مرة أخرى حول التطبيع السعودي الإسرائيلي
حسمت مقابلة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مع فضائية “فوكس نيوز” الأميركية، أن التطبيع السعودي الإسرائيلي ليس مجرد احتمال أو أمرًا قابلًا للنقاش، بل بات أمرًا اتّخذ القرار بشأنه من الرياض، ويتقدم باستمرار من دون الحسم أنه سيُحدث الاختراق قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية القادمة، وبات البحث جاريًا عن الثمن والتوقيت، فبن سلمان قال: “إننا كل يوم أقرب إلى التطبيع، وإن القضية الفلسطينية مهمة”، ولكن من دون أن يقيد يديه بها؛ حيث اقتصر حديثه الملموس على تحسين أحوال الفلسطينيين، وفي العادة يطرح المفاوض الحد الأقصى في بداية المفاوضات، ويستعد للمساومة إذا أبدى الطرف الآخر استعدادًا للمساومة، فما نراه مرونة مفرطة مقابل تشدد إسرائيلي، وهذا لا يبشر بالخير.
صحيح أن وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، قبل المقابلة وبعدها كرر تمسك الرياض بمبادرة السلام العربية، وأن الحل للصراع في المنطقة لا يحل من دون تحقيق الحقوق الفلسطينية المتضمنة في قرارات الشرعية الدولية، ولكن ما جاء في مقابلة الأمير صاحب القرار هو الأهم، وهو يحدد سقف الموقف السعودي.
تماهي موقف بن سلمان مع الموقف الأميركي
يتقاطع موقف بن سلمان مع الموقف الأميركي، الذي يركز فقط على استقرار الوضع، من خلال تعزيز السلطة، وتقديم تسهيلات اقتصادية للفلسطينيين، ومنع الأمور من الانهيار، والحفاظ على أفق سياسي لحل الدولتين، الذي من المفترض الخوض فيه لاحقًا؛ أي بعد القضاء عليه كليًا، كما يظهر ذلك في الموقف الإسرائيلي بصورة أوضح وأوقح، الذي يتحدث فقط عن تقديم تسهيلات ومشاريع اقتصادية لتحسين أحوال الفلسطينيين، قافزًا بالكامل عن الحقوق الفلسطينية، حتى المقرة في قرارات الشرعية الدولية والاتفاقات الفلسطينية الإسرائيلية.
اللافت أن ولي العهد السعودي لم يتطرق في مقابلته إلى التمسك بمبادرة السلام العربية والدولة الفلسطينية، ولا لإنهاء الاحتلال، ولا حتى وقف الاستيطان والاعتداءات على الأقصى ولا اشترط تعديل أو تغيير أو حتى تراجع الحكومة الإسرائيلية الحالية عن مخطط الضم والتهويد والتهجير المنصوص عليه في برنامجها، فهو كما قال مستعد للتعامل مع أي حكومة إسرائيلية!
يوحي الموقف السعودي، وخصوصًا من خلال الابتهاج الإسرائيلي به، كما جاء على لسان بنيامين نتنياهو وأركان حكومته، أن إسرائيل تريد أن تأخذ من واشنطن (معاهدة دفاع مشترك مقابل التي يمكن أن تمنح للسعودية)، ومن الرياض (تطبيع كامل)، ومن فلسطين (المضي في مخطط الضم)، من دون أن تعطي شيئًا. فما ستأخذه الرياض ستحصل عليه من الكيس الأميركي، وهذا إن صح يعني أن الرياض مستعدة لصفقة تحصل فيها على معاهدة دفاع مشترك ومفاعل نووي سلمي متقدم وأسلحة أميركية متقدمة، مقابل تجاوز مبادرة السلام العربية، وليس سهلًا أن تقدّم إدارة بايدن كل هذه المسائل وفق المطالب السعودية، وإذا قدمتها ليس من المضمون تمريرها في الكونغرس الأميركي.
