Getty Images)
تواجه البلاد والعالم، في هذه الأيام، موجة متجددة من متحوّر فيروس “كورونا” حيث طرأ ارتفاع ملموس على نسب الإصابة بفيروس المتحور المتجدد “أوميكرون” الذي ما زال يلازمنا منذ نحو خمس سنوات.
يلاحظ في الأسابيع الأخيرة ازدياد نسب الإصابة بالمتحور الجديد الذي يطلق عليه اسم “غاي إنّ 1” وهو من فئة الفيروسات التاجية التي تغيّر شكلها طيلة الوقت، ويغيّر الفيروس من غلافه الخارجي الواقي الذي يوفر له الحماية، مما يعيق إمكانية التوصل إلى تطعيم دائم ومتاح لهذا الفيروس المتغيّر والمتحوّر.
سجّلت في شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي نحو 11 ألف حالة وفاة بفيروس “كوفيد 19″، وذلك حسبما أعلنت منظّمة الصحّة العالميّة. وحذّرت المنظّمة من أنّ الفيروس لا يزال يشكّل تهديدًا كبيرًا.
وأوضحت المنظّمة أنّ البيانات الواردة من مصادر مختلفة، أظهرت بأنّ انتقال العدوى ازدادت خلال الأشهر القليلة الماضية، والمتحوّر “غاي إنّ 1” بات الأكثر انتشارًا في مختلف أنحاء العالم في هذه الفترة.
وصرّح المدير العامّ لمنظّمة الصحّة العالميّة، تيدروس غيبرييسوس، “مع أنّ فيروس كوفيد – 19 لم يعد يشكّل حالة طوارئ صحّيّة عالميّة، إلا أنه لا يزال ينتشر ويتحوّر ويتسبّب بوفاة الكثيرين”.
وبالإضافة إلى عشرات آلاف حالات الوفاة التي سجّلتها منظّمة الصحّة العالميّة في الأشهر الأخيرة، شهدت حالات دخول المستشفيات زيادة بنسبة 42%، في حين ارتفعت الحالات التي استدعت دخول وحدات العناية المركّزة بنسبة 62% مقارنة بأرقام الأشهر التي سبقت فصل الشتاء.
وللمزيد من المعلومات ومدى الأخطار وانتشار الفيروسات الموسمية في هذه الفترة، أجرى “عرب 48” المقابلة التالية مع مديرة وحدة الأمراض المُعدية في صندوق المرضى العام، والخبيرة في الأمراض الجرثومية والأوبئة، د. خزيمة خمايسي.
“عرب 48”: ما هي المعلومات المحدّثة المتوفرة لديكم حول انتشار الفيروس؟
د. خمايسي: المعلومات تفيد بوجود متحور جديد من فيروس “أوميكرون”، ويعرف هذا المتحور باسم “غاي إنّ 1” وينتشر في بلادنا منذ بضعة أسابيع، وتفيد الإحصاءات الأخيرة بأن 60% من الأمراض التنفسية والفيروسية سببها هذا المتحور، وهو منتشر في العالم منذ بضعة شهور.
“عرب 48”: من خلال الإحصاءات التي نشرتها منظمة الصحة العالمية يتبين أن المتحور حصد أرواح عشرة آلاف شخص في العالم خلال الشهر الأخير من السنة الماضية 2023، هل هذا المتحور أكثر خطورة من سابقيه؟
د. خمايسي: في الواقع هو حصد أرواح أكثر من 11 ألف شخص في العالم، حسب معلوماتي، والمعطيات لا تشير إلى أنه أكثر حدة وأكثر فتكا من سابقه “أوميكرون”، لكنه أكثر انتشارا وأسرع عدوى، ولا نلاحظ زيادة في عدد الذين يرقدون في المستشفيات بسببه. لذلك فإن الموضوع لا يستدعي حالة من الهلع لأن المشكلة الأكبر هي ليست بالضرورة تقتصر على فيروس كورونا، وإنما في كل الأمراض التنفسية التي وصلت إلينا بتأخير معيّن هذا العام، لأن الشتاء الحقيقي المصحوب بموجات البرد بدأ الآن، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع في الأمراض الفيروسية والمعدية منها “كورونا” وفيروس “RSV” الذي كان يصيب الأطفال حتى جيل سنتين، لكنه في الفترة الأخيرة يتمرد ويصيب البالغين بنسب كبيرة، بالإضافة إلى الإنفلونزا الموسمية، وكل واحد من هذه الفيروسات يختلف عن الآخر، لكن المشترك بينها بأنها تحمل نفس الأعراض، وهي الرشح والسعال وارتفاع الحرارة، ولكل واحد من هذه الفيروسات يوجد تطعيم مختلف عن الآخر ولا توجد علاجات خاصة لفيروس “RSV”، وهو ما يسبب الضغط على صناديق المرضى والمستشفيات. ويرقد في مستشفيات البلاد في الأسابيع الأخيرة 110 حالات سببها الإنفلونزا الموسمية، و300 حالة من جراء فيروس “RSV” وبالتالي يصعب تحديد حالات الإصابة بكورونا، والسبب هو أن الفحوصات تجرى في المنزل وليس في المؤسسات الطبية والمختبرات.
