معضلة إسرائيلية بشأن الصفقة مع حماس… تباين المواقف في “كابينيت الحرب”
“معضلة” بشأن صفقة تبادل الأسرى مع حماس، يبرز من خلالها تباين في المواقف بين أعضاء كابينيت الحرب الإسرائيلي، نتنياهو وغالانت يصرون على ضرورة رفع سقف الشروط، فيما يؤيد غانتس وآيزنكوت وكذلك رئيس الموساد، الموافقة على العرض المطروح.
من اجتماع كابينيت الحرب الليلة (Getty Images)
يجتمع “كابينيت الحرب” الإسرائيلي، الليلة، لبحث قضية الأسرى والرهائن الإسرائيليين لدى فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وسط خلافات حول “المعضلة” التي تواجهها القيادة السياسية الإسرائيلية والمتمثلة بالموافقة على العرض الذي قدمه الوسطاء ووافقت عليه حركة حماس، أو الاستمرار في محاولة رفع سقف المطالب الإسرائيلية بالتزامن مع مواصلة العمليات العسكرية في قطاع غزة المحاصر، في محاولة لزيادة الضغط على فصائل المقاومة.
تغطية متواصلة على قناة موقع “عرب 48” في تلغرام
وبحسب القناة 13 الإسرائيلية، فإن هناك تباينا في المواقف بين رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن، يوآف غالانت، من جهة، وبين الوزير بيني غانتس ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، غادي آيزنكوت، بالإضافة إلى رئيس الموساد، دافيد برنياع؛ مشيرة إلى أن غانتس وآيزنكوت وبرنياع يدفعون نحو قبول الصفقة الحالية لضمان إطلاق سراح بعض الرهائن في هذه المرحلة من الحرب على غزة.
في المقابل، يصر كل من نتنياهو وغالانت على استعادة جميع “الأطفال والأمهات” دفعة واحدة في المرحلة الأولى من الصفقة، معتبرين أن ذلك يعبر عن خط أحمر لإسرائيل في المحادثات التي تجري عبر الوسيط القطري والأميركي، مشيرة إلى “معضلة” بين الموافقة على الإفراج التدريجي عن سراح الرهائن أو الإصرار على إطلاق سراحهم دفعة واحدة.
وبحسب القناة، فإن الجيش الإسرائيلي يعبر عن موقف “مرن” في هذه المسألة، ويوفر للمستوى السياسي حرية اتخاذ القرار دون وضع أي عراقيل أمام صفقة تبادل أسرى مع حركة حماس. في حين أشار التقرير إلى أن “الاتصالات توقفت” مع رئيس حركة حماس في غزة، يحيى السنوار، منذ اقتحام مجمع الشفاء الطبي، المستشفى الأكبر في القطاع.
وللمصادقة على صفقة تبادل أسرى، يجب على نتنياهو الحصول على موافقة الحكومة، ويبدو أن هذه المهمة لن تكون سهلة، إذ أكد رئيس حزب “الصهيونية الدينية” ووزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، معارضته لنهج “كابينيت الحرب” في ملف محادثات الإفراج عن الأسرى والرهائن.
وفي منشور على حسابه الرسمي في منصة “إكس”، قال سموتريتش، مساء الخميس، “بعد 41 يومًا لا يزال السنوار قادرًا على إجراء مفاوضات وتحديد شروط إطلاق سراح الرهائن، ما يعني أننا لسنا في الاتجاه الصحيح. قد حان الوقت لكي يبدأ كابينيت الحرب في بث القوة وقطع الاتصالات والإثبات بالأفعال لهذا النازي وراعيه القطري (في إشارة إلى السنوار والجانب القطري الذي يدير الوساطة) أنه من الآن فصاعدا نحن فقط من يضع الشروط”.
وتابع “يجب أن نثبت له قبل كل شيء، نحن على استعداد لتدميره وتدمير منظمته بالكامل. كان يجب أن نرفض منذ زمن طويل التفاوض والحديث معه إلا بالنار والكبريت، فيما يطاردنا ويتوسل لعقد صفقة، هذا هو السبيل الوحيد لإعادة جميع المختطفين وإعادة الأمن لدولة إسرائيل. لن نتوقف حتى ننتصر”.
