مصر تجري اتصالات مع الحوثيين وتمرر رسائل لإيران
اقترح المسؤولون في مصر على الحوثيين أن تكون عملياتهم متقطعة وغير منتظمة، وخصوصًا أن الرسالة التي أرادوا إيصالها باستهداف السفن ذات الصلة بإسرائيل أو تلك المتجهة إليها، قد وصلت إلى العالم أجمع.
أثارت اتصالات جرت بين مصر والحوثيين عبر قنوات أمنية، قلق وتوجس إسرائيل في وقت تتواصل عمليات استهداف السفن المرتبطة بها أو المتجهة إليها من قبل الحوثيين في البحر الأحمر.
تغطية متواصلة على قناة موقع “عرب 48” في “تليغرام”
يأتي ذلك في ظل الجدل الدائر حول العلاقات بين مصر وإسرائيل منذ بدء الحرب على غزة، وخصوصًا بعد أن أبدت الأخيرة استعدادها للقيام بعملية عسكرية في محور فيلادلفيا بمنطقة رفح على الحدود بين غزة ومصر.
ونقل “العربي الجديد” عن مصدر مصري مطلع، قوله إن “تجدد ما يمكن تسميته بالسجال في ما يخص العلاقات بين مصر وإسرائيل، يعود إلى فحوى اتصالات مصرية حوثية اطلعت على تفاصيلها حكومة الاحتلال”.
مطالب مصرية
وذكر المصدر نفسه، أن “الاتصالات بين القاهرة وجماعة الحوثيين في اليمن عبر قنوات أممية، جاءت في وقت تصاعدت فيه عمليات الجماعة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، إذ دعت مصر قيادة الحركة إلى خفض مستوى العمليات العسكرية في ظل تراجع حركة مرور السفن بقناة السويس، وظهور حجم الآثار السلبية على عائدات القناة”.
واقترح المسؤولون في مصر على الحوثيين أن تكون عملياتهم متقطعة وغير منتظمة، وخصوصًا أن الرسالة التي أرادوا إيصالها باستهداف السفن ذات الصلة بإسرائيل أو تلك المتجهة إليها، قد وصلت إلى العالم أجمع؛ حسبما ذكر المصدر المصري.
وأوضح أن “الحوثيين رفضوا تلك الدعوة رغم تثمينهم موقف مصر الرفض للانخراط في تحالفات تستهدف مهاجمة الجماعة”، مشيرا إلى أن “الاتصالات المصرية الحوثية التي كانت إيران طرفا فيها تضمنت مطالب مصرية بتكرار الحوثيين تأكيدات بأن تلك العمليات لا تستهدف سوى السفن ذات العلاقة بإسرائيل وإعلان ضمانات لذلك بشكل يشجع السفن التي لا يشملها التحذير على المرور”.
رسائل مصر لإيران
وقال إن “المطالب المصرية للحوثيين جاءت لتخفيف وطأة التأثيرات السلبية على قناة السويس، لكن في المقابل استقبلتها تل أبيب باستياء شديد، معتبرة إياها توجيها بإمعان حصار الموانئ الإسرائيلية، في وقت أعادت فيه حكومة الاحتلال ضخ الغاز الطبيعي إلى مصر بناء على الاتفاق الموقع بينهما، سواء للاستخدام في السوق المحلية أو للتصدير إلى أوروبا”.
وعبرت مصر عن مخاوفها لإيران التي كانت شريكة في الاتصالات مع الحوثيين بشأن الضغوط الاقتصادية عليها، ولفت المصدر المصري إلى أن القاهرة “بعثت برسائل إلى طهران مفادها بأن اتساع العمليات التي يقوم بها الحوثيون سيزيد من الأزمة الاقتصادية التي تواجهها، وهو ما ينعكس على قدرتها في مقاومة تصورات دولية مرتبطة بالقضية الفلسطينية، وقد حثتها على لعب دور في منع اتساع التدهور في الأوضاع الأمنية بالإقليم بالشكل الذي يفرض مزيدا من الضغوط الاقتصادية”.