“عرب 48”: هل من تعليمات أو إجراءات خاصة للجمهور أو للمستشفيات؟
د. خمايسي: التعليمات ليست جديدة، وتعتمد بالأساس على الحفاظ على النظافة الشخصية، وعند العطس والسعال يجب على المريض أن يوجه فمه وأنفه نحو كتفه لئلا ينثر الرذاذ في الحيز المغلق، والحرص على تَهْوية الحيز خاصة عندما يكون هناك اكتظاظ، وللأشخاص الذين يصنّفون في دائرة الخطر نتيجة كبر السن أو نتيجة معاناتهم من أمراض مزمنة، يُفضّل وضع الكمامة التي توفر الحماية من الإصابة بالفيروسات بنسب عالية خاصة لدى توجههم إلى الطبيب وزيارة المستشفيات والعيادات والمرافق الصحيّة. ومن هنا وعبر “عرب 48” أنصح الأشخاص الذين هم في دائرة الخطر بالتوجه للفحص فورا عند ظهور علامات أو أعراض الإصابة بأي من الأمراض التنفسية للتأكد من نوع الفيروس الذي أصابه والحصول على العلاجات مبكرا قدر الإمكان، وذلك لضمان عدم تفاقم الحالة ومنع التدهور.
“عرب 48”: ماذا عن الأطفال والمواليد الجدد الذين لم يحصلوا على أي تطعيم؟
د. خمايسي: في هذه الحالات التوصية موجهة للأمهات المرضعات، فإذا كانت الوالدة قد حصلت على تطعيمات في فترة الحمل، فإن ذلك يمنح مولودها الحصانة حتى يبلغ ستة أشهر، وفي حالة إصابة الطفل بالإنفلونزا ولم تكن الوالدة قد تلقّت التطعيم مسبقا فعليه التوجه إلى المستشفى للفحص والمتابعة.
“عرب 48”: هل هناك توصيات خاصة للأشخاص الذين يتبيّن من خلال الفحص أنهم مصابون بفيروس كورونا.. ما هو التصرف المسؤول في هذه الحالات؟
د. خمايسي: التوصية بشكل عام لكل شخص مصاب بفيروس “كورونا” ومتحوراته، أو يعاني أمراضا تنفسية أن يمتنع طوعا ومن خلال الشعور بالمسؤولية عن الاتصال المباشر بالآخرين قدر الإمكان وخاصة مع الأطفال وكبار السن الذين هم الحلقة الأضعف في هذه المعادلة، ويجب الحفاظ على سلامتهم، ولا توجد هناك توصيات بالحجر الصحي، لكن المسؤولية الشخصية تتطلب منا عدم تعريض الآخرين للخطر.
“عرب 48”: هل هناك طرق للوقاية من الفيروسات المختلفة؟
د. خمايسي: يجب التطعيم ضد الإنفلونزا لكل من تجاوز الستة أشهر، وكما ذكرنا ونوصي دوما بالنظافة الشخصية وعدم الاقتراب من الأشخاص المرضى، وعلى الرغم من عدم وجود توصية بارتداء الكمامة إلا أنني أوعزت للطواقم الطبية بوضع الكمامة في هذه الفترة خاصة لدى التعامل مع المصابين بالأمراض التنفسية، وهي توصية غير ملزمة للأشخاص الذين يرون بأنفسهم عرضة للإصابة وانتقال العدوى إليهم.
المصدر: عرب 48