محال “شبه خالية” وتراجع كبير في الحركة التجارية
شهدت مدينة الناصرة تراجعا كبيرا في الحركة التجارية فيما بدت المحال والمراكز التجارية “شبه خالية” عشية حلول عيد الأضحى.
من أحد المحال التجارية في الناصرة (عرب 48)
بدت شوارع مدينة الناصرة والحركة التجارية فيها أشبه بيوم الأحد وهو يوم العطلة الأسبوعية، في ظل غياب حركة وشروة العيد قبيل حلول عيد الأضحى، ومع بدء العطلة الصيفية.
وكانت الناصرة في مثل هذه الأيام تشهد نشاطا تجاريا وحركة اقتصادية نشطة واختناقات مرورية يتعذر بسببها الدخول إلى المدينة والتجول فيها إلا سيرا على الأقدام، إذ بدت يوم الإثنين شبه خالية.
وبهذا الصدد، حاور “عرب 48” أصحاب محال ومراكز تجارية في الناصرة حول تبدد بهجة العيد وأسباب تراجع الحركة التجارية في الناصرة.
وقالت مديرة المركز التجاري “همشبير” الذي يقع في مركز الناصرة، سامية روك، لـ”عرب 48” إنه “منذ ساعات صباح الإثنين لم يتجاوز عدد الذين دخلوا إلى المركز التجاري الضخم 259 شخصا، وهو عدد قليل جدا حتى مقارنة بالمعدل اليومي، وهو أقل مما كانت عليه الحركة في الأسبوع الماضي”.
وأضافت “ربما كانت الحركة أكثر نشاطا الأسبوع الماضي لأن غالبية المحتفلين بالعيد كانوا يعتزمون السفر وقضاء عطلة العيد في الخارج، فالسفر إلى الخارج هو أحد العوامل التي تجعل الحركة الشرائية ضعيفة، بالإضافة إلى أنه لم يمض سوى شهران على عيد الفطر، لذلك فإنك لا تجد بهجة خاصة للعيد ولا شراء كل شيء جديد”.
وتابعت “هناك أسواق جنين ونابلس التي تؤثر أيضا بشكل كبير على الحركة التجارية هنا، رغم أن البعض بدأ يكتشف بأن فارق الأسعار بين الناصرة وأسوق الضفة ليس كبيرا، وأن تكاليف السفر إلى هناك بالسيارة والتسوق فيها ربما تفوق الأسعار التي يحصلون عليها هنا، بالإضافة إلى ذلك الأوضاع الاقتصادية الصعبة والضائقة المالية التي تعيشها العائلات العربية في ظل رفع الأسعار والفوائد وغير ذلك”.
وأشارت روك إلى أنه “رغم ذلك لا يزال التفاؤل موجودا ولم يفت الأوان، بالعادة نحن ننتظر حتى اللحظة الأخيرة لإتمام المشتريات والاستعداد للعيد، ونأمل أن تكون الحملات الخاصة التي أعلنا عنها كفيلة بتنشيط الحركة التجارية في المجمع”.
وقلل جابر أبو أحمد صاحب محلات أبو جابر للحلويات والمكسرات، في حديث لـ”عرب 48“، من تأثير السفر إلى الخارج بالقول إنه “ليس سوى عنصر هامشي وليس سببا رئيسيا لغياب شروة العيد، إذ أن الأسباب الحقيقية تعود إلى مفهوم العيد الذي تغيّر وأولويات الناس كلها تغيرت”.
وأضاف أن “الفرحة لم تعد كما عهدناها في الماضي، فقد كان للعيد بهجة حين كان الأولاد يتمتعون بشراء الملابس الجديدة في العيد ويأكلون اللحوم المشوية في أيام العيد والمناسبات السعيدة فقط، بالإضافة إلى زيارات الأقارب والمعايدات التي كان ينتظرها الأولاد بفارغ الصبر، أما اليوم فلم تعد هذه هي أولويات المحتفلين بالعيد لأنهم يشترون الملابس الجديدة على مدار السنة وفي كل الأيام، ويأكلون كل ما يشتهون في كل زمان ومكان”.
ولفت إلى أنه “أما بالنسبة لشروة العيد فقد كثرت المحال التجارية وازدادت المنافسة وفتحت شبكات الغذاء التي توفر للزبون كل احتياجاته تحت سقف واحد، وبالنسبة للناصرة تحديدا فقد فقدت مركزيتها كعاصمة للجليل ولم يعد ابن الرينة أو المشهد أو يافة الناصرة يقصدها لكثرة المحلات المنتشرة في هذه البلدات، ولو عدنا إلى الماضي كان لدى محلنا زبائن من كل المناطق المجاورة وأبعد من ذلك من شفاعمرو وعبلين وكفر كنا ودالية الكرمل وعسفيا وأم الفحم وغيرها”.
وفي سوق البلدة القديمة وأزقتها التي كانت تضج بالحياة والحركة التجارية، باتت وكأن الأشباح تسكنها ولا يُسمع فيها سوى خطوات القدمين.
والتقى “عرب 48” بالتاجر الشاب محمد أبو رحال وهو صاحب محل لبيع الألبسة في سوق البلدة القديمة، الذي أوشك على إغلاق محله عصرا للعودة إلى البيت بسبب حالة الركود والشعور بالملل الذي لازمه منذ ساعات الصباح إثر غياب الحركة التجارية.
وقال أبو رحال إنه “منذ جائحة كورونا غابت الحركة التجارية عن سوق البلدة القديمة ولم تعد إليه حتى اليوم، وها هو موسم الأعياد يحل مجددا لكن الزبائن غائبون كليا عن السوق الذي يبدو مهجورا ولا ترى فيه سوى أبوابا مغلقة، ولم يكن حال السوق في عيد الفطر الذي انقضى قبل شهرين أفضل حالا من اليوم”.
ويعزو أبو رحال “هجرة” الناس للسوق إلى عدة أسباب من بينها تغير أنماط الشراء، مضيفا “كان رب العائلة يصطحب أولاده لشراء الملابس وكل حاجيات العيد، بينما طرأ تحول إلى النمط الفردي والشراء عبر شبكات الإنترنت، وكذلك صعوبة الوصول إلى السوق سيرا على الأقدام وتفضيل متعة الشراء من المراكز التجارية الكبيرة بسبب توفر محلات الأكل السريع والمطاعم والاستراحة والحمامات العمومية ويصبح التسوق بالمراكز التجارية أشبه برحلة أو يوم متعة بالنسبة للعائلة، أما السوق القديم فأصبح خارج هذه اللعبة”.
وانتقد بلدية الناصرة قائلا إنها “لا تهتم إطلاقا بشأن السوق والبلدة القديمة ولا حتى بشأن سكانه أو الوافدين إليه من السياح، إذ أن النفايات يتم جمعها مرة واحدة في الأسبوع وأن آخر مصباح إضاءة جرى تغييره كان قبل جائحة كورونا أي قبل 4 سنوات، كما أنه غير مهيئ إطلاقا لذوي الاحتياجات الخاصة فيما لو أرادوا زيارته، كل هذه الأسباب جعلت من سوق البلدة القديمة منطقة مهجورة، علمًا أنه تكمن فيه درر وطاقات يمكن أن تجعله المكان الأفضل والأكثر حيوية وجمالا في البلاد لو تم استغلالها بالشكل الصحيح”.
المصدر: عرب 48