ولا تكمن المفاجأة هنا، فسبق أن وافقت الرياض على صفقة ترامب وغضبت من الرفض الفلسطيني لها، وهي صفقة إذا طبقت كما كان مقررًا لها، من أجلها تصفية القضية الفلسطينية من كل جوانبها مقابل “دولة فلسطينية” على 70% من الأراضي المحتلة العام 1967 المقطعة الأوصال والمعزولة عن بعضها البعض والخاضعة كليًا للسيادة الإسرائيلية، وتتضمن تهجير مئات الآلاف من فلسطينيي 48 وإلحاقهم بالدولة الموعودة، كما أعطت الرياض الضوء الأخضر للاتفاقيات الإبراهيمية، وأقدمت على خطوات تطبيعية متلاحقة تمهد بها للتطبيع الكامل، وهذا سيستمر، وهو خطير حتى لو لم يتم إنجاز الصفقة كاملة قبل الانتخابات الأميركية، فهو يهبط بالسقف الفلسطيني والعربي، وتعدّ التنازلات الحالية مكتسبات يتم الانطلاق منها، إضافة إلى أن مجرد السير المتدرج بالتطبيع يأكل الوقت ويقطع الطريق على بدائل أخرى يجب بناؤها من دون تأخير.
ما دوافع السعودية لعقد الصفقة؟
سؤال المليون دولار: ما دوافع السعودية لعقد هذه الصفقة مع أكثر حكومة متطرفة في إسرائيل؟
لقد حذر الصهيوني والصحافي الأميركي الشهير، توماس فريدمان، من مكافأة هذه الحكومة المتطرفة بدلًا من عقابها، وأضيف إلى ما سبق أن الظروف التي استدعت الموافقة السعودية على صفقة ترامب تغيرت. فقد تراجع التهديد الإيراني للسعودية بعد فتح صفحة جديدة بينهما بعد إعلان بكين، الذي يجري تنفيذه، بدليل تبادل السفراء بين الرياض وطهران والشروع في التفاوض، وتقدمه على طريق إنهاء الحرب اليمنية.
لقد تبيّن بالملموس أن التحالف مع واشنطن لا يوفر الحماية كما ظهر في ردة الفعل الأميركية بعد الهجوم على أرامكو في السعودية في العام 2019، وكان ترامب سيد البيت الأبيض الذي قال ردًا على هذا الهجوم إن السعودية ليست الولايات المتحدة، وتنصل من مسؤولية الدفاع عنها، على الرغم من المليارات الكثيرة التي أغدقت عليه عبر الاستثمارات السعودية وعقود التسليح التي أبرمت وغيرها لصهره وحاشيته.
الرياض وتنويع العلاقات شرقًا وغربًا
كما أن الرياض تعاكس الطريق الذي شقّته في السنوات الأخيرة، من خلال تنويع علاقاتها، واللعب على التناقضات، والتنافس الشرقي الغربي، وفي أساسه الأميركي الصيني، وهذه السياسة لا بديل منها إذا أريد تحقيق المصلحة السعودية ومتطلبات قيام السعودية بدور قيادي عالمي في ظل شبكة العلاقات الصينية السعودية الكبيرة، التي غدت أكبر من العلاقات الأميركية السعودية، كما يدل حجم التبادل التجاري بين البلدين.
وفي هذا السياق، يحاول حاكم الرياض أن يحتفظ بعلاقات جيدة جدًا مع المعسكرين المتنافسين، من خلال الاستثمار في العلاقات العسكرية والأمنية عبر الارتباط بمعاهدة دفاع مشترك مع أميركا، ومشاكستها في منظمة أوبك بلس والعضوية في منظمة بريكس، وشريك في الوقت نفسه في خطة الحزام والطريق الصينية، والممر الاقتصادي الأميركي الذي أعلن عنه في قمة العشرين الأخيرة، والذي هدفه قطع الطريق على الحزام والطريق، والمشاركة السعودية والإماراتية فيه لن يكون مرحبًا بها صينيًا.
لم يعد التطبيع ممرًا إجباريًا
لم يعد التطبيع مع إسرائيل ممرًا إجباريًا لتحسين علاقات الدول بأميركا، فمن جهة أميركا لم تعد القوة المهيمنة انفراديًا على العالم، وهي بحاجة إلى العلاقات والتحالفات مع الآخرين بقدر حاجتهم إليها، وربما أكثر، بدليل تراجع الدور الأميركي في الشرق الأوسط والعالم كله في ظل الصعود الصيني، وهناك عالم متعدد الأقطاب لم يولد بعد، لكنه أخذ يطل برأسه.
ومن جهة أخرى إسرائيل في أسوأ وأضعف حالاتها، في ظل الأزمات التي تواجهها، خصوصًا الأزمة الداخلية، فهي لم تعد البعبع الذي يسيطر ويخيف أعداءه ومنافسيه في منطقة الشرق الأوسط، ولا الشرطي الذي يحمي المصالح الأميركية والغربية، بل هي باتت بحاجة إلى من يحميها، بدليل قدوم القوات الأميركية إلى المنطقة وشن الحرب على العراق، وعجزها (أي إسرائيل) عن التعامل مع القوى الشعبية المسلحة المحيطة بفلسطين، ومع الملف النووي الإيراني، مع أن إيران باتت على عتبة إنتاج قنبلة نووية.
لا أبالغ بالقول إن التطبيع بالشروط المطروحة والمتداولة ينقذ إسرائيل من نفسها، ومحاولة لإعادة طموحها المنهار للقيام بدور مركزي مهيمن في المنطقة يعوض عن تراجع الدورين الأميركي والإسرائيلي.
التطبيع وصفة للحرب وليس وصفة للسلام
يبقى أمر واحد يمكن أن يقدم لتفسير وتبرير الاندفاع السعودي نحو التطبيع، مع أنه غير مقنع، وهو أن حاكم الرياض الشاب لديه رؤية طموحة لقيام السعودية بدور عالمي، وهي بحاجة إلى تصفير المشاكل والأزمات مع كل الدول، بما فيها إسرائيل. وهذا صحيح، لكن لا بد من رؤية خصائص الوضع بعمق ودقة. فالتطبيع من دون إلزام إسرائيل بإنهاء احتلالها وتجسيد الدولة الفلسطينية لن يُصفّر الأزمات معها، ولا يقلل من دورها بوصفها عاملًا مهددًا للأمن والاستقرار والسلام، بل يشجعها على مواصلة وتصعيد سياستها الاستعمارية الاستيطانية العنصرية العدوانية التي لا تستهدف الفلسطينيين، فقط وإنما تهدد الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة والعالم، خصوصًا في بلدان الطوق، فدور إسرائيل يبقى العامل الأهم في إحداث التوتر والصراع، لسبب بسيط، لأنه يقفز عن خصائص وقوى المنطقة وعن الحقوق الفلسطينية، وهذا يؤدي إلى استمرار الصراع وتصعيده.
وإلى من لا يصدق ما ذهبنا إليه بأن القضية الفلسطينية مركزية وأن التطبيع من دون انسحاب إسرائيلي سيفاقم عوامل عدم الاستقرار، فليقرأ الأحداث التي جرت في هذه المنطقة منذ 100 عام، ومنذ التطبيع وحتى الآن ثبت أن التطبيع وصفة للحرب أكثر ما هو وصفة للسلام، فبعد التطبيع المصري الإسرائيلي شنت حكومة مناحيم بيغين عدوانًا على لبنان في العام 1982.
كما أن اتفاق أوسلو لم يجلب الأمن والاستقرار، فقدم الشعب الفلسطيني منذ توقيعه أكثر من سبعة آلاف شهيد وأضعافهم من الأسرى والجرحى، وتعمق الاحتلال والاستيطان والعنصرية والعدوان، وسارت إسرائيل نحو المزيد من التطرف، وكان هناك أكثر من 2000 قتيل إسرائيلي، وبعد إقرار مبادرة السلام العربية بيوم واحد شنت قوات الاحتلال عملية السور الواقي ضد السلطة الفلسطينية، التي انتهت بحصار مقر الرئيس ياسر عرفات واغتياله، وكان الرد على اعتدال ومرونة خليفته المزيد من التطرف والعدوان الإسرائيلي وتجاوز اتفاق أوسلو والمفاوضات، وقتل ما سمي “عملية السلام”.
وفي هذا السياق، لم تحفظ معاهدة وادي عربة وحدة الأردن وسلامته؛ لأنها لم تدفن مخطط الوطن البديل؛ أي حل القضية الفلسطينية على حساب الأردن، بل إن أنصار هذا الحل هم الآن في إسرائيل أقوى من أي وقت مضى، والرعاية الهاشمية للمقدسات منتهكة بالاقتحامات والتقسيمَيْن الزماني والمكاني للأقصى تمهيدًا لهدم الأقصى وبناء هيكل سليمان بدلًا منه.
كما أن الاتفاقيات الإبراهيمية لم تشجع إسرائيل على السلام أو تخفيف سياساتها العدوانية، بل تربعت بعدها في إسرائيل حكومة هي باعتراف الجميع وأصدقاء إسرائيل قبل أعدائها الأكثر تطرفًا مقارنة بكل الحكومات الإسرائيلية السابقة، ويكفي أنّها لأول مرة طرحت الضم في البرنامج الذي شكلت على أساسه.
كل ما سبق يوضح أن التطبيع، خصوصًا إذا وصل إلى محطته الأخيرة بالشروط والظروف المطروحة حاليًا، خطوة لن تمكّن السعودية من تحقيق رؤية ولي العهد الطموحة، بل ستحد من فرص نجاحها، فضلًا عن أنها ستصب الزيت على نار الأزمات والحرائق المندلعة في المنطقة، وأهمها الملف النووي الإيراني، والتقدم في دور إيران وحلفائها الذين لن يقفوا مكتوفي اليدين أمام التطبيع الزاحف، الذي وصفه الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في خطابه الأخير في الأمم المتحدة بالخيانة للقضية الفلسطينية.
هل السعودية في عجلة من أمرها للتطبيع؟
على الرغم من كل ما تقدم، هل التطبيع حتمي وسريع وخلال ستة أشهر كما قال وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين. ليس من السهل بلع ذلك، فالسعودية ستفكر أكثر من مرة قبل الإقدام عليه عشية حملة انتخابية أميركية فرص فوز الرئيس جو بايدن فيها ليست قوية كما تشير الاستطلاعات الأميركية، فلماذا منح هذه المكافأة الكبيرة لرئيس راحل؟ بل يمكن الانتظار ومنحها لرئيس قادم العلاقات معه إذا كان دونالد ترامب أحسن من الحالي، وإذا كان مرشحًا آخر من الحزب الجمهوري فعلاقات السعودية مع الحزب الجمهوري أفضل من الحزب الديمقراطي الذي يشهر في وجهها مسائل عديدة، منها مسألة حقوق الإنسان.
إنّ التطبيع مع أكثر حكومة سوءًا وتطرفًا في إسرائيل لن يزيد من رصيد السعودية الباحثة عن دور عالمي، بل سيأكل من رصيدها ومكانتها؛ لأنها ستبدو أنها باعت القضية الفلسطينية بثمن بخس مقابل مصالح سعودية ضيقة لأفراد وليس للبلد، في الوقت الذي يمكن أن تحصل عليها من دون هذا الثمن الباهظ، فخطر الحرب مع إيران تراجع، ويمكن الحصول على برنامج نووي متقدم من الصين أو روسيا، ويمكن أن تنتظر السعودية إلى حين تشكيل حكومة إسرائيلية أقل تطرفًا يمكن أن توافق على إعطاء شيء ما يحفظ ماء وجه السعودية والقيادة الفلسطينية، من دون الرهان على استجابتها للحقوق الفلسطينية في حدها الأدنى، فلا يوجد شريك إسرائيلي للسلام من هنا وحتى تتغير خريطة القوى داخل إسرائيل.
كما يبدو أن القيادة الفلسطينية أخذت درسًا من موقفها السابق العنيف عند عقد الاتفاقات الإبراهيمية، حين وصفت الاتفاق الإماراتي بالخيانة والطعنة في الظهر، ثم تراجعت عن ذلك من دون إعلان، في حين كان المطلوب ولا يزال لا تخوين ولا مشاركة وتوفير غطاء، بل معارضة واعية.
