مخاوف أميركية من مساع إسرائيلية لخلق ذريعة لتوسيع الحرب على جبهة لبنان
واشنطن تخشى من زيادة الهجمات الإسرائيلية في لبنان، بشكل يستفز حزب الله، ويدفعه لتصعيد هجماته في إطار المواجهات القائمة، ما قد يخلق ذريعة لدى إسرائيل لتوسيع نطاق حربها على قطاع غزة لتشمل جبهة لبنان، وتدخل بمواجهة شاملة مع حزب الله.
يخشى البيت الأبيض من هجمات استفزازية إسرائيلية في لبنان قد تدفع حزب الله إلى تصعيد عملياته الحدودية، ما قد يخلق ذرائع لإسرائيل لتسويغ زيادة عملياتها العسكرية في لبنان وتوسيع نطاق الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة المحاصر، ما من شأنه أن يجر واشنطن إلى قلب الصراع في المنطقة.
تغطية متواصلة على قناة موقع “عرب 48” في تلغرام
جاء ذلك بحسب ما أفاد موقع “واللا” الإسرائيلي، في تقرير أورده مساء الأحد، نقلا عن ثلاثة مصادر مطلعة على المحادثات بين تل أبيب وواشنطن في هذا الشأن؛ ولفت التقرير إلى المحادثة الهاتفية بين وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، ونظيره الإسرائيلي، يوآف غالانت، مساء السبت، وقال إنها تركزت على هذا الشأن.
وبحسب “واللا”، فإن أوستن، أعرب خلال مكالمة مع غالانت، عن قلق واشنطن من “تصاعد القتال على الحدود الشمالية”، وأشار إلى مخاوف من أن تصعيد المواجهات بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، قد يؤدي إلى فتح جبهة أخرى في الحرب، وذكر التقرير أن أوستن طالب غالانت بضرروة تجنب الخطوات التي قد تؤدي إلى حرب شاملة مع حزب الله.
وذكر التقرير أن الرسالة التي نقلها أوستن “تعكس القلق المتزايد في البيت الأبيض بشأن ما تعتبره إدارة بايدن عمليات عسكرية متزايدة للجيش الإسرائيلي في لبنان أدت إلى تفاقم التوترات على طول الحدود”، وذلك مع تصاعد المواجهات الحدودية التي أدت إلى مقتل 10 إسرائيليين، معظمهم جنود، وعشرات اللبنانيين، معظمهم من مقاتلي حزب الله.
وقال التقرير إن “إدارة الرئيس جو بايدن تشعر بالقلق من أن الهجمات التي نفذها الجيش الإسرائيلي في لبنان، تهدف إلى استفزاز حزب الله وخلق ذريعة لعملية عسكرية إسرائيلية أوسع في لبنان، الأمر الذي قد يجر الولايات المتحدة إلى عمق الأزمة” في المنطقة، الأمر الذي نفاه المسؤولون في تل أبيب.
وبحسب “واللا”، فإن كبار المسؤولين العسكريين والسياسيين في إسرائيل أبلغوا نظراءهم الأميركيين في أكثر من مناسبة منذ بدء الحرب على قطاع غزة أن “المواطنين الإسرائيليين لن يوافقوا على العودة إلى المستوطنات (في المنطقة الحدودية مع لبنان) ما دام تهديد حزب الله سيظل قائما على الجانب الآخر من الحدود”.
وأشار التقرير إلى أن السلطات الإسرائيلية أجلت عشرات الآلاف من المدنيين من سكان البلدات والمستوطنات الواقعة في المنطقة الحدودية، جنوبي لبنان، خوفا من هجوم لحزب الله، على غرار هجوم حماس على المواقع العسكرية والمستوطنات الإسرائيلية في محيط قطاع غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
رسائل أميركية مباشرة
وذكر “واللا” أن إدارة بايدن مارست ضغوطًا على الحكومة اللبنانية والأطراف الفاعلة في المنطقة، في الأسابيع الأخيرة، لبذل كل ما في وسعها لمنع حزب الله من الانضمام إلى الحرب بكامل قوته العسكرية. وقال التقرير إن الزيارة غير المعلنة للمبعوث الأميركي الخاص، آموس هوكشتاين، إلى العاصمة اللبنانية بيروت، الأسبوع الماضي، جاءت في هذا السياق.