والموقف ذاته عبر عنه وزراء في الليكود، من بينهم ميري ريغيف، بالإضافة إلى وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير؛ علما بأن التقارير الإسرائيلية كانت قد أشارت أمس إلى “تفاؤل” إسرائيلي بشأن إمكانية إتمام صفقة لتبادل الأسرى مع حركة “حماس”، خلال أيام.
في المقابل، تواصل عائلات الأسرى والرهائن الحراك الاحتجاجي في محاولة للضغط على الحكومة الإسرائيلية لبذل مزيد من الجهود، لإطلاق سراح المحتجزين لدى فصائل المقاومة في قطاع غزة، والتي باتت تصطدم بخطاب مقابل يدعو إلى وقف المفاوضات مع حماس أو الإصرار على فرض الشروط الإسرائيلية، وتصعيد العمليات العسكرية في قطاع غزة الذي يواجه أوضاعا إنسانية كارثية.
واعتبر مسؤول أمني إسرائيلي رفيع اليوم، الخميس، أن رئيس حركة حماس في قطاع غزة، السنوار، “يعرقل المفاوضات (حول تبادل أسرى) في أعقاب العملية العسكرية (التي نفذها أمس جيش الاحتلال في مستشفى) الشفاء، وهذه حقيقة تدل على أن هذه نقطة حساسة جدا بالنسبة له”.
وأضاف المسؤول أنه “من الجائز أنها تؤثر على قدرته في اتخاذ قرارات عقلانية، وهذا قد يؤثر على المفاوضات. والجيش الإسرائيلي لن ينسحب من الشفاء طالما لم يجد جميع الأهداف التي وضعناها هناك. والعملية العسكرية في المكان مستمرة. وما زلنا نجمع قرائن”، حسبما نقلت عنه وسائل إعلام إسرائيلية.
وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أنه “ببساطة، السنوار اختفى في اليوم الأخير عن الوسطاء القطريين، وادعى أنه طالما أن الجيش الإسرائيلي يعمل في مستشفى الشفاء، فإنه لا يمكنه إجراء مفاوضات مع إسرائيل، ولذلك لم يحدث أي تقدم منذ أمس”.
يشار إلى أن ما رشح عن الصفقة المطروحة هو أنها ستشمل 50 أسيرا إسرائيليا في غزة، من النساء والأطفال والمسنين، مقابل أسيرات وأطفال فلسطينيين. وتطالب حماس بأن يتم الإفراج عن الأسرى لديها على خمس مراحل، بحيث يسود خلال خمسة أيام وقف إطلاق نار.
ووفقا للصحيفة، فإن الاعتراض الإسرائيلي الأول كان على مدة وقف إطلاق النار وطالبت أن تكون المدة ثلاثة أيام وليس خمسة. والاعتراض الثاني كان على عدد الأسرى الإسرائيليين الـ50، وطالبت بأن يكون عددهم أعلى. وحسب الصحيفة، فإن الادعاء المضاد هو أنه لا يوجد حاليا لدى حماس أكثر من 50 أسيرا إسرائيليا من الفئات المذكورة.
وأضافت الصحيفة أن نتنياهو والوزراء علموا طوال الوقت بمضمون الصفقة المطروحة، وأن نتنياهو أدرك “الثمن” وعندها، قبيل اتخاذ القرار وفيما يوشك “الثمن” أن يصبح حقيقة، “ارتدع نتنياهو وتراجع”.
ويعتبرون في جهاز الأمن الإسرائيلي، بحسب الصحيفة، أن السنوار يسعى إلى المماطلة من خلال وقف إطلاق نار لفترة طويلة كي يتعيد مقاتلو حماس ترتيب صفوفهم، ويطرح صفقات تبادل أسرى أخرى، كي يمنع الجيش الإسرائيلي من استئناف الحرب على غزة بعد وقف إطلاق نار طويل.
وأشارت الصحيفة إلى وجود “تخوف كبير من أن إسرائيل قد تهدر فرصة هنا” إذا لم توافق على الصفقة المطروحة حاليا. “ففي القطاع تسود فوضى وليس واضحا إلى أي مدى بإمكان حماس والفصائل الأخرى التي تحتجز مخطوفين ضمان أمنهم لفترة طويلة. والتقدم في الإنجازات العسكرية من شأنه عرقلة إعادة المخطوفين وتشكيل خطر على حياتهم”.
المصدر: عرب 48