القيادة الفلسطينية شريك التطبيع في الخفاء
قررت القيادة الفلسطينية على ما يبدو القبول بأن تكون شريكًا بالباطن مع السعودية حتى تحقق أي مكاسب ممكنة، حتى لو كانت ضمن سقف تحسين حياة الفلسطينيين على أساس أن إنقاذ ما يمكن إنقاذه خير من خسارة كل شيء، وهذا يظهر بشكل مباشر من خلال الثقة المعلنة بصورة مبالغ فيها بالموقف السعودي، من دون توضيح نتائج اللقاءات السعودية الفلسطينية، مع تسريبات أن المطالب الفلسطينية أقل من الخطابات الرسمية المعلنة.
كما يظهر ذلك بشكل غير مباشر في خطاب الرئيس في الأمم المتحدة، الذي لم يتطرق إلى التطبيع القادم، مع أنه الترند الأول في كل نشرات الأخبار، فأخباره وصلت كل الأصقاع، ولم يحدد المطالب الفلسطينية ولم يربطها بما يجري التباحث حوله، بل أبقى حبل الأمل بأن تطبق الأمم المتحدة ولو قرارًا واحدًا من قراراتها التي تجاوزت الألف، الذي هو في الحقيقة استمرار للوهم القديم المتجدد بظروف أسوأ، فالمؤسسات الدولية مع أهمية العمل فيها ووضعها أمام مسؤولياتها في مرحلة انهيار النظام العالمي القديم وقبل ولادة النظام الجديد أبعد ما تكون عن تطبيق قرار واحد، فلماذا استمرار الرهان على ما لا يمكن الرهان عليه، إلا إذا كان “وراء الأكمة ما وراءها”؟
هناك فرصة لاستدراك الموقف من خلال بلورة المطالب الفلسطينية وتقديمها إلى المبعوث السعودي السفير نايف بن بندر السديري، الذي من المتوقع أن يصل رام الله اليوم لتقديم أوراق اعتماده.
مطلوب تغيير خطاب الرهانات الخاطئة
كان يمكن توظيف منبر الأمم المتحدة ليس للشكوى وطلب الحماية، وتكرار البدهيات والرهانات الخاطئة والخاسرة، وإنما لطرح رؤية جديدة وطنية واقعية شمولية تراهن أولًا وأساسًا على الشعب وتوحيد قواه، وعلى ممارسة أشكال المقاومة الشاملة، وتضع سدًا عاليًا أمام أي تطبيع سيمكن إسرائيل (لأنه سيفتح الأبواب لتطبيع بلدان عربية وإسلامية أخرى) من مواصلة تطبيق خطة إقامة إسرائيل الكاملة على جثة الحقوق الفلسطينية الكاملة، بما فيها إقامة دولة فلسطينية.
قيل بحق إن السلم يبدأ بفلسطين والحرب تبدأ بفلسطين، ولن يضيع الحق الفلسطيني ما دام الشعب الفلسطيني على أرضه وفي الشتات وأماكن اللجوء متمسكًا به، ويناضل لتحقيقه، وما دامت الشعوب العربية وقطاعات متزايدة من البلدان والأحزاب والنخبة والرأي العام العالمي معه، وذلك من خلال التمسك بالحقوق والأهداف، والنضال لتغيير الحقائق على الأرض، وليس الاستسلام لها، من دون مغامرة ولا تهور، حتى تنعكس لاحقًا على الاتفاقات والقرارات التي ستعقد وستصدرها الأمم المتحدة، وستكون لها القدرة في هذه الحالة على التطبيق.
مبادرة السلام بديل أم غطاء واستكمال للتطبيع
أخيرًا، لا بد من الإشارة إلى أن إطلاق مبادرة السلام التي يرعاها كل من السعودية والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية ومصر والأردن، على هامش اجتماعات الأمم المتحدة، في الوقت نفسه الذي تجري فيه مباحثات حثيثة للتطبيع، ستكون عمليًا إذا لم تفصل نفسها كليًا عن التطبيع الذي يدفن السلام، وبغض النظر عن نوايا بعض المشاركين، غطاءً للتطبيع وللتنازلات التي تقدم على طريقه، وليس بديلًا منها، وإنما استكمالًا لها.
المصدر: عرب 48