وفي السياق، تطرق وزير الخارجية المصري، سامح شكري، خلال مباحثات أجراها مع نظيره السعودي، فيصل بن فرحان، إلى التطورات الأخيرة في البحر الأحمر واليمن، وقال إن “حرية الملاحة والتجارة العالميتين هي حقوق ومبادئ دولية ثابتة على الجميع الالتزام بها، وما يشهده البحر الأحمر من مخاطر نتاج مباشر للتوتر في المنطقة بسبب الممارسات الإسرائيلية في غزة”، وأكد على أهمية التعامل مع جذور الأزمات وليس فقط مع أعراضها.
مباحثات “اليوم التالي” في مصر
وعلى صعيد المشاورات الجارية بشأن “اليوم التالي” لوقف الحرب على غزة والتي تشارك فيها مص، كشف مصدر ثالث عن أن “المسؤولين في جهاز الاستخبارات العامة المصرية نجحوا في ترتيب لقاء، جمع مسؤولا رفيع المستوى في السلطة الفلسطينية مع قياديين من حركة حماس في العاصمة القاهرة الأسبوع الماضي، جرى خلاله بحق إنهاء الخلافات بين الجانبين وإمكانية التعاون مستقبلا في إدارة قطاع غزة وكذلك فرص إجراء الانتخابات المعطلة في الأراضي الفلسطينية”.
وأوضح المصدر أن “اللقاء تطرق أيضا إلى الحديث عن مستقبل منظمة التحرير وفرص انضمام حركتي حماس والجهاد الإسلامي إليها عقب انتهاء الحرب”.
يأتي هذا في الوقت الذي اعتبر فيه مصدر مسؤول آخر، لـ”العربي الجديد”، أن “التصعيد الأخير من جانب حكومة الاحتلال، سواء ما جاء عبر دفاعها في محكمة العدل الدولية لدرء الاتهامات الموجهة إليها بإحالة المسؤولية عن منع المساعدات عن قطاع غزة للقاهرة، أو الاتهامات الخاصة بمساعدة حركة حماس على تهريب الأسلحة عبر سيناء، ومن ثم الدعوة إلى عملية عسكرية واضحة في محور فيلادلفيا، بمثابة مناوشات لا يمكن فصلها عن التوجس الإسرائيلي جراء المحادثات بين القاهرة والحوثيين في اليمن خلال الفترة الأخيرة”.
وبشأن مسألة إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، قال نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، عمرو هاشم ربيع، لـ”العربي الجديد”، إن “السياسة المصرية تعمل بناء على تفاهمات، وهذا ما يمنع إدخال المساعدات بشكل مباشر إلى قطاع غزة”، مضيفا أن “كسر القاهرة هذه الحالة وإدخال المساعدات من دون انتظار الجانب الإسرائيلي، سيتم النظر إليه من قبل الاحتلال على أنه استفزاز”.
وتابع “لكن هناك ضرورة في الحفاظ على الدم الفلسطيني وذلك من خلال إدخال المساعدات الإنسانية رغما عن إسرائيل من خلال الأنفاق التي أغلقت بأيد مصرية، فيجب أن نعيد فتحها ليس لإدخال السلاح ولكن المساعدات الإنسانية اللازمة للسكان في غزة”، مؤكدا أن “إسرائيل لن تستطيع القيام بأي رد فعل على هذه الخطوة”.
بدوره، قال السياسي المصري محمد أنور السادات، في حديث لـ”العربي الجديد”، إن “مصر تعلم أن إسرائيل متربصة، وهي لا تريد أن تعرّض أهلنا في رفح أو القوافل الطبية الإنسانية لأي نوع من القصف، ولذلك يجب أن تدخل المساعدات بالتفاهم مع الجانب الإسرائيلي تفاديا لمزيد من الخسائر”. وأضاف أن مصر “مستوعبة لكل ما يتردد وتعلم أن عليها دور ومسؤولية كبيرة، لكنها لا تريد المخاطرة أو المغامرة، حتى لا تتعرض حياة مزيد من الأبرياء للخطر”.
وتابع السادات “الشيء نفسه في ما يحدث الآن من تفاهمات ومشاورات بخصوص ممر فيلادلفيا، فمصر رسالتها واضحة أنه من غير المسموح للجانب الإسرائيلي أن يسيطر على هذا الممر أو أن يبقى له وجود عسكري بمعدات ثقيلة، وإنما يمكن بطرق أخرى إذا كان ذلك يطمئن الإسرائيليين بأن لا تهريب للأسلحة، مثل أجهزة مراقبة واستشعار عن بعد”.
المصدر: عرب 48