وبحسب التقرير، فإن هوكشتاين نقل رسائل إلى حزب الله عبر رئيس مجلس النواب، نبيه بري، بالإضافة إلى مسؤولين لبنانيين آخرين رفيعي المستوى، حذر فيها حزب الله من تصعيد الوضع في المنطقة. ونقل “واللا” عن مصدرين مطلعين أن الصورة التي تشكلت لدى المبعوث الأميركي أن حزب الله وسائر الأطراف في لبنان، غير معنيين بحرب شاملة مع إسرائيل.
وأوضح التقرير أن رسائل أوستن إلى غالانت بشأن تصاعد الهجمات الإسرائيلية في لبنان، جاءت بإيعاز من البيت الأبيض، وفي بيان نشره البنتاغون حول المحادثة، قال إن أوستن أكد لغالانت ضرورة “احتواء الصراع في قطاع غزة فقط وتجنب التصعيد الإقليمي”، دون أن يذكر لبنان صراحة.
ونقل الموقع عن مصدرين إسرائيليين وأميركيين أن أوستن “كان مباشرا للغاية في محادثته مع غالانت وذكر على وجه التحديد مخاوف الولايات المتحدة بشأن أنشطة الجيش الإسرائيلي في لبنان”؛ وقال مصدر إسرائيلي إن أوستن طلب من غالانت توضيحات بشأن الضربات التي نفذها الجيش الإسرائيلي في لبنان في الأيام الأخيرة.
وشدد التقرير على أن “أوستن طلب من إسرائيل الامتناع عن خطوات قد تؤدي إلى حرب شاملة مع حزب الله”. وقال المصدر الإسرائيلي إن غالانت أبلغ أوستن أن السياسة الإسرائيلية لن تؤدي إلى فتح جبهة ثانية في لبنان، وأكد أنه لا يعتقد أن مثل هذا السيناريو سيتحقق.
وقال غالانت خلال المحادثة مع أوستن إن “حزب الله هو الذي صعد القتال بواسطة إطلاق طائرات بدون طيار على إسرائيل، بما في ذلك الطائرة التي أطلقت من سورية إلى إيلات”، ونقل المصدر الإسرائيلي عن غالانت قوله خلال المكالمة مع أوستن، إن “حزب الله يلعب بالنار”.
حدثان خلقا توترا في البيت الأبيض
وشدد التقرير على أن القلق تصاعد لدى إدارة بايدن من جراء حدثين وقعا في الأيام الأخيرة، واعتبرت أنه كان من الممكن أن يدفعا حزب الله إلى مواجهة واسعة مع إسرائيل؛ الأول: استهداف إسرائيل لمركبة مدنية في جنوب لبنان أدى إلى استشهاد جدة وحفيداتها الثلاث.
والحدث الثاني الذي أثار “الرعب” في واشنطن من اتساع رقعة الحرب، على حد تعبير القناة، هو هجوم إسرائيلي بطائرة بدون طيار استهدف سيارة على بعد 40 كيلومترًا من الحدود في العمق اللبناني، وكان هذا أبعد مدى تهاجمه إسرائيل في لبنان منذ بداية الحرب على غزة.
كما أن واشنطن عبّرت عن تحفظها من تهديدات غالانت العلنية خلال زيارته للقيادة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، يوم أمس، السبت، ويعتقدون أنها “لا تؤدي إلا إلى زيادة التوترات”. حيث توعد غالانت اللبنانيين، بمواجهة مصير مشابه لما يواجهه أهالي قطاع غزة”، وقال إن “حزب الله على وشك ارتكاب خطأ فادح، قد ينتهي الأمر بسكان بيروت إلى نفس الوضع في غزة حيث يرفعون بالفعل العلم الأبيض (في إشارة إلى الأهالي المدنيين للمناطق الشمالية في القطاع المحاصر) ويهربون من منازلهم”.
المصدر: عرب 48