Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

مسرح "بلاي باك": تجارب حية تُروى على خشبة المسرح

في قاعة صغيرة، تتناثر فيها همسات الترقب والفضول، يجلس الجمهور في انتظار عرض مسرحي غير تقليدي. لا أحد يعرف مسبقًا ماذا سيحدث، لأن العرض لا يعتمد على نص جاهز، بل على القصص الشخصية للمشاهدين أنفسهم. يتجمع فنانون مستعدون لاستقبال الحكايات وتحويلها فورًا إلى مشاهد تمثيلية، يبدعون عرضًا حيًّا يعكس تجارب الجمهور بمزيج فني من الأداء التمثيلي والموسيقى.

تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"… سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات

مسرح "بلاي باك" هو أحد أنواع المسرح الارتجالي الذي يشارك الجمهور في أداء عروضه.

هذه تجربة فن يعيد صياغة القصص في ضوء جديد، مقدّمًا للمشاهدين فرصة لاستكشاف أنفسهم ومعايشة مشاعرهم بصدق.

جمعية "بداياتنا" الفنية من عكا، أخذت على عاتقها نشر هذا الفن الفريد في المجتمع العربي بالبلاد.

بلاي باك ليس مجرد عرض مسرحي، بل هو مساحة للتعبير، تجسد الرحلة التي يخوضها الشخص لاكتشاف ذاته من خلال الكلمات والأحاسيس.

وفي إطار عروضها التطوعية خلال شهر رمضان، اختارت الجمعية تقديم عرض مجاني لطلاب مدرسة الخوارزمي في مدينة طمرة، والتي كان يتعلم فيها المرحوم الطالب جواد ياسين، الذي راح ضحيّة جريمة قتل بشعة قبل نحو شهر.

إيهاب خاسكية: فن مسرح بلاي باك مساحة آمنة لتحرير المشاعر

إيهاب خاسكية

يقول مؤسس الجمعية، الفنان إيهاب خاسكية، في حديثه لـ"عرب 48" عن هذا الفن، إن "بلاي باك" هو أكثر من مجرد تمثيل؛ هو رحلة لاكتشاف الذات. لا نحضر سيناريو جاهزًا، بل نأتي بعقول مفتوحة وآذان صاغية".

ويضيف أنه "في كل عرض، تُروى القصص ليس فقط كما حدثت، بل كما شعر بها أصحابها، مما يساعدهم على رؤية تجاربهم من منظور جديد. قوة المسرح تكمن في قدرته على كسر الحواجز، نحن مجتمع لم يعتد على التعبير عن مشاعره بسهولة، ولكن عندما يبدأ شخص واحد بالكلام، يتبعه الآخرون، كما لو أن المسبحة قد انفرطت".

ويشير خاسكية إلى أن "الجمعية تقدم عروضًا أسبوعية، وغالبًا ما تكون القاعات ممتلئة، مما يعكس حاجة الجمهور لهذه المساحة المفتوحة للمشاركة والتعبير".

رسالة "بداياتنا": كسر حاجز الصمت

في مجتمع اعتاد كتمان مشاعره، يأتي مسرح بلاي باك ليمنح الفرصة للأفراد للتعبير عن أنفسهم والتواصل مع الآخرين بطريقة غير تقليدية.

يوّضح خاسكية: "نريد أن نجعل المسرح وسيلة للتفريغ العاطفي، وليس مجرد عرض عابر. عروضنا لا تهدف إلى الربح، بل الوصول إلى الناس".

في هذا السياق، يضيف أن "عروض شهر رمضان تُقدم تطوعًا في مدن مثل الناصرة وعكا".

ويؤكد خاسكية أن "الكثير من الحضور وصفوا التجربة بأنها علاجية، بل وأعمق تأثيرًا من الجلسات النفسية التقليدية."

إبراهيم نعامنة: الموسيقى صوت المشاعر الصامتة

إلى جانب الأداء التمثيلي، تلعب الموسيقى دورًا محوريًا في عروض بلاي باك.

الموسيقي إبراهيم نعامنة، الذي يبدع الألحان في اللحظة نفسها، يوضح لـ"عرب 48" أن "الموسيقى هنا ليست مجرد خلفية، بل هي لغة أخرى تسرد القصة بطريقتها الخاصة".

إبراهيم نعامنة

من خلال استخدام المقامات الموسيقية المناسبة، يعكس نعامنة مشاعر الشخصيات والمشاهد، "إذا كان المشهد حزينًا، فإن مقامًا موسيقيًا معينًا يعزز الإحساس، وإذا كان فرحًا، فإن الإيقاع يتغير ليواكب اللحظة".

التفاعل بين الموسيقى والممثلين، بحسب نعامنة، "ليس مخططًا له، بل هو تناغم روحي يحدث بشكل طبيعي".

ميسر خاسكية: الجمهور جزء من العرض

ما يميز بلاي باك هو أنه ليس مجرد عرض مسرحي تقليدي، بل هو تجربة تفاعلية يكون فيها الجمهور جزءًا من الأداء.

تقول الفنانة ميسر خاسكية لـ"عرب 48": "نحن لا نقدم حلولًا، ولا نحكم على أحد، بل نصغي بعمق".

ميسر خاسكية

في هذه العروض، يُمنح الجمهور الفرصة لسرد قصصهم دون خوف من الحكم أو النقد، مما يخلق بيئة آمنة تتيح لهم التعبير بحرية.

"هذا الإصغاء يجعل الجمهور يشعر بأنه ليس وحده، بل هناك من يستمع إليه ويفهمه"، تضيف ميسر. في عالم يميل إلى إخفاء المشاعر، يقدم بلاي باك فرصة فريدة للإنسان ليُسمع صوته ويُفهم.

نسرين سطيلي: التحدي في التحكم بالمشاعر

بالنسبة للفنانة في مسرح بلاي باك، نسرين سطيلي، كان التحدي الأكبر هو التعامل مع المشاعر القوية التي تنبثق خلال العروض.

تقول سطيلي لـ"عرب 48": "أنا شخص حساس، عندما كنت أسمع قصة مؤثرة، كنت أبكي فورًا، لكن مع التدريب تعلمت كيف أحافظ على توازني العاطفي، بحيث أبقى متصلة بالقصة دون أن أغرق في مشاعري".

نسرين سطيلي

بالنسبة لها، لاي باك يعتمد على الارتجال، ولكنه ليس فوضويًا، بل يحتاج إلى انسجام بين الممثلين، وهذا ما يجعل الأداء أكثر صدقًا.

وتختم سطيلي حديثها بالقول: "نحن نفهم بعضنا البعض من خلال لغة العيون والإحساس، وهذا يجعل الأداء يتناغم بشكل أكثر واقعية. يُعد مسرح باك أكثر من مجرد عرض فني؛ هو مساحة آمنة للإنسان ليكتشف نفسه ويتفاعل مع الآخرين بطريقة عميقة وصادقة. هو دعوة للتواصل والتعبير، حيث تُروى القصص وتُسمع المشاعر، وتُعيد الحياة إلى ما قد يكون غاب أو نُسي".

اقرأ/ي أيضًا | طمرة: الفن المسرحي في مواجهة العنف والجريمة

المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *